الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحجة سبتية ( اُم الاسرى) وحكايتها مع السجن والسجان ..... ميسر عطياني*

أبو زيد حموضة

2011 / 4 / 30
حقوق الانسان


هي حكاية ارادة وتحدي ...
إذا زرت بلدة بيت فوريك فاسأل عن الحجة سبتيه ( أم محمد ). ستجد الطفل والشيخ والعجوز والشاب يقول لك: أه إنها أم الأسرى إنها أمنا جميعا.
وستجد الجميع يتطوع لاصطحابك إلى منزلها، سعيدا بمرافقتك، ويسير معك، يحدثك عنها بشغف وحب وعنفوان.
اسأل عن الحجة سبتيه أهالي الأسرى، من الجليل والجولان وجبال الخليل وجبال رام الله والقدس ونابلس، يعرفونها ويخبرونك عنها، ويقصون لك قصتها مع السجن والسجان .لغدوها علما من أعلام الوطن، وأُما للسجناء لكثرة ما سجن أبناءها وبناتها وأحفادها وأقاربها في معتقلات الاحتلال.
تعرفت إلى الحجة سبتيه عام 1982امام سجن نابلس المركزي. وقتها كنت طالبة بجامعة النجاح الوطنية والتقيتها باب السجن، للصدفة ، لنزور نفس الأسير.
انه ابنها محمد، المعروف أبو يوسف أبو غلمي، وبدأت الحكاية، وبدأ مشواري مع هذه العائلة. كان ابنها محكوما أربع سنوات.
تحدثنا طويلا لأجد نفسي أرافق سيدة كسنديانة واقفة أمام الاعاصير وأمام العدو. فقد فقدت أخاها محمود عام 1967 بمعركة ألصوانه بسهول بيت فوريك الذي كان أول شهيد للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. استشهد بقصف طائرات العدو بعد تسلله عبر وادي الأردن في أول عملية فدائية في الأرض المحتلة. وفي عام 1976 اعتقل ابنها أبو يوسف وحكم علية بالسجن لمدة ست سنوات قضتها الحاجة سبتيه والحاج أبو محمد بزيارته. وكان لديه ثلاث أبناء؛ يوسف ونضال ومراد. ليفرج عنه عام 1981 بعد قضاء ست سنوات بالمعتقل.
تنقلت الحاجة ( الحجة ) سبتية لزيارته من سجن لسجن، ما بين سجن نابلس المركزي، لسجن الجنيد، لجنين ونفحة. لم يثنها الزمن والوقت، ولم يخيفها ظلام الليل ووحشة الطريق ودونية الجنود ووضاعة الاحتلال من زيارة فلذة كبدها، فقد قضت ست سنوات تنطلق كالسهم من الساعة الثانية بعد منتصف الليل لتلتحق بسيارات الصليب الأحمر لتعود باليوم التالي بعد الساعة الواحدة بعد منتصف الليل ترافقها أم يعقوب دواني المحكوم آنذاك بالمؤبد مدى الحياة وآخرون ورحلة الزيارة كانت رحلة شاقة و متعبة ومذلة لذوي الأسرى .
وتكمل الحجة الفاضلة سبتيه (أم محمد ) قصتها .. وبعد الإفراج عن ابنها أبو يوسف تقول: قام بفتح محل تجاري لبيع الملابس في وسط المدينة. ولم يمض عام حتى قام الاحتلال بمداهمتة، واعتقاله عام 1983، والحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات. لتعود الحجة سبتيه إلى رحلة العذاب.
وتروي الحجة سبتية عن تغريبة السجن :
افرج عنه ليعتقل هو وإخوانه الأربعه؛ محمود ومفيد ورائد وخالد عام 1985 . وتستمر الحجة بزيارات الصيف والشتاء المكوكية، ذهابا وايابا، إلى خمس سجون، في رحلة سيزيفية لا تعرف الخوف أو التردد، أو الكلل او الملل، وتتبيئ الحجة مع الوضع الراهن، بقامتها العالية، وارادتها الفولاذية.
يتم اعتقال ابن خالها الأسير احمد أبو السعود عام 1987 ليحكم بالسجن المؤبد. واعتقال ابنها أبو يوسف مره ثانية. وابنها مفيد وابنها محمود. ولم تكن تدري أن طريقها بالحياة متزامن مع السجن والسجان ليتم اعتقال ابنها الصغير عاهد أبو غلمي ويحاكم بالسجن لمدة عام وذلك عام 1990.
وتبدأ رحلة المطاردة والملاحقة لابنها عاهد بعد الإفراج عنه بعام وليتم اعتقال أبو يوسف مرة، ومرات .
وتستكمل الحجة سبتيه: قدري أن يقضم السجن والسجان جزء كبير من حياتي. وابان انتفاضة الأقصى اعتقل ابنها أبو يوسف ثلاث مرات إداري واعتقل أبناءه يوسف وحكم عليه بالسجن سبع سنوات. أما ابنه نضال فقد حكم عليه بالسجن أربع سنوات وولده الآخر أيمن فحكم عليه بالسجن أربع سنوات ونصف.
وتضيف الحجة اعتقلوا ابني وأبناءه، واعتقلوا ابني رائد ليحكم عليه بالسجن سنتين وحفيدي وديع ليحكم عليه بالسجن سنتين .
وأنت تسمع للحجة سبتية، وروايات الاشتباك الدائم بينها وبين جند الاحتلال وأبناءها وأحفادها ،ينتابك شعور بأنك أمام هرم معنويات حقيقي، أو جبل بطولة قّد معدنه من مادة لم تخلق بعد، فتتحشرج الكلمات في فيك، ويصغر منكبيك، وتضع راسك بينهما وتحدث نفسك مخاطبها: كم نحن أقزام أمام قضية الاسرى، أمام هؤلاء الابطال كم نحن صغار، ما أحوجنا لمثل هذه الحجة لتستلم ملف الاسرى، فعفوية حديثها يستنطق الحجر، ويلهب المشاعر، ويذكرك بالاسير المريض والمسن والطفل، والمحكوم لفترات عالية، وكأن مناضلينا كتب عليهن النسيان وكأنهم ناضلوا عن قضية غير قضيتنا، أو دافعوا عن أرض غير أرضنا، او ... لنتعلم من الاخر الذي أقام العالم ولم يقعده من أجل شاليطه ودفع بقضيته الى سلم أولويات حكوماته.
وتجعلك سبتية تتمتم : آه يا حجة سبتيه ياألمك يا وجعك.
تقول ألمي ووجعي يوم اعتقال ابنتي لنان التي استشهد زوجها امجد مليطات ابن عمتها يوم6-7-2004 .
الحاجة سبتية لم تتألم على اعتقال الابناء والاحفاد بقدر تألمها على اعتقال ابنتها لنان على حاجز حواره فتقول:آه يا وجعي اتصل بنا الناس، قالوا: لنان اعتقلت. ها هي على حاجز حواره. البعض قال: أطلقوا النار عليها. والبعض قال: فجروا حقيبتها اليدوية. والبعض قال: كان معها متفجرات.
تستطرد الحجة وتعيد ذكرى ذلك اليوم قائلة ابنتي ذاهبة لزيارة أخوها عاهد المعتقل وقتها عند السلطة بسجن أريحا آه يا سجن أريحا شو إلي صار وليش وكيف ركضنا إليها إلى حاجز حواره فلم نجدها. اخبرنا من رأها أنهم فجروا حقيبة يدها بعد أن طلبوا منها إلقائها أرضا وحاصروا لينان وقيدوها وعصبوا عيناها وقادوها إلى معسكر حواره.
آه ! لينان طفلة بريئة. قتلوا زوجها. لم تعش معه طويلا. تزوجت منه عام 2000 اذكرها مثل هذه الأيام الفضيلة ليلة رمضان. كان يحبها وتحبه . بعد عام واحد فقط من الزواج تمت مطاردته من الاحتلال. وعاشت لينان معه متخفية متنقلة من مكان إلى آخر .
آه يا حجة سبتيه ابني عاهد مطارد ابنتي لينان حكم عليها بالعيش بالمطاردة والملاحقة إذا أرادت رؤية زوجها ابني أبو يوسف وأبنائه بالسجن ابني رائد بالسجن آه يا وجعي
وفقط أنا المسموح لي بزيارة أبنائي وأحفادي
لينان تلك الشابة اليافعة الجميلة فقدت زوجها وها هم اعتقلوها بعد أربعين يوما من استشهاد زوجها.
لينان وجعي وبعد شهر ونصف بالتحقيق أستطعنا رؤية لينان وحكم عليها بالسجن ست سنوات آه يا خالتي شو بدي احكي يوم محكمتها تعالوا يا حكام ويا قيادة حكمها القاضي أربع سنوات . وتضيف الحجة سبتية:
ولم يكتفي الحاكم، فحمها كمان سنتين. سنه لأنها زوجة الشهيد أبو وطن ( امجد مليطات ). وسنه كونها شقيقة عاهد أبو غلمي، المسجون وقتها بسجن أريحا عند السلطة.
آه وفرحنا يوم قالوا إفراج عن عشرين اسير مقابل شريط لشاليط وأفرج عن لينان مع الأسيرات بشهر أكتوبر 2009 ولكن لم تكتمل الفرحة ... آه بدي أقولك كنت أروح لسجن هشارون ازور ثلاثة بنفس اليوم وهم بنفس السجن ؛ ابني عاهد إلي سلموا سنة 2006 وهدموا سجن أريحا عليه وكل العالم بتفرج كانوا بدهم يقتلوا هو وسعدات وحمدي ومجدي وباسل. ليش!؟ عشان زئبقي !!! سلموا عاهد. ازور عاهد لحال. وبعدين ازور لينان لأنها بسجن تلموند النساء. وازور حفيدي ايمن بسجن تلموند أشبال كلهم بنفس المبنى بس هذا قهر .
وها هي الحجة سبتية عادت إلى باصات الصليب الأحمر ...
والى تصاريح الزياره ...لتزور ابنتها لينان بسجن الدامون وابنها عاهد بسحن الرملة وحفيدها ليث بسحن مجدو ,,,,وتناضل للسماح لها بزيارة ابنها عاهد المعزول منذ عام بالعزل الانفرادي وينقل من زنزانة إلى زنزانة ومن سحن إلى سجن
وتناضل ليسمح لها بزيارة شقيقها احمد أبو السعود المحكوم مدى الحياة ولم تراه منذ سنين منذ خمس وعشرين عاما .....
الحكاية لم تنتهي بعد..
وهذا غيض من فيض رحلة العذاب على طريق الجلجلة، ودرب الآلام، الذي داست الحجة سبتية أشواكه ووعورته باقدميها، بكل ارادة واصرار، وكأنها المسيح الفلسطيني المنتظر .
*ناشطة بقضايا الأسرى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عائلات المحتجزين يتظاهرون أمام فندق يجتمع فيه بلينكن ومسؤولي


.. الجزء الثاني - أخبار الصباح | الأردن يستضيف مؤتمراً دولياً ل




.. المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة: مجلس الأمن بعث برسالة


.. الأمم المتحدة: عدد النازحين في السودان تجاوز 10 ملايين




.. السفير الفلسطيني في الأمم المتحدة: نريد انسحابا إسرائيليا كا