الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اه ...يا فراكفورت

البتول الهاشمية

2004 / 10 / 28
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


لقد نجحنا في فرانكفورت نجاحا لا مثيل له ...هذه هي العبارة الوحيدة التي وجدناه في حقائب المثقفين العربان العائدين من بلاد الألمان ..و على الإنسان العربي الذي أثقلت كاهله الهزائم أن يجد له متنفس في هذا الانتصار العربي الساحق بغير أن يتساءل كيف تم له هذا الانتصار و أين هي الغنائم ... حتى لا نطلق الأحكام جزافا دعونا نتجول قليلا في أروقة فرانكفورت التي ظلت عصية على فضائياتنا العربية المشغولة بأمور أخرى كان الله في عونها و لتكن البداية من سلم الطائرة حيث وافقنا على أن يسافر إلى هناك اكبر عدد ممكن من المثقفين العرب على أساس زيادة خبراتهم و تعلم فنون النشر و أبجديات التعامل مع الحرف ممن سبقوهم و قطعوا أشواطا على هذا الطريق و لكن أن يتضمن برنامج الندوات و الحوارات إعطاء فرصة لكل هذا العدد الهائل الحديث فهو أمر مستهجن و حتى يفهم القارئ سبب هذا الاستنكار عليه أن يعرف إن نصيب معظم المثقفين العرب لم يكن يتجاوز في احسن حالاته الدقائق العشر خلف الميكرفون- حبيبنا و معشوقنا – دون أي مراعاة لقامات أدبية عالية و أخرى تشق طريقها فتساوى صاحب الكتب و الدراسات و الأبحاث مع آخر وجد في جيبه نقود كافية لنشر ديوان شعري يعلم الله وحده مصدر مفرادته ..مع أن أحدا لم يأت بجديد على سابقه و السبب نعرفه جميعا فطاقم المشاركة العربية تم اختياره من قبل جهات متخصصة عملت على تصفية حسابات قديمة و كأن فرانكفورت كعكة تكافئ به اتحادات الكتاب العربية على من تشاء من أدباءها الصالحين و النتيجة كانت غياب تام للرأي الآخر مع أن الحوارات المتضادة وحدها التي تغني الجلسات و تجذب انتباه الحضور اللذين كانوا في معظمهم من أبناء الجالية العربية هناك و العلة واضحة فمعظم الحوارات كانت باللغة العربية ولا يوجد دليل واحد باللغة الألمانية أو الإنكليزية يشرح عن الكتب المعروضة أو مواضيع النقاشات و هكذا فان عرب آسيا و أفريقيا ذهبوا إلى عرب ألمانيا ليشرحوا لهم ظلم العالمين و التم المتعوس على خايب الرجا كما يقال ..و نقف الآن أمام النقطة الأكثر إحراجا حيث كان الهدف الأساسي- كما سبق و طبلت وسائل الإعلام – هو تصحيح ما أمكن من صورة الإسلام على الجبهات الغربية ..و لكن ما رأيناه كان مغايرا تماما فاتت الحوارات في معظمها بعيدة عن المس بقضايا الإسلام الحقيقية مع أن الحقيقة التي نخشى أن نجهر بها دائما هو انه كونا مسلمين يثير فضول الغرب للتعرف علينا اكثر من كوننا عربا دون أن نعني بذلك انتقاصا للثنائية – عروبة إسلام- فالمسجد الوحيد الذي صممناه كان في الطابق الثالث بغير دليل واحد يشرح للحضور اللذين غصت بهم الممرات شيئا عن الصلاة و التعاليم الإسلامية كما أن الحوارات عن التسامح الديني و احترام رأي الآخر كانت إنشائية فارغة تفتقد للحد الأدنى من وسائل الإقناع فكيف ستقنع هذا الألماني بأنك تقدس وجهة نظر الآخر إن لم يسمع كلمتين متعارضتين من اصل آلافا ألقيت ...ثم جاء وقت التكريم و هنا كان من المفترض أن يكون مربط جملنا و لقد اختارت البعثة العربية الدكتورين فيشر و فيهندريش و للأمانة فان الاختيار كان في منتهى الدقة لما للمذكورين من فضل كبير على الأدب العربي من حيث ترجمة و نشر آلاف من الكتب بالإضافة لإلقاء الكثير من المحاضرات المهمة التي تنصف العرب و كان كل شئ يسير كما هو مخطط له تغيب رئيس الجامعة العربية عن حفل التكريم هذا بحجة انشغاله بأمور اكثر أهمية مع أن الحفل كانة برعايته و جاءت الصفعة الثانية عندما اختزل التكريم إلى ميداليتين رمزيتين ...تخيلوا يا سادة أن نرد معروف شخصيتين ألمانيتين أضاعا عمرهما في الترويج لنا كحضارة بهذا الشكل المخزي ...
و القائمة عزيزي القارئ تطول و تطول فلم نحدثك بعد عن تخلف السودان عن المشاركة العربية و عرض كتبها بشكل منفرد على الأرض في مشهد ترفضه ابسط أدبيات العرض و لم نكلمك عن مشاجرات سوقية بين أناس من المفترض انهم مثقفين و على أساسيات قطرية مخجلة ...و طبعا لا يمكننا إلا نرفع القبعات و نحني الهامات للأستاذ التركي الشهير فؤاد سزكين الذي حجز جانبا عرض فيه أهم ما يوجد في تراث العرب العلمي من آلات بخارية بسيطة و أخرى طبية حيث التفت الحشود خلفه طبعا لان دعايته كانت عبارة عن خمس مجلدات باللغتين الألمانية و الفرنسية و كان بر وفسر بحق و هو يقف بينهم ليشرح عن الدور الحضاري المميز للعرب عبر التاريخ العلمي للبشرية ..
لقد عدنا من فرانكفورت و كان المطلوب أولا أن نرمي على طاولة المكاشفة كل الأوراق لنعلن بشفافية
هنا أصبنا ....
و هنا أخطأنا ...
و بهذا فقط نتعلم ....أما أن نهبط من على سلم الطائرة و نحن نلوح ببيارق النصر فيما الثياب تغطي الجارح المثخنة ...فهو أمر نقبله من ساسة لا نخب ثقافية ..كما تحب أن تسمي نفسها
آه يا فرانكفورت ..ألم نهمس لك منذ البداية إننا ضيوفك فلماذا بالله عليك لم ترحمي عزيز القوم الذي ذل
لقد كان علينا أن نعلمك أصول الضيافة ....و لكن ما حيلتنا إن كنا حتى الآن لم نجد من يعلمنا .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما حقيقة الاختراق الأمني الإسرائيلي للجزائر؟| المسائية


.. 5 ا?شكال غريبة للتسول ستجدها على تيك توك ?????? مع بدر صالح




.. الجيش الإسرائيلي يشن غارات على رفح ويعيد فتح معبر كرم أبو سا


.. دعما لغزة.. أبرز محطات الحركة الاحتجاجية الطلابية في الجامعا




.. كيف يبدو الوضع في شمال إسرائيل.. وبالتحديد في عرب العرامشة؟