الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عيدُ العُمّال:من أجل القطع مع اللّيبراليّة

السموأل راجي

2011 / 4 / 30
ملف 1 ايار 2011 - تأثير ثورات العالم العربي على تقوية الحركة العمالية والنقابية


في الفاتح من مايُو/آيار من سنة 1886 كان البدء،قرّرت طلائع وجماهير الحركة العُمّاليّة في الولايات المُتّحدة تنفيذ إضرابًا عامًّا في مدينة شيكاغو مُطالبة بتحديد ساعات العمل وإختزالِها في ثماني ساعات تقطع جُزْئِيًّا مع طُرُق الإستغلال الهمجيّ لقُوى الإنتاج،وطيلة أيّامٍ أربعة تجمهرُوا سِلمِيًّا وعملوا على إنجاح حركتهم المطلبيّة التي خلّدتهُم في التّاريخ النّضاليّ،وكردّ فِعْل،قَبِل العُمدة بعقد إجتماع مع القيادات العُمّاليّة يوم الرّابع من آيار لينسحب منه بعد أقلّ من نصف ساعة ليتمّ إقتحام القاعة من قُوى القمع النّظامي وتنفجر قُنبلة مدسوسة من الأمن الذي إعترف بفعله بعد سنوات على لسان مُدير البوليس وتُتّهم بالعمليّة الزّعامات العُمّاليّة ويُطلق الرّصاص الحيّ على رُبع مليون عامل ليحصِد أرواح ثلاثة عُمّال في مشهدٍ يُحيل لرصاص القذّافي والأسد ومن لفّ لفُّهُم وتنطلق حملة صُحُفِيّة مُضادّة على أعمدة جرائد مملوكة لرؤوس الأموال وتنعقد واحدة من أسخف المُحاكمات أظهرت القضاء الليبراليّ على حقيقته وكانت الأحكام مهزليّةً:"صدر الحُكم بإعدام سبعة من زُعماء العُمّال وخُفِّف بعد ذلك بالسّجن المُؤبّد بدل الإعدام وإنتحر عاملٌ ونُفّذَ حُكم الإعدام شَنقًا فى الأربعة البَاقينْ"،كان الإضراب سِلْمِيًّا والمطالب بسيطة لكنّ اللّيبراليّة بجوهرها القمعيّ الهمجيّ لم تَكُن لتستجيب ولطالما وجّهت ضرباتها للحُرّيّة وناهضت الإنعتاق،كتب المُناضل «أوغست سبايز» أحد الذين قادُوا حركة الفاتح من آيار/مايو 1886 رسالة لنجله الصّغير جيم يقول فيها:" ولدي الصّغيرعندما تكبر وتصبح شابًّا وتُحقّق أمنِية عُمُري ستعرف لماذا أموت...ليس لديّ ما أقُولُه لك أكثر من أنّني بريء...وأموت من أجل قضيّة شريفة ولهذا لا أخاف الموت وعندما تكبر ستفخر بأبيك وتحكي قصّته لأصدقائك".كبر الولد وكبرت معه القضيّة العُمّاليّة وتخندقت الخنادق والصّراع الطّبقيّ على أشدّه كما كان على إمتداد تاريخ المُجتمعات لكنّ بأكثر دَمَوِيّة حَافِلاً بجرائم القرن على يد حفنة اللّصوص وعصابات الدّم اللّيبراليّة المُنتهية تاريخيًّا بإنبثاق فجر المافيات الأظلم مع النّيُوليبراليّة.

لقد قامت الدّولة الرّأسماليّة التي إكتملت لبرلتُها وتشادق مُقّفوها بالحُرّيّة بأبشع المجازر في حقّ عُمّال وشُعُوب العالم أجمع إذ عملت على تصفية طبقات إجتماعيّةٍ واسعة عبر القضاء على أدوات الإنتاج البسيطة اليدويّة (التّقليديّة) ورمتها في ملاجئ الجُوع والتشرّد ثُمّ عملت على توسيع مجالات نُفُوذها الحيويّ بخلق أسواق جديدة لمُنتجاتها عبر الجيوش فإكتسحت كامل أفريقيا وأجزاء من أمريكا اللاّتينيّة وآسيا وغيّرت فيها حتّى التّركيبة الدّيمُغرافيّة وقتلت أنفاس التحرّر والإنعتاق بإسم الليبراليّة رافِعةً شعار دَعْنِي أعمل وتتغلّف أحيانًا في شقّها الأكثر تطرُّفًا بمقُولات شوفينيّة ونعيق العُنصر الأرقى وتحرير البدائيّين من مُعتقداتهم البالية بالتّبشير الكنسيّ ولم يَكُن الهمّ اللّيبراليّ إلاّ تنفيذ شُروط الهيمنة الإقتصاديّة إستجابةً لمُتطلّبات الرّأسمال في تحقيق أقصى الرّبح السّريع ولو كان ذلك بحمّامات الدّم وأنهار عرق الكادحين وعَمُودُهم العُمّال:تلك هي اللّيبراليّة،تقوم على المُحافظة على ما هُو موجود مادام يحفظُ الطّبقيّة وسيطرة رأس المال والكلام على الدّيمُقراطيّة مُجْتَزَءًا عَمْدًا تمويهًا لا أكثر فحُكم الشّعب وسيادته نفسه بنفسه والعقد الإجتماعيّ وحُريّة المُعتقد غير مطروح إلاّ من زاوية إستدامة الهيمنة عبر حصر السّلطة السّياسيّة في من يمتلك المال والعقيدة عُنصر داعم مادامت لا تتواجه مع المُهَيْمِن ولعلّ تكوين فيالق الأفغان العرب وتمويلهم من طرف إستخبارات اللّيبراليّة الأمريكيّة دليلٌ واضح على ذلك ومنها وُلِدَ جورج بوش الذي خاطبه الرّبّ.
إنّ فلسفة الحُريّة وُلِدَت في مُواجهة اللّيبراليّة وليست بها أو منها،وكان الصّراع الطّبقيّ وحركات التحرّر الوطنيّ وكتابات ما بعد ماركس وحتّى البعض ممّن سبقه هي من أضاف زخم التّحرّر وكشف زُور دعاوى جون لوك وآدم سميث وستيوارت ميل وعرّت نضالات البروليتاريا والشّعوب بُهتان دعاوى " أهميّة الفرد، وضرُورة تحرّرِهِ من كُلّ أنْواعِ السّيطرة والإستبداد"بما في ذلك القوانين المُنظّمة للعمل والمُحدّدة لساعات العمل والحدّ الأدنى المضمون للأجور وسقف الأسعار وما إليه من مُتطلّبات أساسيّة لطبقات وشرائح تُولَدُ من عملها الثّروة لتتكثّف في يد حفنة من عصابات الحقّ العامّ همّها الرّبح وضرب كُلّ خطرٍ مُحتمل يتهدّد مصالِحها وهذا ما حدث في قلب شيكاغو في آيار/مايو 1886 ليتحوّل الفاتح منه ليومٍ عالميٍّ للعُمّال سنة 1920 في دولة العُمّال الفتيّة تحت راية البلاشفة.

إنّ الحركة العُمّاليّة التي لم تتوقّف نضالاتها قد تمكّنت من جعل هذا اليوم ذكرى وعيدًا لها مدفوع الأجر وهي تُحيِيه بأشكالٍ مُتعدّدةٍ مُتنوّعة وبعضها يُحييه بإضرابات جُوعٍ في سُجُون اللّيبراليّة وأذنابُها التي تتكالب اليوم مُسْتَشْرِسَةً قصد تصفية مُكتسبات العُمّال عبر الدّعاية الإيديولوجيّة القائمة على رفع شعارات الدّيمُقراطيّة(بدون أن تذكُر طابعها البورجوازيّ) أو عبر القمع المادّيّ المُباشر منه وغير المُباشر بسنّ قوانين ردعيّة تنقُض الحقّ النّقابيّ وتحضر تشكيل أحزابٍ تنحازُ طبقِيًّا للكادحين أو ترويج مقولات الحُرّيّات السياسيّة دُون تنصيص على المُحتوى الإقتصاديّ والإجتماعيّ بِنِيّة مُواصلة الهيمنة الطبقيّة إمّا بنفس الوسائل أو بوسائل تتجدّد وتتنوّع بمُباركة صندوق النّهب الدّوليّ والبنك العالميّ.ويكتسي عيد العُمّال هذه السّنة طابعًا خاصًّا إذ تميّز بتموقعه في سياق الهبّات الشّعبيّة ضدّ الطّغيان وأنظمة الحُكم المدعومة من مافيات أوروبا وواشنطن،وإرتفعت مطالب الحُرّيّة لتحقيق مناخٍ تتوفّر فيه حُدُودٌ دُنيَا للإنعتاق من قُيُودٍ تفرضها الليبراليّة بشقّيها القديم المُفلس والجديد المافياويّ على العمل وتوزيع الثّروة الوطنيّة على أوسع الشّرائح وإيقاف نزيف الإحتكار والمديونيّة بما يَحُدّ من القهر الطّبقيّ ويُحسّن من شُرُوط نضال البروليتاريا والشّعُوب في سبيل إلغاء البطالة والطّرد التعسّفيّ والغلاء ومُراكمة الثّروة في أيادي أصحاب البنوك والمصانع والعقارات الكبرى قصد إلغاء الطبقيّة في يَوْمٍ لن يطُول ما دامت نضالات العُمّال والشّعوب مُتواصلة ومادامت الدّماء تسيل وما دامت مراكز الليبراليّة تتميّز بالغباء والعمى وغنِيٌّ عن القول أنّ الفاتح من آيار في ظهيرة الثّورات الشّعبيّة في المنطقة العربيّة لن يكُون إلاّ مُناهضةً للّيبراليّة من أجل القطع معها وإنتصَارًا للدّيمُقراطيّة الشّعبيّة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة