الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل إستقرار العراق محكوم بتقارب العراقية ودولة القانون ؟

هادي الخزاعي

2011 / 4 / 30
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


المشهد السياسي العراقي يتعقد يوما بعد آخر مما يؤثر سلبا على الحياة اليومية للمواطنين الذين ينتظرون بفارغ الصبر ان تنتهي الحكومة من تقديم برنامجها لبدأ العمل الجاد من أجل الخلاص من موجات القلق التي تجتاح استقراره الهش عند كل زوبعة تثيرها الكتل السياسية الكبيرة .

فالتصريحات والتسريبات التي تطلق بين الفينة والأخرى من قبل أعضاء برلمان أو من متنفذين وغير متنفذين في الكتل السياسية الكبيرة تلهب عقل المواطن بسياط القلق والخوف من أن تصحو الشراسات وحمامات الدم والمفخات والمافيات من أستراحتها .
فهل فعلا ان أمن المواطن واستقراره السياسي والأقتصادي والأجتماعي متوقف على تقارب دولة القانون والعراقية ؟! كما يروج لهذه الفكرة هذه الأيام . ولماذا لا يقال تقارب التحالف الوطني العراقي والعراقية بدلا من كتلة العراقية ودولة القانون ؟ كما يكرر دائما النائب عن دولة القانون عزت الشابندر وسواه من كتلته أو من العراقية !
فالشابندر بإعتباره من المقربين للمالكي يقول للسومرية نيوز في 26نيسان ما نصه " إن التركيب الطبيعي لوضع سياسي نموذجي وسليم في العراق يكمن في التقارب بين العراقية ودولة القانون ، وان ما يجمع بينهما أكبر مما يفرقهما "
وحتى نجد أجابة مقنعة بأن ذلك صحيح او خطأ ، وإن التصريحات والتسريبات التي يطلقها أعضاء هذه الكتل بمختلف مكوناتها ، تكون في أحيان كثيرة وقود لسعير خلافات لها مشتركات بين الكتلتين بشكل عام وبين مكونات الكتلتين بشكل أعم ، علينا الرجوع الى ما يقولوه الى وسائل الأعلام ، فالنائب الشابندر يبشر بتشكيل حكومة الأغلبية بدل حكومة الشراكة الوطنية القائمة الآن بالتعاون بين دولة القانون والعراقية فقط بعد أن تنتهي مهلة المائة يوم حين يقول " حكومة الشراكة الوطنية نكتة يجب أن تنتهي ، لكي يذهب القادة السياسيون الى إقامة حكومة أغلبية سياسية ، للإنتقال الى أدب وأخلاق تداول السلطة ، وليس تقاسم السلطة كما هو حاصل الآن " . وهو بهذا يمهد لقبول فكرة حكومة الأغلبية التي من المؤكد إنها لم تأت من فراع لولا وجود حديث مسبق داخل دولة القانون ، على الأقل بين أطراف محددة ومنها السيد الشابندرحين يقول إن " المالكي حازم في قضية سحب الثقة من الوزراء المتلكئين ، عند إنتهاء مدة المائة يوم التي حددها لهدف تطوير وزاراتهم " .
ويبدوا إن هذه الموضوعة لم تحسم كليا داخل دولة القانون ، أو إنها لم تلق القبول المطلق من أعضائها ، فالنائب حسين الأسدي يتقاطع مع الشابندر حين يقول لوكالة كوردستان نيوز للأنباء إن " سحب الثقة من الحكومة يحتاج الى توافق سياسي بين الكتل لتنفيذه وتحقيق العدد الكافي من الأصوات داخل مجلس النواب لا أن يتم أرتجاليا " . وفي نفس الموضوع نجد إن المالكي يصوغ افكاره عن الحكومة بشكل لا يبدوا فيه إنه متوافق مع أفكار الشابندر فحين تحدث الى رويترز عن موضوعة بناء الجيش قال عن الكتل السياسية العراقية " يريدون أن يُشنعوا بالحكومة بأي موقف تتخذه ... هذه لعبة ندركها ولن تحدث الآن لأن الكل قدمه في الفلقة ، إما أن يوافقوا جميعا ، او يرفضوا جميعا " .
لقد أكد البيان الذي أصدرته القائمة العراقية في 19 نيسان على أن ليس من عسل يحلي العلاقة المأزومة بينها وبين دولة القانون بشكل خاص وكتلة التحالف الوطني بشكل عام ، فقد جاء فيه ( تتعرض العراقية الى حملة جديدة تستهدف هذه المرة قياداتها السياسية وتندرج في إطار الأقصاء والتهميش وتكشف عن الامبالاة والامسؤولية في التعامل مع طرف فاعل في العملية السياسية . لاشك إن هذه الحملة تأتي في إطار معاقبة العراقية لتأييدها ووقوفها الى جانب مطالب الجماهير الغاضبة المطالبة بالتغيير والأصلاح ومحاربة الفساد ) .
كما إن العديد من التصريحات والأحاديث التي يطلقها أعضاء ونواب مكونات العراقية لا تؤشرعلى أي أمكانية لحدوث شهر عسل يمكن أن يجمع العراقية بدولة القانون إبتداءا من رئيس القائمة أياد علاوي الى ما يؤكده المتحدثون الرسميون بأسم العراقية ، إن كان حيدر الملا الأكثر تشددا أزاء دولة القانون من زملائه أو ميسون الدملوجي وشاكر كتاب ، وكلنا يعلم بإن هؤلاء المتحدثون الثلاثة يمثلون ثلاث إتجاهات داخل كتلة العراقية . والأمر يتحمل الكثير من الهوامش والملاحظات التي منها مثلا

- الملاحظة الأولى التي يمكن أن تستخلص من صيرورات الكتلتين هي إن هناك هاجس يحرك كل مكوناتها وبمختلف مشاربها ، وهو هاجس السلطة بعيدا عن الشعارات والدعايات الأنتخابية البراقة التي قدموا فيها للمواطن جنات عدن على طبق من ذهب ، ولكن حال إنتهاء مارثون الأنتخابات ، وأداء القسم في مجلس النواب ، حتى شطب المواطن من المدونات والذاكرات بأستيكة رخيصة ، ولا يبقى من هم للكتل السياسية بعد ذلك غير السلطة ، فعلاوي مثلا في آخر تصريح له الى الشرق الأسط يقول فيه
" إن العراق يمر الآن بأزمة سياسية حقيقية تتطلب العودة الى الأتفاقات التي وقعتها القوى السياسية العراقية في إطار مبادرة مسعود برزاني رئيس أقليم كوردستان التي لم تنفذ منها نقطة واحدة ... "
ولا أعتقد أن احدا تغادر ذهنه النقطة التي يعنيها السيد علاوي ، وهي رئاسته للمجلس الوطني للسياسات الستراتيجية ، الذي وعده به المالكي ، والتي تعني أولا وأخيرا السلطة ، ويلوح للجميع إن المالكي قد تنصل عن هذا الوعد ، ولا اعتقد ان نظرية المؤامرة التي تنسج نمط تفكير كل من السيد علاوي والمالكي غير بعيدة عن إصطناع هذه الأزمة التي تكاد أن تكون مفتعلة لكي يسقط أحدهما الآخر أمام المواطن الذي يطالبهما بسداد وتنفيذ الوعود التي قدمتها كتلتيهما في مهرجان الدعاية الأنتخابية .

- الملاحظة الثانية هي إن أغلبية مطلقة من عناصر مكونات هذه الكتل ، تركض نحو السلطة لمكونها أو لنفسها هي ، لأن ذلك يفتح الأبواب واسعة الى الجاه والأثراء عبر ممرظاهرة الفساد المالي والأداري الذي نشهد تجلياته في عدد المليونيرات الجديدة الذي طفح على سطح الحياة العراقية ، الذي جعل من بغداد اوسخ عاصمة في العالم وجعل المواطن بلا خدمات ، وأسكن أكثر من ثلث سكان العراق تحت خط الفقر رغم الثراء الفاحش الذي يتمتع به العراق ، فتصل الأمور الى السرقة أو الغش حتى من مفردات البطاقة التموينية ، وجعل اكثر من ثلاثة ملايين أمرأة عراقية معيلة بلا مساعدة ، فلا تقدم لهن مساعدة حقيقية من هذه الثروات المنهوبة يوميا ، كي تعيل ابناءها ( حسب حديث للسيد نصار الربيعي وزير العمل والشؤون الأجتماعية ) ، ناهيك عن أمية ربع سكان العراق. فالنائب عزت الشابندر في تصريحه للسومرية نيوز في 26 نيسان حين يقول " على الأطراف السياسية أن تتحمل وجودها في المعارضة وتتنكر لذاتها ... فهناك من يضع دخل مع الحكومة من أجل الحصول على الأمتيازات الخاصة ، ولكن عند الحديث عن تحمل المسؤولية فانه يعتبر نفسه معارضا لغرض تحقيق مكاسب اخرى "
فها هو السيد خضير الخزاعي في تصريح له في 29 نيسان الى السومرية نيوز يؤشر فيه هذا الهاجس النشاز حين يقول إن : -
" أستمرار عدم المصادقة على ترشيحي لمنصب نائب رئيس الجمهورية ، أو إعطاء الحزب حصته من الوزارات في الحكومة قد يؤدي الى تدمير التحالف الوطني ، وتفجير الوضع السياسي في البلاد " متهما أطرافا في كتلة العراقية وجهات لها علاقات سياسية مع نوري المالكي بالوقوف وراء عرقلة ترشيحه لهذا المنصب . وكذلك ما قاله النائب بهاء الأعرجي للنائب علي الشلاه عن دولة القانون أمام حشد من المتجمعين أمام وخلف منصة التصريحات الصحفية في البرلمان عندما أستخف به بعبارة ( صارلكم أربع سنين تبوكون بينه .. يله أمشي أطلع بره ) . والمثل الأكثر سطوعا في هذا الجانب المتعلق بالركض المتسارع وراء المصالح الشخصية لأعضاء البرلمان أو الحكومة ، هي السرعة الخارقة التي يعمد اليها مجلس النواب في مناقشة واقرار رواتب ومخصصات وامتيازات أعضاءه وأعضاء الحكومة . والمؤشرات على صدقية هذه الملاحظة لا تعد ولا تحصى .

- الملاحظة الثالثة هي إحتماء العديد من أفراد الكتلتين ، من تأريخ يرتبط بمواقف انتهازية سابقة تتلبس تأريخهم السياسي والأجتماعي . فالعديد من أفراد الكتلتين إما كانوا بعثيين وخدام لسلطة صدام ، أو أنهم كانوا من بطانات الذين أعتصموا بمبدأ التقية ، فجعلوا من أنفسهم عناوين جاهزة للخدمة في كل زمان ومكان ، بعيدا عن مبدأ الوطنية الذي يسموا على كل الهواجس الأنتهازية والنفعية .

وفي سياق تلاحق هذه المؤشرات والملاحظات ، تتفجر فوق سماء المشهد السياسي العراقي المأزوم أصلا ، تصريحات المتحدث بأسم التيار الصدري الشيخ صلاح العبيدي لتبرر تخوف المواطن العراقي من صحوة محتملة لحمامات دم جديدة إذ يقول في تصريحه يوم خميس 28 نيسان " إن عدم إنسحاب القوات الأمريكية نهاية العام الحالي ، يعطي الحق للتيار بأستخدام السلاح ضده "
وكان قد عبر عدد من السياسيين العراقيين على ضوء هذه التصريحات وتصريحات النائب بهاء الأعرجي من مكون الأحرار في كتلة التحالف الوطني العراقي حول نفس الموضوع ، عن القلق من عودة الطائفية والمظاهر المسلحة في الشوارع في حالة رفع التجميد عن جيش المهدي .

إذن فالعراق حتى يكون مستقرا ومواطنيه يتلمسون أفق ينعمون بستقبلهم ومستقبل أطفالهم الآمن ، فهو ليس محكوما بتقارب هذه الكتلة من تلك أو هذا المكون من ذاك فقط بل يجب يتناسل منه الأحساس الوطني العام بمشاعر واقعية وطنية ملموسة تقول إن العراق للجميع وأن ننسف بمليون قنبلة ذرية نظرية المؤامرة التي تحكم سلوك كل من شَكَلَ للعراق ما يشبه التركة من النظام السابق ، او من تلبسته نظرية التقية حتى يبقى ويكون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضربة إسرائيلية ضد إيران في أصفهان.. جيمس كلابر: سلم التصعيد


.. واشنطن تسقط بالفيتو مشروع قرار بمجلس الأمن لمنح فلسطين صفة ا




.. قصف أصفهان بمثابة رسالة إسرائيلية على قدرة الجيش على ضرب منا


.. وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير تعليقا على ما تعرضت له




.. فلسطيني: إسرائيل لم تترك بشرا أو حيوانا أو طيرا في غزة