الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البرلمان التونسي الجديد القديم

اسماعيل خليل الحسن

2004 / 10 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


حصل الرئيس بن علي على جائزته الكبرى المتوقعة : أقل من 99% بقليل بينما حصل برلمانه على 100% أي كامل المقاعد ولا أريد هنا أن أطعن بالتزوير ولا أريد أن أبالغ بقوة المعارضة سواء الحقيقية منها أو الصورية , لكن الرئيس ضمن استمرار نظامه و استمرار سطوة أركان حكمه .



إنّه التزييف أو التزويق لكن لإقناع من ؟ .



إذا كانت الرسالة موجهة إلى الخارج فإن استخبارات الغرب تعرف عنا أكثر مما نعرف وهي تضع معلوماتها بين يدي القيادة السياسية التي تبرزها أو تخفيها وفق ما تقتضيه المصالح , أما الداخل فمتى كان رأيه مهمّا ؟ فلم يبق إلاّ أن يخدع النظام نفسه .



هذه الأرقام الذهبيّة لا تدلّ على غنىً على أية حال بل على العكس , إنّه الفقر المدقع و الإفلاس الذي وصلت إليه الأنظمة الشموليّة في نسختها العربيّة , شأنها, بذلك كالذي تقدر أمواله بالملايين , و لكن بنقود لا تصرف , وليس لها قيمة حقيقية , سوى ال( نعم ) الأبديّة اليابسة البائسة , التي تملى على الناس إملاء , فيذعن هؤلاء الذين أتقنوا الباطنية و التقية فيصفقون لمن حضر , ويسقّطون لمن ولّى , وهم كالطير ير قص مذبوحا من الألم .



يستأثر التآلف الحاكم من أثرياء السلطة و أعوانهم بالدولة و المجتمع معا عبر إخضاعهما ثمّ نهبهما و بالتالي التضحية بهما لمصلحة السلطة التي تستنسخ ذاتها في ظلّ هذه الغيبة التاريخية للمجتمعات , إنّها( الظلامية الجديدة ) تعيد إنتاج لا عقلانيّتها في ظل غيبة القوانين و غيبة الحريّات و غيبة الرأي المخالف و الصحافة الحرّة الخ.. و بالتالي الإجهاز على الخصوصيات و التنوّع الذي تعتبره السلطة سمّاً ناقعاً في حين أنّه ثراء و إثراء يجب الاعتراف به بله و تنميته ليصبح صمّام أمان ضد غوائل الدهر بدل أن يتحول إلى قنبلة موقوتة يلعب بها المتربصون .



ما زالت ثقافة تغييب المعارضة هي السائدة , رغم المتغيرات التي شهدها العالم , لعلّ العاصفة تضلّ طريقها أو أنّها تمرّ بأقلّ الخسائر فتحفظ رؤوس الأنظمة إلى حين من الدهر , و إن كان لا بد من خراب فليعم الجميع : السلطة و الدولة و المجتمع جملة , هذا ما وعته متأخرة أنظمة الاتحاد السوفياتي و مجموعته الأوروبيّة الشرقيّة فاستسلمت بهدوء عندما بات متعذرا استمرارها , خرج الحكام الجدد من المعتقلات ليمارسوا الحكم الذي لم يجدوه سهلا فسقطوا في التجربة ليعود الشيوعيون حكاما منتخبين أو معارضة يحسب حسابها , لقد كانت صفقة ناجحة حالت دون التدمير الشامل , وإن كان من الأفضل أن تعترف الأنظمة الحاكمة , وهي بأوج قوتها , بالمعارضة و تطلقها من أغلالها فتضمن حكما سويّا أو خروجا محترما مع إمكانيّة العودة إلى الحكم في ظروف أفضل .



تعتبر (الظلامية الجديدة ) , ما دامت قوية, معارضتها الداخليّة , عميلة أو مغرر بها , و إن شعرت بزلزلة في وجودها , فإنها تسبغ على المعارضة رداء الوطنيّة , دون أن تطلق العنان لهذه الوطنيّة كي تفعّل دورها و تجذّره في رحم المجتمع , إنّها معارضة وطنيّة على حسابها الخاص , فهي ترفض أن تكون جسرا للأعداء للمرور إلى الوطن , وذلك حسبها , فالوطنيّة أصبحت لقبا أو خلعة تطلقها الأنظمة على هذا أو ذاك , و تحجبها عنه إن أرادت , يا لها من فلسفة !



أصبح النظام العراقي السابق مجرد عبرة لمن يريد الاعتبار , فكل معارضة لديه هي عميلة مأجورة , وبعد زواله , صار التساؤل مطروحا : أين كانت كل هذه القوى الحيّة التي تناهض الاحتلال اليوم " بصرف النظر عن الموقف من أساليب بعض أطراف هذه الجماعات أو تلك " خاصة وإنّ القسم الأعظم من هذه القوى ليس من أنصار النظام السابق بل من رّواد سجونه ومعتقلاته سابقا , فقد بزّت وطنية هؤلاء وطنيّة أركان النظام الذين آثروا السلامة وأية سلامة !



لولا الصداميّة لما كانت العلاويّة و لكان المثال الفينزويلي حاضرا في تجاربنا حيث تسقط المشاريع و المؤامرات على صخرة الديمقراطيّة الوطنيّة تمييزا لها عن ديمقراطيّة الباراشوت الساقطة علينا مع القنابل العنقوديّة .



المهمة التاريخيّة اليوم المنوط بها الجميع هي إنقاذ الدولة من بين نواجذ السلطة لتصبح دولة التعاقد بدلا من دولة التسلط , مع مراعاة التدرج ولكن بخطى واثقة مع وضوح للهدف , خطوة إلى الأمام تليها خطوة أخرى إلى الأمام لا التأرجح بين دواعي التشدد و دواعي التسامح .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة