الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هذا اليوم.. أعلن الحداد

أحمد بسمار

2011 / 5 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


بمناسبة أول أيـار. هذه السنة أعلن الحداد. أعلن الحداد على بلد مولدي ســوريـا. أعلن الحداد على موتى هذين الشهرين الماضيين. من جميع الأطراف..أعلن الحداد والانعزال على نفسي لمدة 24 ساعة مفكرا بالضحايا وفي هذا البلد الذي ما زلت أحبه كأولى تجربة غرامية, تبقى محفورة مخبوءة في أعمق أعماق المشاعر.
يلومني العديد من أصدقائي السوريين وغير السوريين, الملتزمين منهم مع السلطة الحالية والمعارضين لها, لأسباب عديدة لا تحصى من الطرفين.. يلومونني وبإلحاح متواصل, يصل حينا لحدود الإثارة والمشاجرة, كعادة جميع المشرقيين بأي نقاش سياسي أو اجتماعي. عن حيادي التام ما بين الطرفين. حتى أن بعضهم ممن يجهل اعتقادي الراديكالي العلماني, أو مذهب عائلتي الذي لا التزم بــه على الإطلاق, يعتقد أن حيادي أسبابه مذهبية أو طائفية.. وهنا عقدة العقد. لأن تربيتنا الاجتماعية والقليل السياسي المتبقي منها, كان غالبا طائفيا. بسبب السياسات القمعية التي هيمنت على البلد خلال السنين البعثية, واعتمدت دائما على التحريض والتفضيل الطائفي, سرا أو علنا, بشكل مباشر أو غير مباشر غالبا. وحتى أن بعض الأقليات كانت تفكر أن هذه السلطة الآتية من أقلية مذهبية أخرى سوف تحميها ضد أي تحركات تعصبية تتفجر من الغالبية المذهبية للبلد. هذه العادة العفنة التي ورثناها من الحكم العثماني. كما مارسها نسبيا الحكام الفرنسيون خلال ربع قرن من الانتداب الفرنسي.
ولكنني عشت طفولتي وأولى أيام شبابي ضمن عائلة فكرية يسود فيها الإحساس القومي السوري, ولا شيء آخر سوى القومية السورية العلمانية.. والعلمانية فقط. لهذا السبب عندما هاجرت ـ قسرا ـ نهائيا إلى أوروبا, ترعرعت وازدادت ونمت وازدهرت أفكاري العلمانية, فاحتضنت الفولتيرية والأفكار الإنسانية, وما تبقى من روابطي الفكرية مع سوريا, لم يكن من ضمن التعصب القومي, إنما من خلال دراساتي وتحاليلي الإنسانية. بالإضافة إلى ما يربطني مع سوريا من ذكريات ناعمة حلوة, ومريرة, مريرة جدا...
لهذا السبب وبكل تجرد سياسي علمي واقعي, أرى أن الشعب السوري حرم سنينا طويلة مريرة, من كل الحريات العامة ومن أبسط الممارسات الديمقراطية فكرا أو تطبيقا. حتى أن جيل آبائنا وجيلنا وجيل أولادنا لم يعرفوا ولم نعرف أي معنى حقيقي واقعي علمي منطقي لهذه القيم الإنسانية, مما أورد العديد من الأمثال الشعبية التي تربينا عليها, والتي تدل على ضعف ومرض تربيتنا السياسية.. مثلا : اللي بياخد أمي بسميه عمي!!!...
والعشرات من هذه الأمثال المخجلة التي تدل على الخمول الفكري المتقوقع الذي تربينا عليه غالبا.
لهذا عندما أرى اليوم هذه المطالب الطبيعية الإنسانية, تخرج من المساجد موجهة من بعض رجال الدين. أبدي تحفظات ممزوجة بالقلق. وخاصة عندما نرى ما آلت إليه الحكومات والتحزبات التي تحيط بسوريا, وحتى البعيدة عنها, والتي يقودها ملالي ومشايخ, نرى كيف حوربت فيها الحريات العامة والديمقراطية, وكيف ضاعت إلى الأبد...وكم كنت أتمنى أن يقود هذه الانتفاضات رجال فكر جامعيون أو غير جامعيين, أو سجناء فكر ما زالوا في السجون أو خارجها. سيرتهم السياسية والفكرية والإنسانية لا تشوبها أية شائبة...
لهذا السبب, وفي هذا اليوم بالذات, أعلن الحداد, لوحدي, دون مشاركة, مفكرا بهذا الوطن الحزين الذي ولدت فيه, آمـلا أن يعود إليه الهدوء والعقل والمنطق, وأن نبدأ تعلم وممارسة الديمقراطية والحريات العامة.
هذا الوطن يجب أن يحيا..لأنه جزء من تاريخ الإنسانية...ولـه كل الحق والضرورة أن يــحــيــا!!!...
مع تحية مهذبة للقارئ...
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحرية الواسعة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الرومانسية الثورية
رشيد العراقي ( 2011 / 5 / 1 - 10:42 )
كم انت رائع وهادئ -رصين الفكر يااحمد بسمار- احساسك النبيل ومخاوفك من المستقبل هي حقائق - ذاك انك تشرح مادار في عقلي وروحي قبل اسقاط الدكتاتورية في العراقي.كنت وقتها اؤمن بالردكالية- اسقاط النظام باي ثمن بعد.كنا نجلس على ضفاف نهر دجلة نحتسي العرق نحرض على الثورة في مجتمع تهيمن عليه الطائفيات والاثنيات الى ان سقط النظام بالقوة الاجنبية كنا نحلم ان الحرية ستتفشى باعتبار ان الطائفية من صنع النظام بعد ذاك اكتشفنا ان الطائفية تجري في دماء العوام حيث اخذت الجثث تطفو فينهر دجلة يوميا وما ان حصلت هدنة بين الطائفيين حتى اخذوا يشروعون القوانيين التي تهاجم الفكر العلماني الانساني صار لنا ديوان وقف سني وشيعي ومسيحي بدلا من ديوان وقف واحد كما حظرو شرب الخمر كما ان المليشسات اخذت تطوف على المدارس لفرض لبس الحجاب.سوريا امامها فرصة ذهبية بالتحليق عبر ديمقراطية اصلاحية تدرجية وحقيقية هذا هو المدخل الوحيد كما انطرح هذا المدخل لايتنتمي الى مصلحة النظام في سوريا ولن ينتمي الى الحكمةوالتجربة.اقبل تحياتي


2 - الرومانسية الثورية
رشيد العراقي ( 2011 / 5 / 1 - 10:43 )
كم انت رائع وهادئ -رصين الفكر يااحمد بسمار- احساسك النبيل ومخاوفك من المستقبل هي حقائق - ذاك انك تشرح مادار في عقلي وروحي قبل اسقاط الدكتاتورية في العراقي.كنت وقتها اؤمن بالردكالية- اسقاط النظام باي ثمن بعد.كنا نجلس على ضفاف نهر دجلة نحتسي العرق نحرض على الثورة في مجتمع تهيمن عليه الطائفيات والاثنيات الى ان سقط النظام بالقوة الاجنبية كنا نحلم ان الحرية ستتفشى باعتبار ان الطائفية من صنع النظام بعد ذاك اكتشفنا ان الطائفية تجري في دماء العوام حيث اخذت الجثث تطفو فينهر دجلة يوميا وما ان حصلت هدنة بين الطائفيين حتى اخذوا يشروعون القوانيين التي تهاجم الفكر العلماني الانساني صار لنا ديوان وقف سني وشيعي ومسيحي بدلا من ديوان وقف واحد كما حظرو شرب الخمر كما ان المليشسات اخذت تطوف على المدارس لفرض لبس الحجاب.سوريا امامها فرصة ذهبية بالتحليق عبر ديمقراطية اصلاحية تدرجية وحقيقية هذا هو المدخل الوحيد كما انطرح هذا المدخل لايتنتمي الى مصلحة النظام في سوريا ولن ينتمي الى الحكمةوالتجربة.اقبل تحياتي


3 - تصحيح
رشيد العراقي ( 2011 / 5 / 1 - 12:46 )
وانما ينتمي للحكمة والتجربة


4 - احمد بسمار
عبد الرضا حمد جاسم ( 2011 / 5 / 1 - 14:54 )
هكذا هذه المره لأنني عجزت ان اختار كلمه اضعها قبل الأسم او بعده
كما قال العراقي رشيد انت صادق ومخلص ونقي وهذا المعدن نادر في هذا الوقت لذلك يختلف الناس في تقييمه بختلاف زوايا النظر اليه
قال ما أردت ان اقوله العراقي رشيد شكراً له ولك شكر وتأييد مني


5 - شــكـر و تـحـيـة
أحـمـد بـسـمـار ( 2011 / 5 / 1 - 18:10 )
أشكر كلا من السيدين
رشيد العراقي
وعبد الرضا حمد الجاسم
على تعليقيهما الحكيمين شاكرا لهما صدق ملاحظتهما
واهتمامهما بالوضع المؤلم الراهن في سوريا وبلاد المشرق...
مع أطيب وأصدق تحياتي المهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحقيقة الواسعة


اخر الافلام

.. هل تطيح إيران بمقترح بايدن بشأن غزة؟ | المسائية


.. مسلح سوري يطلق النار على السفارة الأميركية في بيروت | الأخبا




.. لبنان: إطلاق نار يستهدف السفارة الأمريكية في بيروت والجيش يص


.. بايدن يتوجه إلى فرنسا للمشاركة في احتفالات الذكرى الـ 80 لإن




.. رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: نقترب من اتخاذا قرار لشن هجوم ع