الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحنيط الحكام

أمير الحلو

2011 / 5 / 1
كتابات ساخرة


تحنيط الحكام
أمير الحلو - بغداد

يظهر أن فكرة الخلود قد لبست عقول جميع الحكام على مدار التاريخ ، ولكن أساليبها اختلفت من حقبة زمنية الى اخرى ، وبأعتقادي من خلال متابعتي للتأريخ والحاضر أن الحاكم الفرد والمستبد هو أكثر الناس حباً للخلود والتمسك بالكرسي حتى لو أقتضى الأمر أن يواجه شعبه كله بالموت والدمار اذا ما (تجرأ) على مطالبته بالتخلي بعد طول (محبة) فرضها على الناس ولم يشبع منها ولا يريد مغادرتها مهما كانت التضحيات .
وبأعتقادي أن أذكى الحكام في تحقيق الخلود من دون الاصطدام مع الشعب ورغبته في التغيير هم الفراعنة ، فقد أدركوا أنهم لابد وأن يغادروا الدنيا بالموت التقليدي ولكن حب البقاء والخلود و(احتمالات العودة) دفعتهم الى استعمال طريقة التحنيط للأبقاء على الجسد (صالحاً للاستعمال والحكم ) اذا ما عاد الى الحياة ليجد كرسيه جاهزاً لمعاودة الجلوس عليه والحكم مجدداً ، وقد أكدت الاهرامات هذه الحقيقة وكذلك مظاهر الخلود على (المومياءات ) والصناديق الذهبية التي تضمها في رحلة طالت كثيراً ولم يظهر لنا أي فرعون من القدامى .
ولكن المفأجاة ان الحكام الجدد لا يلجأون الى التحنيط والنوم في توابيت ذهبية بل أنهم يريدون الخلود الجسدي في الجلوس الفعلي على كرسي الحكم لمدد غير محدودة ، واذا ما طالبهم الشعب بأن يذهبوا بعد أن ( تحنطوا) وهم أحياء قاوموه وقتلوا خيرة شبابه الذي لا يطالب سوى بحقه في الحرية ورؤية وجوه جديدة تحكم بعقلية متحررة تحترم الشعب وأرادته.
وأزاء الأزمة التي تعيشها العديد من البلدان العربية أقترح أن تجري تسوية الأمور على الطريقة (الفرعونية) ولو أن اشقاءنا في مصر لم يتبعوا الطريقة التي خلد الحكام بها انفسهم في الازمنة الغابرة ، بل اخرجوا الحاكم الفرد واخضعوه للمحاسبة والمحاكمة نازعين عنه صفة الخلود و(الفرعنة) ، واقتراحي هو ان ترفع الشعوب الثائرة مطالبها الى الحاكم ببناء اهرامات واستخدام جزء من الثروة التي نهبها لصنع كراسي وتوابيت ذهبية وأن يرقد فيها بانتظار (الحياة الأخرى ) التي قد يستعيد فيها سلطته المسلوبة .
لا أعرف مدى (عملية) وموضوعية أقتراحي هذا لأن الواقع يقول أن الحاكم لا يقبل سوى بالكرسي (إياه) الذي يجلس عليه حالياً وبالخلود الذي يصنعه لنفسه من خلال الدستور الذي وضعه لنفسه ، واذا ما أصابه شيء من (الايمان) بحتمية الرحيل ، فأنه يجدّد التركة التي يملكها ومن ضمنها كرسي الحكم الى ابنائه الذين يولدون عباقرة وقادة وبأمكانهم استلام الحكم وادارته في أية لحظة ، خصوصاً وانهم قد تدربوا خلال فترة حكم الوالد على فنون القتال من خلال أشرافهم على الأجهزة العسكرية والأمنية ، تاركين العلم والمعرفة للناس البسطاء الذين لايكادون مواجهة متطلبات الحياة بـ( عقولهم ).
الصراع يستمر عبرالتاريخ بين الحاكم الفرد والشعب ولكن قراءة ذلك التاريخ تؤكد على حقيقة واحدة وهي ان الحاكم زائل مهما بذل من(جهود) للخلود على كرسي الحكم فهو يتبدل بالصورة والشكل والصوت الخطابي ، ولكن الشعب وهو لقب يطلق باستمرار علىالناس الذين يحكمهم يبقى دائما ولا يمكن استبداله او تحنيطه ، فمنذ أن كان الشعب آدم وحواء فقط الى مليارات اليوم وهو باق مهما كان اسم الحكم أو طريقته بالحكم ، والمشكلة أن أكثر الحكام لا يستوعبون هذا الدرس مع أنه بسيط وواضح للعيان ، فهل يجرؤ أحد بأن يقول للحاكم الفرد بان على عينيه غشاوة !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحنيط المثقف
اثير عبد الرزاق ( 2011 / 5 / 1 - 18:28 )
استاذ امير تحية لكم ولطرحكم ولكن الا تعتقد ان المثقف العربي ساهم في ظلم المواطن العربي من خلال وقوفهم مع الحاكم المستبد فيجب عليهم ان يرحلوا مع اسيادهم وعلى الاقلام المأجورة ان تفهم الدرس قبل الحاكم وتعترف بانها خسرت معركة الثقافة والتنوير الفكري وتبحث عن عمل اخر . مع الود والتقدير

اخر الافلام

.. الكويت.. فيلم -شهر زي العسل- يتسبب بجدل واسع • فرانس 24


.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً




.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05