الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فجر القومية العربية الجديد .. هل سيولد من رحم الثورة ؟

عماد مسعد محمد السبع

2011 / 5 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


ثمة رأى يقطع بأننا سنشهد إحياءآ " لنزعة قوميةعربية " تنبعث من مصر الثورية وتمتد إلى ما حولها , وأنها ستكون نزعة جديدة وغير شيفونية تقوم على الشعور بالفخرالمكتشف حديثآ وبحافزالتحررمن أنظمة الإستبداد السياسى . وأن المد الثورى القائم والمحتدم سيفرز حتمآ عالمآعربيآ أكثر أنتماءآ ( لقوميته العربية ) .

ويبدو الغرب مهتمآ بهذا " الفجر القومي العربي الجديد " وبحث أمكانيات التعامل معه ونفى الخوف منه - وعلى نحوما يكشف عنه مقال لوزير الخارجية الفرنسى السابق " أوبير فيدرين " - فى الفينانشال تايمز - حيث أكد على أن هذا النزوع القومى لن تكون له علاقة " بالعروبة " على نمط الخمسينات بل سيكون طوقآ لتحقيق المصلحة القطرية ولمزيد من السيادة فى أدارة السياسة الخارجية .

هذا الرأى يؤسس منطقه على سند من أن الظروف التى واجهتها الأمة العربية فى سنواتها الأخيرة كانت ظروف " صراع سياسى " وتضارب فى الرؤى نتيجة لتعارض مصالح حكومات القمع العربى وتناقض أولوياتها , ولكن ( الروح القومية ) تظل حاضرة لم تتغير , كما أن رابطة العروبة ليست محل جدل فكرى وبقدر ما هى موضوع أهتمام سياسى فى الأصل .

كما أن أنشغال البلدان العربية بمشكلاتها وانصرافها لشئونها لا يعنيان أستمرارالإنزواء أو الإنكفاء المحلى , وخصمآ من حساب " المصلحة القومية العليا " , وأن حالة " تحييد دور مصر " عبر معاهدة السلام مع أسرائيل , ثم " أزمة النظام العربى " بعد حربى الخليج الأولى والثانية – كانتا السبب وراء نكوص وتراجع وضعية الإنتماء القومى العروبى .

ومع تقدي هذا الرأى فهناك تحفظات يتعين أثباتها , أذ من الصعب التنبؤ بشكل المنطقة العربية بعد أن تضع الإنتفاضات الجماهيرية أوزارها وتترك بصماتهاعلى تاريخ وخريطة الواقع . بل من المرجح أن تنتعش " الجغرافيا السياسية " لكيانات المنطقة الحاضنة لجماعات عرقية وقبلية وعشائرية ودينية غير متجانسة وتنتمى " لوحدة أصطناعية " رسمتها مخططات القوى الإستعمارية منذ مطلع القرن الفائت .

فالثابث أن البلدان العربية أخفقت فى بناء نموذج الدولة - الأمة الحديثة بمرحلة ما بعد الإستقلال , ولم تشرع فى تنمية القيم والمؤسسات الراعية لعملية التماسك الإجتماعى والإندماج السياسى والتكامل القومى بين مواطنيها . ولذلك يموج القاسم الأعظم من هذه البلدان– عدا مصروتونس التى تتمتع باستقرارسياسى جغرافى نسبى – بهويات وتطلعات طائفية ودينيةعديدة ومتناقضة .

ومن هنا فأن ( الملكيات العائلية بالخليج , وعرش آل سعود بشبه الجزيرة العربية , والعراق وسوريا فى ظل وجود الأقلية الكردية, ولبنان ,واليمن الممزق بين الجنوب والشمال , و ليبيا القبائلية , والمغرب والجزائرالأمازيغي .. ) تبدو جميعها عرضة لخطر التحلل والتفكيك بعد زوال آلية ( القمع السياسى والأمنى ) التىكانت حافظة لإستقرارووحدة هذه الكيانات .

ولن تكون الهويات الوطنية الهشة داخل هذه تلك التكوينات عاصمآ لها من المصير الإنقسامى , الأمرالذى يعصف بالرهان على " موحد عربى كبير " لهذا " الموزاييك الأقليمى الجديد " يمثل وعاءآ قوميآ له وينتسب للغة واحدة وخصائص ثقافية وتاريخية وحضارية مشتركة .

فالتاريخية الخاصة والروابط الذاتية والتضامنات الجهوية ستصعد حال تشظى هذه الكيانات , ولعل نموذج ( جنوب السودان ) الذى يستمر فى هجرة وتصفية كل علائق أنتمائه بماهو " عربى " / لغة وثقافة وتاريخ خيرشاهد على ذلك .

ومع عدم استبعاد الفرضية " الإنقسامية " المنتظرة فى الأقليم , فأن هناك أتجاه يرجح صعود تيار" الإسلام السياسى " لحكم كثير من البلدان العربية فى مرحلة مابعد الثورة فى ظل أنتخابات حرة وديموقراطية .

والثابت أن تلك التيارات تحتفظ برؤية سلبية حول القومية عمومآ والعربية خصوصآ , وحيث يرونها ترجمة للشعوبية وأنتقاصآ من مفهوم الأمة الإسلامية , ومن عالمية الرسالة المحمدية ويعتبرونها تفكيرآ عنصريآ يخرج عن مظلة " الجامعة الإسلامية " .

وترتبط تلك الوجهة تاريخيآ بمعطيات " الثورة العربية الكبرى التى قادها أميرمكة / الشريف حسين بن على " والتى طرحت للمرة الأولى على الوعى العربى " فكرة القومية " ولهدف مواجهة الإحتلال التركى والسيطرة العثمانية التى كانت تتدثر بالإسلام وبالخلافة الدينية .

تيار الإسلام السياسى - المتوقع صعوده - مازال يختزن هذه النظرة للفكرة القومية ويناضل ضد محاولات التمكين لها فى واقعنا وباعتبارها مناقضة " لعالمية دعوة الإسلام ", وحصارآ للدين فى حدود الأقليم , وأهدارآ لنموذج " الخلافة الإسلامية " النافية للعنصرية القومية .

وفضلآ عن ذلك فأن مصر التى تمتعت بدرجة من الإستقلال الذاتى عن الخلافة العثمانية تحت حكم الأسرة العلوية لن تكون مستعدة هى الآخرى لقيادة " اللواء القومى العربى " فى مرحلة مابعد الثورة .

فهى ستظل مهمومة لسنوات بأعادة بناء الإقتصاد والمجتمع المثقل بأزماته , ولن تسعى لتأكيد نفوذها العربى على حساب أجندتها الداخلية , كما لن تهدر أبدآ فرص السلام مع أسرائيل لصالح أصطفاف قومى جديد .

واقع الأمرأنها ستكون أكثرثقة بنفسها , وستتمتع بهامش لإضفاء مصداقية على عملية السلام الزائفة , وستكون أكثر حزمآ وسعيآ لتحقيق مصالحها , ولكن بدون " فجر جديد للقومية العربية تكون هى عرابته " .

كماأن الخليج سيعارض إحياء هكذا نزعة قومية جديدة لأن تحالف مجلس التعاون لا يستطيع النهوض بالإستحقاقات العربية والثورية الرافدة لتلك النزعة , ولن يصمد أمام القوى الأقليمية والدولية المعارضة له .

وأذا كان للمعسكرالناصرى والبعثى أن يتمسك بحظوظ أحياء التوجه العروبى - فى مرحلة ما بعد الثورات - فأن عليه أن يبدأ فى تأكيد أهمية التعاون والتكامل الإقتصادى بين البلدان العربية , وأن يدعم خطوة تدشين منظمة أاقليمية تكون بديلآ عن " الجامعة العربية " .

تعزيز المصالح الإقتصادية وأوجه الشراكة والإعتماد المتبادل بين العرب, وأيجاد هيكل تنظيمى يواكب المتغيرات الأقليمية والدولية ويراعى مصالح الشعوب العربية والأوزان السياسية والتاريخية لبلدانها - سيوفران قاعدة مبدئية " واقعية وليست شعاراتية " لإطار قومى عربى جديد وجامع .
عماد مسعد محمد السبع .










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يهدد.. سنجتاح رفح بغض النظر عن اتفاق التهدئة | #رادا


.. دلالات استهداف القسام لجرافة عسكرية إسرائيلية في بيت حانون ف




.. من هو -ساكلانان- الذي نفذ عملية طعن بالقدس؟


.. أخبار الساعة | غياب الضمانات يعرقل -هدنة غزة-.. والجوع يخيم




.. مستوطنون إسرائيليون يعترضون شاحنات المساعدات القادمة من الأر