الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المصالحة و التحديات

فاطمه قاسم

2011 / 5 / 2
مواضيع وابحاث سياسية



التوقيع على اتفاق المصالحة بين فتح و حماس في القاهرة قبل أيام , كان بمثابة أخبار سارة ليس للفلسطينيين فقط الذين أضناهم الانقسام كثيرا و جعلهم "صورة مشوهة " عند الآخرين , و بيئة مناسبة لتدخلاتهم السلبية! و إنما كان الاتفاق بمثابة بشرى عربية , بمعنى أن النظام الإقليمي العربي الذي يواجه الواقع بما فيه من تداخلات , لم يتجاهل القضية الفلسطينية , لم يتركها في أخر سلم الأولويات , بل أكد أنها ما زالت و سوف تبقى إلى لحظة قيام الدولة المستقلة , هي القضية المركزية , برغم كل تقاطع الرؤى حول هذه الأولوية الأولى .
و الاتفاق الذي تم التوقيع عليه و هو برسم التنفيذ الآن , بدءا بدعوة كافة الفصائل ثم التوقيع النهائي من قبل الرئيس أبو مازن و خالد مشعل , و من ثم إعلان حكومة الوحدة الوطنية من شخصيات مستقلة متفق على كفاءتها , و أعتقد أن رئيس هذه الحكومة القائمة أصبح منذ الآن محل إنفاق , لتكون مهمتها مواصلة العمل إلى الانتخابات القادمة في ما لا يتجاوز سنة واحدة ,و هي الانتخابات التي ستعطبنا الصيغة النهائية لشكل النظام السياسي الفلسطيني , بمشاركة حقيقة و متوازنة من قبل جميع الأطراف الفلسطينية .
المفاجأة التي ليست بالمفاجئة تكمن في هذا الموقف الإسرائيلي الانفعالي و الرافض بنوع من التوتر والقلق للمصالحة الفلسطينية , الذي عبر عنه نتنياهو و حكومته , فلماذا كل هذا الرفض ؟ و خاصة أن حكومات إسرائيل و منذ أربع سنوات من عمر الانقسام , كانت تأخذ موقفا سياسيا منافقا و مستغلا إلى حد بشع, فمن جهة كانت تتذرع بالانقسام للتهرب من تنفيذ أية التزامات مهما كان حجمها ، و من جهة أخرى كانت توجه الاتهام بشأن هذا الانقسام إلى دول و قوى أخرى مثل إيران و سوريا و حزب الله .... الخ , و الآن حين فوجئت إسرائيل بهذسار،تفاق ,الذي تم من خلال قراءة عميقة لما يجري في المنطقة , فإنها أي إسرائيل انكشفت وأصبحت عارية تماما لأنه لم يعد هناك من توجه إليه الاتهام ، ولذلك رأيناها تعبر عن هذا الانكشاف بعصبية وغضب بطريقة مريبة وغير مبررة.
ثم جاء الموقف الأميركي الفاتر في مواجهة هذا الاتفاق ، والذي نتمنى أن يتطور سريعا إلى ما هو أفضل ، مع العلم أن الإدارة الأمريكية كانت تعتبر أن أحد نواقص السلطة الوطنية الفلسطينية هو هذا الانقسام ، وكان من المفترض أن تدعم الإدارة الأمريكية نجاح جهود الشقيقة مصر بالتوصل إلى هذا الاتفاق ورعايته بطريقة هادئة ، وخاصة وأن قرار مجلس الأمن الدولي الذي دعا إسرائيل إلى الانسحاب من قطاع غزة بعد حربها التي شنتها قبل أكثر من سنتين ، والذي تبنته الإدارة الأمريكية كان يشير إلى ضرورة المصالحة الفلسطينية .
ولكن قبل هذا وبعده:
فإن اتفاق المصالحة بقدر ما هو خبر سار ، ونقلة نوعية ، إلا أنه يشكل تحديا أمام الأطراف الفلسطينية في حمايته ، والاستمرار به بثبات خطوة وراء الأخرى حتى يصل إلى غايته المنشودة ، وهي إنهاء الانقسام وإعادة صياغة النظام السياسي الفلسطيني .
ومن بين عناصر التحدي أن يحرص الفلسطينيون بعدم إتاحة الفرصة للاختراقات السلبية التي قد تأتي من أطراف محلية ارتبطت مصالحها الشخصية بالانقسام وتراشقا ته الرخيصة ، أو من جهات إقليمية قد لا تقبل إنجاز المصالحة الفلسطينية بعيدا عنها ، أو الاختراقات الإسرائيلية التي يمكن تنفيذها من خلال تصعيد سلوكها العنيف سواء ضد قطاع غزة أو ضد السلطة الوطنية في الضفة ، ومعروف أن إسرائيل لديها خبرة وقدرة واسعة على ذلك ، وعلى خلق الذرائع وافتعالها ، أو المبالغة في تشديد الإجراءات التي تجعل حياة الفلسطينيين الصعبة أكثر صعوبة .
فإسرائيل تعلم الآن بشكل قاطع أن النجاح الفلسطيني والعربي في إنهاء الانقسام هو المشهد الأول في إنهاء الاحتلال ، خاصة بعد صلابة الرفض الفلسطيني بقيادة الرئيس أبو مازن باستئناف المفاوضات بدون وقف الاستيطان ، وكذلك الإصرار الفلسطيني على الذهاب إلى الاستحقاق الوطني في أيلول القادم ، بالاعتراف بعضوية كاملة لفلسطين بالأمم المتحدة ، وهي قضايا ثبت أن حكومة نتنياهو بتركيبها الحالي غير مؤهلة لها .
التحدي الآخر الذي تواجهه المصالحة وتركز عليه أنظار المراقبين ، هي كيفية عبور المصالحة بأطرافها وحكومتها وخطابها والمفهوم السياسي لحاجز المتطلبات الدولية ، مطالب الرباعية ، مطالب الشرعية الدولية ، مطالب الأمم المتحدة ، وهل حركة حماس الشريك الرئيسي في هذه المصالحة ، ستعيد صياغة مواقفها السابقة من العملية السلمية ، واتفاق أوسلو ، والمفاوضات حين تتاح بطريقة أفضل، وذلك حتى لا يتكرر معنا ما حدث مع حكومة الوحدة الوطنية التي أعقبت اتفاق مكة ، والتي لم تحسم هذه القضية بشكل واضح ، ولم تستجيب لمتطلبات المجتمع الدولي ، ولذلك رأيناها تنتهي بالفشل والانقسام .
أعتقد أن ما يحدث في المنطقة حاليا يعطي لحركة حماس ولبقية الأطراف أن تعيد قراءة المشهد ، وأن تختار الموقع الذي ستكون فيه ، وأن تغتنم الفرصة وتخطو إلى الأمام بشجاعة ، لجعل هذه المصالحة ممكنة وحقيقة وناجحة.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النزوح السوري في لبنان.. تشكيك بهدف المساعدات الأوروبية| #ال


.. روسيا تواصل تقدمها على عدة جبهات.. فما سر هذا التراجع الكبير




.. عملية اجتياح رفح.. بين محادثات التهدئة في القاهرة وإصرار نتن


.. التهدئة في غزة.. هل بات الاتفاق وشيكا؟ | #غرفة_الأخبار




.. فايز الدويري: ضربات المقاومة ستجبر قوات الاحتلال على الخروج