الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البَوْحُ والكِتَابُةُ عَن الصَّحْرَاءِ

الطاهر باكري

2011 / 5 / 2
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


للبوح في الصحراء حدود، وخطوط حمراء، رَسَمَهَا تاريخ تدبير الدولة المغربية لنزاع الصحراء؛ بوضوح وجلاء كبيرين؛ فصار عَسيرا أن يَتِمَّ تجاوُزها؛ إذ ظَلت تُهْمَة الانفصال ورقة حمراء يُشْهِرُهَا حُكَّام الملف داخل المغرب في وَجْهِ كل من لَعِبَ في اتجاهٍ غير الذي يَلْعَبُ فيه الفريق الدبلوماسي الرسمي للمغرب.

1

في البداية نَوَدُّ أن نقول هنيئا ل"صديقنا" المُدافِع عن فكرة الاسقلال في إطار فلسفة تقرير المصير "اعلي سالم التامك"، ومن لَفَّ لَفَّهُ؛ وذلك في إطار جدلية البوح والاعتقال؛ وقد سَبَقَ لنا أن ناديْنا وطالبْنا بإطلاق سراحه؛ رغم الاختلاف الفكري والسياسي الحاصل بيننا وبينه، أمَّا الآن، وقد أُطْلِقَ سراحه؛ فإننا ندعو كل المكونات السياسية الصحراوية، إلى السعي نحو فتح حوار جِدِّي وصريح مع من يُسَمَّون ب"الانفصاليين"، أو ب"بوليساريو الداخل"؛ ما دامت الدولة تَتَفَاوَضُ رسميا مع الجبهة؛ فما المانع أن نفتح كفاعلين سياسيين في الصحراء حوارات، ونعقد لقاءات مع دعاة الاستقلال، ونفتح الأبواب مُشَرَّعَة؛ لكل واحد في الصحراء؛ ليبوح وينضح بما في جعبته من أفكار، ولا يُضُرُّنَا الاستماع لفكر الانفصال، ونجادل دعاة حَلِّ الاستقلال عن المغرب؛ بالتي هي أحسن؛ ما دام الحُلْمُ والأَمَلُ، هو حَلُّ النزاع؛ لإنهاء اغتراب سكان مخيمات تيندوف. كما سَيَسُرُّنَا أن نرى شباب الصحراء في الوقت الراهن يسعون لردم الهوة؛ التي خُلِقَت تاريخيا بين الصحراويين وأبناء عمومتهم بتيندوف؛ فحَلُّ النزاع رهين بإرادة الشباب، وقوة عزيمتهم؛ خصوصا إذا ما تمكنوا من فهم العجز الحاصل لدى الدولة المغربية، ولدى قيادات الجبهة في إيجاد حل للنزاع، ونأمل أن نشهد في المستقبل القريب مبادرة شجاعة من طرف شباب الصحراء، سواء في الداخل أوالخارج؛ للمطالبة بإيجاد حَلٍّ سريع للنزاع قبل أن يهرموا دون أن يعيشوا لحظة الحل؛ والتي سَتُعَدُّ تاريخية بامتياز؛ خصوصا وأن الجيل المُؤَسِّس للجبهة، ووَاضِعُو اللبنات الأولى للصراع توفي جلهم، دون أن يَتَحَقَّقَ حُلْمُ "الجمهورية الصحراوية"، كما لم تتحقق الوحدة مع المغرب؛ بل يتم تكريس الاغتراب الاجتماعي لسكان مخيمات تيندوف أكثر فأكثر؛ كلما طال عُمر النزاع.

2

شهدت الصحراء خلال امتداد سنوات النزاع، تَرَاجُعَ العديد من المدافعين عن حقوق الإنسان، وإحجام الكثير من الشباب والمثقفين عن الممارسة السياسية، وتواروا عن الأنظار في المجالين الحقوقي والسياسي؛ نظرا للخلط الحاصل لسنوات طويلة بين الدفاع عن فكر -فلسفة- حقوق الإنسان وفكر الانفصال؛ إذ ظل الدفاع عن حقوق دعاة الانفصال؛ ممن طالتهم أيادي عناصر الأمن المغربي؛ ظل هذا الأمر في حد ذاته، يَصُبُّ في مَصَبِّ الانفصال، وهو الأمر؛ الذي لايزال يؤرق مضجع الحقوقيين في الصحراء إلى حين كتابة هذه الأسطر؛ إذ عُدَّت تقارير الحقوقيين على مَرِّ سنوات النزاع آليات ووسائل للبوح بالخروقات والاختلالات التي تشهدها الصحراء؛ فكان بوحها قويا ومؤلما؛ لأنها تفتح المجال أمام مسألة لطالما تهربت منها الدولة المغربية، وهي المتعلقة بتوسيع صلاحيات "المينورسو" في الصحراء؛ لتشمل مجال حقوق الإنسان، لهذا كان ما تبوح به التقارير الحقوقية بمثابة جرم، كثيرا ما دفع الحقوقيون ثمنه غاليا؛ وكانت ضريبته الاعتقال، أو المساومة والابتزاز، أو تواري الحقوقيين عن أنظار الساحة الحقوقية؛ خوفا من مصير قد يكون أشبه بمصير "صديقنا" الانفصالي والحقوقي "ابراهيم دحان".


3

إن البوحَ بما يحدث في الصحراء، يَقتضي جُرأة كبيرة؛ خُصوصا وأن القضية ظَلَّت ردحا طويلا من الزمن حكرا على دواليب الدولة، ومخزونة في رفوفها؛ زمن يَعْرِفُه الكثيرون بالزمن"البصروي"؛ نسبة إلى وزير الداخلية الراحل "إدريس البصري"؛ فهل وَلَّى زمن السكوت عَمَّا يقع في الصحراء؟ أم إن بقايا المقاربة "البصروية" لاتزال تُلْقِي بظلالها في هذا الباب؟

في الحقيقة هناك فرق واضح بَيْن الزمن "البصروي"، والزمن الذي نحياه اليوم؛ بَيْدَ أن التَّغَيٌّرَ في عمقه لم يرتبط بطريقة تدبير ملف الصحراء من طرف الدولة المغربية؛ لكن فعل البوح ارتبط في يومنا هذا؛ بالتطور الكبير والواضح للإعلام الإلكتروني، وليس بتَغَيُّر في مقاربة الدولة للموضوع؛ فقد سَهَّل الإعلام الإلكتروني على الصحافيين والمدونين كَشْفَ عشرات الحقائق المرتبطة بالقضايا الحساسة؛ التي قُدِّر لها أن تُخَزَّنَ في خزانات الدولة المُوصَدة لسنوات عدة، وهو الأمر الذي ينطبق على الحقائق التي تُكشف في الصحراء؛ خاصة المرتبطة بالفساد، أو بخُروقات حقوق الإنسان؛ فقد تمكن عشرات المدونين، وهواة الكتابة الإلكترونية من كشف النقاب عن جملة من الخُروقات في مجالات: العقار، والإنعاش الوطني، وخُروقات جمة في مجال حقوق الإنسان...

لقد ساهم تقدم الإعلام الإلكتروني في تعزيز فعل البوح بقوة، وبجرأة كبيرة بجملة من القضايا المُتَسَتَرِ عليها في عهد مضى في الصحراء.

لقد كانت ضريبة البوح في الصحراء في أحايين كثيرة؛ هي تهمة الانفصال، وبالتالي الدخول في ظلمات وظلم الاعتقال السياسي، ومتاهات المحاكمات الصورية؛ التي تفتقد إلى مبررات واقعية، وفي هذا الإطار ندعو إلى إطلاق سراح معتقلي أحداث كلميم. كما ندعو كل الصحافيين، والمدونين، وكل من له علاقة وطيدة؛ بالقرطاس والقلم -الراقن- أن يساهم في تقوية جدلية البوح والكتابة في الصحراء؛ لفضح كل الأعيان، والنخب الفاسدة؛ التي تُصَدِّرُ ضحاياها -فاضحيها- إلى سجون الظلم؛ بِتُهَمِ الفوضى والانفصال، وهي المسرحية؛ التي لم تعد صالحة لتَمُثَّلَ في الصحراء؛ فرجاء، أوقفوا عنا هذه المسرحيات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد قضية -طفل شبرا- الصادمة بمصر.. إليكم ما نعرفه عن -الدارك


.. رئيسي: صمود الحراك الجامعي الغربي سيخلق حالة من الردع الفعال




.. بايدن يتهم الهند واليابان برهاب الأجانب.. فما ردهما؟


.. -كمبيوتر عملاق- يتنبأ بموعد انقراض البشرية: الأرض لن تكون صا




.. آلاف الفلسطينيين يغادرون أطراف رفح باتجاه مناطق في وسط غزة