الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر بعد مائة يوم .. ثورة

سعد هجرس

2011 / 5 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


هل تغيرت مصر بعد 25 يناير؟ وإذا كانت قد تغيرت .. فإلى أى مدى؟ وفى أى اتجاه .. هل للأمام أم للخلف؟!
هذه أسئلة مشروعة رغم أنه لم يمر على اندلاع الثورة سوى مائة يوم.
وفى محاولة تقديم إجابة منصفة، دون تهويل أو تهوين، فإنه يجب النظر إلى نصفى الكوب المصرى.. النصف الملئ والنصف الفارغ على حد سواء.
وبالتأكيد فإن مصر شهدت تغيرات لا ينبغى إنكارها أو تجاهلها خلال هذه الفترة القصيرة. أولها وأهمها سقوط رأس النظام القديم الذى اضطر إلى التنحى ونقل سلطاته إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
وفى ذيله سقط عدد ليس قليلاً من أقطاب نظامه، بما فى ذلك رئيس مجلس الشعب ورئيس مجلس الشورى ورئيس مجلس الوزراء ورئيس ديوان رئيس الجمهورية .. ورئيس سلخانة الداخلية المزمن حبيب العادلى.
والأهم .. أن هؤلاء لم يتم إعفائهم و"رفتهم" من المناصب التى احتلوها مدة طويلة، ظنوا أنها ستدوم إلى الأبد، بل تم إلقاء القبض عليهم والتحقيق معهم وحبسهم احتياطياً على ذمة التحقيقات بتهم متنوعة تبدأ بفساد الذمة واستغلال الوظيفة العمومية للتربح الشخصى وإهدار المال العام ونهب موارد البلاد وتنتهى بالفساد السياسى وقتل المئات من فلذات أكبادنا.
وليس هذا بالشئ الهين، بل إن مجرد التفكير فى عشر معشار هذه "التحولات" كان يعتبر ضرباً من الخيال .. أو الجنون.
وبعد حدوث ما كان يعتبر من رابع المستحيلات توقع الناس أن يكون هذا الشرخ الذى أصاب جدار تحالف الاستبداد والفساد، مجرد بداية لهدم الجدار العتيد بأسره وإرساء دعائم نظام جديد، وتشييد الدولة المدنية الديموقراطية الحديثة التى ناضلت من أجلها أجيال متعاقبة من المصريين.
لكن خطوات التخلص من رموز النظام القديم وسياساته، اتسمت بالبطء والتردد. وعندما يتم اتخاذ قرار – بعد طول تردد – يكون ذلك باستخدام نفس أساليب النظام القديم، وربما أيضاً بنفس "أشخاص" النظام السابق، كما حدث – مثلا – مع تغييرات المحافظين.
وهذا يعنى أن رأس النظام قد سقط.. لكن النظام القديم مازال حياً "يرزق".
وهذا يشكل خطراً على الثورة التى لم تكتمل بعد بطبيعة الحال، ويضع عراقيل كثيرة فى سبيل استكمال أهدافها.
يضاف إلى ذلك بطئا موازياً لا يقل خطورة فى مجالات تكتسب أهمية استثنائية تتعلق ببناء نظام جديد.
وأبرز الأمثلة على ذلك هذا الاستمرار الغريب والعجيب للفراغ الأمنى والبطء الشديد فى استعادة الشرطة لزمام الأمن فى البلاد، رغم أن هذا الأمن المفقود هو الشرط المسبق لكل التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المنشودة.
فلا أمل فى إعادة الروح إلى السياحة، ناهيك عن حلم مضاعفة أعداد السياح، دون إستعادة الأمن.
ولا أمل فى إعادة دوران عجلة الاقتصاد والانتاج، دون إحكام سيطرة الأمن، علماً بأنه يوجد فى مصر الآن أكثر من 2500 مصنع مغلقة بالضبة والمفتاح، بكل ما يترتب على ذلك من إغلاق بيوت آلاف مؤلفة من العمال والموظفين، وتدهور للصادرات، وتراجع للإنتاج.. وخلافه.
بل إن هناك مصانع أغلقت أبوابها بعد ثورة 25 يناير.. مثلما حدث بالنسبة لمئات مصانع الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى، نتيجة لعدم حل مشكلة أسعار الغزول، والنظر إلى مشاكل هذه الصناعة بطريقة تقليدية عقيمة وكأن البلاد ليس فيها ثورة!
إن كان هذا لا ينفى جهود يتم بذلها من جهات عديدة منها ملامح الخطة الاستراتيجية (2011 – 2012) لما بعد ثورة 25 يناير التى وضعها الدكتور سمير الصياد وزير الصناعة والتجارة الخارجية فى ظروف بالغة الصعوبة).
ناهيك عن أن الانفلات الأمنى يروع قطاعاً عريضاً من المصريين من جراء انتشار البلطجة، وارتفاع معدل الجريمة، ويكفى أن نشير إلى أن متوسط من يقتلون على يد قطاع الطرق والمجرمين والعصابات يبلغ أربعين مصرياً فى اليوم الواحد .. وهذا معدل بالغ الخطورة .
علماً بان البلطجة لم تعد حكراً على التشكيلات العصابية، بل أصبحت "منهجاً" فى الكثير من المرافق والهيئات العامة والخاصة، وفى بعض المطالب الفئوية غير العادلة.
ثم إن البلطجة وصلت إلى الساحة السياسية فرأينا فصائل ترفع لافتات دينية تحاول فرض أفكارها على خلق الله بالقوة والاكراه والترويع.
والأمثلة على ذلك أصبحت أكثر من أن تعد أو تحصى، بدءاً من واقعة قطع الأذن إلى هدم الأضرحة.
لكن الطامة الكبرى أن نفس هذا "المنهج" انتقل من تلك الفصائل إلى هيئات يفترض أنها ممثلة لـ "الدولة" وحامية لها.
فرأينا مثلا أن الحكومة لجأت إلى رموز من تلك الفصائل المتطرفة ذاتها لـ "التصالح" بدلاً من تقديم المجرمين إلى العدالة وإخضاعهم لسيادة القانون.
ورأينا أن هيئات تابعة للحكومة ذاتها تتخذ قرارات لا تقل تطرفاً وسخافة، مثل قيام هيئة رقابية تابعة لوزارة الاعلام (رغم الغاء هذه الوزارة) بمصادرة الكتب، ورأينا رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، د. سامى الشريف، يصدر قراراً شفهياً لرؤساء قطاعى التليفزيون والمتخصصة بمراقبة المواد الفيلمية السينمائية، سواء القديمة أو الحديثة التى تعرض على شاشات التليفزيون مشدداً على ضرورة حذف كل المشاهد "الحميمة" والقبلات والأحضان من جميع الأفلام.
أى أن جهات تابعة للحكومة هى التى تكرس التطرف والتزمت.
وكانت نتيجة هذا المناخ الملتبس، الذى يفتقر إلى وضوح الرؤية ويفتقر إلى الإيمان بروح الثورة وهدفها الاسمى بناء دولة مدنية حديثة، يفرز لنا تلك الظاهرة الكريهة المسماة بظاهرة "كاميليا".
هذا كله التفاف حول الثورة، ومحاولة لاجهاضها.. واغتيالها.
وليس لهذا من معنى سوى خيانة دماء الشهدا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الخطة هي تسليم البلد للإخوان والسلفيين
محمد زكريا توفيق ( 2011 / 5 / 4 - 18:13 )
أستاذ سعد
يحزنني أن أقول كل ما جاء في مقالك صحيح كل الصحة. المراقب لما يحدث في مصر بعد الثورة المجيدة يتعجب لما يحدث. بداية من تكليف المستشار طارق البشري برئاسة لجنة تعديل بنود الدستور إلى التسامح مع جرائم فلول السلفيين في حق الوطن والوحدة الوطنية. مرورا بالبطء الشديد في معاقبة المسؤولين عن الفساد والإفساد. النتيجة التي لا مفر منها أن المجلس العسكري له ميول إسلامية ويعمل جاهدا لتسليم البلد إلى نظام يسيطر عليه الإخوان والسلفييين.ء


2 - الغاز
داليا محمد عبدالحميد ( 2011 / 5 / 5 - 18:25 )
نحن في الغاز ياسيدي الموقف واضح للجميع الاالحكومة والمجلس العسكري الفوضي مستمرة في كل شئ وليس لها سبب غير انه الواقع الاليم للمصلحة الشخصية وحفاظ علي الكرسي اكثر وقت ممكن


3 - هو الواقع
ابراهيم جنكير ( 2011 / 5 / 6 - 01:17 )
لقد أثبتت المجلس العسكري و بما لا يقبل الشك فشله الشنيع بإدارة الدولة بعد مبارك وقد تساهل بل شجع كل ما هو متخلف ومضاد للثورة على الإستمرار وهاي هي الحركات الإسلامية بمختلف توجهاتها قد سيطرت على الشارع المصري وعلى العقل المصري والأيام القادمة حبلى بما لا تحمد عقباه .


4 - من سيىء الى اسوأ
سعبد السندي ( 2011 / 5 / 6 - 10:03 )

مسكين الشعب المصري ماحدث بعدة التغير اصبح شاغراً مع افكار بعض الاحزاب و الشيوخ المتخضرمين بتجارة الدين وبسرعة البرق استمكنوا على منجزاة الثورة وجعل الشعب يحول الى عبيد كاملين يخدمون افكارهم الخاضعة لحكومات غير فعالة ووحشية وفاسدة خارج مصرواعادوا الشعب الى الياس وعدم الثقة بالنفس وعديم الفائدة وعدم احترام الذات ليتجاهل المواطن المصري ما هوه مفيد وما هوه غير مفيد لذلك حتى لم يستطع ان يمارس حريته الكاملة التي ضحى بحياته من اجلها


5 - السيد الكاتب والساده المتداخلين المحترمينتحيه
عبد الرضا حمد جاسم ( 2011 / 5 / 6 - 19:13 )
تحيه وتقدير
هذا ما كان مقرر للثوره

اخر الافلام

.. المجلس الحربي الإسرائيلي يوافق على الاستمرار نحو عملية رفح


.. هل سيقبل نتنياهو وقف إطلاق النار




.. مكتب نتنياهو: مجلس الحرب قرر بالإجماع استمرار عملية رفح بهدف


.. حماس توافق على الاتفاق.. المقترح يتضمن وقفا لإطلاق النار خلا




.. خليل الحية: الوسطاء قالوا إن الرئيس الأمريكي يلتزم التزاما و