الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكمة الدم

لؤي عجيب

2011 / 5 / 4
حقوق الانسان


إن قمة الضعف هي الرحمة .. في عرف الكولوسيوم ... فعندما تحتشد الجماهير وتعلوا أصواتهم في فضاء الكولوسيوم .... تكون إراقة الدماء هي الهدف المنشود ولا شيء آخر... وما قد يصيبهم بالخيبة الكبرى ... هوأن يكون الطرف الأقوى يحمل مبدأ ... "العفو عند المقدرة من شيم الكرام" ... أو أن يحمل رسالة إنسانية بين ضربات سيفه القوية ... يستنكر فيها إراقة الدماء للتسلية ... لكن .. وقع النتيجة واحد لهؤلاء الجموع الذين دفعوا نقودهم وتجمهروا .. ليتلذذوا بالتمثيلية الحقيقية لإراقة الدماء .... ألا وهي استهجانهم للرحمة التي أظهرها البطل في حقنه لدماء انسان هوى أرضاً.. ولن تكتمل الصوره الأسطورية للبطولة عندهم إلا بالنهاية الدموية العنيفة ...
وفي مشهد آخر ... في السوق ... المدينة أو ربما أثناء الخدمه .. ترى نفس الأشخاص الذيم هتفوا للدم يطلبون العفو .. المسامحة والغفران .... ويتذللون لينالوا الصفح من أرباب عملهم عن أخطائهم التي اُرتكبت ... خائفين مذعورين من فكرة ضربات السوط التي سوف تدمي أجسادهم ...
ربما .... هذه الإزدواجية بالتصرف .. قد دفعت طرفاً ثالثاً للتفكير بالآخر المحكوم بالموت ... أن لا يكون موته مثار تسلية ... أو شماتة من الآخرين .... أو حتى ثأر .... واستنكارهم لتذلل الجموع لأربابهم.. لنيل الصفح عن خطأ ما... في حين أنهم يحاولون بشتى الطرق الوصول الى عقولهم للحوار معها ... وانقاذها من واقع التناقض المسيطر في حياتهم ....
و ربما لو سألت الآلاف في الطريق الآن .. ما رأيك بالثأر ...؟؟؟ لكان جوابهم شبه واحد ... أنه فكرجامد متخلف ضاع وسط رمال الصحراء حين سارت المدنية إلينا .... جواب جميل ... يناسب تطور الإنسانية من الفكر الصحرواي والفكر العسكري الذكوري الروماني ... إلى القرن الواحد والعشرين ...
لو كان السؤال الآخر للجموع التي تجمهرت في ساحة التحرير.... لماذا أنتم هنا ..؟؟؟
الجواب حسب ما تردد عنهم في الفضائيات... نريد اسقاط النظام ... نريد التغيير ... نريد الحرية والديموقراطية....
وفي سؤال آخر ... والآن ماذا تريدون بعد سقوط النظام .. وتحقق مطالبكم ... ؟؟؟؟ لماذا هذا التجمهر ..؟؟؟
نريد محاكمة حسني مبارك ... نريد أن نرى نهايته ... الإعدام ....
أرى الكثير من التوافق بين هذا المطلب وبين قضية الثأر ... أو التشفي " الشماته " .. ونفس مطلب الجمهور الذي نادى البطل الخرافي في الكولوسيوم ليقتل المهزوم في معركته ... ليريق الدماء حتى يكتمل يومه بالإنجاز ... والسعادة المنشودة بالتشفي ....
هل ستصاب تلك الجموع بالخيبة نفسها تلك التي أحسها جمهور الكولوسيوم لو نطق القضاء بأن " العفو عند المقدرة من شيم الكرام وهذه شيمنا نحن العرب ... لنخلي سبيل رئيس مصر السابق الذي تخلى عن منصبه وليذهب إلى شرم الشيخ يقضي بقية أيامه بسلام يراقب من بُعد مصر من بعده ..." وهل سوف يتجمهرون ثانية مطالبين بمحاكمة القضاء الذي عفى عن رئيسهم السابق ... ويعتصموا مجدداً في ساحة التحرير .... لينادوا بالثأر المبطن من هذا القضاء الذي استملكته الرحمه في هذا الرجل المسن الضعيف...
في حين قد أصبح التجمهر يأخذ حيزاً أوسع بالمعنى السياسي وأضيق بالمعنى الإنساني ألا وهو البعد الطائفي المقيت حيث أنه حدث وتجمهر الكثيرون في محافظة قنا يعربون عن استنكارهم أن يتولى شؤون المحافظة.. محافظ قبطي ثاني ... ومن هذا المنطلق آمل وبشدة أن يكون الطرف الثالث الذي بالتأكيد قد أصيب بخيبة الأمل الكبيرة لتدهور حال الجماهير ونزولهم لهذا المستوى اللا عقلاني .. آمل أن تكون أصواتهم مسموعه وأن تكون أعدادهم مقنعه لأولائك الذين يستمعون للناس بالعدد وبالكم ... لا بالنوعيه والحالة الفكرية ... لأن الديموقراطية تقاس بالكمية الموافقة ولا تعني بالنوعية المعارضة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفقر والإهمال يحرم أبناء النازحين بكردستان العراق من الدراس


.. نتنياهو وبوتين والسعودية..كيف استفادوا من قرار المحكمة الجنا




.. مندوب فلسطين الدائم بالأمم المتحدة: نتوقع مفاجآت من دول مثل


.. مطالبة مدعي -الجنائية الدولية- باعتقال نتنياهو يثير غضب حلفا




.. علاقتهما بالدول المختلفة وارتباطهما بالأمم المتحدة,ما الفرق