الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلام الراديكالى هل سيحصد ثمارالثورات العربية ؟

عماد مسعد محمد السبع

2011 / 5 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


هل يستطيع الإسلام السياسى الراديكالى أن يجنى ثمارالثورات المتصاعدة بالشرق الأوسط ؟ وهل يمكن أن تملأ القاعدة الفراغ الذى ستتركه أنظمة القمع والإستبداد فى واقعنا العربى ؟.

تبدومعطيات المشهد الثورى بعيدة عن وجهة الإسلام المتشدد , فالثورة تتم عبرعمليات تعبئة شعبية قاعدية وتختلف عن أستراتيجيات " التغييرمن أعلى وقمة السلطة " التى تتبناها السلفية الجهادية وتروج لهاعلى خلفية رؤيتها لعملية التطورالسياسى والتاريخى .

كما كان نداء" الحل الإسلامى " غائبآ عن شعارات الجماهيرالمنتفضة التى طالبت بالحرية والديموقراطية والعدالة الإجتماعية , وسعت للتغيير بوسائل سلمية وبوعى يتناقض مع المنهجية الفكرية والحركية الجهادية .

ولذلك يتقدم الآن رأى بأن مرحلة التغييرالديموقراطى والجماهيرى العربى الحالى وضعت القاعدة بجانب الطريق كى تشاهد حركة التاريخ وهو يتجاوزأطروحاتها وأهدافها والثمن الباهظ الذى دفعته من أجل تحقيقها. ومن وجهة نظر هذا الرأى فأن خروج الإسلام الراديكالى من معادلة الثورة العربية يعد نتاجآ لحالة التراجع التى أصابت تنظيم القاعدة وشبكاته وخلاياه على مدار السنوات الماضية .

فهناك شبه تضامن على المستوى الكونى والأقليمى والوطنى سياسيآ وأمنيآ ومخابراتيآ بهدف ملاحقة عناصرالتنظيم ومواجهة العمليات الأرهابية التى تنسب اليه , وهوما تسبب فى ضعف التنظيم سواء بالمركز فى جنوب آسيا أو على مستوى فروعه الأقليمية .

فضلآعن أن أغتيال أيقونته ورأسماله الرمزى ( أسامة أبن لادن ) فى باكستان سيكون له أثره السلبى على التنظيم وعلى علاقته بفروعه - بحكم بكاريزماالرجل وأرتباط قمة الهرم التنظيمى بأسمه وبأمكانياته المالية .

واللافت أن الفروع الأقليمية كانت هى الآخرى فى حالة تراجع وأنكشاف أمنى مثير خلال الفترة الأخيرة ,حيث قتل صالح على صالح نبهان ( قائد تنظيم شباب المجاهدين بالصومال , ونور الدين محمد توب ( قائد التنظيم فى جنوب شرق آسيا ) , ومصطفى أبو اليزيد ( الرجل الثالث بالتنظيم ) ,والياس كشميرى ( القيادى الباكستانى ) ,وعايض صالح ( القيادى اليمنى ) .

وعلى مستوى الجاذبية الأيديولوجية فقد خطاب الإسلام الجهادى جانبآ عريضآ من ألقه ووهجه على خلفية العصف الأعلامى الذى لخص شرورالعالم بشخص ( أبن لادن والقاعدة ) , ونتاجآ للتجريح والتشكيك فى الأركان الشرعية والفقهية المؤسسة للعنف و التى رددتها مبادرات وقف العنف ومراجعات فقه الجهاد من جانب القادة التاريخيين للتنظيم .

ثمة حذرواجب أزاء نفى موقع القاعدة فى مستقبل المشهد السياسى , أوالإندفاع لتأييد فكرة أن الإسلام الجهادى لن تكون له حظوظ الإنتشاروالتمدد خلال مرحلة الثورة العربية وما بعدها – وفى ضوء ملاحظات ثلاث تتلخص فى الآتى :

1- أن سقوط الأنظمة الحاكمة فى واقعنا العربى كان أحد أهم أهداف الإسلام الجهادى والقاعدة . فقد طرحت روافد هذا التيارمنذ نشاتها قضية السلطة السياسية وكيفية الإستيلاء عليها بالقوة وتحريرها من ( الطواغيت ) والتمكين لحاكمية الله . ومن خلال طائفة مؤمنة / ناجية ستنهض لإستعادة الإسلام ومحاربة دولة الكفرومجتمع الجاهلية . ومن هنا نشطت تلك الحركة فى سياقها الداخلى وأستطاعت القيام بالعديد من العمليات كان أبرزها أغتيال ( أنور السادات ) فى العام 1981 . ثم أنتقلت من مرحلة الجهاد ضد أنظمة الحكم المحلية إلى الجهاد العالمى فى مرحلة التأسيس الثانى على يد " أبن لادن وتجميع الأفغان العرب " . حيث أعلن الجهاد فى العام 1996 لمواجهة فسطاط الكفروالصليبين ممثلآ فى أمريكا وأسرائيل . والثابت أن هذا الهدف لم يشكل حيادآ عن الإستراتيجية المركزية للتياروهى :" تحرير أرض العرب وجزيرتها من حكومات الكفروالجاهلية ". ولذلك فأن ما يحدث الآن من تهاوى وسقوط لبعض الأنظمة العربية الحاكمة يشكل خطوة على طريق أهداف الجهاد والقاعدة . وهوأنتصارتحقق دون أن يهدر ويستهلك هذا التيار قوة بشرية أومالية . وأذا كان " كامى " قد قال ذات مرة : بأن الغاية تبررالوسيلة حال أرتفاع الوزن النسبى للغاية فأن غاية " تدميرالأنظمة الطاغوتية " – يشكل ثقلآمتزايدآ للتيار حتى ولوتحققت " بأسلوب ثورى وجماهيرى " لا مكان فيه لمفردات الجاهلية والهجرة والجهاد .

2- أن البيئة السياسية والإجتماعية العربية تبدو مهيأة لحركة وأنتشار التيارات الدينية - على تنوع روافدها ومرجعياتها ومسمياتها – وللعب دور كبير فى حياة السياسية والمجتمع العربى . فجماعات الإسلام السياسى تمتلك البنى الأساسية التنظيمية والبشرية والمالية التى تجعها قادرة على الحلول محل أنظمة القمع و الإستبداد . كما أن السعودية وبلدان الخليج ستكون جاهزة لدعم الحضور الدينى الأصولى من أجل مقاومة التيارات المدنية الليبرالية أو اليسارية . ومن هنا فأن كثيرآ من الحواجزوالتباينات ستسقط عند نهاية الطريق و تحت راية : " الإسلام هو الحل " . وعلى سبيل المثال : فقد تكشفت تجربة الإستفتاء على التعديلات الدستورية فى مصر – وهى أول ممارسة فعلية بعد نجاح ثورة 25 يناير – عن وجود جبهة " غير معلنة " بين ( الإخوان والسلفيين والجهاديين ) نشطت فى عملية التعبئة ولأجل التصويت لصالح اجراء هذه التعديلات وعلى نقيض ما كانت تصبو له القوى الوطنية التقدمية المصرية . فالعبور من الضفة السلفية الطحاوية إلى الجانب الإخوانى مرورآ بالجمعيات الدينية الأهلية والصوفية لا يمثل صعوبة كبيرة .
فضلآ عن تأثيرات التحول من واقع التدين المؤسسى داخل ( التنظيم – الجماعة ) إلى فضاء دعادة التلفزيون والإنترنت ونشاط االتدين الفردى أوالجماعات الحلقية المحدودة القائمةعلى أواصر العائلة أو الصداقة . وحيث يجرى التماهى بين كثير من الفضاءات الدينية الفردية ومن خلال تنوع مصادر الرأسمال الإيديولوجى والعقدى الإسلامى التى لم تعد محصورة فى شخص أميرومرشد الجماعة والتنظيم . فضلآ عن أن مبادرات وقف العنف ومراجعات الجماعة الإسلامية كان لها تأثيرعلى خريطة الحالة الدينية حيث وفرت فرصة لدمج وتواصل هذا التيار السلفى الجهادى مع المجتمع العام , وضمن ما بات يسمى بالتيارالوسطية الدينية .
ومن هنا فأن حصاد ما ستجنيه تيارالإسلام السياسى سيصب فى خانة دعم فصائل العمل الحركى الإسلامى بما فيه الجهادى السلفى , وسيوفرالمناخ الديموقراطى وحرية التعبيروالتجمع فى ظل النظام الجديد فرصآ مضافة للتمدد والإنشار .

3- أن أسباب " العنف ذوالوجه الدينى " مازالت قائمة فى بنية المجتمعات العربية . فجماعات الجهاد والتكفير والهجرة والقاعدة نشأت بمدد من أزمات ومشكلات أجتماعية وأقتصادية مهدت التربة المواتية لصعود ظاهرة العنف والعمليات الإرهابية . كما كانت هناك عوامل سياسية ساندة لذلك كالنكبات الوطنية وأنهيار المشروع الناصرى ثم غياب العدالة الدولية والإنحيازلإسرائيل فى أطار قضية فلسطين . ومما لا شك فيه أن القاسم الأعظم من هذه المعطيات مازال يطل برأسه على حاضرة الواقع الإجتماعى والسياسى العربى . فالتفاوت الإجتماعى والطبقى يستطيع أن يدفع بعشرات من شباب الفقراء والمهمشين لدائرة الفعل الجهادى القاعدى . كما أن بطء عملية التطور السياسى والحقوقى وعدم الإستجابة السريعة لطموح الجماهير سيغرى من جديد بالعنف وأستخدام القوة . فضلآ عن أن تقاعد أسرائيل وأمريكاعن أنجاز تقدم حقيقى فى عملية التسوية السلمية سيؤدى لإرتفاع أسهم الجهاد ضد اليهود فى فلسطين . كما أن " العولمة الراسمالية " وبما تفرزه من عنف رافد لتشظى المجتمعات والموحدات الكلية والأبنية الشمولية وضياع السرديات والحكايات الكبرى – بحسب تعبير ليوتار – تفتح الطريق لتنامى ألم " المسلم " المرتبط بغيابه تاريخيآ عن التقدم والمدنية والحداثة ومابعدهم .

ولذلك , عند نقاش دور القاعدة - فى مرحلة الثورة العربية وما بعد رحيل " أبن لادن " - يجب علينا الآ نغفل جملة التحفظات السابقة والمتعلقة بجدل بتحولات الحالة الدينية , وأهداف التيار الجهادى ومدى ترجمتها على أرض الواقع , ومولدات العنف المتصاعد من البيئتين السياسية والفكرية المحلية والعالمية .

أخطرما فى المشهد أن تكون تلك لثورات مجرد قشرة رقيقة فوق جلد سميك التدين , وعندما تزول القشرة سنجد هناك من يحتفى ويكرم ويشيد " بالجلد الخشن " , وبرموزالقاعدة والإسلام الراديكالى وباعتبارهم مجاهدين ضحوا كثيرآ , وكانوا فى طلعية النضال ضد أنظمة القمع والإستبداد العربى !! ..
عماد مسعد محمد السبع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سباق بين مفاوضات الهدنة ومعركة رفح| #غرفة_الأخبار


.. حرب غزة.. مفاوضات الهدنة بين إسرائيل وحماس| #غرفة_الأخبار




.. قراءة عسكرية.. معارك ضارية في شمال القطاع ووسطه


.. جماعة أنصار الله تبث مشاهد توثق لحظة استهداف طائرة مسيرة للس




.. أمريكا.. الشرطة تنزع حجاب فتاة مناصرة لفلسطين بعد اعتقالها