الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيئة بن لادن

ساطع راجي

2011 / 5 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


قتل أسامة بن لادن، وأثار الرجل بموته اهتماما وأسئلة وشكوكا وقلقا وارتياحا ومزيجا من التناقضات، والرجل عاش حياة مثيرة للاهتمام وحصل على ميتة مثيرة للاهتمام، وبعيدا عن كل انواع المشاعر يمكن القول، ان اسامة بن لادن ترك بصمته على العالم وعلى العلاقات الدولية تحديدا كما لم يتركها رجل بمفرده منذ عقدين على الاقل، وأثبت الشرق الاوسط مرة اخرى انه مازال قادرا على انتاج شخصيات ملغزة وغرائبية تقف علوم الانسان حائرة تجاهها، شخصيات استدرجت الاخرين مهما كان بعدهم عن المنطقة للدخول في تفاصيل طائفية وقبلية دقيقة.
مات بن لادن لكن الماكنة التي انتجته مازالت قائمة وتعمل بل هي ماكنة قادرة ايضا على تغيير جلد منتجاتها ودفعهم في دوامة التغييرات السياسية العاصفة التي تعيشها المنطقة، واذا كانت مواقف واراء العواصم الكبرى من قتل بن لادن هي التي جذبت الاهتمام رغم انها متوقعة وطبيعية، فإن مواقف أخرى اهملت هي الاكثر خطورة وهي اراء ومواقف الجماعات المنسوجة على منوال القاعدة او تشترك مع القاعدة في جذور التفكير وفي اساليب العمل وحتى في مكياج العروض الارهابية وديكوراتها وهذه الاراء والمواقف هي الاهم لأنها تؤكد استمرار عمل البيئة التي انتجت بن لادن، وهي بيئة لها اذرع ومؤسسات رسمية معترف بها حتى في دول تعلن مشاركتها في الحرب على الارهاب.
بن لادن ومن معه لم يظهروا من المجهول، انهم نتاج مؤسسات وظروف وعلاقات دولية وثقافة ومنافع سياسية وسمسرة مخابرات وتداخل مصالح، وكل هذه مازالت تعمل وتكشف يوميا عن مزيد من القدرة على تحقيق الارباح، وهو امر يكشفه من وقت لآخر تراشق الاتهامات بين شركاء الحرب على الارهاب، وقد تبين في العراق وفي اماكن اخرى ايضا ان العامل الاساسي في قوة الارهاب هو غض النظر عنه وعن افكاره وافراده من قبل الحكومات خاصة عندما تريد توجيهه للاضرار بجيران لها او لمنافسين محليين للقوى الحاكمة.
من المعروف ان تنظيم القاعدة الذي أسسه وقاده اسامة بن لادن هو تنظيم هلامي وهناك تسميات لفروع هي في الحقيقة لا ترتبط بالقاعدة الام الا بالاسم والاسلوب دون اي تواصل تنظيمي فقد صارت القاعدة ماركة رابحة قابلة للتقليد والاستنساخ واصحاب الماركة الاصليون يرحبون دائما بكل من يقلدهم، وهؤلاء المقلدون يبالغون في التقليد فيأتون بأعمال تتجاوز سقف التنظيم الام في البشاعة والاجرام.
لقد بينت جماعات وتنظيمات في منطقتنا انها لا تجد غضاضة في اعمال اسامة بن لادن ولا ترى مبررا لقتله او ملاحقته بل انها تقدم الاعذار والتبريرات لاعماله، وهذه التنظيمات هي جزء اصيل من البيئة التي انتجت بن لادن وربما ستعيد تسويقه ليتحول الى مثل يحتذى من قبل شبان مغرر بهم يريدون صعود سلالم الشهرة في الدنيا وسلالم الجنة في الآخرة.
مقتل بن لادن سيضعف القاعدة الا انه لن ينهيها قريبا وهو بالتأكيد لن ينهي الارهاب بل ان كل الدول اجمعت على ان القاعدة ستنفذ ضربات انتقامية والقاعدة وحواشيها ومقلدوها سينتظرون حتى تمل وتتعب الاجهزة الامنية في مختلف الدول من حالة الاستنفار التي اعلنت مع اعلان مقتل بن لادن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المكسيك: 100 مليون ناخب يختارون أول رئيسة في تاريخ البلاد


.. فاجأت العروس ونقر أحدها ضيفًا.. طيور بطريق تقتحم حفل زفاف أم




.. إليكم ما نعلمه عن ردود حماس وإسرائيل على الاتفاق المطروح لوق


.. عقبات قد تعترض مسار المقترح الذي أعلن عنه بايدن لوقف الحرب ف




.. حملات الدفاع عن ترامب تتزايد بعد إدانته في قضية شراء الصمت