الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كان زواجا باطلا في عقد قران لم يحضره الفقراء

ئارام باله ته ي

2011 / 5 / 4
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


كان زواجاً باطلاً
في عقد قران لم يحضره الفقراء
ليست الديمقراطية أن تفتح صناديق الأقتراع أمام طوابير المصوتين ليدلوا برأيهم وحسب . لكن الديمقراطية تعني أن يحكم الشعب نفسه ويتحكم في ثروته ويملك قراره وحقه في تقرير مصيره السياسي والأقتصادي بصورة يضمن من خلالها العدالة الأجتماعية ، والا فلا معنى لأن ندعي بزوال عهود العبودية و ولادة الأنسان الحر . فذلك كله مزيف ومقنع بأقنعة أخرى توهم بسطاء الناس ليستفيد أسيادهم من جديد بطريقة مختلفة . اننا لم نبرح عهد العبودية بالنوع وانما بالدرجة ليس إلا .
يشم مما سبق رائحة اشتراكية . لكن لا بأس ، فلن أخوض جدلاً عقائدياً بين الرأسمالية والأشتراكية حيث ذلك لا يهمني بقدر ما أود القاء الضوء على جانب من تجربتنا في أقليم كوردستان . لماذا وصل الأمر الى ماهو عليه ؟ لماذا هذا الأستياء الشعبي العارم من الواقع المعاش بغض النظر عن الاصطفافات الحزبية و الترويج الأعلامي الدوغمائي ؟ .
في غفلة عن عامة الشعب أقيمت حفلة في ليل دامس على أضواء بعض الشموع ، لم نفهم مغزى ذلك . كان حدثا غريبا بالنسبة لنا . حتى علمنا في الصباح أن تلك كانت حفلة زواج بين (السلطة) (ورأس المال) تمت بغياب الشعب وخاصة الفقراء لأنهم لايفهمون هذه الطقوس ولا يجوز عليهم أن يستسيغوها .
و على كل حال انتظر الشعب مولودا بعد ليلة الدخلة ، ولم يكن مستغربا أن يتم الحمل في أسرع وقت لرغبة العريسين واستمتاعهما ببعضهما الاخر في ليال رومانسية حمراء على أنغام اهات الشعب . وأخيرا تمخض الحمل عن وليد متوحش مصاص لدماء الفقراء ينهش الثروات والممتلكات العامة حتى سمي بالنهاية طفلنا المدلل بالسيد (فساد) .
ومرت الأيام و السنين وهذا (الفساد) يستشري في جسد مؤسسات الأقليم حتى أصبح جل الساسة تجارا محترفين وجل التجار ساسة ماهرين أو ذو نفوذ عند السلطة ، فهما في سرير واحد ولاضير من المحاباة فيما بينهم !! . و بالنتيجة اختلط المال العام بالمال الخاص و تبت يدا من يعترض !! .
ان هذا التحول المفاجئ الذي نجم عن تزاوج السلطة برأس المال ، أدى الى تغير قواعد اللعبة في الأقليم . المشكلة في قواعد اللعبة الجديدة أنه لا يجيدها الا لاعبان اثنان وظلت بقية الشعب من المتفرجين . طالب الكثيرون ممن ضحوا أيام الثورة من البيشمركة بتخصيص ما يسد رمق أطفالهم دون أن يستجيب لهم أحد . وتساءل بعض أصحاب الكفاءات و المهنيين عن دورلهم في ادارة السلطة ، الا أن الأمر كان محسوما لهؤلاء القابضين على مفاصل الحياة السياسية الأقتصادية وبعض معارفهم استنادا لعقلية العشيرة .
استغل (رأس المال) (السياسة) فازدادت ارباحه بعد التسهيلات التي حصل عليها سواء بالقانون أو فوقه أو بالتحايل على القانون ، وأستفادت (السياسة) في الوقت نفسه من (رأس المال ) ووزعه وفق مصالح ضيقة دون مراعاة العدالة الأجتماعية حتى أصبحنا أمام عمليات شراء ذمم فاضحة في المجتمع الكوردستاني .
ان هذا الظلم الاجتماعي المفرط في قسوته أدى الى تذمر فئات وشرائح عريضة من الشارع الكوردستاني تجاه ما يحصل ، بعد أن تحول المجتمع الى طبقي بأمتياز ، طبقة الأغنياء والسلطة وطبقة مهمشة . ان الصداقات والمصاهرات والتعامل اليومي أيضا أصبح يجري وفق هذا المنطق ، مما أدى الى خلق حالة من الكره والبغض في المجتمع ، لطالما حذرت منها في مقالاتي لما لها من تأثير كارثي على وحدة الصف الكوردستاني في مواجهة الخارج . ان هذا يؤثر حتما على شعور المواطن بالأنتماء ، الأمر الذي نتج عنه حالة من الأغتراب داخل الوطن .
حاولت أحزاب المعارضة ركوب هذا الموج وكسبوا بعض النقاط في البداية الا أن سذاجتهم دفعت بهم الى رفع سقف المطالب الى درجة جعل الصراع سياسيا بحتا بين أطراف سياسية ، في الوقت الذي أعتقد فيه أن هذا الصراع هو طبقي بكامل ملامحه ، فخسروا نتيجة ذلك رهانهم ، وتم تغيب صوت الشعب الفقير المهمش بين غزوات الطرفين الأعلامية الهائجة . فبقدر ما أستغلت السلطة الشعب ، استغلت المعارضة كذلك فقراء الناس ومعدميهم لبلوغ مطامح سياسية وتصفية حسابات شخصية دون أن يأخذ طرف بمصلحة المواطن فوق مصلحته . كلهم ينظرون الى السلطة كأنها غنيمة . ولازالت المعاناة مستمرة ، فمن يعتق بسطاء الناس من نير عبودية القرن ال 21 ؟ .
لطالما أتذكر عبارة مؤلمة قرأتها قبل سنوات في كتاب ماركسي فحواها ( لم يكن الأغنياء أكثر عددا من الفقراء في أي زمن ، ومع ذلك فقد حكموا العالم على الدوام ) . لتكن مقالتي هذه على تواضعها هدية الى كل عمال كوردستان في ذكرى عيدهم ، و الى كل طفل يعاني جراء ذلك الزواج المسخ الذي تم بين (السلطة) و (رأس المال) ، الى كل عاطل عن العمل ، الى كل أفراد البيشمركة الذين يعجزون عن دفع بدلات الأيجار ، الى كل أم شهيد تصارع قساوة الحياة . والى كل من بأمكانه محاسبة مصاصي الدماء .

ئارام باله ته ي
ماجستير في القانون
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شىء غريب
ناديه احمد ( 2011 / 5 / 5 - 06:54 )
لقد كنت أظنك تتحدث عن مصر ـ فى الفتره الماضيه ـ ولم اشعر للحظه انك تتكلم عن كردستان , يبدو أننا كنا جميعا فى الهم سواء ,


2 - قلت الحق
شاهو بيبون ( 2011 / 5 / 5 - 08:14 )
اخي بالته يي ، ياابن القرية الباسلة والمضحية للحركة الكوردية ، والله انكم قلتم الحق ولا شيء غير الحق ، لذا نشكركم على هذه الصراحة والحقيقة ودمتم للقلم الكوردي الصريح والنظيف


3 - مبدع في قول الحق
شاجوان علي ( 2011 / 5 / 7 - 11:47 )
تعودنا استاذ ارام على ابداعاتك في كل مقال فدوما كنت طبيبا لتداوي المجروحين بقلمك المنير......حيث ان ما يخطه بعض السياسييين بقطرة من الحبر وبجرة قلم لتحقيق هدف في غير مصلحة الشعب يحتاج ازالته الى بحر من الدماء في حين ان الشعب يتفائل بنسيان افرازات الماضي من السنوات العجاف والامها وينتظرون صحوة الضمير

اخر الافلام

.. بوتين يتعهد بمواصلة العمل على عالم متعدد الأقطاب.. فما واقعي


.. ترامب قد يواجه عقوبة السجن بسبب انتهاكات قضائية | #أميركا_ال




.. استطلاع للرأي يكشف أن معظم الطلاب لا يكترثون للاحتجاجات على 


.. قبول حماس بصفقة التبادل يحرج نتنياهو أمام الإسرائيليين والمج




.. البيت الأبيض يبدي تفاؤلا بشأن إمكانية تضييق الفجوات بين حماس