الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على هامش كارثة (٧): أثمن ما نملك

عبير ياسين

2011 / 5 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


سؤال يتردد من وقت لأخر عبر رسائل البريد الألكترونى ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة. والسؤال عبارة عن كلمات بسيطة تنطوى على قيمة كبيرة: أن كنت فى أزمة وكان عليك أن تختار شخص واحد أو شئ واحد من بين المحيطين بك من أفراد أسرتك وأصدقائك ولعبك وممتلكاتك، من تختار لينجو معك؟ أو ليصحبك؟

من المؤكد أن السؤال يضع الفرد فى حيرة الاختيار، وتختلف الردود وفقا لاعتبارات كثيرة بالطبع. ولكن عندما ينجو الانسان من أزمة أو كارثة ما هو الشئ الذى يمكن له أن يقدره أكثر من غيره، ما هو الشئ الذى سيصفه بأنه الأثمن والأغلى والذى سيبقى دوما جزء من الماضى والحاضر والمستقبل، جزء من لقطة لا تنسى

فى تلك الصورة يصبح سؤال الأغلى والأثمن مرتبط بالطبع بالثقافة التى تنتج الفرد أو ينتج الفرد فى ظلها. فالفرد الذى يعيش مع التغير يقدر قيمة الأشياء الصغرى الرمزية بأكثر من قيمتها المادية، يقدر تفتح الزهور والحياة بصورها المختلفة

ولهذا كان مثيرا ومؤثرا بالنسبة لى موضوع نشر فى جريدة يابانية عن الأشياء الثمينة التى خرج بها كل شخص من مجموعة من ضحايا الزلزال والتسونامى الذى ضرب اليابان فى ١١ مارس ٢٠١١ والذى أعتبر الأكبر فى تاريخ اليابان سواء لحجمه او لما صاحبه من تسونامى وانعكاسات على محطة فوكوشيما النووية

وبالطبع اختلفت الصور والتقييمات ففى كارثة بهذا الحجم يصبح جزء متبقى من خطاب كتبته شقيقة أحد الناجين لوالدهم منذ سنوات هو الكنز المتبقى من منزل تحطم بفعل التسونامى. وتتحول شنطة طفل المدرسية التى عثر عليها بعد أسبوعين من الأحداث إلى كنز اخر ربما فى ظل فقدان الكثير من الأشياء وغياب العديد من الاحتياجات
الشخصية والمدرسية فى المناطق المتضررة

أما لسيدة فى الثمانينات من عمرها فأن حقيبة يدها التى صنعها لها بعض معارفها والتى تحتفظ فيها بالعلاج تصبح كنزها الوحيد بوصفها الشئ الوحيد الذى تملكه. وتصبح سيارة شخص أخر بعد دمار منزله هى الماؤى والكنز الذى يحتفى به

وللبعض ممن ليس لديه أشياء من ماضيه ليحتفظ بها ككنز تقدم الكارثة مناخ لإنتاج بعض الكنوز، فطفلة السنوات الأربع ترى فى لعبتها التى حصلت عليها فى مركز أيواء الضحايا كنز بالطبع ليس لأنه ماضى ولكن لأنه حاضر يساعدها على تجاوز الماضى بما فيه من كارثة عاشتها. وتصبح محفظة لطفل -٣ سنوات- حصل عليها من جدته بعد الزلزال هى كنزه أيضا ففى تلك اللحظة تتحول كل الأشياء لقيمة عندما تقل وتتضاءل كل الأشياء الأخرى التى كانت لدينا

وبعيدا عن الأشياء يحتضن أب ما لديه من أبناء ثلاثه بوصفهم كنزه الأثمن الذى نجا معه من الكارثة، فى حين يشير شخص أخر إلى نفسه مؤكدا أن استمراره على قيد الحياة هو الكنز الأثمن بالطبع

القصص كثيرة ومتنوعة ومؤثرة كما هى عادة الجانب البشرى من الحياة، فما بين مجتمعات مختلفة الرؤى والثقافة والخلفيات لن تختلف القصص كثيرا ربما عندما تحدث الكارثة وتستقر الأوضاع وننقب عن بعدها الانسانى العميق. ولكن المهم أن غياب الكثير مما يملك الفرد فى لحظة يجعله يدرك قيمة ما لديه مهما قل، قد تتضاءل القيمة مع الوقت عندما يعود مرة أخرى لامتلاك الكثير من الأشياء ألسنا نفتقد دوما ما نحتاجه، وألسنا نخطئ كثيرا عندما نتجاوز عن قيمة الأشياء الحقيقية عندما تكون فى أيدينا فأن ضاعت عدنا مرة أخرى للافتقاد. ولكن حتى العودة للحالة الأولى يحظى الضحايا بلحظتهم الثمينة فى معرفة أثمن ما لديهم واحتضانه بما يليق به ولو للحظة زمنية قصيرة تتحول بوصفها للحظة من أسعد وأثمن لحظات الحياة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علقوا في الهواء رأسا على عقب.. شاهد ما حدث لعشرات ركاب لعبة


.. هنية: رد حماس يتوافق مع مبادئ مقترح بايدن للتهدئة




.. صلاة عيد الأضحى في المستشفى الميداني الإماراتي في #رفح بمشار


.. مسؤولون أميركيون: الولايات المتحدة نفذت ضربة جوية استهدفت زع




.. الغارديان: نتنياهو يخوض حربا على جبهتين ولا توجد نهاية في ال