الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يتحول رئيس السلطة الفلسطينية إلى بن لادن جديد ؟!!

طارق محمد حجاج

2011 / 5 / 5
القضية الفلسطينية


بعد مقتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن على يد قوات خاصة أمريكية صرفة في الأراضي الباكستانية ودون تدخل من القوات الباكستانية، يتضح لنا مدى التدخل العسكري الأمريكي في الشئون الداخلية لعدة دول مهما كانت قوتها العسكرية، وخير مثال على ذلك باكستان، لأن باكستان دولة نووية.
من الغرابة قتل الولايات المتحدة لبطل هذا الفلم الذي منحها كل هذه السلطة والسطوة في شئون العديد من الدول دون البحث لها عن بطل جديد، ألم نعتد على أن البطل في أفلام هوليود لا يموت، أم أن لأفلام (CIA) أخراج مختلف.
هل يعقل أن أسامة بن لادن المطلوب الأول عالميا على قائمة الانتربول وعلى جميع قوائم الأجهزة الأمنية في العالم أن يعيش في مجمع سكني على بعد 50 كيلو متر من العاصمة الباكستانية إسلام آباد تاركا الجبال والكهوف والمناطق الوعرة كما صورته لنا أمريكا والدول الغربية ليختبئ بها جلعاد شاليط الذي اختفي أثره في العام 2006 ولم يستطع الموساد العثور عليه في محيط منطقة سهل ساحلي لا تتجاوز 360 كيلومترمربع، أو لربما انتهت مهمة هذا البطل ليعتزل العمل العسكري ويترك الجبال وينتقل في آخر عامين له للاسترخاء مع عائلته داخل هذا المجمع السكني، أم أن بن لادن أحس منذ زمن أن قصة ملاحقته في العديد من الدول هي اختلاق أمريكي لتضع لها موطئ قدم في كل مناطق الاحتكاك والمناطق الهامة فشعر بالأمان.
ويقتل بن لادن ويبقى السؤال الذي لاغنى عنه: من أين لنا ببن لادن جديد؟ والسؤال يأتي على لسان أمريكا وإسرائيل، ومن هنا جاءت تسمية هذا المقال مع الملاحظة أني لم أقل هل يتحول محمود عباس إلى بن لادن جديد بل قلت : هل يتحول رئيس السلطة الفلسطينية إلى بن لادن جديد، لأني لا استهدف شخص الرئيس ذاته، وإنما من سيكون على رأس هرم السلطة بشراكة حركة حماس، لأنه هو الهدف أيا كان.
يقول المحلل السياسي الإسرائيلي "أودي سيجل" أن الخاسر من موت بن لادن هما نتنياهو وحركة حماس، وسبب خسارة نتنياهو أن أوباما سيحظى بفترة رئاسية لأربع سنوات جديدة، وذلك يزعج نتنياهو على أساس أن أوباما رئيس ضعيف ولا يخدم إسرائيل كسابقيه من رؤساء أمريكا. أما حماس فإن تصريح كتلة حماس البرلمانية على لسان إسماعيل هنية بنعي أسامة بن لادن على أنه شهيد للإسلام، وقام بمديحه والثناء على سيرته يصب في مصلحة إسرائيل.
وأنا اعتقد أن هذا التصريح متسرع وغير عقلاني وغير مدروس بل عاطفي بالدرجة الأولى، وليس بهذه الطريقة تدار السياسة، لأنه جاء شاذا وسط ترحيب جميع دول العالم بما فيها الدول العربية والإسلامية بمقتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن، هذه التصريحات قال عنها المحلل الإسرائيلي أن إسرائيل ستستفيد منها ضد حركة حماس وضد السلطة الفلسطينية على اعتبار أنها مثيل لبن لادن ويجب محاربتها ومقارعتها حتى النهاية، لذلك كانت تصريحات غير عقلانية من حركة حماس.
هذه التصريحات تخدم إسرائيل وقد تلقفتها إسرائيل كمنقذ ومنتشل لإسرائيل من الأزمة السياسية التي تشهدها إسرائيل في الوقت الحالي نتيجة سياساتها العدوانية والطائشة ضد الشعب الفلسطيني.
من المتوقع أنه عند توجه السلطة الفلسطينية في سبتمبر من نهاية هذا العام إلى الأمم المتحدة لمطالبتها الاعتراف بدولة فلسطين على حدود ما قبل عام 1967 فإن نحو 150 دولة ستعترف بدولة فلسطين على حدود عام 1967 بما فيها فرنسا وبريطانيا.
وفي محاولة منها لترتيب أوضاعها ورسم خططها المستقبلية، سارعت إسرائيل بإدانة نية أبو مازن توقيع اتفاق المصالحة مع حركة حماس، مدعية أن ذلك من شأنه جعل الحكومة الفلسطينية المقبلة إرهابية، وقد تناست معرفتها المسبقة أن انسحابها من غزة عام 2005 سيؤدي إلى سيطرة حماس عليه، كونها الأقوى في ذاك الوقت، وقد تناست أيضا أنها عندما وجدت أن حماس لم تسيطر على غزة عقب انسحابها من غزة سمحت للسلطة الفلسطينية بأجراء انتخابات تشارك فيها حماس رغم حظوظها الكبيرة في إمكانية فوزها في الانتخابات، لأن إسرائيل ترى في ذلك ما سوف يقسم الضفة لحكم فتح وغزة لحكم حماس، ألم تتذرع إسرائيل للمجتمع الدولي ولرئيس السلطة الفلسطينية بأن الانقسام يعرقل التوصل إلى السلام، كون قطاع غزة لا يخضع لسيطرة أبو مازن.
كل هذه الذرائع والانتقادات لها هدف واحد وهو التحضير لوضع خطة صهيوامريكية لمنع إقامة الدولة الفلسطينية ومنع الاعتراف بها في نهاية هذا العام، لذلك ستضغط إسرائيل والولايات المتحدة إلى التصوير للعالم بأن رئيس السلطة الفلسطينية هو بن لادن الجديد، وأن السلطة الفلسطينية هي تنظيم القاعدة وأن أفراد الأجهزة الأمنية هم أعضاء تنظيم القاعدة الجديد، والذي يجب محاربته ومحاصرته من كل الاتجاهات حتى القضاء عليه، ألم يحصل الشهيد ياسر عرفات على جائزة نوبل للسلام بعد توقيعه على اتفاق أوسلو، ألم يحاصر بعد ذلك في المقاطعة بعد أن أصبح خطرا على السلام وعلى العالم بأسره على حد تعبيرهم كونه تصلب في مواقفه للحفاظ على الثوابت والحقوق الفلسطينية.
وقد تناست إسرائيل أن المقاومة المسلحة ضد الاحتلال عمل شرعي ومكفول في كل القوانين الدولية، وأن المفاوضات أيضا عمل شرعي لتسوية النزاعات الدولية ويكفلها القانون الدولي منذ إنشاء عصبة الأمم حتى الآن، لذلك وما يأمله الشعب الفلسطيني أن تستخدم القيادة الفلسطينية جميع حقوقها التي منحها إياها المجتمع الدولي وعلى رأسها المقاومة والمفاوضات لإنهاء الاحتلال والوصول إلى تقرير المصير.
إن الدولة الفلسطينية المقبلة لن تكون أقل من الدول العربية من الناحية الاقتصادية بل لن تقل في ثراءها عن بعض الدول الغنية مثل البحرين وعمان إلخ ..، لأن المياه الإقليمية لقطاع غزة ستكون بمسافة 12 ميلا بحريا وهي المنطقة التي تقع فيها احتياطات من الغاز وعلى نطاق واسع، فقد قدرت الشركة البريطانية "بريتش جاس" احتياطات الغاز في هذا الموقع بحوالي 1,4 تريليون قدم مكعب، تبلغ قيمتها نحو 4 بليون دولار، وفي العام 2007 وافقت الحكومة الإسرائيلية على اقتراح من رئيس الوزراء " ايهود اولمرت" بشراء الغاز من السلطة الفلسطينية، وكان العقد المقترح بقيمة 4 بلايين دولار بأرباح 2 بليون دولار منها بليون دولار يذهب إلى السلطة الفلسطينية، إلا أنه تم إلغاء هذا المقترح بحجة الانقسام الفلسطيني خوفا من أن تذهب هذه الأموال إلى حركة حماس. وفي الوقت الحاضر تقوم إسرائيل بمنع تحويل الأموال المستحقة للسلطة الفلسطينية بحجة عدم ذهابها لحماس بعد توقيع المصالحة، في محاولة منها لاستباق فتح ملف الغاز من جديد، لأن التذرع بسيطرة حماس على قطاع غزة وفقا لاقتراح شراء الغاز عام 2007 قد انتهى وقد زالت العقبة لتنفيذ المقترح.
ومن جهة أخرى يقع في الضفة الغربية حوض مياه " الحوض الغربي " حيث يقع ثلثا هذا الحوض في أراضي عام 1967 "الدولة الفلسطينية المرتقبة" والثلث الآخر يقع في الأراضي الإسرائيلية، تقوم إسرائيل بضخ 340 مليون متر مكعب سنويا من هذا الحوض، فيما يُضخ للسلطة الفلسطينية 20 مليون متر مكعب سنويا فقط، وفي حال اعتراف العالم بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 فعلى إسرائيل دفع ثمن ما تقوم بضخه من مياه هذا الحوض، وإلا تعرضت للمساءلة القانونية والتي يكفلها القانون الدولي العام، لأن على الدولة المحتلة دفع تعويض عن استهلاكها للموارد الطبيعية في الأراضي المحتلة وألا تستخدمها على نحو يؤدي إلى هلاكها أو تعرضها للخطر، وإلا وجب عليها دفع التعويض الكافي لجبر الضرر الذي ألحقته بممتلكات الأراضي المحتلة، وبالتالي فلا مفر أمام إسرائيل وتشاطرها أمريكا الرأي من أن تصور للعالم بأن رئيس السلطة الفلسطينية هو بن لادن الجديد وهو ليس خطرا على إسرائيل فحسب بل على العالم بأسره، وهو ما يمنحها التخلص من جميع التزاماتها واستحقاقاتها أمام الشعب الفلسطيني.
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا يحدث عند معبر رفح الآن؟


.. غزة اليوم (7 مايو 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غزة




.. غزة: تركيا في بحث عن دور أكبر خلال وما بعد الحرب؟


.. الانتخابات الرئاسية في تشاد: عهد جديد أم تمديد لحكم عائلة دي




.. كيف ستبدو معركة رفح.. وهل تختلف عن المعارك السابقة؟