الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسرع.. أسرع!!

سعد تركي

2011 / 5 / 5
كتابات ساخرة


«لتعلمهه عل ركض» هي أول نصيحة ـ فيما اعلم ـ يتلقاها طفل يحاول أن يجعل طائرته الورقية تعلو في السماء.. أول نصيحة يتعلم فيها طفل إن طائرة الورق لن تطير ـ غالباً ـ حين يركض فيها إلا بعد أن ينقطع منه النفس لهاثاً، وهي ـ إن طارت ـ لن تحلق عاليا أبداً.. «لتعلمهه عل ركض»، نصيحة تذكرتها حين ثار «عبرية» الكية التي استقلها على سائق لا ينتمي إلى جيل «الحداثة والمعاصرة» الذين لولا السيطرات الأمنية والمطبات الطبيعية والاصطناعية وكثرة التخسفات في المسالك والدروب لما كان بإمكان سائقو «الفورميلا one» أن يتفوقوا ولفازوا عليهم بيسر وسهولة، وربما نافس عديد ضحايا قيادتهم الرعناء المتهورة على الطرقات عديد ضحايا الإرهاب.
لعله مرض أصابنا، أو علة ألمّت بنا.. التسرع والعجلة واشتقاقاتهما صارتا سمة أعمالنا وتحركاتنا.. نتسرع دوما في إصدار حكم على الآخرين، فما أسهل أن نلخص ونختصر إنساناً بكلمة صغيرة مبتسرة «تعبان».. نتعجل في انجاز عمل بلا ترو أو تمهل فيخرج من بين أيدينا من دون جمال ولا إتقان.. نتسرع في رؤية أبنائنا يكبرون ويشتد عودهم فنقتل طفولتهم وبراءتهم ونجعلهم قساة القلوب، كما تعجّل « عباس المستعجل» في رؤية بذور زرعه ناضجة فقتلها وضيع موسمه وجهده!!
نحن في عصر عُرف بعصر السرعة، لأنه فرض إيقاعه السريع في العمل وهو ما لم تعرفه بعد دوائرنا الحكومية، والدليل هو المعاملات التي تسير بخطى السلحفاة. وعلى الرغم من دخولنا الألفية الثالثة، إلا أن موظفينا تسمروا في عالم تحكمه الأوراق والدفاتر والسجلات لتبقى المعاملات الرسمية إرثاً اجتماعياً تتوارثه الأجيال!!
تمنينا لو أن عدوى السرعة تنتقل إلى حكومتنا فتنهي أزمة عدم اكتمالها، وتسرع في إزالة كل سبب يدعو إلى التظلم والشكوى منها، وتعجل في القضاء على الفساد.. تمنينا لو أن عدوى السرعة تنتقل إلى موظفينا في الدوائر الحكومية ليصبح سباق إنهاء المعاملات مجال منافسة بين الموظفين فنثبت أن عصر السرعة لم يكن في الطرقات فقط بل دخل إلى كل دائرة ومؤسسة وشركة.
ننسى إن هناك فارقاً واسعاً بين السرعة والتسرع.. فبين أن يتمهل سائق في قيادة عجلته الحديثة ليصل إلى بيته وعائلته سالماً بأسرع وقت، وبين أن تنام معاملات رسمية في أدراج موظفين أو تتأخر تشكيلة حكومة لأكثر من عام ثمة بون شاسع كبير..
نعلم إن أطيب شاي نشربه حين ينضج على نار هادئة.. غير أننا نعلم، أيضاً، أن السلحفاة لم تفز على الأرنب في الحكاية الشهيرة ليس لأن الثاني لم يكن سريعاً بما يكفي، إنما كان متسرعاً متهوراً!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -لقطة من فيلمه-.. مهرجان كان السينمائي يكرم المخرج أكيرا كور


.. كواليس عملها مع يحيى الفخراني.. -صباح العربية- يلتقي بالفنان




.. -بين المسرح والسياسة- عنوان الحلقة الجديدة من #عشرين_30... ل


.. الرباط تستضيف مهرجان موسيقى الجاز بمشاركة فنانين عالميين




.. فيلم السرب لأحمد السقا يحصد 22.4 مليون جنيه خلال 10 أيام عرض