الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد مقتل بن لادن: هل تنتهي حروب أمريكا ضد الإرهاب؟!

الاشتراكيون الثوريون

2011 / 5 / 5
الارهاب, الحرب والسلام



أثار اغتيال بن لادن ردود أفعال متباينة، بدءاً من مقتله وشرعية طريقة دفنه، مروراً بتاريخه ومسار حياته وانتهاءاً بشرعية السياسة الأمريكية في التعامل معه. إلا أن التخلص من هذه الشبكة المعقدة من الأراء، التي تولدت منذ مقتله، يستوجب الوقوف عند كل جانب من جوانب تلك القضية الشائكة.

أسامة بن لادن، ذلك الثري الخليجي، الذي كرس إرثه من والده لمحاربة الوجود السوفييتي في أفغانستان، تلك الحملة التي حشدت لها الولايات المتحدة المسلمين من البلاد العربية والإسلامية، ثم عاد ليتدخل في السياسات السعودية الداخلية والخارجية، كنوع من الخلاف على السيطرة وليس من منطلق ينطوي على سياسة ثورية أو محاولة لتغيير ما. فمن المنطلق الطائفي ناصر شمال اليمن على جنوبها، لكون الجنوب ينتمي للمذهب الشيعي، كما هاجم نفوذ وسطوة صدام على الخليج. انتهى الأمر ببن لادن، وبعد انتهاء مهمته، إلى إسقاط الجنسية السعودية عنه.

أما تنظيم القاعدة، الذي أصبح رمزا للإرهاب في العالم، فلكونه يحمل خلفية إسلامية خلق من ناحية إدانة عالمية للمسلمين عامة ولكل مقاومة إسلامية، ومن ناحية أخرى، خلق تخبط بين العرب والمسلمين ما بين تأييد للقاعده باعتبارها "إسلامية" وبـاعتبارها "مقاومة" للاستعمار، وبين قيامها بأنشطة إرهابية. تحول "القاعدة" إلى لافتة فضفاضة لا تشير إلى ذلك التنظيم في أفغانستان وحسب، بل ظهرت تنظيمات كثيرة وفي بلاد مختلفة، تحمل الاسم نفسه دون ارتباط واضح ومعروف بـ"القاعدة".

ورغم سفور أهداف الاستعمار كانت هناك دائما أهداف معلنة أو "إعلامية"، فمنذ القدم أخذ الغزو والاحتلال صبغة "حضارية" بحمله لافته نشر الحضارة وإنقاذ البشرية (!!). واليوم، وفي الوقت الذي يصف فيه الأمريكان الكيان الصهيوني بالديمقراطية في حين يرتكب أبشع المذابح على الأراضي الفلسطينية المحتلة، يقومون هم أيضاً بمذابح لا تقل بشاعة، سواء في العراق أو أفغانستان أو حتى خلال المساعي الإمبريالية القذرة لإجهاض الثورة في ليبيا ونيل نصيبها من كعكة النفط الليبية على حساب "الثورة" وأصحاب "الثروة" الحقيقيين – الشعب الليبي.. هذا هو نفاق الإمبريالية الأمريكية المتكرر في كل حرب لصوصية تخوضها لفرض مصالحها.

أما عن السيد أوباما، الذي يواصل ما عمل عليه سابقه، بوش الإبن، فقد أوضح أن الهدف لم يكن اعتقال بن لادن، بل اغتياله، كما أكد على أن اغتيال بن لادن سيكون سببا في موجة جديدة من العمليات الإرهابية ليس في أفغانستان وحدها بل في العالم كله(!!). وبالتالي تستوجب حملة أمريكية جديدة ضد "قوى الشر". تأتي تلك التصريحات وكأنها تكرر على أسماعنا تصريحات جورج بوش عقب أحداث 11 سبتمبر عندما أعلن أنه يجب أن يدفع أحدهم الثمن، ومن ثمّ انطلقت الحملة الأمريكية/الأوروبية ضد "محور الشر"، تلك الحملة التي يمكن ترجمتها ببساطة بأنها "حرب ضد الإسلام" وبالتالي تجهز تربة خصبة للافكار العنصرية المتشددة، تواكبها في المقابل حملة ضد المهاجرين المسلمين والعرب في الغرب.

وهكذا تغلف أزمة الرأسمالية، التي تحاول تجاوزها بأحقر وأبشع الطرق، بغلاف "حضاري" أو "ديني". ولا حاجة لتفكير عميق حتى ننستنتج أن تدشين تلك المرحلة من "الحرب على الإرهاب" لا تأتي لصالح حملة أوباما الانتخابية المقبلة فحسب، بل تأتي بالتوازي مع التدخل العسكري في ليبيا، في حملة للقضاء على المد الثوري الذي بلغ أقصاه في البلاد العربية.

ردود أفعال أخرى بدت في قمة التناقض إثر مقتل بن لادن، فعلى سبيل المثال، أخذ اسماعيل هنية، القيادي البارز في حركة حماس، ينعي بن لادن بوصفه مجاهداً وشهيداً، في حين أنه لم ينطق ببنت شفه على استشهاد المئات من المتظاهرين أثناء انتفاضتهم الباسلة ضد نظام بشار الأسد الذي يمارس أشرس أنواع القمع والقتل ضد المتظاهرين في حين لم يطلق رصاصة واحدة لتحرير هضبة الجولان (!!).

كان بن لادن يواجه الإمبريالية الأمريكية، بكل توحشها وأكاذيبها، لكننا لا يمكن أن ننسى أنه نفسه كان صديقاً لهذه الإمبريالية نفسها في صراعه ضد السوفييت.. لم يلتفت يوماً لقوة الجماهير وقدرتها على مواجهة الإمبريالية وقهرها (كما حدث في فيتنام أو الجزائر)، وفي حين يقاوم تنظيم القاعدة القوة العظمى في العالم، يتبنى هذا التنظيم نفسه أكثر التوجهات طائفية وعنصرية ضد أصحاب الديانات الأخرى دون الإسلام.

لكن المحصلة النهائية هي أن قام المجرم الأمريكي بقتل مقاومه.. ذلك المقاوم الذي استبدل طاقة الجماهير في مواجهة الإمبريالية الأمريكية، والذي صوَر الصراع ضد الإمبريالية كصراع ديني، لا صراع على الثروات والسيطرة والوجود.. يتوازى كل ذلك مع موجة عملاقة من الثورات في المنطقة العربية، وحركات وإضرابات ونضالات ضخمة في أوروبا وفي الولايات المتحدة ذاتها.. قطار الإمبريالية لن يتوقف إلا بيد الثورات الجماهيرية، لا بيد منظمات الكفاح المسلح التي تحاول استبدال الجماهير وزرع الطائفية بينهم، مثل تنظيم القاعدة.. ومستقبل الشعوب لا تصنعه إلا ثورات تلك الشعوب ذاتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ctمقتل فلسطينيين في قصف جوي إسرائيلي استهدف منزلا وسط رفح


.. المستشفى الميداني الإماراتي في رفح ينظم حملة جديدة للتبرع با




.. تصاعد وتيرة المواجهات بين إسرائيل وحزب الله وسلسلة غارات على


.. أكسيوس: الرئيس الأميركي يحمل -يحيى السنوار- مسؤولية فشل المف




.. الجزيرة ترصد وصول أول قافلة شاحنات إلى الرصيف البحري بشمال ق