الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دورعنصرالأرض ورأسمالية المقاولات فى سقوط نظام مبارك .

عماد مسعد محمد السبع

2011 / 5 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


كشفت التحقيقات القضائية مع مبارك ونخب رجال الأعمال المرتبطة بنظامه عن توظيف هائل ( لعنصرالأرض ) فى عملية التراكم الثروى والصعود الإجتماعى خلال السنوات الأخيرة الماضية .

وحيث شكلت وزارتى الزراعة والإسكان ( والهيئات التابعة لهما لاسيما : الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية – هيئة المجتمعات العمرانية ) مناطق متقدمة لدعم وتثبيت المصالح بين ( البيروقراطية العليا ورأسمال العقارى ) وباعتبارهما مكونان رئيسيان فى تحالف سلطةالحكم .

وبفهم مبسط فأن آلية تبادل المصالح كانت تتضمن تخصيص أراضى الدولة بنظام الأمرالمباشر وبسعر رمزى للمترالواحد على ( رجال مبارك والزمرالمتحلقة حول أبنه علاء وجمال ) مع أضفاء صبغة قانونية وتعاقدية على (عقود البيع ) المحررة من جانب الهيئات الحكومية البائعة للأفراد أوالشركات .

ونظيرأبرام هذه الصفقات - يتقاضى كباررجال الدولة رشاوى وعمولات طائلة , فى حين يشرع المشترى فى بيع الأراضى لمستثمرين مصريين أوأجانب ومستفيدآ من الفروق الهائلة بين مشتراه من الدولة المصرية وواقعة بيعه الثانى .

وفى بعض الحالات تسهم الدولة فى عملية ( تسقيع ) هذه الأراضى عبر أدخال " خدمات ومرافق و بنية أساسية مميزة اليها " – على أن يقوم المشترى باستغلالها فى بناء مدن سكنية أومنتجعات سياحية تدرعليه ملايين الجنيهات وبالمخالفة لقواعد التخصيص وبنود التعاقد .

وطبقآ للتقرير الذى أعدته وزارة الزراعة المصرية - المنشورة بجريدة الأهرام القاهرية فى 17 فبراسير الماضى - فقد تورط بتجارة أراضى الدولة كل من ( علاء مبارك فى مشروع بالم هيلز – و صهره / مجدى راسخ , وصهرجمال مبارك / محمود الجمال , وحسين سالم , ورمسيس المهندس , والوليد أبن طلال و28 من رجال أعمال ) وأن هذه المضاربة والتعديات تسببت فى خسائر بلغت نحو 41 مليار جنيه مصرى . كما كشف تقرير أعده " الجهاز المركزى للمحاسبات فى مصر " على أن أجمالى الأراضى التى تم الإستيلاء عليها خلال عهد مبارك بلغت 3,5 مليون فدان وأن أجمالى المبالغ التى تم أهدارهاتصل لنحو 78,2 مليار جنيه .

ومن البين فى هذا السياق أن ( عنصر الأرض ) لا يتقدم فى المشهد كأحد مفردات وركائز "عملية الإنتاج الرأسمالية " , وأنما يتم توظيفه لأجل جنى الثروات الناتجة عن " المضاربة ",وكأثرلتغيرهيكل ملكية الأصل العقارى من ملكية عامة إلى ملكية خاصة .

و نتيجة لذلك أستولت هذه الفئة على بعض أهم الأراضى المصرية وساهمت فى أيلولة ملكية مساحات شاسعة منها لأجانب , الأمرالذى أدى لإهدار الثروة العقارية المصرية , كما أنعكست المضاربات على أسعارها فى أرتفاع أسعار الأراضى بكل أنحاء مصر , فضلآ عن نشأت مجتمعات عمرانية غير مخطط لها أدت لزيادة العبء على مرافق الدولة .

ظاهرة بيع وسمسرة أراضى الدولة المصرية بعهد مبارك تقودنا لتعقب تطور( رأسمالية المقاولات ) المرتبطة عضويآ بعنصرالأرض والتى أصبحت– منذ مطلع السبعينات – أحد أهم الركائز الطبقية لسلطة الحكم .

فبحكم عملية التراكم الذى حققته منذ نهاية الستينيات كانت تلك الفئة أكثرأقسام الرأسمالية أستعدادآ وأستجابة لمحاولات السلطة تجاه تحفيز نمو مؤسسة الملكية الخاصة, فضلآعن أعتماد سياسة الإنفتاح ثم الخصخصة على قطاع المقاولات وبهدف تنفيذ الهياكل المادية للإستثمارات الجديدة وتوفير بنية أساسية تواكب سرعة التحول نحو الإقتصاد الحر .

ومع أستقرارالعرض والطلب الواسع على الأعمال العقارية , بالإضافة لإنخفاض حدة المنافسة تأكد " تجانس الفئة العليا لرأسمالية المقاولات" , ونشأ نمط من التماسك والتحالف الشخصى بين شرائحها غلب عليه طابع جماعات المصالح .

ونتيجة للوفورات المالية الضخمة التى حققها هذا القطاع وجدت ( رأسمالية المقاولات المصرية ) نفسها أمام مفترق طرق يتعين لمواجهته عبرثلاثة مسارات :
الأول : أن تتحول لمجال الإستثمارالعقارى مستفيدة من قدرتها على تخفيض نفقة الإنتاج ,وأن تنتقل من مجرد شركات للبناء والمقاولات لمجموعات مالية كبرى .

والثانى : أن تسعى للإندماج مع رأس المال الأجنبى بهدف الإستفادة من مزايا التسهيلات الحكومية لهذا الإستثمارالوافد وما اتاحه توسع سوق المال من امكانيات تسهيل وأنتقال الرأسمال ( الخليجى على وجه الخصوص ) للسوق المصرية .

والثالث : ضرورة السيطرة على جماعات المصالح فى مجال الإستثمار العقارى والعمل على توفير شبكة علاقات مع بعض كبار المسئولين والبيروقراطية العليا والوسطى بالدولة المصرية .

وتقدم مجموعة ( طلعت مصطفى القابضة ) – التى تورط صاحبها هشام طلعت مصطفى فى مقتل الفنانة اللبنانية / سوزان تميم – صورة لسيناريو التحول فى رأسمالية المقاولات المصرية وتضافرها مع سلطة الحكم . قد استطاعت الشركة التى أسسها الأب أن تستعيد قدرتها على تجاوز المشكلات والمديونيات التى بلغت نحو 900 مليون جنية خلال التسعينيات وأن تتوسع رأسماليآ . ومن ثمة أصبحت مجموعة مالية تنشط فى مجال الإستثمار العقارى , وحيث أنتقلت للتعاون مع " بيروقراطية الدولة ووزارة الزراعة التى حررت لها عقود بيع بآلاف من المساحات والأفدنة وبأسعار زهيدة . ثم أرتبطت تلك المجموعة فى مرحلة من تطورها مع رأس المال الوهابى ( مجموعة الوليد بن طلال وأبن لادن ) كما اندفع هشام طلعت مصطفى وأخيه لميدان العمل السياسي وظفرا بعضوية مجلسى الشعب والشورى ولجنة سياسات الحزب الوطنى .

وممالا شك فيه أن الثروات الطائلة التى هبطت على تلك الشريحة لم يرفدها نضج فى الوعى الإستثمارى وبما يفضى بالتوالى لتعظيم الفرص المتاحة لها والعمل على تكريس مزيد من المكانة الإقتصادية والإجتماعية . فأشكال التطوير الذاتى والمخاطرة الإنتاجية التى تسهم فى تكوين فنون وقوى الإنتاج لم تكن على جدول أعمالها , وظلت ممارساتها مطبوعة بتباينات وتناقضات ( مشروع البناء والمقاولات التقليدي ) الذى ترعرع فى كنف وعى مصلحى نمطى ذى بعد برجماتى لم ينضج أنتاجيآ وسياسيآ .

كما كرست الممارسة داخل صفوفهم وعيآ بطريكآ أختلطت فيه المظهرية والميل الإستهلاكى بتيديد الفائض المتراكم , فكنا أزاء أفراد وعصب تتحلق حول مبارك وأبنيه وزوجته ودوائرهم المغلقة , وتتقدم فى صورة ( رأسمالية المحاسيب ) ذات الوعى السلبى المزمن وغير القادرعلى أستيعاب أهمية دور الرأسمالى وأحترام قيم السوق .

أرض مصركانت لعنةعلى مبارك , وهى أن كانت ساهمت بدورهام فى تراكم ثروى وصعود طبقى لفئة بعينها فى عهده , فستكون أيضآ عنصرآ حاسمآ فى أعادة ترتيب مشهد المساواة الإجتماعية بين ملايين المصريين فى مرحلة مابعد سقوطه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحفظ عربي على تصورات واشنطن بشأن قطاع غزة| #غرفة_الأخبار


.. الهجوم الإسرائيلي في 19 أبريل أظهر ضعف الدفاعات الجوية الإير




.. الصين... حماس وفتح -احرزتا تقدما مشجعا- في محادثات بكين| #غر


.. حزب الله: استهدفنا مبنيين يتحصن فيهما جنود الاحتلال في مستوط




.. مصطفى البرغوثي: نتنياهو يتلاعب ويريد أن يطيل أمد الحرب