الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ستون عاما ولم تنسوا أم الزينات

خالد منصور
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني

2011 / 5 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


في الذكرى الثالثة والستون للنكبة
ستون عاما ولم تنسوا أم الزينات
قرر الحاج أبو منصور اللاجئ الزيناتي الأصل المقيم في مخيم الفارعة والبالغ من العمر 77 عاما أن يقوم بزيارة لابنته المتزوجة في بلدة بيت فوريك، كان ذلك في العام 2008 ، فاستأجر سيارة واخذ معه زوجته وبعضا من أبنائه، وكان لابد له أن يمر عبر حاجزين إسرائيليين-- الأول على مدخل نابلس من جهة منطقة الباذان، والثاني على الطريق الموصل لبلدتي بيت فوريك وبيت دجن.. كان الجو صيفيا ودرجات الحرارة مرتفعة بشكل مميز في ذلك اليوم.. وقفت سيارة أبو منصور عند الحاجز الأول، وكان أمامه طابور من السيارات العربية، وانتظرت السيارة ما يقارب النصف ساعة بانتظار المرور، ومع الحرارة تحولت السيارة إلى أشبه بفرن النار، وتصبب العرق مدرارا من أبو منصور وجماعته، وازداد حنق أبو منصور وبدأ يسب ويلعن الاحتلال، ويرسل الشتائم لكل الزعماء العرب المتخاذلين عن نصرة فلسطين، والساكتين عن جرائم المحتلين، ووصلت السيارة أخيرا إلى الحاجز حيث يقف خمسة جنود تحت مظلات وبأيديهم زجاجات مياه، يتمازحون ويبدوا أنهم يتنافسون في أيّهم سيلحق الاهانة والإذلال أكثر بكل سيارة تمر عبر الحاجز.. وفعلا عندما وصلت سيارة أبو منصور أمرهم جندي-- لا يزيد عمره عن عشرين عاما-- جميعا رجالا ونساء بالنزول من السيارة، والوقوف بعيدا تحت الشمس، وان يتقدموا واحدا واحدا منه حاملين بطاقات هويتهم وهي مفتوحة، فيأخذها الجندي وينظر فيها ثم يلقيها على الأرض، ويطلب بعدها من صاحبها التقاطها والعودة إلى السيارة، واستمرت العملية أكثر من 10 دقائق، وبعدها صرخ الجندي بوجه السائق وكان جميع الجنود مثله يصوبون بنادقهم باتجاه السيارة قائلا : ( سا خمور ) أي امشي يا حمار..

واصل أبو منصور سفره إلى أن وصل إلى الحاجز الثاني المؤدي إلى بيت فوريك.. وهناك كان طابور السيارات اقل اكتظاظا، وعندما جاء دور سيارة أبو منصور تقدم منهم عسكري إسرائيلي في الخمسينات من عمره-- ويبدو انه برتبة ضابط-- لم يطلب بطاقات الهوية من أبو منصور وركاب السيارة بل اخذ يتفحص وجوههم، واهتم كثيرا بالحاج أبو منصور الذي كان يلبس كوفية وعقال وسأله بالعبرية ( من ايفو اتا زكين ) أي من أين أنت يا عجوز.. وكان أبو منصور يفهم اللغة العبرية لكنه اظهر عدم فهمه للسؤال، وطلب من الضابط التحدث بالعربية أو حتى بالانجليزية.. فعجب الضابط كيف أن رجلا فلسطينيا مسنا قادر على التكلم بالانجليزية.. ولان الضابط لا يتحدث الانجليزية، بدا يتحدث بالعربية ووجه لابو منصور سؤالا بالعربية ( وين تعلمت العربية يا شيخ ) فأجابه أبو منصور: أنا تعلمتها بمدرسة البرج في مدينة حيفا قبل قيامكم باحتلال بلادنا في العام 1948.. وهنا يبدو أن الضابط اغتاظ جدا من إجابة أبو منصور، وأدرك انه يواجه فلسطينيا على درجة كبيرة من الثقافة والوعي.. فأعاد سؤاله الأول باللغة العربية ( من وين انت ).. وبطلاقة وصوت جهوري وبنبرة تحد أجاب أبو منصور: أنا من منطقة حيفا من بلدة اسمها أم الزينات.. فظهرت علامات الانزعاج أكثر على وجه الضابط الذي من المؤكد انه سمع باسم بلدة أم الزينات وحتما انه زارها، كيف لا وهي اليوم تقام على أراضيها أجمل وأروع المتنزهات الطبيعية، وأراد بغرور المحتل وعنجهيته تحطيم معنويات الحاج أبو منصور قائلا : ما في بلد اليوم اسمها أم الزينات.. فرد أبو منصور فورا: انتم تقولون هذا.. وانتم من قمتم بتجريف بيوتها.. لكنها مازالت موجودة في عقولنا وقلوبنا، ومازال صبرها وتينها وزيتونها يقول أنها موجودة.. فاستشاط الضابط غضبا وقال (انتم العرب ما تنسون، ستون سنة وبعدكم بتحكوا انو الكم بلد اسمها أم الزينات ).. فرد أبو منصور: ما راح ننسى وأولادنا وأحفادنا ما راح ينسون.. وبعصبية أشار الضابط لسائق السيارة أن يسرع بالخروج من الحاجز.
مخيم الفارعة – 6/5/2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علقوا في الهواء رأسا على عقب.. شاهد ما حدث لعشرات ركاب لعبة


.. هنية: رد حماس يتوافق مع مبادئ مقترح بايدن للتهدئة




.. صلاة عيد الأضحى في المستشفى الميداني الإماراتي في #رفح بمشار


.. مسؤولون أميركيون: الولايات المتحدة نفذت ضربة جوية استهدفت زع




.. الغارديان: نتنياهو يخوض حربا على جبهتين ولا توجد نهاية في ال