الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظام السوري والنداء الأخير

بدرالدين حسن قربي

2011 / 5 / 7
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


للتاريخ نكتب أن الشعب السوري الأعزل والمسالم يقف اليوم وجهاً لوجه أمام سلطة باطشة ومسلحة، خيارها المعروض على الشعب ليس كخيار القذافي للشعب الليبي: إما أن أحكمكم أو أقتلكم، بل زاد عليه بالفعل: وأدعسكم رؤوساً وظهوراً بالبساطير، وأدوس وجوهكم بالأحذية وأمرّغ أنوفكم بالتراب، وأقلب عاليها سافلها. ومانشهده من القتل بالمئات في الشوارع والمشافي والاعتقال بالآلاف، وفي همجية الحصار للمدن بالدبّابات والآليات، وفي الممارسات الطائفية للشبيحة، يؤكد ذلك ويتهدد السلم الأهلي أيضاً. وعليه، فإذا كان الخيار الشعبي فيما آلت إليه المطالبات قد أصبح محسوماً بإسقاط النظام لاغير أمام خيار السلطة القاتل والمُذل، فهذا يعني أن الطرفين قد دخلا في طريق اللاعودة مهما كانت التكاليف والأثمان، وهي معركة نتيجتها للعقلاء معروفة بأن إرادة الشعب في مواجهة إرادة القمع والقتل والقهر هي الغالبة، فالشعب والوطن أبقى من الحاكم والنظام. ورغم أن مرد الاحتجاجات يأس الناس وقنوطهم من وعودٍ بالإصلاح تكررت عبر عشرات السنين من أيام الأب، وتجددت أيام الابن، والتي رغم مضي أكثر من أربعين عاماً من حكم الأب والابن فإنها لم تأت بعد، ومع ذلك فإن النظام ينسب التظاهرات الشعبية السلمية المطالبة بالحرية والكرامة إلى ارتباطاتٍ ومؤامرات خارجية مزعومة.
في اعتقادنا أن خيار العنف والقتل الذي اختاره النظام على مستوى المدن كلها منذ الساعات الأولى لمواجهة التظاهرات والاحتجاجات، مهّد ويمهّد لجعل مصير سورية الوطن والشعب في مهب الريح للتدخلات الخارجية بمبررات متعددة، وهو خيار مرّ يضعنا أمامه النظام مؤدّاه أن إسقاطه معناه الخراب والدمار وتسليم سورية لمن بعده بلداً تعصف فيه الأشباح.
إن اعتقاد المؤامرة الخارجية الذي يتكلم عنه النظام مع فرض صحته، كان يمكن إسقاطه لو أراد بإنفاذ فوري للمطالب الشعبية الإصلاحية التي اعترف بمشروعيتها. أمّا وأنه لم يفعل، بل جاءت إصلاحاته زيادةً في اعتقالات الآلاف ومزيداً من العنف والقمع ومئات من الشهداء وتوحش في القتل، فقد باتت ممارساته حقيقةً هي المؤامرة وهي مايريده المتآمرون والحاقدون على سورية وطناً وشعباً.
وعليه، فإن إسقاط المؤامرة المزعومة في الوقت الحالي والحرص على سورية، يستوجب تصرفاً فورياً وجريئاً لاتردد فيه من قبل النظام، يكون اليوم وليس غداً، حزمة واحدة بنقل الرئيس لسلطاته الرسمية والدستورية إلى أحد نوّابه، مع إعلان فوري لوقفٍ تام لإستخدام السلاح ومنع الإعتقال، وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين ومحتجزي الرأي والفكر والضمير، وإعلان عفو عام عن جميع المحكومين السياسيين والمبعدين خارج البلاد والمهجرين القسريين وعودتهم دون قيد أو شرط، مع الدعوة إلى مؤتمر وطني عام تشارك فيه كل المكونات الوطنية الناشطة والفاعلة بحضور شهود عرب ودوليين، تنتج عنه حكومة انتقالية مكونة من كفاءات وطنية مستقلة مدتها لاتزيد عن ستة أشهر تعمل على متابعة وضمان الإنتقال السلمي للسلطة، وكتابة دستور جديد يؤسس لدولة مدنية مبنية على الحرية والعدالة والديقراطية تُتداول فيها السلطة سلما،ً ويعمل على إصدار قانون للأحزاب السياسية يقعّد لحركة سياسية مدنية ديمقراطية تداولية، وانتخابات برلمانية حرة بشهود عرب ودوليين أيضاً تتم في نفس الفترة.
إننا نعتقد يقيناً بأن تأخير مثل هذه الإجراءات العاجلة والفورية والتي لايستطيع أحد القيام بها حصراً سوى النظام الحاكم معناه تنفيذ المؤامرة المزعومة وإدخال سورية في المجهول من خلال الممارسات الوحشية في قتل الأبرياء وسفك الدماء.
إن تصريحات النظام السوري السابقة بإشعال الشرق الأوسط وحرقه فيما لو تم المساس به رغم رفضه الإصلاح بضغوط وبغير ضغوط، والمتجددة هذه الأيام على لسان أنصاره وحلفائه فضلاً عن بث شبّيحته لرسائل قصيرة على الهواتف الجوالة مع بدء الاحتجاجات مفادها أن الشعوب تحرق نفسها لتغيير رئيسها، ونحن نحرق العالم وأنفسنا وأولادنا ليبقى قائدنا الأسد، هي تصريحات تدلّنا على من يريد أن يأخذ سورية إلى الحريق والخراب والدمار، وتخبرنا عمّن يريد أن يأخذ سورية إلى المجهول، ويدفع بقوافل الهجرة الشعبية إلى دول الجوار هرباً من إرهاب السلطة ودمويتها، وممارسات شبيحتها الطائفية، أمام قرار شعبي بعد صبر على الأب والابن امتدّ واحداً وأربعين عاماً مفاده: (مسلمين) ومسيحية، وسنة وعلوية، وعرب وكرد ودروز وأشورية كله بدو كرامة وحرية، وكله يصرخ بسلميّة: الشعب يريد إسقاط النظام.
إنه نداء الفرصة الأخيرة للنظام بإجراء فوري بتسليم السلطة سلماً لإبطال كيد الكائدين وإحباط المؤامرة المزعومة على سورية الوطن والشعب. إن في ذلك لذكرى لمن كان في قلبه ذرة عشق لبلادٍ اسمها شام، وبعض وفاء لأرض تعطّرت بالياسيمن وارتوت بدماء الشهداء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نداء متأخر جداً وبغير مكانه
نبيل السوري ( 2011 / 5 / 7 - 07:41 )
لأنه لا حياة لمن تنادي

اخر الافلام

.. غزة : ما جدوى الهدنة في جنوب القطاع؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. حتى يتخلص من ضغط بن غفير وسموترتش.. نتنياهو يحل مجلس الحرب |




.. كابوس نتنياهو.. أعمدة البيت الإسرائيلي تتداعى! | #التاسعة


.. أم نائل الكحلوت سيدة نازحة وأم شهيد.. تعرف على قصتها




.. السياحة الإسرائيلية تزدهر في جورجيا