الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقاليد الفساد العراقية

ساطع راجي

2011 / 5 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


هل وراء استجواب مفوضية الانتخابات دوافع سياسية؟، وهل التهم التي وردت في الاستجواب حقيقية؟، الاجابة على هذين السؤالين لا يمكن ان تخضع للامزجة والتكهنات بالنسبة للقانونيين لكن يمكن طرح هذين السؤالين على عينة عشوائية من العراقيين ويمكنني المجازفة بتخمين إجابة العراقيين وانها ستكون إجابة واحدة، وعلى اهمية عمل المفوضية واهمية ممارسة الاستجواب النيابية التي نادرا ما تصل الى مبتغاها، الا اننا هنا ومرة اخرى نصطدم بنفس الملفات التي يمكن فتحها مع اي مؤسسة عراقية صغيرة او كبيرة، ولا نكاد نجد مؤسسة او جهة رسمية واحدة او منصب ما في العراق لا تحيط به نفس التهم والملفات والخروقات المتداولة.
تتردد نفس التهم وتتردد نفس الدفوعات، بذات لهجة الحماسة من طرفي المعادلة التي تتعامل مع ملفات الفساد، لكن لماذا يظهر من يدفع عن نفسه تهمة الفساد كأنه يسعى لتحقيق المستحيل ويبدو جهده عبثيا لا طائل من ورائه؟، وهذا الامر يعفينا من التدقيق في استجواب مفوضية الانتخابات تحديدا الذي تأجل استكماله لسبب غير معلوم ويدفعنا للنظر في الظاهرة بأكملها.
غالبا ما يتمكن المتهمون الكبار بالفساد وخاصة في حلبات الاستجواب من النجاة في النهاية من سحب الثقة او الاحالة الى القضاء فالامر لايتعدى المساومات السياسية والمناورات الكلامية وحيل استنطاق القوانين والحصول على تعديلات في القوانين والقرارات وهي تعديلات تسعى لتكييف حالات الفساد وشرعنتها استجابة لطلبات الفاسدين، وتبين ان تقارير رقابية تتحول الى تنبيهات تدفع المسؤولين الى البحث عن مخارج قانونية لما اقترفوه واحيانا تكون اجراس انذار تدفع لانتاج تعليمات تمنح ممارسات الفساد اغطية قانونية، ثم تهمل تلك التقارير الرقابية وكأن شيئا لم يكن ويترك الامر لصدف السياسة لعل الخلافات تعيد فتح الملفات ثم يمضي الامر بعد ذلك الى تسوية ما لاترد حقا ولا تنهي باطلا.
نحن امام عملية انتاج لتقاليد فساد عراقية عظيمة وهي تقاليد لن تبقي للدولة من أثر كما انها ستقوض شرعية العملية السياسية، لكن لاخوف على شيء فالامور ستستمر في سيرها الطبيعي ذلك ان اعداد المتورطين بالفساد في العراق أكبر من ان تؤدي الى استئصالهم بل ان خللا كبيرا وفراغا مهولا سيصيب الدولة العراقية لو اتخذت اجراءات حقيقية لمواجهة الفساد، ولذلك ستكون تقاليد الفساد قادرة على دفع عجلة الاستمرارية دون ان يتمكن احد من معرفة النهاية التي نتجه اليها، وكل ما سنحصل عليه كمواطنين متفرجين هو عروض وسجالات وفضائح بلا نتيجة.
بعد كل هذه السنوات منذ انطلاق العملية السياسية في العراق، يمكننا استنتاج وجود خطأ أصيل يؤسس لانتاج الفساد وتعميمه والدفاع عنه لأن كل من يدخل الى غرفة السلطة فأنه بصورة ما يتورط في الفساد او يتورط في الدفاع عن فاسدين او على الاقل يلتزم الصمت تجاه عمليات فساد تمر أمامه دون أن يحرك ساكنا، وصار البحث عن بدائل نزيهة مقنعة امرا مستعصيا، وصار الفاسد يقول لخصومه بالفم الملآن من كان منكم غير فاسد فليرمني بحجر، فقد اصبح هو القاعدة ومن لا يفسد فلعلة لا يفسد لاكراهة بالامر، الغريب ان أكثر المتفائلين بالقدرة على مواجهة الفساد محاطين بكتائب من الفاسدين، فأما إنه أعمى أو يتعامى أو متورط معهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على حلبة فورمولا 1.. علماء يستبدلون السائقين بالذكاء الاصطنا


.. حرب غزة.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطة بايدن والمقترح ا




.. اجتماع مصري أميركي إسرائيلي في القاهرة اليوم لبحث إعادة تشغي


.. زيلينسكي يتهم الصين بالضغط على الدول الأخرى لعدم حضور قمة ال




.. أضرار بمول تجاري في كريات شمونة بالجليل نتيجة سقوط صاروخ أطل