الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زلات رئيس جامعة مولاي إسماعيل بمكناس

سعيدي المولودي

2011 / 5 / 8
الحركة العمالية والنقابية


زلات رئيس جامعة مولاي إسماعيل بمكناس.

في أول اختبار له سقط رئيس جامعة مولاي إسماعيل بمكناس في هاوية مراكمة الأخطاء المهنية والتربوية، وهو الذي تولى عرش المنصب منذ شهور قليلة فقط، في ظل ظروف وشروط انتقاء واختيار قيل عنها الكثير وأكد غير مصدر أنها عكست رغبة جهات نافذة في استقطاب واستقدام "مغاربة العالم المزدوجي الجنسية" ليولوا وجههم شطر المغرب البقرات الحلوب، ويبنوا مجدهم السياسي والاجتماعي في البلد الأجمل والأكثر تعاسة في العالم.
ومنذ أسابيع اصطدم الرئيس بالواقع التعليمي للجامعة المغربية، الذي يظهر أنه وجد صعوبات جمة للتكيف والتعامل مع مقتضياته ومتطلباته وخصوصياته، إذ نجح طلبة كلية العلوم في مقاطعة شاملة للدروس، وسرعان ما التحق بهم طلبة كلية الآداب، وحسب ما توفر من معطيات لم تسجل أية أحداث ذات طابع عنيف أو تخريبي، في المراحل الأولى للمقاطعة، غير أن إقامة المعرض الدولي للفلاحة في دورته السادسة بمكناس أواخر شهر أبريل 2011، وفي فضاء غير بعيد عن المؤسسات الجامعية المذكورة والأحياء الشعبية التي يقطنها الطلبة المنحدرون من مناطق جهة مكناس تافيلالت الضالعة في الفقر والحرمان والتهميش، دفع في اتجاه التشديد والاحتياط وأخذ الحذر من أن يكون هدفا للتظاهرات الاحتجاجية التي نظمها الطلبة في اتجاه رئاسة الجامعة والحي الجامعي والولاية، وهو ما زاد من ارتفاع الضغوطات على مسؤولي الجامعة لتهدئة الأوضاع وتلبية المطالب لإطفاء شعلة الاحتجاجات، على الرغم من أن كثيرا من المطالب تقع مسؤولية إيجاد الحلول لها على عاتق الحكومة والوزارة الوصية على التعليم العالي التي راكمت كثيرا من المشاكل البنيوية عبر الإصلاحات العشوائية والمرتجلة التي برعت في تفريخها بدون إستراتيجية أو أهداف واضحة، وأغرقت فيها الجامعات دون أن توفر لها أدنى الشروط المادية والمعنوية لتطبيقها وإنجاحها.
اقترف الرئيس أولى زلاته يوم 27 ابريل 2011 موعد انطلاق فعاليات المعرض الدولي للفلاحة حيث وجه رسالة إلى والي ولاية أمن مكناس تافيلالت يطلب منه التدخل لحماية المرافق العمومية للجامعة واتخاذ كل ما يراه مناسبا من إجراءات أمنية، واستباح بذلك حرمة المؤسسات الجامعية لتدخلات قوات الأمن وكأننا في حالة حرب أو حالات استثناء وطوارئ، ويبدو من خلال صياغة الرسالة( المرفقات) أنها نتاج خبرة وعقلية ممعنة في ثقافة الاستبداد المخزني التقليدية، وتوظف قاموسها باحترافية عالية، بل إنها صك اتهام جاهز ضد الطلبة،لأنها تتضمن إيحاءات بل اتهاما مباشرا بأفعال إجرامية وجنائية: احتلال ساحات الكلية ( الملك العمومي) المنع بالتهديد والوعيد، الضرب بالسلاح الأبيض والحجارة..
الغريب أن رسالة الرئيس في الوقت الذي يصف الطلبة بأنهم مجموعة أو قلة قليلة، وشرذمة كما يرد في الفقرة الأخيرة من الرسالة، مما يفهم من السياق أنهم لا قوة ولا تأثير لهم على الوضع ما داموا أقلية، فإنه بالمقابل يؤكد أنه تم عقد عدة لقاءات مع هذه الشرذمة، واستجابت كلية العلوم بمكناس لنسبة عالية من مطالبها، فهل كان الأمر يتعلق "بشرذمة" تحاور "شرذمة" أم أن في المسألة بعض محاولات الالتفاف على جوهر المشاكل الحقيقية التي تتخبط فيها جامعة مولاي إسماعيل، وتحميل" الآخر" مسؤوليتها.
أكيد أن رسالة الرئيس ليست سوى محاولة لانتزاع السهم الذي اخترق جسد بدايات ولايته، وتعكس ترددا حاصلا أمام ما يجب فعله لمواجهة نجاح الخطوات النضالية للطلبة، وقد اختار لذلك الطريق الخطأ، ربما تعبيرا منه عن الولاء الأعمى، أو تصريفا لرواسب ثقافة سنوات الرصاص التي قد تكون آخر ما يحمله عن مغرب حقق الشيء الكثير من خلال تضحيات أبنائه في ترسيخ قيم الحوار والاختلاف والتعددية والديمقراطية والإنصاف والمصالحة..
الزلة الثانية التي اقترفها الرئيس هي إعلانه يوم 02 مايو 2011 اتخاذه لقرار بيداغوجي خطير يسمح بموجبه لجميع الطلبة باجتياز المراقبة الاستدراكية في الوحدات التي لم يتمكنوا من استيفائها، ويعكس الإعلان (المرفقات) مظهرا آخر للارتباك الذي يحاصر الرئيس، إذ إن الإعلان يشكل تجاوزا سافرا وشططا في استعماله لسلطاته وصلاحياته، ومن هنا يأخذ القرار طابعه الاستفزازي والاستبدادي الذي يتوكأ عليه، ويتحدى عبره كل النصوص التشريعية والتنظيمية المرتبطة بهذا المجال، فنظام المراقبات والامتحانات والتقويم الخاص بجامعة مولاي إسماعيل اعتمد بناء على اقتراحات مجالس المؤسسات ومصادقة مجلس الجامعة، ومجلس الجامعة ومجالس المؤسسات هي الهياكل المحول لها قانونيا النظر في القرارات البيداغوجية وقد سمح الرئيس لنفسه بتجاهل مجلس الجامعة الذي يتمتع بجميع السلطات والصلاحيات اللازمة لإدارة الجامعة والتداول في جميع المسائل المتعلقة بها وحسن سيرها، وبتجاهل مجالس المؤسسات المعنية مباشرة بالموضوع، والتي من مهامها إعداد نظام الدراسة والامتحانات ونظام مراقبة المعلومات الخاصة بالتكوينات المدرسة.. هذه الاختصاصات كلها استحوذ عليها الرئيس بجرة قلمه وانتزعها من أصحابها لينصب نفسه حاكما مطلقا للجامعة يفعل بها ما يريد خارج أية ضوابط، ودون أدنى مراعاة أو التفات إلى النصوص التشريعية والتنظيمية ذات الصلة بالموضوع.
ويستند إعلان الرئيس إلى المادة (ن.د.8) من دفتر الضوابط البيداغوجية الوطنية لسلك الإجازة، وهي مادة لا تخول له إطلاقا إصدار قراره، إذ تنص المادة على أن اجتياز المراقبة الاستدراكية يتم وفق الإجراءات المحددة على مستوى كل جامعة، ومن بين هذه الإجراءات إمكانية إلزام الطالب بالحصول على نقطة دنيا في الوحدة من أجل المراقبة الاستدراكية، وهذا ما يتضمنه نظام المراقبات والتقويم المعتمد في جامعته،فالخرق هنا لا يقف عند مستوى الهياكل الجامعية، بل يتعداه إلى خرق روح دفتر الضوابط البيداغوجية الوطني، وهو مالا يمكن تفسيره إلا من جهة كونه استهتارا بالقوانين والأعراف الجامعية، أو من جهة كون الرئيس يتمتع بثقة بالنفس زائدة يضع نفسها بموجبها فوق كل القوانين جميعها.
كما يستند إعلان الرئيس إلى توصية لجنة الشؤون الأكاديمية المنبثقة عن مجلس الجامعة، والحال أن هذه اللجنة ليست هيئة تقريرية بل هي تابعة لمجلس الجامعة، والتوصية التي على الرئيس اعتمادها هي توصية مجلس الجامعة وليس إحدى لجانه التي يحدثها لدراسة مسائل معينة.
كل هذه المعطيات تدفعنا لافتراضين اثنين: أولهما أن رئيس جامعة مولاي إسماعيل يدرك تمام الإدراك حدود صلاحياته وسلطاته وتعمد عن سبق إصرار تجاوز هذه الحدود ليبرز ربما ولاءه العريق للمنطق المخزني العتيق، ومن هنا نفهم تطاوله على كل الاختصاصات وعدم اعتباره لأي بعد تشريعي أو قانوني، وثانيهما أن يكون جاهلا تماما لهذه الصلاحيات والسلطات ويتوهم أنه يدبر أمر ضيعة له يرقب فيها الفضاء ويطلق القرارات حسب هواه، وهذا أمر في تقديرنا مستبعد لأن الرئيس قبل عناقه لهذا المنصب كان يدير مؤسسة جامعية هي المدرسة الوطنية الفلاحية العليا بتولوز( ENSAT ) فهل كان سيتصرف وفق هذا الأسلوب لو تعلق الأمر بتلك المؤسسة؟
سعيدي المولودي
كلية الآداب .مكناس








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتجاجات المزارعين في أوروبا: مزارعو النمسا يغضبون ويضعون نع


.. وقفة احتجاجية في باريس تطالب بوقف الحرب في غزة




.. أشرف صبحي: أتعامل بدقة مع أزمات اتحاد الكرة من 2019 كوزير وم


.. وقفة احتجاجية أمام البيت الأبيض تنديدا بمجزرة رفح




.. تحقيق لبي بي سي يكشف ارتباط صناعة العطور الفاخرة بعمالة الأط