الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آلية إعادة إنتاج التخلف - الكويت نموذجا

أحمد شهاب
باحث كويتي في شؤون التنمية السياسية .

(Ahmad Shehab)

2004 / 10 / 30
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


الذين يبحثون في الشأن العام لا يقومون بعمل ترفي لا طائل منه، بقدر ما هم يساهمون الي جانب اقرانهم في ايجاد مخارج للازمات القائمة انهم يتلمسون اكثر القضايا سخونة في العالم بحنكة الخبير، ينظرون لها بتأني ثم يفككون عناصرها ويعيدون تركيبها بطريقة علمية تستهدف اقتراح علاجات مناسبة ترتقي بالحال الى الافضل.
هذه المقدمة الثقافية تصلح ان تكون المدخل النظري الى الهم الفكري والسياسي اليومي الذي تعيشه النخب الفكرية والسياسية في البلد، من الحديث المتواصل عن ضرورة اجراء اصلاحات سياسية تصطدم بعقبات رسمية الى الحوار المتلكىء عن خطوات للخروج من الضيق الاقتصادي على حساب الفئات المحرومة والمتوسطة، الى ما يشبه الاتفاق العام على قصور المناهج التعليمية والتربوية عن مواكبة العصر، الى بروز تيارات عنيفة لا تتورع عن اللجوء للقوة للاضرار بالخصوم، الى ضغوط متواصلة من قوى دولية للبدء بعملية التحديث السياسي في كل دول المنطقة وتجاوب شعبي مع تلك الدعوات.
امام هذه الحزمة من الهموم لا تزال الجهات التي تحمل هم البحث بهدوء في الازمات، بعيدا عن الصخب السياسي ووهم تحقيق انتصارات جزئية داخلية قليلة بل نادرة، هذا الواقع يمكن ان نرصده بوضوح من خلال تتبع انزواء عدد من الشخصيات الفكرية عن الساحة العامة ومن خلال تراجع الاهتمام العام بالمجلات الفكرية والاستراتيجية النوعية وايضا من خلال الدور السلبي الذي تقوم به مراكز البحوث والدراسات في البلد، هو دور يكاد يقتصر علي انتاج كراسات بسيطة لا ترتقي لمستوى التحديات في المنطقة.
يشتكي كثير من المهمومين بقضايا الاصلاح من تراجع الدور المعرفي الذي كانت تؤديه بلد مثل الكويت في سنوات سابقة، وبورقة واحدة يحصون عدد الاقلام التي لا تزال تقدم شيئا معقولا يستحق صرف الوقت في متابعته ويخيل لي ان سبب ندرة الاقلام التحليلية والمفكرة القادرة على المساهمة في دعم التجربة السياسية يعود لامرين:
الاول: اقتصار العمل السياسي في حدود العمل البرلماني مما ركز التنافس على هم الظهور الاعلامي بعيدا عن المضمون الذي يحمله الشخص، وهو ما لا تفقهه العقول الجادة في الغالب.
فكل الادوار الاخرى لا ترقى الى اداء دور مشارك في القرار السياسي اومؤثر في توجهات السلطة الحاكمة، علما بان الوصول لعضوية مجلس الامة يتطلب كل شيء الا الكفاءة الشخصية او اشتراط وضوح البرنامج السياسي، فالمال والقبيلة والطائفية، ورضى الحكومة هي شروط النجاح المضمونة الامر الذي ترتب عليه انكفاء الكفاءات الوطنية والفكرية القادرة على تقديم برنامج عمل واضح وتقدم اصحاب الشعارات الفضفاضة الذين يلعبون على وتر المصالح الفئوية الضيقة.
الامر الثاني: غياب البرامج الفكرية عند جماعات العمل السياسي المحلي، فالحالة التربوية والتنظيمية الخاصة ركزت على البرامج التعبوية، وغفلت عن البرامج الفكرية ، اذ لم يحظ الشأن الفكري بالاهتمام الملائم به بل ثمة شخصيات فكرية جادة نمت في الوسط الحركي السياسي والديني ولكنها لم تستطع الاستمرار بسبب الاصرار والتمسك بتلك البرامج التي يراها الجيل القديم ضرورية واساسية، بينما يراها اهل الفكر متخلفة وغير ملائمة.
انعزال «اهل الفكر» عن التعاطي مع التوجهات السياسية ساهم في تكريس حالة التخلف السياسي في البلد، اذ ظلت الافكار الاولى التي تأسست عليها تلك التيارات هي الحاكمة رغم كل القصور الذي تخللها بفعل حركة الزمن ولعل احد اهم نتاجات هذا الخلل غياب الجيل الجديد من سلم قيادة التيارات السياسية، واستمرار الوجوه القديمة والتقليدية في الواجهة، مع استمرار الثقافة القديمة التي يتم التمسك بها من قبل ذلك الجيل كاحد تعابير الاصالة بينما يعتبرها المفكرون مجرد دعوى لقطع الطريق امام الفكر الجديد ومن يحمله خشية من وثوبها الى الامام في الاجتماع السياسي القائم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أمام إسرائيل خياران.. إما رفح أو الرياض- | #مراسلو_سكاي


.. استمرار الاعتصامات في جامعات أميركية.. وبايدن ينتقد الاحتجاج




.. الغارديان: داعمو إسرائيل في الغرب من ساسة وصحفيين يسهمون بنش


.. البحرين تؤكد تصنيف -سرايا الأشتر- كيانا إرهابيا




.. 6 شهداء بينهم أطفال بغارة إسرائيلية على حي الزهور شمال مدينة