الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النكبة: عذاب يستمر وجذوة تشتعل !

عبدالله أبو شرخ
(Abdallah M Abusharekh)

2011 / 5 / 8
القضية الفلسطينية


قتل العرب ليس من تعليمات كهانا، بل هي تعاليم التوراة !! – مئير كهانا / مستوطن صهيوني متطرف.
----------------------------------------------------------

لا أتخيل حياة أشد قساوة ولا عذاباً من حياة اللجوء، فحياة المخيم تضج بالزحام الذي انفجر بصورة هستيرية مع انعدام الأمل في بناء مدن جديدة تخفف الازدحام. حياة المخيم كلها بؤس وشقاء وفقر مدقع، ولولا وجود وكالة غوث وتشغيل اللاجئين وقيامها بتوزيع كوبونات الدقيق على فئة واسعة من الناس لحدثت في غزة كارثة إنسانية.
معظم سكان غزة كانوا يعتاشون من خلال عملهم في إسرائيل الذي انقطع بفعل العمليات ضد المدنيين اليهود، وكذلك، لأن نتنياهو قد أعلن صراحة إسرائيل كدولة يهودية، أي أنها دولة لليهود فقط، والمقصود من نقاء الدولة لليهود هو طرد ما تبقى من فلسطينيين من بلادهم وقراهم وتهجيرهم تنفيذا لرغبة اليمين العنصري وحركات " الترانسفير ".
التيار الكهربائي دخل مخيم جباليا عام 1974، وكنت وقتها في الصف الأول الإعدادي، أي أنني قد أنهيت المرحلة الابتدائية بينما وسيلة الإضاءة المتوفرة كانت عبارة عن لامبة الجاز.
قبل أن تزود مؤسسة UNDP المخيمات بالبنى التحتية وشبكات الصرف الصحي، كانت المعارك تنشب بين الناس لأن مياه منزل فلان تمر من أمام منزل علان. كانت الشوارع عبارة عن مستنقعات مقززة.
لم تكن مياه الشرب النظيفة قد وصلت إلى المخيم، فكانت وكالة الغوث تزود كل حي بحنفية مياه يقوم الناس بمليء جرار المياه منها، ولنتخيل كم أن عمل تعبئة المياه مضن وممل وقاس عندما يكون سلوكاً يومياً، فالحياة مستحيلة بلا مياه. كان أبي يعمل في إسرائيل وكانت أمي هي من يقوم بإحضار الماء من حنفية الوكالة. آلاف المشاكل حدثت عند حنفية المياه لأن امرأة فلان تريد تقديم دورها على امرأة أخرى أضعف منها. كنت أشاهد اقتتال النساء على محطة المياه وكيف أن المرأة القوية تفتري على من هي أضعف منها فتشد شعرها وتلويه إلى أن توقعها أرضاً. هذا النوع من المشكلات لم يكن ينتهي بمجرد نهاية العراك، ذلك أن المعركة غالباً ما كانت تنتقل فيما بعد لتصبح بين العائلتين.
لم يكن بالمخيم طرقاً معبدة ولا تليفونات.
أما منتهى القرف والاشمئزاز فكان يحدث عندما يمتليء البئر الخارجي الموصول بحمام البيت. كان يأتينا رجل ارتضى لنفسه هذا العمل طلباً لأجرة زهيدة تقيه وتقي أطفاله شر الجوع، فكان يحفر حفرة مناسبة بجانب البئر ثم يفتح غطاء البئر الممتليء فتفوح رائحة كريهة جداً تملأ الحي برمته. عندما كبرت قليلاً أصبحت أقوم بهذه المهمة حتى دخلت البنية التحتية وشبكات الصرف الصحي في أوائل التسعينات.
مراكز التغذية التابعة للوكالة كانت تقدم وجبة يومية للكثير من الناس ولا أذكر أنني دخلت لتناول الغذاء فيها مرة أو مرتين طوال حياتي، فالوجبات كانت مخصصة للناس الأشد فقراً بحسب تصنيف الوكالة فكانت توزع على المحتاجين بطاقات خاصة للدخول. النكتة كانت عندما يعلم الناس أن الوجبة في اليوم التالي كفتة لحم ! كيف كان الناس يعلمون ماهية الوجبة قبلها بيوم لا أعلم. مؤكد من العاملين بالمركز. كان المركز يضج بالناس عندما تكون الوجبة كفتة لحم أو فاصولياء بالبرغل، بينما لا تشاهد زحاماً عندما تكون الوجبة مجدرة ( أرز وعدس ).
في المخيمات لدينا نادراً ما تجد طفلاً ما بعد سن العاشرة لا يعرف بلدته الأصلية، فهي أسماء يتم تداولها وتناقلها جيلاً بعد جيل. كذلك نادراً ما تجد رجلا أو امرأة لا يكيل السباب والشتائم لبريطانيا كونها منحت أرض فلسطين لليهود. لا يمكن أن تجد فلسطيني واحد لا يعرف وعد بلفور المشئوم أو قرار هيئة الأمم المتحدة رقم 194 الذي ينص على ضرورة أن تعيد إسرائيل جميع اللاجئين إلى بلادهم وتعويضهم عن الممتلكات وكذلك عن سنوات الشقاء والعذاب. لا يمكن أن تستمر إسرائيل في التنكر لحق العودة والتملص من قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة إلى الأبد. نحن في عصر الديمقراطية وحقوق الإنسان، ولا يمكن أن تستمر معاناة اللاجئين بلا سبب سوى أنهم ليسوا يهوداً، أما يهود أثيوبيا فيسمح لهم بالقدوم. كثير من الناس لدينا متفائلون ويحلمون دوماً بالعودة إلى قراهم وبلداتهم ومدنهم التي هجروا منها بالقوة في ليلة حالكة السواد، لكن والحق يقال فثمة من دب اليأس في قلوبهم نتيجة الضعف والهوان في العالم العربي.
بعد ثلاث وستون عاماً من الإبعاد القسري واللجوء الإجباري لابد أن يقوم اللاجئون بفعاليات سلمية لتأكيد هذا الحق، فلنشاهد مسيرات مليونية على الحدود. من لبنان وسوريا والأردن وغزة والضفة الغربية ولدى الجاليات في المهجر. هذه المسيرات سوف تشد انتباه العالم وقواه الحية والإنسانية ولتصدح السيدة فيروز في جميع وسائل الإعلام بأغنيتها الخالدة: سنرجع يوماً !

دمتم بخير








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يكفى معاناة لحياة الفلس
نهى عياش ( 2011 / 5 / 8 - 15:23 )
تحية الى الكاتب لفتح موضوع حساس على الساحة الفلسطينية ، الا وهو موضوع اللاجئين
اللاجئين وحتى ابنائهم يعانون من قسوة الحياة وظروفهم الحياتية والاجتماعية والاقتصادية، حياة قاسية في كل مخيمات اللاجئين ، والادهى من ذلك أن الكل يحافظ على مستوى هذه المعاناة وزيادتها بحجة أن لا ينسوا فلسطين ، قبل قيام الدولة الفلسطينية يجب ان يكون هناك حل لقضية اللاجئين في كل المخيمات
يكفي ما عانوا من امراض نفسية وجسمية نتيجه لابعادهم القسري عن اراضيهم ، ونعم لمظاهرات مليونية سلمية تطالب بعودتهم الى ديارهم وبيوتهم

اخر الافلام

.. الحكومة المصرية الجديدة تؤدي اليمين الدستورية | #عاجل


.. إسرائيل تعرض خطة لإدارة قطاع غزة بالتعاون مع عشائرَ محلية |




.. أصوات ديمقراطية تطالب الرئيس بايدن بالانسحاب من السباق الانت


.. انتهاء مهلة تسجيل أسماء المرشحين للجولة الثانية من الانتخابا




.. إيلي كوهين: الوقت قد حان لتدفيع لبنان الثمن كي تتمكن إسرائيل