الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لحية شابٍ لم تنتظم

زكريا حسن

2011 / 5 / 9
الادب والفن


الساحة المقابلة لبيت أمي كانت قبل فترة حائرةً وملتبسة ، لم يكن أحد يعلم ما تنوي تقديمه لنا ، أمّا عندما أجتمع فيها ممثّلو تقاطع دورة الحياة فقد تعالت أشياء كثيرة ( لحية شابٍ لم تنتظم ، نظرة للجرح قبل الوداع ، كلس العقول ، السعرات الحرارية للبلدان ) .
المسبحة : أبحث عن أوراقٍ أعوّض بها فشل أجنحتي ، جرّبت ورق التوت ولكنه سميك وذو وزن و ....... .
قاطعتها الرصاصة التي تجاوزت مكان إقامة المسبحة: في طريقي فقأت عين إحدى أشجار البطم ، كانت وحيدة تبحث عن رفيق تعوّض طفولتها .
المسبحة : البطم شريدٌ وقد تعوّد أختيار طريقه دون مرشد .
بشعرها المطلي بحناء الأمل وتسبيحتها التي لا تعرف الراحة ، تجاعيد وجهها لم تخبر أحداً عن ألمها فقد كانت تنتظر مني القليل من البصيرة لأفهم أنها نتاج تاريخ طويل من الصراع مع المموهين ( بذات ، قوانين ، شخوص ) ، عيونها تنطق بما يستتر اللسان عليه ، جفونها تجهد لتغطية المستور منذ أمد ، آذانها تستطيع النفاذ أبعد من نشرة الأخبار ، وأمّا شفاهها ، شفاهها متوترة .
كانت تغازل المسبحة التي ما غادرت يداها يوماً ، تجبرها على تكرار الحركة نفسها ، وعندما وصلت إلى النهاية راودها الشعور نفسه الذي يصارعها منذ أمد ، الشعور الذي تعلمت إخفاءه والألتهاء بتكرار الحركة نفسها مرة أخرى .
لحظة ألتقاء الرصاصة بجبهة أمي كان الظمأ يلوي ذراع السرمدية ، هدأ المكان لوهلة ، هُيّأ أن الساعة الكبيرة فوق مقعد ماسح الأحذية توقفت .
نموت ثم ندفن ، أمّا الرصاصة فتكون نائمةً في قبرها وعندما تخرج .... تموت ، من ذوات الدم البارد هي ، خجولةُ لا تود التعرف على أحد ، وحين تقرّر التعارف تحمرّ وجنتاها ثم تتعمّق لتقتل بعد أن تكون هي نفسها قد فارقت قبرها للموت .
الرصاصة : أنا جميلة قبل أن أتعرى ؟
أمي : الخشوع لا يعني خزن قنطارٍ من الكره ، ومن الخطأ جعل قشرة الجوز معياراً .
تسأل مرةً أخرى : ولدت محبوبةً ؟
تسهو أمي ، عيونها تتكلم : ولادتك جريمة .
الرصاصة : ظالمة مكروهة أنا أم مظلومة تائهة لا أنتمي لأوطانكم ؟
أمّا أمي فلا تعرف الجواب ، فقط تعرف أنها قاتلة .
يخيّم الهدوء لفترة بينها وبين أمّي كأنها هدنة قصيرة ، ثم يتفقان على سؤال واحد .
هل تلتقي الرصاصة بأجسادنا لتخترقها أم لتكشف عن جهة اليقين المبتور بفعل ساقطٍ ؟.
لم تكن الرصاصة المغروسة في جبهة أمّي تعلم أنها لا تستطيع إصدار فرمان القتل ... مسكينةُ قاتلة هي ، أمّا أمي فلم تكن تعلم أن الرصاصة لم تقتلها وإنما ترددها في التخلّي عن عبارة " الله يسترنا".
أمي والرصاصة غادرا الساحة ، وبقيت المسبحة تنتظر إمّا معركةً أخرى وإمّا فتاةً جريئة تحملها وتنساها في خزانة أغراضها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة


.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟




.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا