الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاعور بين العميان سلطان

كوهر يوحنان عوديش

2011 / 5 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


تعاقب على سدة الحكم في العراق انظمة واحزاب سياسية متباينة في الاهداف والشعارات والايديولوجيات اضافة الى اختلافها في طريقة تسنمها لمقاليد الحكم وادارة امور وشؤون الدولة السياسية والاقتصادية والثقافية، لكنها - مع الاسف – كانت متشابهة ومتماثلة في التعلق بالكرسي ومعاملة الاخر والاتجار بقوت الشعب والضحك على ذقون ابنائه ونهب ما يمكن من اموال البلد للايام السوداء المنتظرة!، فكل الانظمة المتعاقبة، بلا استثناء، لم تستطع تلبية الحد الادنى من متطلبات الشعب او تحقيق جزء من الطموحات الكثيرة، المؤجلة ابداً، لشعب خيراته تكفي لاشباع سكان الارض جميعاً، فكان نصيب الشعب من هذه الحكومات الوطنية! الفقر والقتل والذبح والملاحقة والتهجير والتشرد ودروس في التصفيق للحكومة على انجازاتها الوطنية والقومية والطائفية.
من غير المعقول ان نقارن بين الحكومات والفترات الزمنية التي حكمت فيها والظروف السياسية والاقتصادية التي احاطت وتحيط بها، لان لكل حكومة، او بالاحرى لكل حزب تسلم مقاليد الحكم في عراقنا الحبيب هدف او اهداف يسعى لتحقيقها تؤدي بالتالي الى ايجابيات وسلبيات يحكم الشعب عليها من خلال معاينة الواقع، وفي ظل كل حكومة من الحكومات المتعاقبة على الحكم كان هناك اقلية منتفعة واكثرية متضررة وذلك بسبب طمع الحاكمين ولا شعورهم بالمسؤولية تجاه الوطن وثرواته وممتلكاته، ولكل حكومة كان هناك نقاط ضعف تستغل من قبل الاطراف الاقليمية والدولية ونقاط قوة تتباهى بها لتفتك بمعارضيها وتلاحق اسرهم من ابناء هذا الوطن ..... هذه الاسباب وغيرها من الاسباب ادت ولا زالت تؤدي لحد الان لولادة حكومات مشوهة وغير مكتملة تتمسك بدفة القيادة في العراق لتبدد ثرواته حينا وتزيد من معاناة شعبه احيانا اخرى وتدمر مستقبل اجياله القادمة اغلب الاحيان.
ان انتقاد الحكومة الحالية على سوء ادارتها وضعف ادائها لا يعني بان الحكومات والانظمة السابقة كانت افضل منها، بل يعني انها عجزت عن ارضاء الشعب وتلبية متطلباته وتحقيق جزء من طموحاته الكثيرة المتراكمة بسبب التصرفات والسياسة الخاطئة التى مورست من قبل الحكومات السابقة، فاذا كانت الحكومات السابقة قد هضمت الحقوق السياسية لفئات كثيرة من الشعب وقيدت حريات افراده وبددت ثروات البلد بالاسلحة والتبرعات الجنونية لهذا وذاك ( بينما الشعب يعيش تحت خط الفقر!!! ) وشراء الذمم والهبات والعطايا لكل مصفق وواعظ يمجد الحماقات ويفتخر بالهزائم ويسكت عن قتل الابرياء العزل، اضافة الى امتيازات ومخصصات المسؤولين وقيادي الحزب وبذخهم على حساب معاناة الشعب، فان الحكومات الديمقراطية ( نقصد بها حكومات ما بعد 2003 ) لم تستطع، او بالاحرى لم يكن في نيتها، الاستفادة من اخطاء الماضي والعمل على النهوض بالوطن الى المستوى الذي يليق به وبشعبه، وبدلا من ذلك ( ولكن باسم الديمقراطية هذه المرة ) شرد الملايين وقتل الالاف واختفى عشرات الالاف وامتلئت السجون بالمجرمين والابرياء على حد سواء دون محاكمة وفاحت رائحة الجرائم والتعذيب والفساد في فضاء العالم اجمعه، واختفت مئات المليارات من الدولارات من خزينة الدولة ومن مساعدات الاعمار دون تحقيق او مسائلة او حتى متابعة!!، واصبح النفط العراقي يجري بلا عداد وكل متنفذ يأخذ حصته ليسكت عن مخالفات الاخر ويستر على نهبه، وكأن الوطن الذي يحلفون باسمه ليس سوى ثور مذبوح طوبى لمن ينتهز الفرصة ويقتطع منه الجزء الاكبر.
مرت ثمانية اعوام على اسقاط النظام السابق والظروف الامنية تسير من سيء الى اسوأ والوضع الاقتصادي مستمر في التدهور وحقوق الشعب تهضم كالسابق! وخريجو الجامعات يفرشون البسطات او يتسكعون في الشوارع بلا امل في التعيين على ملاك الدولة او الحصول على وظيفة محترمة تتناسب مع شهاداتهم العملية ( لانهم ليسوا من الحاشية او من اولاد الربع )، ومستوى الجهل يزداد ونسبة الامية بارتفاع ملحوظ وحال التربية يبكى عليه، والخدمات العامة قليلة ان لم تكن معدومة ... وفي المقابل تتضخم ثروات المسؤولين – معارضي البارحة وحكام اليوم- ويزدادون استخفافا بمشاعر المواطنين ومعاناتهم المتزايدة، ويثبتون للشعب العراقي وشعوب العالم ايضا ان الكرسي اغلى من الوطن وارواح ابنائه.
وختاماً لا نجانب الحقيقة اذا قلنا ان حكومات ما بعد 2003 لا تختلف عن سابقتها كثيراً، عدا بعض المفارقات البسيطة التي لا تتعدى في عدم زجها الشعب العراقي في حروب خارجية ( لكن في المقابل اصبح الشعب عدو ذاته ويتقاتل ما بين نفسه! ) هذا اولا، اما ثانياً فتكمن في نسبية الحرية في التعبير عن الرأي دون خوف او ملاحقة، اما باقي الامور فان لم تكن قد ساءت اكثر فانها لم تتحسن البتة!، وهذا ما يجعل حكومتنا الديمقراطية الحالية احسن نوعا ما من حكومة البعث السابقة.
همسة:- ليس كل مصفق لاخطاء الحكومة بوطني مخلص وليس كل منتقد ببعثي مجرم او ارهابي بلا ضمير، فلربما يكون المنتقد من اشد الناس وطنية واولهم حرصاعلى الديمقراطية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نصب خيام اعتصام دعما لغزة في الجامعات البريطانية لأول مرة


.. -حمام دم ومجاعة-.. تحذيرات من عواقب كارثية إنسانية بعد اجتي




.. مستوطنون يتلفون محتويات شاحنات المساعدات المتوجهة إلى غزة


.. الشرطة الألمانية تفض اعتصاما طلابيا مناصرا لغزة بجامعة برلين




.. غوتيريش يحذر من التدعيات الكارثية لأي هجوم عسكري إسرائيلي عل