الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصص من مآسي المرأة العراقية

أسماء الرومي

2011 / 5 / 9
الادب والفن


حين وقفنا قرب مكان الورود في أحد الأسواق سألتني إبنتي ، أي نوع من الورود تحبين يا أمي فهذا اليوم هو عيد الأم هنا في أميركا ، قلتُ هذه الباقة من ورود الليلك إنها جميلة وأنا أحب هذه الزهور، هذه المناسبة وباقة الورد أعادتني لوجه إمرأة رأيتها قبل فترة في برنامج على الأنترنيت ، كانت إمرأة شابة وبقربها ثلاث فتيات ، وحين تساءلتُ هذه المرأة الجميلة وهؤلاء الفتيات الصغيرات أكلهن لها.. أجل قالتْ إبنتي ولها إبنة رابعة ، . ولكن المرأة تبدو صغيرة فكيف .. سأعيد لك البرنامج لترين ، كان برنامجاً أرسلته إحدى الصديقات على الفيس بوك وكان يعكس مأساة من مآسي النساء العراقيات والتي لا تُعد ، إمرأة لا زالت في العشرين من العمر تدور بين قطع من الأسمنت الثقيلة هي ونسوة أخريات مقاربات لها في الأعمار ، وبوسائل تكاد تكون بدائية يحملن القطع المعدة للبناء . بدأتْ المرأة بطرح مشكلتها ،زواج مبكر في عمر الثانية عشرة وبدون أوراق رسمية فالعقد أجراه السيد ،وقد كانت هذه المرأة هدية من أخيها لمن زوجوها له لأنه أراد أن يتزوج أخت زوجها وهوزواج أسموه الصدق ،ولا أدري من أي صدقٍ جاءت هذه التسمية وها هي أم لأربع بنات كبراهن في السادسة من العمر ثلاثة منهن يعشن معها وهي مسئولة عن إعالتهن فهي مطلقة ،وقد يكون سبب طلاقها إنجابها للبنات فقط ،والمسكينة حين ذكرت إبنتها الصغرى لم تستطع الأستمرار في كلامها إذ تقطع بدموع غسلت ذاك الوجه الملائكي الجميل قلت معلقة لا أدري كم ستعيش هذه المرأة مع هذا العمل الذي لا يستطيعه رجل وبسواعد قوية
سألتني إبنتي حين سمعت تعليقي..ولكن لم يا أمي تقولين هذا ؟ وهؤلاء بناتها المسكينات ،فؤاضح إنها مهتمة برعايتهن وهذا يبدو من مظهرهن وبما تعكسه الأم من أفكار ناضجة وكأنها بدرجة جيدة من التعليم رغم إنها لم تدخل المدرسة قلت لقد علمتها الحياة الكثير رغم صغر سنها .وسأقص عليك لم قلت هذا ..حين كنت في بغداد قبل عدة أشهر رأيت فتاتين بعمر هؤلاء الصغيرات يدخلن الباب الخارجية لبيت قريبتي فهي تعطف عليهن ببعض المساعدات سألتها ..هؤلاء الفتيات وكأنهن المشردات أجابت ..وهن كذلك ومنذ موت الأم وهن بهذه الحال ،والأب أين هو..إنه يعمل في حراسة أحد البيوت التي تركها أهلها في نهاية الشارع ..ولكن ما الذي حدث للأم عدتُ لأتساءل ،فهي حتماً إمرأة شابة ،فماذا جرى ،قالت قريبتي هذا الأب الكسول كان يدفعها للعمل من الصباح الباكر وحتى المساء إذ كانت لديها عربة من الخشب تضع عليها برميلاً تملأه بالنفط من محطة البنزين وهذا ليس بالسهل إذ كان يستوجب الوقوف ساعات عديدة ومن الصباح الباكر ثم ولوحدها كانت تدفع العربة لتوزع النفط على البيوت في شوارعنا ،ورغم الأجهاد الذي كان جسدها الضئيل يتعرض له ،فلم يرحمها ذاك الزوج القاسي بمساعدتها في العمل بل كان يسيطر على الكثير مما تحصل عليه ،واستمرت على هذا العمل الشاق عدة سنوات وفي الفترة الأخيرة كنا نرى وجهها يشحب يوما بعد يوم وكانت تشكو إجهاداً في صدرها والزوج القاسي لم يرحمها يوما لترتاح ولم يحتمل القلب المجهد كل هذه القسوة ،فتوقف عن العمل وذهبت المسكينة ،لتترك هاتين الطفلتين للتشرد،وهذا هو حال الكثيرات من النساء العراقيات ،معاملة قاسية في بيوتهن ورعاية إجتماعية معدومة من قبل الأنظمة المهينة للبشر والتي إبتليت بها دولنا
نظرتُ للزهور في يدي قلتُ هذه الزهور الجميلة لا تستحقها غير أمهات بوجوه وقلوب كالملائكة وأيادي نبيلة مثل تلك الأمهات
وإني أتساءل متى يلتفت أصحاب السعادة المسئولين في حكومة العراق لمثل هذه العوائل المسكينة ؟ وكم هو عدد مثل هذه العوائل يا سادتنا الكرام؟
Los Angeles
11/08/05








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنان إيطالي يرسم برج إيفل في حقل زراعي احتفالا بدورة الألعاب


.. الكينج وكاظم الساهر وتامر حسني نجوم حفلات مهرجان العلمين فى




.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت يتحدث عن كلمات أغنية ع


.. عوام في بحر الكلام - الشاعرة كوثر مصطفى تتحدث عن أعمالها مع




.. عوام في بحر الكلام | الشاعر جمال بخيت - الإثنين 8 يوليو 2024