الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اختبار ديمقراطية البرلمانيين

زياد العجيلي

2011 / 5 / 10
الصحافة والاعلام


سيختبرُ صحفيونَ عراقيون و معهم ناشطون دوليون ديمقراطية البرلمانيين العراقيين عند تصويتهم على مسودة قانون "حماية الصحفيين"، التي تمثل مبعث قلقٌ بالغ لدى المنظمات المحلية والدولية، لأن المسودة تلك ستضر بسمعة الديمقراطية وتفرض نظاما شموليا جديداً من وجهة نظرهم.
منظمة (المادة 19) التي تتخذ من لندن مقرا لها، وهي متخصصة بدراسة قوانين الإعلام و حرية التعبير وتشريعها ومعها خبراء محليون، نسفوا هذه المسودة، وهو ما دعاني بأن أنعتها "سيئة الصيت" لانها لا تتوافق و المعايير الدولية لحرية الصحافة ,بل إنها تبتعد عن ذلك و تقيد حق الحصول على المعلومات للمجتمع وتحصرها بقيود مشددة بالصحفيين "بما لا يتعارض مع القانون"، ولكن لانعلم أي قانون قصده واضعو المسودة، قبل النظام الشمولي إم بعده.؟
غالبية البنود الأساسية في هدف القانون غائبة, وعلى العكس تماماً من عنوانه، بل إنها تفرض قيوداً جوهرية على حرية الصحافة و التعبير و حقوق الإنسان في العراق، في وقت نحن بأمس الحاجة لتعزيزها.
الأطلاع على المسودة وقراءتها بشكل متأن يبين لنا إنها تفرض قيوداً على حرية الصحافة و التعبير، وإن أغلب موادها فضفاضة و متضاربة مع مواد دستورية أخرى، وقد توّرط العراق وتدخله في إنتهاك صريح لألتزاماته القانونية و الدولية.
ويمكن للمشرع أن يتمعن بقراءة المسودة, وعندها سيجد قيوداً عدة مباشرة وغير مباشرة تفرضها هذه الوريقة على ممارسة حق حرية التعبير، وذلك عبر البنود المتعلقة بحماية المصادر والتراخيص وهي تتعارض بشكل جذري مع عنوان مسودة القانون و حرية الصحافة.
في الأسابيع الماضية إستمعت لتصريحات برلمانية من الرئيس النجيفي و نائبه السهيل وأعضاء آخرين ,ومن رئيس الوزراء نوري المالكي، كانوا يدعون من منابر مختلفة لأقرار هذه المسودة و التعجيل بالتصويت عليها، وكأنهم لم يقرأوها ,ولم يطلعوا عليها, أوعلى تقارير ودراسات دولية إنتقدت هذا القانون وبشدة.
النواب البرلمانيون و المتخصصون بالتشريعات كان يجدر بهم على أقل تقدير تكليف لجان مختصة لدراسة التشريعات التي يعتزمون إقراراها، أما المناصرة لمسودة تشرع دون معرفة مضمونها فستكون مدعاة قلق عميق، لأنها لا تؤدي إلى ديمقراطية حقيقية.
أما فكرة منح إمتيازات طبقية (للصحفيين) فقد تدخلنا بمتاهات وتعود بعجلة التقدم السياسي الى آلية النظام السابق، وهذا لن يحصل إذا وجدنا مشرعين ديمقراطيين، لإننا نريد إن ندافع صراحة عن فكرة أن الحقوق الإنسانية شاملة ولا تقتصر على جماعة محددة أو أناس معينين أو تنظيم نقابي.
وفي كل الأحوال فإن حرية الصحافة والتعبير لا تقتصر اليوم على الصحفيين وحسب، فالثورات العربية ضربت مثلاً معبراً عن صحافة المواطن، والشباب إستخدموا من الميادين العامة والمقاهي وسائل لإعلام إجتماعي لنقل التقارير عن التطورات السريعة للأحداث, ونشر ما تحقق من إنتصار, وضمنوا إن العالم يسمع لصوتهم، في وقت عجزت فيه وسائل إعلام محترفة عن تغطية تلك الأحداث، ما جعل الصحفيين يعيدون دراسة دورهم في المجتمع، لأنهم لم يكونوا المنفذ الوحيد للمعلومات مثل السابق، وإن الحكومات الشمولية لم تتمكن قبل سقوطها من الإمساك بالمعلومات، وإن منابرهم لم تعد الآن الأهم بالنسبة لحرية التعبير عن آراء المواطنين.
لسنا في معرض النظر بطريقة ملتوية للقانون لأنه يكشف عن نفسه بنفسه من خلال قراءة بسيطة لمسودته المهلهلة والمعبأة بالهواء كقطع الشوكولا المغشوشة, المهم الآن أن ننتظر ماسيتم إتخاذه من تدابير في البرلمان العراقي,ومن سيصوت لهذه المسودة بالقبول ليؤشر حال التراجع في فهم الديمقراطية والعودة ثانية الى أسلوب شمولي في ترتيب الأولويات وتوجيه حركة المجتمع؟ ومن سيصوت بالرفض ليؤكد إن مثالا حيا يتشكل في بيئة ديمقراطية فاعلة تؤسس لمشروع مدني واضح المعالم ,تكون الفكرة الأعمق فيه هي المساواة بين المكونات المجتمعية وفقا لما لها من حقوق ومايترتب عليها من واجبات في ظل نظام ديمقراطي متزن ورصين.
مغادرة المسودة نهائيا بعد قراءة أولى لها في البرلمان سيكون حلا واقعيا ,وتجنب كارثة حقيقية تضر بحرية الصحافة والتعبير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف يتصرف الألمان عندما يمرضون؟ | يوروماكس


.. لمى الدوري: -العراق يذخر بالمواقع الأثرية، وما تم اكتشافه حت




.. الهدنة في غزة على نار حامية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مسلسل المانغا - بون- : وحدة تسافر عبر الزمن وتحي الموتى




.. -طبيب العطور- بدبي.. رجل يُعيد رائحة الأحبة الغائبين في قارو