الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تساؤلات سورية غير مشروعة (1)

عادل أسعد

2011 / 5 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


تساؤلات سورية غير مشروعة "1"
بداية أحب أن أنوه بأنني لست ممن كانوا يوما من المرتزقين أو المنتفعين من نظام الحكم في سوريا . بل على العكس فأنا واحد من الناس الذين عانوا الأمرين من انتشار الفساد في سوريا و ممن خسروا الكثير من الزمن و الجهد في عز الشباب نتيجة لجهل في تركيبة نظام المحسوبيات في دوائر و مؤسسات الدولة . و قادني الفقر و الخوف من المجهول في نهاية الامر إلى الهجرة للخارج و إن كنت لم أنقطع يوماً عن التواصل مع بلدي سوريا . المقصود بهذه المقدمة هو تجنب استباقي لأحدى التهم المقولبة التي باتت رائجة في هذه الأيام عند المعارضة و المتظاهرين مثل بوق للسلطة ، و خائن لأهلي ، و مدسوس للأمن و و و .
كمواطن سوري يعرف تركيبات المجتمع في سوريا و كل شرائحه و ملم بفروقاته و مفاصله أحمل في قلبي بعض التساؤلات و هي موجهة للجميع و برسم الاجابة الفورية ، لأن أجوبتي أنا عليها كانت للأسف غير مرضية لي أبداُ ، بل فلنقل كانت مخيفة ؟؟!! التساؤلات الأولى موجهة إلى المعارضة و المتظاهرين السوريين .
التساؤل الأول : أرى الكثير من الدموع داخل سوريا و خارجها تزرف على من قتل برصاص الأمن ، و أرى أكثر منها لوائح و بيانات و تصريحات من هيئات و منظمات مدنية و دول تشجب و تتألم على من قضي ، و تندد بوحشية السلطات السورية التي لا تعير وزنا لحياة المواطن السوري و تطالب بتقدير قيمة الانسان السوري و بالرحمة لأطفال سوريا و بحقن دماء من يريد الحياة و الحرية ..كل هذا جميل و رومانسي و مشروع و لكن التساؤل هو ، بما أن الحياة لها هذه القيمة عند هؤلاء لماذا لم أسمع و لا مرة واحدة عن مواطن سوري واحد علماني كان أم مؤمن ، أكاديمي أم أمي ، ليبرالي أم عقائدي ، قد تظاهر مطالباًً السلطات السورية بتحسين الخدمات الطبية أو اصلاح طرقات السفر و سن قوانين مرور جديدة و صارمة لحقن دماء الآلوف من ضحايا المرور سنويا في سوريا التي حققت أعلى نسب لضحايا المرور في العالم ، و المفارقة أن نسبة كبيرة من الضحايا هم النساء و الأطفال و طريق درعا دمشق السريع هو من أخطر طرق سوريا ؟؟!! بالمناسبة لم نسمع أيضاً عن هيئات انسانية عالمية كالصليب الأحمر مثلا أنها قد طلبت من سوريا تحسين طرقاتها أو قوانينها المرورية أو خدماتها الصحية
التساؤل الثاني : يهاجم المتظاهرون السوريون و منظروهم من على المنابر الاعلامية المختلفة عقلية النظام السوري و بالتتالي العضوي العقلية الأمنية في سوريا و مرآتهم المتمثلة في الاعلام الرسمي السوري ، فهم قد "قرفوا" الخطاب السوري الرسمي الذي عفا عليه الزمن ، و نغمة التخوين الجاهزة ضد كل من يتفوه بكلمة ضد السلطة ما هي إلا مصادرة فكرية ممجوجة و مملة ، و بدعة التآمر الخارجي قد أصبحت عقيمة و فقدت صلاحيتها في عصر العولمة الذي نعيش . التساؤل الأن هو ، لماذا نرى هذا الكم الكبير من المقالات و البرامج و الريبورتاجات التي تخون و تقدح كل من سولت له نفسه التعبير عن رأيه المناهض للمظاهرات أو المتظاهرين ، أو حتى من عبر فقط عن ترحمه على أرواح جنود الجيش السوري ؟؟!! فهذا عميل لكن هذه المرة ليس للأمبريالية و لكن للنظام السوري ، و ذاك بوق و لكن ليس للمشروع الأمريكي في المنطقة بل للنظام السوري ، حتى مقتل الجنود و رجال الشرطة السوريين لهو مؤامرة وراءها السلطات السورية نفسها ؟؟!! . إن مجرد وضع لائحة عار لمن خالف في الرأي لهو أكبر عار و مصادرة خطيرة لحرية التعبير و تشهير قاس غير مسؤول ، لقد وصل الأمر بأحد كتاب التلفزيون المعروفين لوصف بعض الممثلين السوريين بأنهم بلا شرف أصلا لمجرد تعبيرهم الصريح عما يروه ؟؟!! دعونا لا ننسى بأنني قد اضطررت لأبتدئ بمقدمة تمهيدية تقيني القدح و الشكوك قبل اكمال هذه السطور .
التساؤل الثالث : إن كل سوري في الداخل و الخارج يعرف تماما تركيبة القوى الأمنية و العسكرية في سوريا و استقطاباتها ، و متيقن بأن ما آلت إليه المظاهرات في تونس و مصر و التي لعب بهما الجيش دور الفصل لا يمكن أن تستنسخ في سوريا ، فجميعنا نعرف تركيبة الجيش السوري وولائه و نعرف من هو قائده الأعلى ، و عليه فجميعنا متيقنين بأن المناطحة المباشرة مع السلطات في سوريا ستؤدي حتما في نهاية المطاف لتدخل الجيش ليحسم الأمر لمصلحة السلطات مع ما سيرافق ذلك من قتال و ضحايا ستسقط ، و في حال تطورت الأمور أكثر سيصل الأمر لحد الحرب الأهلية التي من الممكن أن تأكل الأخضر و اليابس ضمن نطاق قد يتجاوز حدود سوريا ، كل هذا نعيه و نعرفه نحن السوريون تماما و التساؤل الآن هو ، لماذا لم يتوقف المتظاهرون و منظروهم عند حزمة الاصلاحات التي أطلقها الرئيس بشار الاسد لالتقاط الأنفاس و اعادة التفكير بأرواح الناس و استنباط استراتيجيات جديدة ؟؟!! لماذا بات التظاهر مطلوبا بحد ذاته بهذا الهياج المريب ، لماذا هذا الاستعماء عن المخاطر و التطنيش عن التبعيات ؟؟!! ألم يتفتق ذهن هؤلاء على وسيلة اخرى لتعزيز المكاسب دون كل هذه الخسائر بالأرواح ؟! (أنا شخصيا تحضرني أكثر من وسيلة) أوليست شعارات من نوع حتى آخر شهيد و بصدورنا العارية حتى آخر رمق هي أيضا من مخلفات الماضي قد أكل عليها الدهر و شرب . ثم من فوضهم على صدور و أرواح الآخرين في حال كبر نطاق المواجهة ليطال الجميع دون استثناء ؟؟!! هذا التساؤل الأخير كنت قد طرحته كرد على مقال لكاتب سوري ما فتئ يدعو إلى المواجهة مع السلطات السورية حتى من قبل أن تبدأ المظاهرات بالاشتعال .
إن احدى الوسائل التي تحضرني لأحداث أهم التغيرات ليس في سوريا فحسب هي التأمل أكثر و أعمق بقول الله سبحانه و تعالى :
"لا يغير الله بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" صدق الله العظيم .
عادل أسعد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شدني ما قرأت
غسان المفلح ( 2011 / 5 / 13 - 07:06 )
شدني ما قرأت في مقاليك وأسئلتك للمتظاهرين فقط، ولا يوجد أي سؤال للنظام، هذا أولا، وثانيا أتمنى ألا تكون أيضا ممن يصنفون الآخرين كما بدأت مقالاتك بالتهجم على كتاب المعارضة، عزيزي هل كذبنا كذبة وصدقناها أنه لا بديل عن نظام الأسد!! كيف لشعب تعداده 23 ميلون سيبقى محكوما من نفس العائلة؟ ولو كانت الأمور ملكية دستورية لفهمنا الموضوع، ولكن الحال ليس كذلك وكنت أتمنى أن يكون كذلك وهذا ماطرحته في مقال لي عام 2004 من قال أن البديل شخوص أو حزب بعينه، من اين هذه اللفتة التي صدرت إلينا نتاج للإسلاموفوبيا ولمصالح إسرائيلية بالمنطقة، البديل هو دولة المؤسسات والقانون، وليتنافس من يشاء على مواقع السلطة التنفيذية اعتقد ان هذا البديل سورية وشعبها قادر عليه، ثم ما هو دليلك أن المتظاهرين يحملون سلاحا؟ وماهو دليلك ان التظاهرات كان لها صفة طائفية؟ وإذا كان النظام شرسا إلى هذا الحد هل على الناس الطاعة إلى الأبد؟ لا اعرف أتمنى أن أسمع منك غجابة عن هذه الأسئلة..وشكرا لك،

اخر الافلام

.. حرب غزة..احتجاجات جامعات أميركية | #غرفة_الأخبار


.. مساعدات بمليار يورو.. هل تدفع أوروبا لتوطين السوريين في لبنا




.. طيران الاحتلال يقصف عددا من المنازل في رفح بقطاع غزة


.. مشاهد لفض الشرطة الأمريكية اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة و




.. جامعة فوردهام تعلق دراسة طلاب مؤيدين لفلسطين في أمريكا