الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-المستنقع العراقي- ليس بعيدا عن الأردن!

باتر محمد علي وردم

2004 / 10 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


يتحمس الكثير من الإعلاميين والسياسيين في الأردن والعالم العربي لفكرة سقوط الولايات المتحدة في ما يسمونه "المستنقع العراقي"، أي تعرض الجيش الأميركي للضربات الموجعة من المقاومة العراقية وفشلها في استمرار احتلال العراق، وعجز الحكومات العراقية المتعاقبة والأحزاب السياسية العراقية المختلفة عن إحداث نوع من الأمن في بلاد الرافدين.
ويتمنى الكثير من الزملاء، للأسف استمرار الفوضى والانفلات الأمني في العراق، وتطور اشكال المقاومة العراقية ويتحمسون لعمليات الخطف والقتل على اعتبار أن كل ذلك يؤكد فشل المشروع الأميركي في العراق خاصة في النواحي الأمنية وأنه خطوة نحو التحرير من الاحتلال الأميركي كما يطيب للكثيرين من أنصار صدام حسين أن يقولوا بأن الأوضاع في العراق زمن صدام أفضل منها زمن الوجود الأميركي.
والواقع أنني أيضا اشارك الزملاء الابتهاج بسقوط الولايات المتحدة في أي مستنقع سياسي أو عسكري، وأتمنى فشل مشروع الاحتلال الأميركي للعراق، ولكن علينا أن نعلم بأن هذا المستنقع لا يقع في حوض الأمازون على بعد مئات آلاف الكيلومترات من بيوتنا ودولنا، بل يقع قريبا جدا وأن معظم ضحايا هذا المستنقع ليسوا من الأميركيين بل من الشعب العراقي وهم أخواننا. والأهم من ذلك أن هذا "المستنقع" السياسي والعسكري والفكري بات يشكل ايضا خطرا داهما لا على الولايات المتحدة فحسب بل على كل المنطقة وشعوبها بطريقة شبيهة تماما بالنموذج الأفغاني.
قبل عقود عمت السعادة العرب والمسلمين بسقوط الجيش السوفييتي في مستنقع أفغانستان، وخروج هذا الجيش ذليلا من بلاد "الإسلام" نتيجة حشد عشرات الآلاف من المقاتلين العرب بدعم الاستخبارات الأميركية. ولكن ما خلفه الانسحاب السوفييتي وراءه كان اشد فظاعة وبشاعة، فقد انتشر مد الإرهاب وايديولوجيا القتل الديني والتطرف والتخلف في كل أرجاء العالم الإسلامي، وأصبحت كل المجتمعات العربية والإسلامية تقريبا تدفع ثمن التجربة الأفغانية وهي التي على بعد آلاف الأميال مكانا ولكن في قلب العالم الإسلامي فكرا.
وما يحدث في العراق يبدو مماثلا لأن السياسة الأميركية الغبية تحدث الدمار في المنطقة مرة أخرى. في التجربة الأفغانية قدمت الولايات المتحدة "هديتها" للعالم بأسره من خلال بناء جيش المجاهدين لمحاربة الكفر الشيوعي، ولكن الفكر التكفيري ارتد عليها وعلى كل المجتمعات العربية. وفي استباحتها للعراق، واحتلال موارده وقتل أطفاله ونسائه وشيوخه خلقت الولايات المتحدة جيلا جديدا من المتطرفين والحاقدين بدأ الآن في حربه العنيفة ضد الوجود الأميركي في العراق ولكنه يخلق أيضا نذر مثيرة للقلق لفكر عنيف وتكفيري لا يجد أدنى غضاضة في خطف وقتل الأبرياء من جنسيات عربية وإسلامية وأخرى غير مشاركة في غزو العراق، وهو فكر وجد في العراق الساحة الأمثل للعمل والتنظيم قبل الانطلاق إلى الدول العربية المجاورة.
لا أحد منا يرغب في بقاء الولايات المتحدة في العراق، والكل يريد رحيلها منكسرة مهزومة حتى لا تكرر هذه الجريمة في دول أخرى، ولكن في نفس الوقت فإن مصلحة الدول والمجتمعات العربية كلها، باستثناء القلة المتطرفة من الأصوليين هي في استعادة العراق لأمنه واستقراره ووحدته بسرعة وعدم تحول أرض العراق إلى ساحة تجنيد لشباب سوف يزرعون القنابل ويطلقون الرصاص في كل العواصم العربية لاحقا.
نفهم حماسة العرب والمسلمين لتنظيمات المقاومة العراقية التي تحارب الاحتلال الأميركي ولكن ليس إلى حد الاحتفال "باستشهاد" قيادات في تنظيمات أصولية مثل مساعد أبو مصعب الزرقاوي وةهي قيادات كانت تعمل على ارتكاب عمليات إرهابية في قلب عمان تتسبب في إزهاق أرواح الابرياء. ونفهم تماما المطالبة بدعم المقاومة العراقية ضد الاحتلال ولكن ليس كل أنواع هذه "المقاومة" وخاصة تلك التي تقتل وتخطف وتزرع القنابل العشوائية وتزهق أرواح العراقيين لأن هؤلاء سوف يأتون إلينا نحن فور انتهاء مهمتهم في العراق!
المسؤولية العربية الأخلاقية تقتضي مساعدة الشعب العراقي على تحقيق الأمن والاستقرار وحماية المجتمع العراقي من الإرهاب والعنف والفكر التكفيري لأن تحرر العراق من الاحتلال الأميركي يجب أن يؤدي إلى دولة عراقية مستقلة ومستقرة وتحجيم وجود التنظيمات الإرهابية، وألا تؤول الأمور إلى الفوضى كما في حالة أفغانستان، ودعم تطور المؤسسات العراقية الوطنية يعتبر عنصرا هاما ليس فقط في إزالة الاحتلال الأميركي بل أيضا في حماية أنفسنا وبلادنا من الفكر التكفيري العنيف الذي يجد في العراق بقعة مناسبة للإزدهار والانقضاض على المجتمعات العربية، وهذه ليست مبالغة ولكن التاريخ أفضل شاهد وعلى الجميع استيعاب الخطر الداهم والتحلي بالذكاء الكافي لتمييز الخطر الكبير الذي سيدمر أمن المجتمعات العربية ومنها الأردن في حال استمر العراق مكانا لتجمع الإرهابيين من مختلف الجنسيات
العربية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الأوكراني: الغرب يخشى هزيمة روسيا


.. قوات الاحتلال تقتحم قرية دير أبو مشعل غرب رام الله بالضفة




.. استشهاد 10 أشخاص على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على مخيم ج


.. صحيفة فرنسية: إدخال المساعدات إلى غزة عبر الميناء العائم ذر




.. انقسامات في مجلس الحرب الإسرائيلي بسبب مستقبل غزة