الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لوبي الديكتاتور مبارك وسيناريو هدم المعبد

محمود عبد الرحيم

2011 / 5 / 11
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


لوبي الديكتاتور مبارك وسيناريو هدم المعبد

محمود عبد الرحيم
ما يجرى في مصر الآن الذي بؤرته امبابة مقدمات لسيناريو مخيف، لطالما حذرنا من تداعياته الكارثية، ليس فقط على الثورة التى عانت المخاض الصعب لسنوات طويلة، وأنما على مصير هذا البلد وأهله ، الذي يأبى أصحاب المصالح في الداخل والخارج أن ينعما بالتحول الديمقراطي الحقيقي، والتحرر من التبعية وإقامة دولة العدل والرفاه المدنية العصرية، التى لا يفصلها عن العالم المتقدم مئات السنوات، كما هو الحال حاليا.

وعندما نقول أصحاب المصالح نعني بهم بكل وضوح مبارك وعصابته ولوبي المنتفعين من ضرب الثورة من رجال أمن وأعمال وحزب منحل ومتنفذين في دوائر عديدة، وقوى ترفع شعارات دينية، وتتحرك بالتوزاي مع بلطجية النظام الساقط لتنفيذ أجندة الفوضي وإرهاب الشعب وإلهائه عن استكمال ثورته وحصاد ثمارها.

وهذا المخطط الإجرامي يتم، بلاشك، بالتنسيق والتناغم مع الامتدادات الخارجية غير الخفية التى كانت ترى في مبارك ونظامه الفاسد المستبد التابع "حليفا ذهبيا" ينفذ أوامرهم الاستعمارية بدون تردد، ولو على حساب المصالح العليا للوطن وسيادتها وكرامتها الوطنية، مثل أمريكا والكيان الصهيوني، وكذلك النظام السعودي الذي يرى في ضرب الثورات العربية تأمينا لنفسه من وصول نارها ونورها لشعبه الذي يعاني مثل أقرانه العرب من الفساد والاستبداد، ويتوق للتحرر من الديكتاتورية الوراثية.

ودعونا لا ننسى حديث مبارك قبل أن يتم خلعه "إما أنا أو الفوضى"، والنزعة الانتقامية من الثورة، والشعب الثائر التى تعتمل في صدور كل من تم إسقاطهم عن على عروشهم، التى لم يكونوا يوما يتصورون أن يُزحزحوا عنها، وترسخ صورة الأسياد عن أنفسهم حتى اللحظة، وصورة العبيد عن هذا الشعب في أذهان هؤلاء المرضى بجنون العظمة، تلك الأكذوبة التى صدقوها، ولم يتخيلوا أبدا غيرها.

ولعل الفتنة الطائفية هى آخر وأخطر الأوراق التى يمكن أن يتلاعبوا بها، لضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، من قبيل الإلهاء عن محاكمات الفاسدين الكبار وثروات البلد المنهوبة، وتعطيل مسيرة البناء الديمقراطي، ووضع البلاد أمام خيارين كلاهما مر، إما تفجير العنف الطائفي المتبادل وحرب أهلية تسيل فيها شلالات الدماء، للدرجة التى يصل فيها المصريون إلى التحسر على عصر مبارك وإستقراره الزائف، أو دفع الجيش إلى الإستيلاء على السلطة بمفرده كحالة الجزائر، أو بالتحالف مع الإسلاميين كحالة السودان، تحت شعار"الإنقاذ"، الأمر الذي ينسف هدف الدولة المدنية المتحررة من سيطرة العسكر أو القوى الدينية، وفى كل الحالات يكون مبارك وعصابته قد حققا هدفهما في هدم المعبد على من فيه، والانتقام من الثورة والثوار، وجعل الشعب يناصب العداء للثورة، ويكره يوم أن حلم بها، أو خرج لأجلها، وقدم شهداءه قربانا لها.

وهو السيناريو الذي يجب أن نحذر منه، ونفوت فرص إنجاحه على جميع المتربصين بثورتنا ووطننا الذي نريد بهما خيرا، ويريدون بهما شرا.

ربما تكون الحكومة والمجلس العسكرى اللذان يديران البلاد مؤقتا قد اتخذا قرارات إيجابية بالإسراع بتقديم المشتبه فيهم لمحاكمات عاجلة، وتوجيه رسالة شديدة اللهجة للمتلاعبين بأمن الوطن ووحدته الوطنية، إلا أن الأمر يحتاج إلى اجراءات أوسع مدى، يكون لها صداها على الأرض، تنطلق من حصر كل المحرضين على الفتنة الطائفية والمتآمرين على الثورة واتخاذ تدابير عقابية، أو احترازية حسب الحالة، بما فيها توسيع نطاق الإقامة الجبرية وحظر النشاط السياسي والعام لكوادر الحزب الوطني المنحل، وكذلك رجال الأعمال الفاسدين الذين يتصورون عبثا أنهم قادرون على إعادة عجلة الزمن للوراء بتمويل أنشطة البلطجية وزرع الفتن، والإسراع بحل المحليات، علاوة على ضرورة تحجيم نشاط القوى الدينية الإسلامية وتحركاتها المريبة المحرضة للتطرف على الجانب المسيحي، والمستفزة لكل جموع الشعب، وقبل كل هذا تسريع وتيرة المحاكمات خاصة لرموز الحكم والفساد وخصوصا مبارك وعائلته ودائرته المقربة على أن تكون علانية حتى تهدأ الخواطر وتطمئن النفوس، بالترافق مع الاستماع لنصح عقلاء الوطن ومخلصيها وصوت الثوار، في ضرورة إكمال مسيرة الثورة بأجندتها المعلنة والعدول عن مسار تم رسمه، وتعرض لإنتقادات واسعة، مع إشراك رموز القوى الوطنية المختلفة في صنع القرار، والبدء بكتابة دستور جديد بتوافق وطني واسع يشارك فيه ممثلون عن كل أطياف المجتمع، ثم اجراء انتخابات رئاسية، فتشريعية، للوصول إلى بناء مصر جديدة قوية وعصرية ومدنية تكون قادرة على مواجهة التحديات، ومؤامرات الداخل والخارج لإفشال هذا التحول التاريخي المأمول.

وعلى القوى الوطنية وطليعة الشعب المثقفة أن تسارع إلى توحيد مواقفها وتحركاتها، والتركيز على حماية الثورة والوطن من الاخطار المحدقة بهما، بدلا من الانشغال بتأسيس أحزاب وكيانات متشظية، والتصارع على مكاسب ثورة لا تزال في منتصف الطريق، ولم تؤت أكلها بعد.

كلمة أخيرة، بقدر رفضنا للتطرف الإسلامي ورفع شعارات دينية مستفزة لمشاعر شركاء الوطن وأمام دور العبادة المسيحية من قبل السلفيين وغيرهم، فأننا على الجانب الآخر نرفض تقديم الهوية المسيحية للمسيحيين المصريين على الهوية الوطنية الجامعة، ويتساوى في الاستهجان والإدانة من ينادي بأن "مصر إسلامية" بمن يرفع الصلبان، ويقدم إنتماءه الديني على الوطني، أو يذهب لطلب الحماية من قوى استعمارية كواشنطن، ويتظاهر أمام سفارتها، طالبا الحماية والتدخل من العدو الرئيسي لمصر، إلى جانب إسرائيل.

فهذا سلوك غير مبرر بأى حال من الأحوال، ويضع من يقوم به في خانة التفريط في الوطنية والتشكيك في مواقفه وصدقية حرصه على سلامة هذا الوطن وإستقراره ووحدته، ويرفع عنه التعاطف العام والمناصرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح


.. الرئيسان الروسي والصيني يعقدان جولة محادثات ثانائية في بيجين




.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط