الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سياسات مفتوحة النهايات..

جمال الهنداوي

2011 / 5 / 12
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


قد تكون بالغة الدلالة هي تلك الاشارات التي وصفت القمة التشاورية لدول مجلس التعاون الخليجي والمنعقدة في الرياض على انها اول قمة عربية لمرحلة ما بعد الاحتجاجات الشعبية العربية التي طالت ولامست اذيال ثياب بعض الدول الخليجية المجتمعة وارعبت حد الهلع البعض الآخر..
اشارات قد يحيلنا ورودها في صدر النشرات الاخبارية للاعلام الرسمي الخليجي الى حقيقة ان دول مجلس التعاون تتجه الى نقل التناقض المحتدم بين الحكم العربي وقوى الشعب الحرة المنادية بالتغيير الى مستوى اعلى وباستخدام وسائل جديدة ابهظ كلفة واكثر تكلفا والمضي الى آخر الشوط في بناء منظومة مسرفة التخندق خلف الشعارات والايديولوجيات التي تحكم ممارسات الحكم العائلي المغلق السائد في دول مجلس التعاون ..
اشارات قد يثير الاستغراب اشارتها الى الطبيعة العربية للقمة رغم الجهود الواضحة والحثيثة التي بذلتها هذه الدول لاجهاض القمة العربية الاعتيادية والعمل على الغائها والحيلولة المستميتة دون انعقادها في بغداد..كما ان الترحيب الاقرب الى الدعوة الذي ابدته دول الخليج تجاه الطلب الغامض لكل من الاردن والمغرب في الانضمام الى مجلس التعاون تدل على الرغبة الاكيدة والتقليدية للسعودية حصرا في تجنيد مواقف وامكانيات دول اخرى تشترك معها في ملكة التطير من الملكية الدستورية ..ذلك الشعار الاقصى الذي طالبت به بعض الفعاليات الشعبية الخليجية وقوبلت بسببه بالحد الاقصى-كذلك-من القمع والتنكيل وتعطيل الحياة السياسية والعامة..
اي ان القمة التشاورية..ان استثنينا الفقرات الروتينية عن دعم الاستقرار في المنطقة وابداء القلق من التدخلات الايرانية هي في الحقيقة نقطة انطلاق علنية لنشاط باطني متقادم في تطويق الذات وترصين الصفوف تجاه اي بادرة قد تصدر عن الشعوب تجاه المطالبة بالحرية والانعتاق والعدالة والمساواة..كما ان اختيار هاتين الدولتين بالذات لتكونا موضع التغزل الخليجي هو نوع من الرغبة في انشاء مجمع موازي لجامعة الدول العربية يضم الانظمة الملكية الشمولية الوراثية التي تشترك بمقاومتها للمطالبات الملحة بالمشاركة الشعبية بالحكم وحرية التعبير والمساواة..
كما ان مقارنة بسيطة بين الاحضان المفتوحة على اتساعها والسرعة اللاهثة في التهليل للطلب الاردني ودعوة الطرف المغربي مع التدلل والتمنع ووضع الشروط ولسنوات طويلة تجاه الطلب اليمني الاقرب الى الفهم والواقع..ورغم العوامل الجغرافية والاجتماعية والثقافية التي تربط الخليج والجزيرة بالامتداد الطبيعي اليمني..يدل على اولية طبيعة النظم العائلية الشمولية المستبدة في اتجاه الاهتمام الخليجي وتحديد الخيارات السياسية والعلاقات المستقبلية..
كما ان مثل هذه التوجه الذي لا يمكن لنا ان نصفه الا بالخطل الكامل المواصفات والارتباك في تحديد اتجاه البوصلة السياسية للدول الخليجية ..يدل على محاولة لاحياء محور الاعتدال العربي المنهار ولكن باشتراطات محدثة تتراصف في مقدمتها عائلية الحكم ووراثيته وشموليته ورفضه للمشاركة الشعبية في الحكم..
مشكلة الدول الخليجية والمملكة العربية السعودية على الاخص بانها لا تستطيع العمل تحت الشمس وان تتحمل مسؤولية قراراتها ..وتحتاج دائما الى التعكز والاتكاء على –او شراء-قوى دولية او اقليمية لتمرير متبنياتها وقراراتها وسياساتها تجاه الدول الاخرى المتقاطعة معها في المواقف ..والمشكلة الاعظم في انها تعتمد سياسة الحلول –او التعقيدات-مفتوحة النهايات انفتاح الصحراء القفر على الافق البعيد..فهي تستمر في التحشيد وتكوين المحاور ونسج التحالفات بدون وجود استراتيجية واضحة وقابلة للاستيعاب والتطبيق ومن الممكن ان تحدد اهدافا مستقبلية لهذه السياسات..
فمن غير المعقول ولا المقبول ان تستمر دول الخليج في سياسة شراء المواقف المعادية والمحشدة تجاه الطرف الآخر من الخليج ..الى درجة القفز على خطوط العرض والخرائط والمسافات دون القيام بالخطوة الوحيدة التي تضمن لها الحسم النهائي لهذا الخلاف المتقادم حد السخف..فدولة يتجاوز انفاقها العسكري الارقام التي تمثل الميزانية العسكرية لدول اقليمية عظمى مثل مصر واسرائيل وتركيا وايران ..يستغرب ان لا تبادر الى ضرب التهديد الوجودي الذي تكابده وتقوم بتحرير الجزر العربية المحتلة على الاقل وحرمان ايران من موطأ قدم مهم في الخليج ان لم نقل الدخول في معارك كسر عظم نهائية مستندة الى الدعم الغربي والاسناد العربي الكامل وعدم الاكتفاء بتوسل امريكا واسرائيل للقيام بما تتمناه او تبديد ثروات مواطني دول مجلس التعاون في عملية التمترس خلف جيوش ودول اصغر منها حجما واضعف تسليحا واقل انفاقا..
ليس استخفافا ولا انتقاصا من دول مجلس التعاون الجارة والقريبة منا دما وتاريخا وتراثا ومصير..وليس تضخيما لقدرات نعرف جيدا حجمها وامكانياتها ونعي ان مثل هذه السياسات هي نوع من الاعتراف عالي الصوت بضحالتها وتواضعها على الارض وخارج نطاق القمع ونشرات الاخبار الرسمية..ولكنه ضجر وملل من اصرار عنيد لممارسات احالت منطقتنا وشعوبها الى مصدر للخراب والموت المجاني المسفوح..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة سقوط صاروخ أطلق من جنوب لبنان في محيط مستوطنة بنيامين ق


.. إعلام سوري: هجوم عنيف بطائرات مسيرة انتحارية على قاعدة للقوا




.. أبرز قادة حزب الله اللبناني الذين اغتالتهم إسرائيل


.. ما موقف محور المقاومة الذي تقوده إيران من المشهد التصعيدي في




.. فيما لم ترد طهران على اغتيال هنية.. هل سترد إيران على مقتل ن