الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هولنده في عيون صحفية مهاجرة

اكرام الراوي

2011 / 5 / 12
سيرة ذاتية


هولنده في
عيون صحفية مهاجرة

الحلقة الاولى


لم اكن يوما" عاشقة للتأريخ , لان التأريخ وخاصة العربي حافل بالعنف والصراعات والاكاذيب , كما انني امرأة يستهويني الجمال , والسلام , لذا لم يكن يستهويني كثيرا" الا انني لم اكن سيئة المستوى عندما كنت في جميع مراحلي الدراسية , وفي نفس الوقت لم اكن ممتازة وكانت معظم درجاتي في التأريخ متوسطة , او كما يقال كافية للانتقال الى مرحلة دراسية اخرى, حتى انني فضلت الدراسة العلمية على الادبية هروبا" من التاريخ والجغرافية , بالرغم من شغفي الكبير وتميزي بالغة العربية التي يكرهها معظم طلبة المدارس ويعانون من مشاكل فيها بالرغم من انها لغتهم الام.
( هولنده) ... هذه البقعة الصغيرة من العالم .. التي تتوسط بلجيكا والمانيا والدول الاسكندنافية .. لم اتذكر تحديدا" في اي كتاب قرأتها ولكن بالتأكيد قرأت عنها القليل في كتب الجغرافية واعلم تماما" انها احدى دول اوربا , الا ان هذا كان منذ سنوات طويلة , حتى انها غابت عن ذاكرتي , كذلك لم افكر يوما" ما ان اتصفح او اقرأ كتابا" عن دول اوربا لاستقي المزيد من المعلومات عن هذا البلد , في حين امتلك معلومات جيدة عن بريطانيا على اعتبار ان العراق ودولا عربيه اخرى كانت مستعمرات بريطانية , و حتى الان فأن الكثير من العادات والمفردات التي نستخدمها يوميا" انجليزية الاصل حتى اننا اصبحنا مستعمرين شخصيا" من قبل بريطانيا ,كما باقي دول اوربا التي امتلك عنها معلومات جيدة كالمانيا وفرنسا وايطاليا لاسباب كثيرة كونها تتمتع بتأريخ عريق ثقافيا" وسياسيا" واقتصاديا" , ولطالما كان لها اثر كبير في نقل التقنيات والبضائع عالية الجودة ومختلف الانجازات الحديثة لمعظم دول العالم ومن بينها بالتأكيد الدول العربية .
دفعتني الظروف والقدر لمغادرة بلاد العرب , بعد تدهور اوضاع بلدي واستحالة التفرج والسكوت على الاوضاع السيئة التي كان يعيشها , والتي فرضت عليه ابان حكم صدام حسين , في ظل غياب الحريات الفكرية وحرية التعبير , وتحريم نشر الحقيقية التي تستطيع كشف الفساد وتغيير الاوضاع ومعالجة مشاكل الناس , وبعد فقدان الامل من الحصول على فرصة جيدة في بلاد العرب التي تفضل وتحترم وتقدر الاجنبي مائة مرة اكثرمن العربي , غادرت العراق الى المحطة الاولى والاخيرة لي في رحلة اغترابي عن الوطن الى ( الاردن) , وهناك كان عليّ البدء من نقطة الصفر , اذ نحّت في الصخر من اجل العمل والبدء من جديد لتحقيق حياة جيدة وبسقف ما من الحرية الفكرية, الا انه وبسبب الغيرة المريضة من بعض المثقفين الاردنيين من اقرانهم العراقيين , الذين كانوا ينافسونهم اذ كان يقيم الكثير منهم في الاردن , بسبب ظروف الحصار الاقتصادي وغياب الحريات الفكرية , في الوقت الذي لم يكن غير الاردن متنفسا" للعراقيين وخاصة المبدعين منهم , وكواحدة من هؤلاء عانيت الكثير حتى استطعت البدء من جديد للعمل في الصحافة , الا انني واجهت ظروفا" صعبة , كانت اخرها هي انني تعرضت لمؤامرات دنئية من قبل بعض العاملين في المؤوسسة الصحفية التي كنت اعمل بها , بالرغم من تميزي وتفوقي الكبيرين على كل العاملين في القسم الذي كنت اكتب فيه ,كل ذلك وضع امام عيني كتلة ضبابية جعلتني لاارى مالذي ينتظرني او قد يواجهني في المستقبل , ولان طريق العودة الى الوطن كان ملغما" بالمشاكل والخطر , فلم يكن امامي خيارا" اخرا" الا الهروب الى عالم اخر عن عالم العرب , الذي لم يمنحني سوى الالم والمتاعب وخسارات كبيرة في كل ما حققته, ووجدت نفسي بعد رحلة امتدت بين الاردن و روما وقبرص وفرنسا في (هولنده) , التي قررت الهجرة اليها اخذة بنصيحة احد معارف زوجي الذي كان مقيما" في اوربا , ولديه معلومات عامة عن هولنده , اما انا وكما قلت , فلم اعرف عنها الا القليل جدا" , معلومات لا تتعدى عن كونها بلد الزهور والابقار والزراعة , ولم اسمع عن ايا" من مدنها سوى امستردام ولاهاي , وال(ك,ل,م) الخطوط الجوية الملكية الهولندية التي تمتد شهرتها الى جميع دول العالم, ربما لكونها الخطوط الجوية الرسمية والتي تحظى باهتمام الحكومة الهولندية هنا. كما ان معظم رحلاتها القادمة من الدول العربية عبر العالم لابد ان تمر بامستردام , وبالرغم من تلك الشهرة الا انني لم اقدم الى (هولندة) لاطلب فيها اللجوء السياسي او الهجرة عن طريق الجو وعبر تلك الخطوط الشهيرة , بل دخلتها عبر القطار الدولي من باريس , هذا القطار الذي يربط جميع دول اوربا ببعضها البعض , واذا ما اردت الانتقال لاية دولة اوربية تتنقل من خلاله وكأنك تنتقل الى مدينة اخرى في نفس البلد,ولا اعتقد ان البلاد العربية حتى بعد مائة سنة ستمتلك او تسمح حكوماتها او جامعتها العربية , او القوى الكبرى التي لاتريد لها الا التخلف والاستهلاك , بتنفيذ مشروع حضاري اقتصادي متطور كهذا.
دخلت امستردام في ظهيرة يوم جمعة , وكنت اعتقد انني ساستطيع الاقامة والعيش في امستردام فانا لم اكن معنية كثيرا" بالبحث قليلا" قبل قدومي الى هولندة في كتب او مصادر لمعرفة شيئا" عن مدنها واهتمامات شعبها واهم ما يميزها , الا انني وجدت نفسي بعد يومين في مركز لاستقبال المهاجرين في قرية نائية في اقصى الجنوب الهولندي , وفي هذا المركز الذي مكثت فيه لاسابيع حتى اكمال اجراءات الهجرة لم يكن باستطاعتي التعرف بشكل جيد على تفاصيل دقيقة عن هذا البلد وشعبه لانني كنت مشغولة بتنظيم اموري ومعرفة ما الذي ساحققه هنا في هولندة بعد سنوات طويلة من الدراسة والعمل في بلدي الام , ومن هنا تبدأ رحلة الاغتراب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟


.. ماكرون يثير الجدل بالحديث عن إرسال قوات إلى أوكرانيا | #غرفة




.. في انتظار الرد على مقترح وقف إطلاق النار.. جهود لتعزيز فرص ا


.. هنية: وفد حماس يتوجه إلى مصر قريبا لاستكمال المباحثات




.. البيت الأبيض يقترح قانونا يجرم وصف إسرائيل بالدولة العنصرية