الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بلادي وإن جارت عليَ عزيزة ... وأهلي وإن شحوا عليَ كرامُ...!؟

هفال زاخويي

2011 / 5 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


بغض النظر عن قائل هذا البيت وعلى ما يبدو إنه (عبدالمحسن الكاظمي) ومع إحترامي الكبير لشاعريته الفذة ، وكذلك للمشاعر التي كانت تختلج في كوامن نفسه تجاه وطنه عندما كانت أصابعه تسطر هذا البيت ، لكن يبدو لي إن الوقت قد حان كي نقف أمام هكذا مشاعر وقفة نقدية علمية موضوعية كما التجأنا الى قراءة التاريخ من جديد بعقلية نقدية ، وبما ان جزءاً كبيراً من تاريخنا المريض يتجلى في قصائد شعرائنا (قدماء ومحدثين) فأرى أن نضع كل هذا الأرث (خصوصاً ما يتعلق منه بالعاطفة الوطنية الجياشة) تحت المجهر النقدي ونخرج بعد ذلك بنتائج جديدة تكون ملائمة لروح العصر ومقتضيات الحياة الجديدة،بالطبع لا أقصد نتائجَ تتوالم مع الأهواء بقدر ما تكون واقعية ومقبولة ومستساغة.
أغلبنا عشنا ( ومازال البعض يعيش) مرحلة العاطفة الوطنية التي كانت تؤثر فينا الى حد ذرف الدموع بمجرد سماع قصيدة وطنية أو أغنية وطنية أو خطاباً وطنياً حماسياً ، تلك كانت مرحلة مضحكة أسميها (المراهقة الوطنية) إذ صاحبت الحالة التي أنا بصددها إندفاعاً عاطفياً ساذجاً لا معنى له ، فكنا نطلق على بعض العقلاء صفات العمالة والخيانة ! وكنا نرى أنفسنا أبطال الوطنية وتلامذتها في مدارس الوطنية التي كان يتزعمها ( الآباء الروحيون) كما يحلو للبعض تسميتهم ، ووصلت الحال الى اعتقادنا المطلق بالمقولة النتنة والكريهة والسخيفة( نموت وليحيا الوطن) بالطبع لم نكن نعرف الجملة الخفية التي كانت تقابلها في الجهة الأخرى والتي اعتقد بها العقلاء من الزعماء والقادة والآباء الروحيين وهي ( نعيش وليمت هؤلاء الوطنيون ) ، إذ من الصعب جداً أن نبقى نصدق مقولاتهم (التي كانت تثير الحماس فينا فنلقي بأنفسنا في التهلكة) في حين ان ورثتهم من الأبناء الذي ركبوا على أمجاد ابائهم إرتقوا هرم السلطة على أكتاف (الجماهير التعبانة ) وغدوا (مليارديرية) ، لايخاطبون الناس إلا من وراء حجاب ، ومازالوا يمارسون فن مخادعة الناس في أحاديثهم السمجة والكاذبة عن ( الوطن والوطنية) ، ومازالوا يروننا تلاميذ كسالى في مدرسة الوطنية ولم نستوعب الدرس بالشكل اللائق.
نعم ، لم نستوعب الدرس لحد الآن على الوجه الأمثل ، فلو كنا في مستوى الإستيعاب لما خُدِعنا هكذا ، ولو كنا في مستوى الإستيعاب الحقيقي والذي يرقى الى مستوى إستيعاب (القادة والزعماء الوطنيين ) لكنا مرفهين معززين مكرمين وننعم على أقل تقدير بـ (الكهرباء) مقابل تنعم أولاد (قادة وزعماء الوطنية) بملايين الدولارات التي بمقدورها اغراق الوطن بالكهرباء ، لكن تلك الملايين ليست بالطبع في مصارف الوطن .
هذه الوطنية الجوفاء التي يتحدث عنها البعض ويأتي من خلفهم وعاظ السلاطين المنافقون المخادعون ، هي أكبر كذبة ومحض خداع ، ومن يريد إثبات العكس عليه أن يشرح لنا كيف يغدو الثوار الفقراء تجاراً أثرياء ؟! وكيف يقبل الورثة الوطنيون لإبائهم الروحيين بكل هذا الفساد في وطن حولوه الى مفسدة كبيرة؟! فأين الثورات؟ وأين ذهبت دماء الضحايا؟ وكيف بمقدور ثائر (كان يدََعي النضال من أجل المظلومين) ان يستحيل حاكماً ظالماً سارقاً مستبداً ، ومازال يخدع نفسه ويتصور أن الناس كلها تصدقه .
الوطن لاقيمة له عندما يفقد فيه الإنسان كرامته , بلادي لامعنى لها ولا قيمة لها إن جارت عليَ ، بل لن تكون عزيزة عليَ وعلى الإطلاق ، اتجور البلاد عليَ ( والقصد ان القادة وابناء القادة وازلام القادة وخدم القادة يجورون عليَ لأن الوطن مختزل في ذواتهم المؤلهة) وعليَ أن أشكرهم وأعزهم ؟! أي سخف هذا ، كيف اعزهم وهم يسرقون مني وينعمون على حساب حرماني ؟! ما معنى ان تكون وطنياً ساذجاً ؟ ما معنى أن يكون لك وطن وأنت منفي في وطنك؟
يقول أحمد شوقي الشاعر الارستقراطي الذي لم يكن بحاجة الى شيء :
وطني إن شغلت بالخلد عنه ... نازعتني إليه في الخلد نفسي
أنا لااؤمن حقيقة بهذا الخداع فما زلت مؤمناً إن أعذب الشعر أكذبه .
يقول الشاعر الشعبي العراقي الراحل عبدالحسين الحلفي وهو صادق:
والدنا الوطن بابا انسميه
أشو بابا عدل وأحنا يتامى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تأخذ استراحة بشكل صحيح؟ | صحتك بين يديك


.. صياد بيدين عاريتين يواجه تمساحا طليقا.. شاهد لمن كانت الغلبة




.. أمام منزلها وداخل سيارتها.. مسلح يقتل بلوغر عراقية ويسرق هات


.. وقفة أمام جامعة لويولا بمدينة شيكاغو الأمريكية دعما لغزة ورف




.. طلاب جامعة تافتس في ولاية ماساتشوستس الأمريكية ينظمون مسيرة