الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحصان الأمريكي يجر عربة أوروبا: العلاقات الامريكية – الاوروبية بعد الحرب الباردة 1990م – 2004م

ياسر قطيشات
باحث وخبير في السياسة والعلاقات الدولية

(Yasser Qtaishat)

2011 / 5 / 12
السياسة والعلاقات الدولية


عندما انهارت أفول الشيوعية بسقوط الاتحاد السوفياتي في نهاية الثمانينات ، كان مضمون شعار ان هذا القرن " قرنا امريكيا " قد اخذ ابعاده كاملا ، حيث ان الاستناد والاختلاف في فروق الرؤيا بين القطبين الشرقي والغربي ، لم تكن على مستوى العلاقة الثنائية ، بل تعدتها الى الانقسامات الداخلية في اوروبا بين الشرق والغرب ، فخلفت اختلافات جذرية في القارة الواحدة بين مستويات التطور الاقتصادي والسياسي والعسكري ، وكان غرب اوروبا اكثر تطورا من شرقها .
وهذا يوضح ان الاختلاقات والتناقضات السياسية التي كانت – وما زالت مزروعة بين اطراف النظام الاوروبي – الاوروبي كانت اهم الاسباب السياسية التي حالت دون ان تكون لأوروبا دوراً فعالاً في المشاركة التطبيقية في صنع القرار العالمي الى جانب امريكيا .
وهذه الحالة استمرت مع اوروبا الغربية بشكل خاص حتى بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ، وظهور مرحلة ما بعد الحرب الباردة ، والتي بالضرورة بدات تفرز ملامح نظام دولي جديد احادي القطبية تتزعمه الولايات المتحدة ، ورغم ان الكثير من المتخصصين الاكادميين وحتى العامة من الناس يؤكد عدم بلورة أي صورة من صور هذا النظام العالمي الجديد في هذا القرن ، الا ان مجريات الامور وكيفية تسييرها مع مصلحة هذا القطب ، والحتمية الواضحة في صنع القرار العالمي من مكتب البيت الأبيض ، تؤكد للقاصي والداني هذه الحقيقة .
والاعتراف الوضعي من قبل بعض الدول الغربية في اوروبا بهذه الحقيقة ، هي من تخلق الاشكاليات الرئيسية في صيغ التعامل سواء لعلاقات الدول الاوروبية مع بعضها البعض ، أو بعلاقتها بالولايات المتحدة الامريكية .
فبريطانيا مثلا لا تتفق سياسيا مع فرنسا في الكثير من القضايا الملحة سواء ازاء علاقاتها مع الولايات المتحدة الامريكية ، أو إزاء قضايا أوروبية خاصة بالاتحاد الأوروبي ، وكذلك ألمانيا لا تجمعها مع بريطانيا أو فرنسا سوى السوق المشتركة او الاتحاد الاوروبي ، أي الجوانب الاقتصادية وليس دائما ، وعندما تتأزم الأمور بين إحداهما ينعكس ذلك على علاقاتهم الاقتصادية ، فقوة المارك الألماني تجعل الفرنسيين يخنقون أنفاسهم تكرارا ، ناهيك هذا عن حالة العداء السياسي – القومي ، والتي لم تمحي من ذاكرتهم تلك الماسي والكراهيات ، واكدت مراراً أن الانتعاش الاقتصادي قد يؤدي الى الحفاظ على العلاقات الودية ، ويزداد معه فرص السلام الأوروبي ، لكنه ابدا لم يزيل العداوة بينهم ، لان العداوات كانت سبب الحروب ، ولم تكن الحروب سببها العدوات .
واذا كان الجدل كذلك على مستوى القارة الأوروبية المشتركة ، فما بال الحديث عنها مع العلاقات الاوروبية الشرقية , بالتأكيد ستكون اكثرا تفتتا وتشرذما ، حيث أن اختلاف العقيدة والايدولوجيه وعوامل السيطرة من المركز والقرب منها او البعد حتمت على ضرورة الانقسام والتباين في مستويات التطور المختلفة ، وهذا تاكد فعلا بعد استقلال هذه الجمهوريات او الدول بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ، حيث ان عملية التقارب والشد بين كلا الطرفين لم تكن من السهولة بمكانة لتقم بالصورة التي يراها الغرب او حتى الولايات المتحدة ، لان الاختلاف ليس فقط في صيغة العلاقة الرأسمالية وانما في صميم الفكر والعقيدة ذاتها ، ولذا يمكن القول ان السنوات الاولى من الانتصار والنزاعات التمهيدية كانت بمثابة المرحلة الانتقالية لدول اوروبا الشرقية حتى تستطيع بعدها امكانية الاندماج مع الفكر السياسي الاقتصادي الغربي الراسمالي ، وبذا ، فان تحديد طبيعة العلاقة الاوروبية الاوروبية يكون امر لا مفر منه – كما في السابق – لفهم العلاقة الاوروبية – الامريكية كون صيغة التعامل والتخاطب ستكون بين نموذجين مختلفين لا نموذجا واحدا .
واذا كان الحال كذلك ، والعلاقة شديدة التعقيد على مستوى التركيب الاوروبي ذاته ، قبل قرنه بالولايات المتحدة الامريكية ، فانه يجوز القاء الضوء على هذه العلاقات الاوربية الامريكية في فترة ما بعد الحرب الباردة ، وعلى المستويات الثلاثة التالية :-
اولا :- على المستوى سياسيا :
لا شك ان حالة التبعية السياسية من قبل اوروبا وخاصة الغربية في فترة ما بعد الحرب الباردة كانت على حالتها السابقة – أي اثناء الحرب الباردة – لان التغير الذي حصل بين الفترتين هو تغير في تشكيل طبيعة النظام الدولي بين قطبين متكاملين وليس تغير على مستوى الدول ككيانات سياسية .
فالولايات المتحدة الامريكية انتقلت في المرحلة الاولى من لمتزعم لقطب قائم الى نفس الزعامة لكن بشكل اوسع في السيادة والسيطرة في المرحة الثانية ، وليس امام قطب معين بل امام كل من يحاول تهديدها سياسيا او اقتصاديا ، وحتى لو كانت اوروبا الغربية نفسها .
واذا كانت الاحداث الدولية سواء المفتعلة او التي تاتي نتيجة طبيعة الاحداث متراكمة سابقة لها هي من تثبت دور اوروبا سياسيا في صنع القرار العالمي وخصوصا في الاحداث المتصلة بمصالحها الخاصة ، فان ازمة الخليج الثانية كاول واهم وابرز حدث سيايس – دولي جاء بعد مرحلة ما بعد الحرب الباردة تؤكد ان دور اوروبا هو هامش او مهمّش بقصد من جانب الولايات المتحدة التي كانت تبحث عن ستار شرعي تتدخل عن طريقه عسكريا في الازمة ، ولذا عملت على تجنيد قوات عسكرية دولية (أوروبية – عربية) وبقرار امريكي مصدق عليه من مجلس الامن لاثبات الشرعية ، استطاعت من خلاله تحقيق مصالحها ، بل وبشكيل متناقض مع مصالح اوروبا من حيث ان الازمة تنجم عنها زيادة في سيطرة الحركات العالمية على منابع ومصادر النفط في دول الخليج مما جعلها تنوب عن الدول نفسها في حق الانتاج والتصدير لكافة الدول وعلى راسها اوروبا وهذا الحديث يؤكد على نفس الوتيرة التي اتبعتها امريكيا – لمصلحتها – اتجاه اوروبا في فترة ما قبل الحرب الباردة .
وسبب الضعف السياسي في هيكلية اوروبا بشقيها الشرقي والغربي يكمن في حقيقة عدم الاتفاق فيما بينهم على تشكيل صيغة معينة للضغط او الدفع في اتجاه المشاركة الفعلية في صنع القرار العالمي الى جانب الولايات المتحدة الامريكية ، هذا ناجم بالضروة عن صور التناقض القائم في استقلالية السياسية الخارجية لكل الدول الاوروبية .
فالاتحاد الاوروبي وان كان قد وصل إلى مرحلة التكيّف الكامل في ثوابت الحياة الأوروبية ، إلا انه لم ينجح في خلق وحدة سياسية اوروبية تستطيع ان تكون قوة كاملة نوعا ما .
فحتى القضايا السياسية الأوروبية لا تستطيع هذه الدول التوصل الى حلول مناسبة فيها الا بتدخل الولايات المتحدة الامريكية .
فبريطانيا تعتبر مثلا السلوك الشاذ في اوروبا كوها تشكل نفوذا واضحا لتدخل الولايات المتحدة في الشؤون الاوروبية الخاصة ، وهذا ما لا يروق (لفرنسا مثلا) ، وبالمقابل تسلك تلك الدولة(بريطانيا) السلوك الذي يؤكد بين الفينة والأخرى ، على عدم توجهها نحو الوحدة الشاملة ، فهي من جهة دخلت عام 1971م الوحدة الأوروبية المشتركة وادخلت معها النفوذ الامريكي – وهذا ما كان يخشاه ديغول سابقا وكذلك رفضت في عام 1999م ، ان تكون من ضمن الدول المصدرة للعملة الأوروبية الجديدة (اليورو) ، وكذلك تناقض الكثير من الدول الاوروبية في وقف التدخل الامريكي في شؤون أوروبا .
ولما بدأ العمل بالعملة في بداية هذا العام لم تنظم أيضا إلى قائمة الدول الأوروبية , واحدث التقارير تقول أنها مازالت تفكر بهذه الخطوة بالمستقبل .
وهذا السيناريو من التناقض والصراع الدائم بين دول أوروبا الغربية بشكل خاص يؤكد عدم فعاليتها في الجانب السياسي ، ويؤكد فرضية سيطرة امريكيا على شؤونها السياسة الخارجية ، او تبعيتها للقرار الامريكي .
اما في اوروبا الشرقية وعلى راسها روسيا (الاتحاد الروسي) ، فرغم انجرارها وراء الولايات المتحدة سياسيا ورغما عنها الا ان لها مبرراتها المنطقية ، وهي نفس مبررات قرائنها ، بعد الحرب العالمية الثانية , أي مبررات اقتصادية وتنموية ، فهذه الدول كانت احد اسباب انهيارها هو طبيعتها الاقتصادي ، وروسيا هي المثل الاعلى على كامل القارة ، كونها لا تستطيع في ظل ظروفها الاقتصادية السيئة الا ان تقدم فروض الولاء والطاعة للولايات المتحدة الامريكية ، لتضمن الانتعاش الاقتصادي ولو نسبيا ، ويدعم هذا الفرض هو موقفها في أزمة الخليج الأخيرة .
ولعل ان ما يؤكد على هذه الحقيقة في تبعية اوروبا سياسيا وضعفها في مقابل الضغط الامريكي الصانع الوحيد او شبه المسيطر للقرار السياسي العالمي ، هو وصف أحد الوزراء البلجيكين لحالة اوروبا اثناء ازمة الخلج الثانية عام 1991 بقوله :- ان اوروبا هي اشبه ما تكون " عملاقا اقتصاديا وقزما سياسيا ودودة عسكرية ".
قد يصعق هذا الراي عامة الناس او حتى الأوروبيين أنفسهم ، لكنها حقيقة خرجت من أفواه أوروبية وليست غيرها ، فحالة التشرذم والتمزق السياسي تؤيد عدم الاتفاق وتدعم صور التبعية للولايات المتحدة الامريكية ، رغم كل اشكال الوحدة الاوروبية في مختلف المجالات .
وإذا كانت أوروبا اتفقت أن تتفق في كل المجالات فانها اتفقت ايضا على تحييد القضايا السياسية وتركها للاستقلال والسيادة الداخلية لكل دولة لوحدها .
ثانيا : على المستوى الاقتصادي :-
باستناء المانيا يمكن القول ان اقتصاديات اوروبا متفرقة لا تشكل قوى تذك في مجال الحديث عن اجمالي حجم مشاركتها في الاقتصاد العالمي ، فالترتيب الموحد لكل دولة او كتلة اقتصادية من حيث قوتها ، يضع الولايات المتحدة الأمريكية كأكبر قوة اقتصادية عالمية ثم تليها اليابان كثاني قوة اقتصادية ، ثم تاتي المانيا في المرتبة الثالثة … وهكذا , ولكن على مستوى الاتحاد الأوروبي ، فانه كثاني قوة عالمية بعد الولايات المتحدة الأمريكية .
ولا يشك احد ان الدعم الأمريكي لأوروبا اقتصاديا عبر مشروع مارشال والمبادئ التي اصدرها الرؤساء الأمريكيون سابقا مثل ( مبدا تورمان ) كانت هي السبب حقيقة في اعادة دفة النمو الاقتصادي إلى أوروبا في فترة الستينات ، حتى خرجت من وضعها الحرج لتصبح إلى جانب امريكيا منافسا ومشاركا في الاقتصاد العالمي على اثر خوفها من الامتداد الشيوعي اليها في ظل سياسة الاحتواء التي كانت تطبقها انذاك .
الا ان الوضع الحالي اختلف ، اذ ان الاتحاد الاوروبي اصبح منافس عنيد للاقتصاد الأمريكي بعد أن كان تابع في فترة من الفترات .
وعلى اختلاف المستوى السياسي ، فان قوة الاقتصاد الغربي الأوروبي يجعل العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية من جهة والاتحاد الاوروبي من جهة اخرى هي علاقات تنافس صناعي – اقتصادي وليست تبعية بالمعنى المقصود ، كون كلا الطرفين يعتمدان على نظرية السوق الحر الراسمالية وتبادل الإنتاج وإزالة الحواجز الجمركية ، وتوسيع نشاط الاستثمار الرأسمالي الأمريكي – الغربي في كافة انحاء العالم ، ولكن لكي تحافظ الولايات المتحدة على قدرتها الاقتصادية يجب أن تعيق عمليات التطور الاقتصادي الصناعي في اوروبا عبر الاتحاد الأوروبي ، بحيث تقزّم حجمه بالشكل الذي يجب ان يكون عليه من وجهة نظر الامريكان ، وهو المستوى الاقليمي لاوروبا فقط .
ورغم قوة الاقتصاد الاوروبي الا ان عدة إشكاليات تحول نوعا ما دون التفوق الكلي على الاقتصاد العالمي ، ومنها :-
1) التفاوت البيَّن بين اقتصاديات دول اوروبا ، وخاصة الغربية من يعضها البعض , وهذا يؤدي الى وضع الاقوى في محاولة السيطرة على الاتحاد الاوروبي ، وخصوصا عندما نعلم أن إدارة القرار يصب في مصلحة الأقوى فقط .
2) والاقتصاد الاوروبي رغم قوته لكنه ما زال يعتقد الكثير انه كلاسيكي او قديم ، فمعظمهم ينظر للماضي اكثر من المستقبل او الحاضر ، والبطالة في أوروبا لا تقل حظا عنها في الدول الأخرى , ما يعني أن اقتصادهم رغم مميزاته الا انه شبه ساكن وقليل الاستثمار مقارنة في الولايات المتحدة الامريكية .
3) الاشكالية التالية الاخطر وهي المتعلقة باوروبا الشرقية ، حيث ان هذه الدول ما زالت تمر مرحلة الاقتصاد المشوه او غير المستقر على الراسمالية ، ولذلك سعى الاتحاد الاوروبي ان يضم بعض من هذه الدول ذات الاقتصاد الجيد ، ولكنه يضع عليها شروط معقدة وغير متوفرة حاليا ولذلك فالولايات المتحدة ستُفعّل هذه الإشكالية لمصلحتها حيث انها ومنذ بداية التسعينات تسعى الى ضم هذه الدول الى جانبها بهدف عدم توجهها الى الاتحاد الأوروبي مما قد يدعم فرصة ازدياد قوة الاتحاد الاوروبي اقتصاديا .
4) مشكلة روسيا ، وهي الدولة التي كانت في فترة من فترات ثاني اقوى اقتصاد في العالم بعد امريكيا ، حيث تعاني حاليا بعجز في موازنتها المالية وعدم استقرار في اوضاعها السياسية التي اثرت على وضعها الاقتصادي ، وتحتاج الى حركات تصحيح اقتصادي تتم من خلالها الانتقال بشكل مؤمن الى السوق الحر ، والولايات المتحدة لا تؤول جهدا في انعاش الاقتصاد الوسي لاكثر من سبب :-
أ- لان الانتعاش الاقتصادي مرتبط معه استقرار سياسي مناسب لها
ب- ولان التطور الاقتصادي سيؤدي الى نجاح الممارسة الديمقراطية ، والذي تعتبره امريكيا (طفلا) يجب ان ينشا تنشاة سليمة ، بحيث تفرض الايدولوجية الغربية في شرق اوروبا .
ج- ولتضمن الولايات المتحدة عدم انضمام روسيا الى الاتحاد الاوربي .
ولكن مع ذلك ، يمكن القول انه وبعد اصدار عملة اوروبية موحدة وهي ( اليورو ) استطاعت هذه الدول ان تتجاوز بعض من مشكلاتها ليس كلها ، والاخرى غير عصية على الحل ، والمستقبل كفيل بها .
والولايات المتحدة في هذا الصدد تسعى جاهدة في سبيل عدم وصول هذه العملة الاقليمية الى مستوى عملة دولية تنافسها في اسواق البورصات العالمية ، حيث انها احتلت مكانة مرموقة من اصدارها في الشهر الاول من هذا العام .
حيث بلغ اناتج الاجمالي لدول اليورو مجتمعة ( 11 دولة ) نحو ( 1308) مليار دولار في عام 1997 ، وبما يشكل ( 4ر22% ) من الناتج العالمي في نفس العام ، مما تقابله ( 7746 ) مليار دولار الناتج المحلي للولايات المتحدة ، ويشكل هذا الرقم ( 5ر27% ) من الناتج العالمي في العام نفسه ، وهذا وفقا لبيانات صادرة من البنك الدولي في تقريره الخاص عن التنمية في العالم عام2001 م.
ومع ازدياد قوة المنافسة الاقتصادية بين الاوروبين و الأمريكيين ، فان الأخيرة لا تتوانى لحظة في ايجاد الفرص المناسبة لسد المجال امام الاوروبين ، حيث أن الولايات المتحدة منذ بداية العقد التاسع من القرن المنصرم انشأت منظمة اقتصادية جديدة توازن وتكافئ ( E.E.C ) . وهي النافتا ( NAFTA ) .
حيث أسستها أمريكا بالتعاون مع كندا والمكسيك وجاء تأسيس هذه المنظمة الاقتصادية بهدف ضم دول اوروبا الشرقية اليها ، وكذلك روسيا للحيلولة بينهم وبين الدخول في الاتحاد الاوروبي ، وبالتالي تفويت فرصة قوة اوروبا اقتصاديا .
ويقول ( بيل كلينتون ) في 10/11/1995م في هذا الصدد " ان الوصول الى نتيجة وتاسيس النافتا سيصبح رمزا مميزاً للعالم ، وان فشل هذه المؤسسة يعتبر كارثة للاقتصاد العالمي والامريكي !!.
وبذا ، فان امريكيا تدخل في شرق اوربا تحت لواء هذه المنظمة ، وتضمن أن تؤدي إلى خلق استقرار سياسي فيها وتدعم نظرية الراسمالية ، الى جانب – طبعا – تدعيم مركزها الاقتصادي بشكل يفوق قرائنها في اوروبا .
والولايات المتحدة تضع أيضا على العضوية في النافتا شروط عدة منها :-
1- موضوع الديمقراطية 2- حقوق الانسان 3-الاقتصاد الحر 4- الانخراط والاستقرار السياسي نسبيا .
والهدف الأساسي لهذه – كما تم الإشارة سابقا – هو عدم ذهاب هذه الدول الى E.E.C ، لان الولايات المتحدة لا تريد ان تزداد قوته بشكل كبير مما يؤثر سلبيا على الوضع الاقتاد الامريكي .
والدول الاوروبية الشرقية بدورها ، تقع في حيرة من أمرها في أي طريق تتوجه؟؟ فهل تسعى الى الدول الغربية الاقرب جغرافيا ، ام الى النافتا الاقوى اقتصاديا ، لكن هذه الحيرة هي على مستوى الدول الشرقية التي تعلم أن جاراتها الغربية تضع قيودا على دخولها إلى الاتحاد الأوروبي ، بسبب ضعف اقتصادياتها وهو الأمر الذي يترتب عليه ان يدفع الاتحاد الاوروبي ثمنا باهظا لهذه العملية ، وبالمقابل الولايات المتحدة الامريكية تفرض قيوداً ، قد لا تستطيع كل الدول الالتزام بها .
وعلى أي حال ، يبقى القول في المجال الاقتصادي ، ان التنافس فيما بين اوروبا والولايات المتحدة الامريكية هو السمة الغالبة على هذه العلاقة ، حيث ان الاتفاق فيما بين الطرفين هو المطلوب لارساء قواعد الاعتماد المتبادل واذا لم يشك أي من الطرفين بهذا بفترة من الفترات ، كونهما يعتمدان على مدى وحجم التبادل التجاري والاستثمار الراسمالي لدى بعضهما البعض ، وهذه الحقيقة تجعل العلاقة الاقتصادية ذات تأطير خاص في مجمل العلاقة الامريكية – الاوروبية.
ثالثا : على المستوى العسكري : ( الامني )
في هذا المجال لا يوجد جدل في المقارنة بين الطرفن ، لان الولايات المتحدة الامريكية تشكل قوة عسكرية تقليدية ونووية ( شاملة ) لا تتوفر في كل دول اوروبا مجتمعة ( باستثناء روسيا ) ، حيث هي الدولة الاولى في العالم بهذا الصدد .
ولكن عند مناقشة طبيعة العلاقة بين اوروبا والولايات المتحدة من وجهة نظر امنية ، وبكلمات اكثر تفصيلا عن طريق الحلف الاطلسي ( الناتو ) فان الامر يختلف قليلا ، لكن هذا الحلف – وكما اشير سابقا – أُنشا عام 1949م لاسباب امنية – عسكرية هدفها هو احتواء الشيوعية ومقاومتها بالقوة اذا لزم الامر ، وهذا التنظيم العسكري – الامني كان المدخل الامريكي للهيمنة عسكريا باسم الامن الاوروبي على اوروبا انذاك .
اما حاليا ، فقد كانت حرب الخليج الثانية 1990م ، بمثابة الغطاء العسكري الامريكي المؤكد على تفردها في قيادة العالم في كافة المجالات وخصوصا عسكريا ، حيث استطاعت عبر قوتها ان تجند دول اوروبا معها ، او على الاصح تحت جناحها ، لتوفر لنفسها ستار شرعي في الدفاع عن مصالحها الخاصة ، ولو لم يكن ميثاق الحلف الاطلسي ينص على استخدام القوة ضد أي تهديد فعلي لاوروبا او امريكيا الشمالية ، لكانت الولايات المتحدة الامريكية تدخلت عسكريا عبر الحلف بعد حصولها على شرعية مجلس الامن على تصرفاتها ، وروسيا الدولة العدو سابقا ، كانت تنازل الولايات المتحدة في هذه الازمة وسارت معها على طول الخط .
صحيح انها لم تشترك في الحرب ولكنها وقفت موقف سلبي ازاء الازمة بكاملها ، وصمتها او حتى تصرفها كان يميل الى امريكيا اكثر منه موقف محايد .
واوروبا تملك حاليا قوة عسكرية محدودة اشبه ما تكون (دودة عسكرية) وتوفر لها مظلة حماية اقليمية على مستواها فقط ، وقوتها على الإطار العام ما زالت عبر الحلف الاطلسي (الناتو) تقع تحت هيمنة وظل الولايات المتحدة الأمريكية .
ورغم ان الكثير من الدول تدفع في اتجاه ازالة او الغاء الحلف ، لعدم وجود ضرورة من بقائه ، إلا أن الولايات المتحدة تدفع بالاتجاه المعاكس .
فالمفروض وطبقاً لنظرية التحالفات ، ان سقوط وانهيار حلف وارسو يفترض سقوط حلف الناتو ، لعدم وجود توازن عسكري كما كان سابقا .
الا اذا اتفقت دول الأعضاء على استمرارية وجود مصادر تهديد أخرى ضد أمنها القاري – الاوروبي ، وهذا ما لم يتم التوصل إليه صراحة ، فالاوروبين من وجهة نظرهم , انه وبعد انهيار الاتحا السوفياتي لا بد من انهاء صيغة ميثاق الحلف الأطلسي بعد زوال مصادر التهديد التي نشأت من اجلها زإنشاء بدلا منه مؤسسة عسكرية ذات اهداف امنية طارئة تخص اوروبا وحدها ، كون الحلف حاليا يجمع الولايات المتحدة وكندا كدول من خارج اوروبا .
اما الولايات المتحد ، فانها ترى عكس ذلك ، وتعتبر ان الاوروبين غير قارين على حل الكثير من المسائل الداخلية سواء سلميا او عسكريا وتضرب مثالا على ذلك (ازمة البوسنة والهرسك في بداية التسعينات) ، حيث لولا تدخل الحلف نهائيا لما تم حسم الامر بالشكل الذي تم التوصل اليه .
لذا فهي تقترح استمرارية عمل هذا الحلف ، ولكن بتوسيع صلاحياته لتصل الى خارج المنطقة المعنى ان يكون عمل الحلف كقوة عسكرية – امنية على العالم باكمله وبما يتماشى مع مصلحة هذه الدول بكاملها ، وهذا يؤكد فرض الكلام المشار إليه سابقا . .
والازمة التي أثارتها الولايات المتحدة مع يوغسلافيا بشان ( قضية كوسوفو ) تدعم وتؤكد قوة حجة الولايات المتحدة من وجهة نظرها .
وهي بهذا الشكل تعمل على تحقيق اكثر من هدف عير هذه الأزمة :-
1- أن تُثبت لأوروبا فشلهم في حل مشاكلهم الداخلية ولو بالقوة .
2- ضرورة استمرار الحلف بنفس الوتيرة التي عليها .
3- ولتوجيه رسالة مفهومة الى روسيا بعدم قدرتها على استعمال القوة العسكرية لتهديد امريكيا في المستقبل القريب او حتى البعيد ، لحاجتها اليها اقتصاديا اكثر من يوغسلافيا عقائديا او جغرافيا .
4- ان تدفع امريكيا باتجاه بقاء النزاع مستمر بين الاوروبين انفسهم ، وتحفظ لنفسها عبر حلفائهم البريطانيين الامساك بميزان القوة العسكرية في هذه القارة .
ولكن بعد أحداث (11) أيلول اختلف الأمر جذريا حيث أن ما لم يكن يتوقعه أحد بالحسبان جرى , والاعتداء على أمريكا وقع تاريخياً للمرة الثانية مما دفع الأوروبيين للاتفاق مع الأمريكيين على ضرورة استمرار الحلف لوجود واستمرار مصادر التهديد والتي تلخصت في محاربة ما يسمى ( بالإرهاب ) ولكن من وجهة نظر أمريكا وحسب .
وإذا ما أراد أحد أن يفصل النزاع في الوصف الحقيقي لهذا النظام القائم بعد الحرب الباردة ، فانه يجوز القول انه نظام احادي القطبية ، ولكنه لا يخضع لهيمنة دولة واحدة بل لمنظومة كاملة هي منظومة الراسمالية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية ، وهذه المنظومة تحكمها مؤسسات دولية راسمالية وسياسية وعسكرية ما زالت من الجانب العسكري ممثلفة بحلف الناتو .
وهذا التصور للسيناريو القائم ، يمكنه ان يعطي اكثر من افتراض حول تفعيل هذه العلاقة عبر حلف الناتو :-
الافتراض الأول :- هو سقوط الحلف لفشله التكيف مع بيئة ما بعد الحرب الباردة .
الافتراض الثاني :- تحول الحلف الى منظمة للامن الجماعي العالمي .
الافتراض الثالث :- استمرار الوضع الحالي للحلف بكل مناقضاته .
واذا ما فشل أي افتراض من الافتراضات السابقة ، فان افتراض تشكيل – من وجهة نظر الكاتب – منظمة للامن الاوروبي بشكل خاص امر بعيد الاحتمال لان القوة العسكرية الامريكية ستحول دون حدوث ذلك ، لان هذا يعني ان تكون اوروبا هي اول مصدر للتهديد لأمريكا ، وخصوصا اذا كانت روسيا هي العضو الاول من الاعضاء المؤوسسين .
لذا ، فالاحتمال الاقوى هو الفرض الثاني والذي يتسم وحتى لحظات هذه المقالة مع متطلبات المصلحة الاوروبية – الامريكية ، ويكون بذلك سلطة تنفيذية للامم المتحدة ان صح التعبير .
وليس هناك مجال للشك أن دور أوروبا حاليا سواء على المستوى العسكري او السياسي في تقلص مستمر إزاء الهيمنة الواضحة على صنع القرار العالمي حتى دون إعارة الدور الأوروبي أي أهمية تذكر .
وخير شاهداً على ذلك احتلال للحكومة الإسرائيلية الصهيونية للمدن الفلسطينية ومحاصرة الرئيس الفلسطيني والتنكيل والقتل والسحل للفلسطينيين بعد انتفاضة الأقصى عام 2000م وبضوء اخضر أمريكي وبامتعاض أوروبي واضح يبدي حقيقة عدم قدرة الاتحاد الأوروبي إلا تقديم المزيد من فروض الولاء والطاعة ليس لأمريكا وحسب وإنما لإسرائيل أيضا لان الاخيره عرفت من أين تؤكل كتف أوروبا مجتمعة او متفرقة منذ عقودٍ طويلة .
وبما أن دور أوروبا انتهى بالنسبة لإسرائيل في اقامة هذا الكيان في البداية فان أمريكا هي من تتكفل الآن في استمرار رعايته وهيمنته على المنطقة بصورة أو بأخرى .
العلاقات الأوروبية - الأمريكية أثناء وبعد حرب الخليج الثالثة 2003م :
وشهدت العلاقات الأوروبية الأمريكية حالة من التوتر بسبب الخلاف بين الطرفين حول الحرب على العراق ، وفي هذا الإطار يبرز الموقف الفرنسي – الألماني الذي عارض شن هذه الحرب بشدة ، حتى فرنسا هددت صراحة باستخدام الفيتو لمنع صدور قرار دولي يتيح للولايات المتحدة شن الحرب على العراق ، وقد اعتبرت باريس أن الأمم المتحدة وليس الولايات المتحدة لها الحق والشرعية لتقرر استعمال القوة ضد العراق لتنفيذ قراراتها .
وقد ثارت الخلافات مرة أخرى بين الجانبين بسبب إعادة اعمار العراق ، حيث طالبت أوروبا بضرورة أن تتم بواسطة الأمم المتحدة ، وهو ما أكدت عليه بريطانيا ذاتها ، في حين رأت أمريكا ان من حقها أن تقوم هي بهذه العملية دون اللجوء إلى الأمم المتحدة أو أن تمنح المنظمة دوراً في ذلك وقد يكون "درواً حيوياً" كما قال بوش سابقاً .
وأشار بعض المراقبين إلى أن أهم ما يُثير حساسية الأوروبيين هو بالضبط ذلك الدور الذي اختارتهُ الإدارة الأمريكية بنفسها لنفسها والتفسير الخاص جداً لمفهوم هذه القيادة التي تبدو في الممارسة أقرب إلى فرض الأمر الواقع ، منه إلى التعبير عن إرادة واعية في بلورة جدول أعمال واحد والقيام بمبادرات مشتركة، وبناءاً على ذلك سعت الدول الأوروبية نحو الوقوف في وجه الطموحات والأهداف الأمريكية مما أوجد الخلاف بين الطرفين .
وإزاء هذا الخلاف برزت وجهتي نظر بخصوص مستقبل العلاقة بين ضفتي الأطلسي الأولى ترى انه من الممكن حدوث حالة من الانفصام بين الطرفين ، بينما ترى الثانية ان ما يحدث مجرد خلافات لا تلبث أن تزول وتعود العلاقات إلى سبق عهدها .
الرؤية الأولى :
أن حدوث توترات ما بين ألمانيا وفرنسا باعتبارهما قلب القارة الأوروبية وبين الولايات المتحدة ، وتبلور سياسات استقلالية من قبل هاتين الدولتين إنما يشير بوضوح إلى أن ثمة تحركات أوروبية للابتعاد عن الولايات المتحدة والخروج من أُطر حلف الأطلنطي ، كما أن هذا الاستقطاب الذي حصل بين الجانبين قد أعاد إحياء النزعة والاستقلالية الأوروبية عن الولايات المتحدة الموجودة لدى فرنسا لتشجيع ألمانيا على التعبير عن رأيها بوضوح ، وقد عملت هاتان الدولتان بالإضافة إلى بلجيكا من أجل تشكيل منظمة أمنية ربما تكون بديلة للناتو ، كما تم الإشارة سابقاً ، والخطوة الأولى في هذ1 المجال كانت تتمثل في الاقتراح البلجيكي بدمج جيوش الدول الثلاث لوضع أساس صناعة عسكرية أوروبية مشتركة.
والى جانب تلك الإجراءات التي اتخذتها فرنسا وبلجيكا وألمانيا ، توجد بعض العوامل الأخرى التي تزيد من حالة التباعد بين الجانبين وأهم هذه العوامل ما يلي :
1- أوروبا اليوم لا تخشى تهديدات خارجية (الاتحاد السوفيتي سابقا) أو داخلية ( اضطرابات وحروب) فعلية مع وجود اتحاد أوروبي يزداد قوة وثقه بالنفس ، كما أن أوروبا الآخذة في التطور السريع في إطارها التكاملي والرغبة في الاضطلاع بدور سياسي أكبر على الصعيد الدولي تعد أقل استعداداً للإذعان لواشنطن ، فضلاً عن أن نجاحها في إنجاز وحدتها السياسية والاقتصادية سيدفعها إلى استخدام مقومات قوتها في تعزيز مواقفها ومنافسة الولايات المتحدة.
2- استمرار التجاذبات السياسية والاستراتيجية بين الطرفين وتأطير الأطراف الأخرى التي يعتبرها مدى اقتصادي وسياسي تابعه له ، سيؤدي حتماً إلى تباين الاتجاهات والرؤى السياسية والتكاملية بين الطرفين ، ومعها تزداد فجوة الاتصال والترابط حتى على مستوى القضايا السياسية الداخلية أو الثنائية.
3- اختلاف التوجه الجيوسياسي لكلا الجانبين ، الأمر الذي من شانه أن يزيد من التباعد بينهما ، فالولايات المتحدة سعت بعد الحرب الباردة إلى الحيلولة دون ظهور قوة منافسة لها ، أما أوروبا فترى أن مصلحتها في نطاق أوروبا وفي تطوير وإنجاز عملياتها التكاملية وهذا التباين يضع الجانبين في مواقف مضادة في أحوالٍ كثيرة.
4- أوروبا أصبحت تشعر بمدى العبء الثقيل الذي يشكله حلف الناتو عليها خاصة بعد أن راح الأمريكيون يضعون خططاً لجعلهِ رديفاً للحرب الأمريكية حول العالم ، وهو ما يجعل من أوروبا مجرد فيلق في الجيش الأمريكي ، وعلى جانب أخر تشعر بعض الدول الأوروبية أن الولايات المتحدة تعمل من أجل لقضاء على طموحاتها الاستقلالية ، وعلى صعيد ثالث فان هذه الدول تخشى من استبعادها من حصص النفط العراقي وعقودهِ ، كما أنها وجدت في رفض الحرب على العراق مدخلاً للتعبير عن رفض "الوصاية الاقتصادية" الأمريكية القائمة ضد مشروع مارشال.
الرؤية الثانية :
ترفض وجهة النظر لثانية الطرح السابق بكل تصوراته ، فيرى كريس باتن مفوض الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي أن أوروبا التي تشكل كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا مركز الثقل فيها قادرة على إعادة بناء العلاقة مع الولايات المتحدة لا سيما إذا التقت جهود لندن وباريس في هذا الشأن رغم وجود خلافات فلسفية وسياسية عميقة بين البلدين حول علاقتهما بالولايات المتحدة .
ويرفض باتن الاعتراف بأن العلاقة الحالية عبر الأطلسي قد انتهت ، كما يرفض القول أن هذه العلاقة نشأت على خلفية الحرب الباردة مع أوروبا ضعيفة ومجزأة تحتاج المظلة الاقتصادية والأمنية الأمريكية حيث أصبحت أوروبا الآن أكثر قوة في حين لم تعد الولايات المتحدة تعاني من ضغوط الحرب الباردة التي تقيد استراتيجيتها .
إلى جانب ذلك قال الأمين العام لحلف الأطلنطي جورج روبرتسون في معرض حديثه عن العلاقات الأمريكية الأوروبية أن قد " حصلت انقسامات في الماضي ، لكني أرى توافقاً يكبر في شأن المستقبل " معتبراً أنه "لم يحدث على الإطلاق خلافات لا تقبل المعاجلة بين الأوروبيين ولأمريكيين" .
ومهما يكن من أمر ، فان الجوانب التاريخية والشواهد العديدة تشير الى ان وجهة النظر الثانية هي الأقرب للصواب ، فليس من المتوقع أن تنفصل عرى التحالف بين الولايات المتحدة وأوروبا بسبب الخلافات حول الحرب على العراق ، لا سيما وأن دول أوروبا وعلى رأسها فرنسا قد حاولت من تخفيف لهجتها إزاء الولايات المتحدة .
خلاصة القول :
سعى الكاتب فيما سبق إلى محاولة وصف وتثبت حدود الأزمة في العلاقة الأمريكية الأوروبية ، لتؤكد الدراسة على الهيمنة الأمريكية على أوروبا بشكل كامل في الشؤون السياسية والعسكرية ، بينما يمكن تحييد العلاقات الاقتصادية واعتبارها شبه تعاونية أو تنافسية، ولكن لا يمكن إبعادها عن دائرة الخضوع والانصياع لارتباطها المباشر بالسياسة والأمن القومي لأوروبا بشكل أو بآخر.
ففي هذا الصدد يقول "كوهين" وزير الدفاع الأمريكي في إحدى أحاديثه التلفازية، ما يلي: "يجب أن نعتبر الكرة الأرضية مسرحا لاقتصادياتنا، ولاستخدام قواتنا العسكرية، ويجب أن ننظر لجميع بلدان العالم الخارجي أنهم شواطئنا التي نرسو عليها ، ونحل محلهم إذا شاءت الأمور لنا ذلك".
ويقول احد أعضاء مجلس الشيوخ هذا الصدد وهو السناتور "بوب دول": "إن الأمين العام للأمم المتحدة لم ينتخبه الشعب الأمريكي"، مما يعني التعارض في المصالح وضرورة أن يكون الأمين العام أمريكي أو هو كذلك".
وقبل خمسة عقود ، قال تشرشل رئيس وزراء بريطانيا آنذاك:
"الولايات المتحدة هي الحصان الذي يجر العالم خلفه، العالم الضعيف، تجره الولايات المتحدة لتوصله إلى المنهل العذب والى السلام والثراء".
ولما كان التنجيم بالغيب أو التنبؤ بالمستقبل أمر محفوف بالمخاطر فان الإيمان بقوة الحصان الأمريكي خلال الألفية الحالية ضمن المنظومة الرأسمالية التي يقودها هذا الحصان، لا يحتاج إلى الكثير من التنبؤ والتنجيم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الهجوم الإيراني على إسرائيل.. هل يغير الشرق الأوسط؟| المسائي


.. وزارة الصحة في قطاع غزة تحصي 33797 قتيلا فلسطينيا منذ بدء ال




.. سلطنة عمان.. غرق طلاب بسبب السيول يثير موجة من الغضب


.. مقتل شابين فلسطينيين برصاص مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغر




.. أستراليا: صور من الاعتداء -الإرهابي- بسكين خلال قداس في كنيس