الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


آلام عنف الثوار

بودريس درهمان

2011 / 5 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


فرنسا الجهوية جدل صاخب لم يهدأ ولن يهدأ أبدا ولا زال مستمرا. هذا الجدل تقاسمته ثلاثة مدارس:
1. المدرسة التاريخية
2. المدرسة الجغرافية
3. المدرسة الاقتصادية
تختلف المدارس الثلاثة على مستوى الرؤيا والتحليل؛ ولكن رغم ذلك فضلت الدولة الفرنسية المكون الاقتصادي وبوبته في صدارة الترتيب مما خلق لها لاحقا آلاما كثيرة بداخل إمبراطورية الاتحاد الأوروبي. تبويب المكون الاقتصادي في صدارة الترتيب يتجلى في مرسوم قانون ليوم 14يونيو1938المحدد للجهات المسماة كليمانتيل Clementelالتي كانت تحتوي على الغرف الاقتصادية فقط. أما التقسيم الجهوي الفرنسي الحالي فيحدده نصان تشريعيان هما:
قرار 28أكتوبر1956الذي أسس لـ22جهة مع تطبيق ظهير 30يونيو1955
ظهير رقم 60516ليوم 2يونيو1960المتعلق بتناغم المقاطعات الإدارية مع تطبيق ظهير يوم 7يناير 1959
هذا بالنسبة لفرنسا أما المجلس الأوروبي فقد حدد يوم 24يوليوز1961 مصطلح الجهة كالتالي:"الجهة هي مقطع ترابي أقل شساعة من الدولة، بداخل هذا المقطع الترابي يستمتع كل الناس بالمصالح المشتركة كيف ما كان نوعها.." و يوم16أكتوبر1981قدمت توصية من طرف المجلس الاقتصادي الأوروبي تدعو فيه الدول العشر الأعضاء آنذاك إلى:"الدفع في اتجاه خلق تناغم ممكن ما بين الجهات الثقافية والبنيات الجغرافية للسلطات المحلية". التساؤل الذي طرحه المتتبعون مند ذلك اليوم، هو هل عملت فرنسا على احترام هذه التوصية؟ هل البنيات الإدارية للجماعات الترابية تم تكييفها مع مطالب الأقليات اللغوية؟
ما هو مؤكد بداخل فرنسا الآن هو أن مقاييس تحديد المناطق الترابية للجهة لم تعتمد في يوم من الأيام على التاريخ المحلي المشترك ولا إلى الهوية الثقافية واللغوية، لقد كانت تفضل دائما وبالأساس البنية الجيولوجية-الفيزيائية في تفاعلها مع الأنشطة الاقتصادية المعاصرة و الخصوصية الفلاحية، بالإضافة إلى إشعاع المدن الكبرى والخريطة الجامعية. الفريق التشريعي الذي سهر على صياغة المرجعيتين التشريعيتين لتحديد وتنظيم الجهات المومأ إليهما أعلاه اقر باعتماده على مكون التشكل التاريخي للجهة ولكن هذا الاعتماد ليس إلا اعتمادا على مستوى اللفظ وهذا ما سوف يكتشفه الفرنسيون لاحقا لينتفضوا ضده.
نقائص مقاربة البنية الجيولوجية-الفيزيائية تتجلى في تطبيق المقاييس التي تقلل من أهمية الهوية الثقافية واللغوية، لهاته الأسباب تم تقسيم منطقة نورمانديا إلى جهتين: نورمانديا العليا ونورمانديا السفلى. كما تم تحديد جهة بروطانيا بدون مقاطعة لوار الأطلسيةLoire-Atlantiqueومن الغرائب أنه تم إقصاء هذه المقاطعة من الجهة التي تنتمي إليها فقط لتوفرها على متروبول مهم هو مدينة نانط. في حين مناطق اللورين، الآلزاس، فرانش-كونتي، بوركوني، بكاردي تم اعتمادها كجهات منفردة.
هذا التقسيم الجهوي كان موضوع معارضة قوية من طرف الهويات اللغوية مما دفع إلى تشكل نوعين من المطالب:
المطالب التي ترى ضرورة خلق جهات جديدة
المطالب التي تلح على إعادة النظر في التقسيم الحالي
أصحاب المطلب الأول تجلى في مطالب الكتلانيين، البروفنساليين، النورمانديين، السافوارديين و الكورسيكيين؛ ورغم كل هاته المطالب الهوياتية المتعددة فان باريس امتنعت عن الاستجابة لأي واحد منها، باستثناء المطالب الهوياتية لمنطقة كورسيكا ومنطقة سافويارد: تحت ضغط القوى السياسية المحلية سمحت الدولة بفصل جزيرة كورسيكا عن جهة بروفانس-كوت دازور وتم اعتبارها كجهة مستقلة؛منطقة سافويارد هي الأخرى أصبحت مند 8أبريل 1983 ممثلة بمكون إداري خاص؛ وللتقليل من أهمية المكون الثقافي اللغوي تم تقسيم منطقة سافويارد الى مقاطعتينdépartements:مقاطعة سافوا العليا ومقاطعة سافوا.
الرئيس الفرنسي آنذاك فرانسوا ميتران ووزيره الأول بيير موروا رفضوا إحداث جهة خاصة بمنطقة سافواSavoie مما دفع المستشارين العامين للمقاطعتين السافوارديتين يوم 8أبريل1983كما يسمح لهم بذلك القانون خلق "مكون جهوي".
المكون الجهوي السافواردي أصبح يتمتع بالشخصية المعنوية، بالاستقلال المالي وبمجلس إداري تقريري مشكل من 14عنصرا يترأسهم أحد رؤساء المجلسين العامين. هكذا بقرار 8أبريل 1983استطاعت المقاطعتين السافوارديتين إنجاز تقدم هائل في اتجاه تحقيق المكون الهوياتي لهذه المنطقة وذلك منذ أن ألحقتها الدولة الفرنسية سنة1860.
أما منطقة بروطانيا فخلال الفترة الرئاسية لفاليري جيسكار ديستان وتناغما مع الميثاق الثقافي لمنطقة بروطانيا خلصت الحكومة الفرنسية إلى الاعتراف بالشخصية الثقافية لهاته المنطقة.
هكذا ففي فرنسا كل شيء كبير، المدارس، العمران، القناطر، الطائرات، وحتى آلامهم كبيرة جدا ولولا بالون نجاة الاتحاد الأوروبي لحدث شيء ما لكي يضمد جراح آلام عنف الثوار.
ما حدث للجهات الفرنسية حدث كذلك للغاتها. ظهير 20جويي1794وطن بداخل التراب الفرنسي ما يصطلح عليه بالعنف اللغوي عن طريق مطاردة كل لغات فرنسا. استمرت هذه الضغينة اللغوية ولا زالت إلى حدود الآن. مليون ونصف مليون شهيد هي حصيلة الحرب العالمية الثانية. مليون شهيد هو نصيب منطقة بروطانيا التي أغبنتها الدولة الفرنسية في حقها اللغوي. أما الآن حتى حينما حاول الأوروبيون رد الاعتبار للجهات ولغات الجهات فقد وقفت فرنسا في وجههم؛ لأن دستور الجمهورية الخامسة في بنده الثاني ينص على أن اللغة الفرنسية هي اللغة الرسمية للبلاد. هكذا ففرنسا حتى وهي كبيرة وشامخة فجراحها وآلامها أكبر كذلك. ليس البروطونيون هم الشعب الوحيد الذي حرم من لغته الأم بل هنالك الألزاسيين والباسكيين وغيرهم. نابليون في حروبه مع الجارة الألمانية وبخصوص هوية الألزاسيين صرح وقال لا يهمني أن يتكلموا الألزاسية بل ما يهمني هو أن تقطر سيوفهم دما من أجل فرنسا... هل يولد الفرنسيون أحرارا فعلا كما تنص على دلك ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؟؟ حتى في فرنسا وحدة الأمة هي في وحدة لغتها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بوتين يتعهد بمواصلة العمل على عالم متعدد الأقطاب.. فما واقعي


.. ترامب قد يواجه عقوبة السجن بسبب انتهاكات قضائية | #أميركا_ال




.. استطلاع للرأي يكشف أن معظم الطلاب لا يكترثون للاحتجاجات على 


.. قبول حماس بصفقة التبادل يحرج نتنياهو أمام الإسرائيليين والمج




.. البيت الأبيض يبدي تفاؤلا بشأن إمكانية تضييق الفجوات بين حماس