الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اسرائيل تفرض نفسها

محمد خضير عباس

2011 / 5 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


تمر علينا هذه الايام الذكرى الثالثة والستون لقيام دولة اسرائيل عام 1948 ومنذ نشاتها مارس الحكام العرب شتى انواع الكذب والتظليل والنفاق حول حقيقة هذه الدولة وتم استخدام سياسة ممنهجة لترسيخ مفاهيم الكره والحقد ضدها وعلمونا في المناهج التعليمية وبمختلف المراحل الدراسية على انها كيان غاصب ويعاقب كل من يطلق عليها اسم دولة وان شعبها تم تجميعه من مختلف دول العالم لا تربطهم أي رابطة فيما بينهم سوى رابطة الدين فقط وان مصير هذا الكيان الزوال امام امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة واننا احفاد رجال ابطال امثال خالد بن الوليد والقعقاع وسعد بن ابي وقاص والحجاج بن يوسف الثقفي وغيرهم كثيرين وان لامتنا تاريخ حضاري كبير يمتد لاكثر من خمسة الاف سنة قبل الميلاد ويشترك ابنائها بروابط اللغة والدين والنسب والقومية والدم او بالاحرى سفك الدم واستمر هذا الخطاب الاعلامي قرابة اكثر من نصف قرن بقليل وقام الحكام العرب الاشاوس بفرض حصار ومقاطعة تامة من جميع النواحي عليها وتم تسخير كافة وسائل الاعلام الحكومية والتي ترصد لها ميزانيات مالية ضخمة تفوق ميزانيات التعليم والصحة لغرض عدم اطلاع شعوبهم وحجب الحقائق عن هذه الدولة وعندما قام البعض منهم بعقد معاهدات سلام مع اسرائيل لم تلقى الموافقة والترحيب من شعوبهم بل على العكس جوبهت بالرفض والتنديد والاستنكار ولم يستطيعوا تطبيع العلاقات ما بين الشعبين نتيجة الارث العدائي الذي زرعوه في قلب وفكر كل مواطن عربي وبعد ان انكسرت كافة القيود التي وضعوها على شعوبهم وبدأت هذه الشعوب تعي حقيقة حكامها بدأت مرحلة التغيير وكنس هؤلاء الحكام المعمرين الى مزبلة التاريخ والتطلع الى العيش بحرية وممارسة الديمقراطية لذلك كان لزاما علينا ان نتعامل مع اسرائيل والقضية الفلسطينية بمنظار جديد بعيدا عن ما زرعوه حكامنا في ذاكرتنا والذي لم نحصل من وراه الا الخيبة والفشل والخذلان ولغرض تسليط الضوء على هذه الدولة التي لها حدود مشتركة مع خمسة دول عربية احب ان اوضح للقراء الاعزاء بعض الحقائق التي قد تكون خافية على الكثير من شبابنا العربي ولكي يقارن ما وصلت اليه اسرائيل في غضون هذه الفترة الزمنية القصيرة من حياة الشعوب وما خدعنا به من قبل حكامنا .
فاسرائيل دولة ديمقراطية برلمانية تدار شؤونها من خلال السلطات الثلاث ( التشريعية والتنفيذية والقضائية ) وتعتبر من ارقى الديمقراطيات في المنطقة ويتم تداول السلطة فيها سلميا بانتخابات حقيقية وان القانون يعلو ولا يعلى عليه والقضاء الاسرائيلي يتمتع بالنزاهة والصرامة في تطبيق مبادئ العدالة ويكفي للدلالة على ذلك ان المحكمة المركزية في تل ابيب اصدرت حكما بحق الرئيس الاسرائيلي السابق موشيه كاتساف بالسجن الفعلي لمدة سبع سنوات ودفع غرامة مالية لضحاياه في فضيحة التحرش الجنسي وهذه سابقة لم تحصل في أي دولة عربية لان الحكام فيها يتمتعون بحصانة الهية ضد أي اتهام يوجه اليهم والملفت للنظر ان من ضمن الاحزاب السياسية المشاركة في البرلمان ( الكنيست ) حزب يمثل المتقاعدين اما الانظمة العربية فانها انظمة سلطوية استبدادية فردية شمولية وراثية عشائرية بالرغم من ادعائها الديمقراطية وتمنح مواطينيها الحقوق والحريات في دساتيرها الا انها عمليا لا تفعل ذلك وان السلطات المذكورة اعلاه موجوده في الواقع ولكنها تعمل بامرة وخدمة الحاكم او الملك وتشرع القوانين التي تضمن له البقاء في كرسي الحكم الى ان يذكره الله اما الانتخابات البرلمانية الصورية التي تجري في كافة الدول العربية فأن نتائجها معروفة سلفا والمضحك والمبكي في الامر ان الرئيس العربي يرشح نفسه في الانتخابات لرئاسة ثانية بدون وجود منافس او خصم كما حصل في انتخابات العراق سابقا ومصر وسوريا وليبيا واليمن ناهيك عن الانظمة الملكية الوراثية لذلك فأن للحاكم العربي اقل خدمة له في الرئاسة هي ربع قرن . اما الاقتصاد الاسرائيلي فيعتبر من اكثر الاقتصاديات تنوعا على مستوى الشرق الاوسط وافريقيا ودخل الفرد الاسرائيلي يعتبر من اعلى الدخول في العالم حيث يبلغ 28 الف دولار سنويا ويعتمد الاقتصاد الاسرائيلي بالدرجة الاولى على صناعة التكنولوجيا ومعداتها وتعتبر الزراعة الركيزة الثانية للاقتصاد وتعد اسرائيل من اكثر الدول في المنطقة ذات الاكتفاء الذاتي في المجال الزراعي وتقوم بتصدير الفائض منه من خضراوات وفواكه الى دول العالم المختلفة والركيزة الثالثة للاقتصاد هي السياحة مع العلم ان اثنان من علماء اسرائيل قد حصلوا على جائزة نوبل للاقتصاد في عامي 2002 و2005 اما من حيث القوة البشرية العاملة فان نسبة البطالة في اسرائيل تقدر بـ 6% . في حين ان اغلب اقتصاديات الدول العربية ماعدا الخليجية منها تعاني من العجز والمديونية والتدهور ولا تستطيع حكوماتها من الايفاء بمتطلبات ادارة شؤون بلدانها مما انعكس سلبا على حياة المواطن العربي حيث يبلغ متوسط دخل الفرد العربي 5000 دولار سنويا ناهيك عن البطالة المستفحلة بين شبابه حيث تصل الى 25 مليون عاطل وان نسبة البطالة في المجتمع العربي وصلت الى 30 % وهي النسبة الاعلى في العالم حسب تقرير مجلس الوحدة الاقتصادية العربية التابع الى الجامعة العربية اما من حيث الزراعة فلا يوجد في القاموس الاقتصادي لاي دولة عربية مصطلح الاكتفاء الذاتي حيث ان جميع الدول العربية تستورد الغذاء سواء كان حبوب او فواكه او خضر . اما التعليم فيعتبر قيمة اساسية من القيم الحيوية للمجتمع الاسرائيلي كما انه يعتبر مفتاحا لمستقبل هذا المجتمع وتحتل اسرائيل المرتبة الرابعة عالميا من حيث اقامة البحوث العلمية في مختلف المجالات . اما التعليم الجامعي في اسرائيل فيعتبر من ارقى انواع التعليم في العالم وتوجد في اسرائيل 8 جامعات حكومية حصلت 4 منها على افضل 500 جامعه في العالم لعام 2011 حسب التصنيف الذي يصدره سنويا مجمع وحدة الابحاث الدولية وتعتبر المكتبة الوطنية الاسرائيلية اكبر مستودع للكتب في العالم بعد مكتبة الكونكرس الامريكي . وتمتلك اسرائيل ثالث اكبر نسبة في العالم من حملة الشهادات الجامعية بين المواطنين وتبلغ نسبة الامية في اسرائيل 2% اكثرها تنتشر بين عرب اسرائيل وهي قليلة جدا بالقياس الى دول المنطقة ويرجع ذلك الى التشجيع المجتمعي والدعم الحكومي فقد بلغت ميزانية التعليم في اسرائيل عام 2010 ثمانية وعشرون مليار دولار وحصل عالمان اسرائيليان على جائزة نوبل للكيمياء عام 2004 و2009 . اما البلدان العربية فأن انظمتها لا تعير للتعليم اهمية تذكر بدأ من التعليم الابتدائي وصولا الى التعليم الجامعي وترصد حكوماتها مبالغ قليلة جدا لقطاع التعليم ضمن الموازنات العامة السنوية مما ادى الى استفحال التخلف بين مجتمعاتها وانتشار الامية بشكل مخيف بين مواطينيها حيث قدرت المنظمة العربية للثقافة والعلوم التابعة الى الجامعة العربية في اخر احصاء لها نسبة الامية في الوطن العربي بلغت 100 مليون امي 65 مليون من الاناث و35 مليون من الذكور وان معدل الامية وصل الى 30% من عدد سكان الوطن العربي البالغ عدد نفوسه 330 مليون نسمة . اما الجامعات العربية فانها لم تحقق الاثر المطلوب من اهداف التعليم العالي وخاصتا في مجال البحث العلمي وفي علوم التكنلوجيا واقتصرت بحوثها في مجالات الادب واللغة والفقه والدين والعلوم الانسانية والتاريخ اما شهادات اغلبها فانها غير معترف بها من قبل المؤسسات الاكادمية الاوربية والامريكية ويخضع حامليها الى اختبارات عديدة وتاهيل لغرض معادلتها وقد حصلت جامعة عربية واحدة من السعودية على افضل 500 جامعة في العالم لعام 2011 من مجموع 120 جامعة منتشرة في المدن العربية اما الطب في اسرائيل فالقانون يضمن العلاج الصحي للمجتمع من الطفولة وحتى الشيخوخة مما يضع اسرائيل في عداد الدول المتطورة فيما يخص منح الخدمات الصحية لمواطنيها وتتمتع اسرائيل بنسبة عالية من الاطباء والاختصاصيين بالقياس الى عدد سكانها فيما يعاني القطاع الصحي في اغلب الدول العربية من التدهور وعدم الاهتمام من قبل القيادات العربية المسئولة نتيجة لعدم وضع خطط استتراتيجية تنهض بهذا القطاع بالاضافة الى سوء الادارة ونقص في الموارد المالية وعدم كفاية الكادر الصحي وعدم كفاية المستشفيات والمراكز الصحية مما ادى الى زيادة معدلات الوفيات وخاصتا بين الاطفال حديثي الولادة وانتشار الامراض . اما من حيث القوة العسكرية فيعتبر الجيش الاسرائيلي سابع اقوى جيش في العالم بعد الجيش الامريكي والروسي والصيني والبريطاني والفرنسي والهندي حسب تقرير وزارة الدفاع الامريكية ونوويا تعتبر اسرائيل خامس قوة نووية في العالم اما في الجانب العربي فلا يوجد أي مجال للمقارنة عسكريا ويكفي ان اسرائيل خاضة خمس حروب اساسية مع الدول العربية انتصرت في جميعها واخيرا ان هذه المقارنة البسيطة ليس الغرض منها الدعاية الى اسرائيل وانما الغرض منها تسليط الضوء على الهوه الكبيرة ما بين الواقع المر والمزري الذي يعيشه المواطن العربي في ظل سياسة التجهيل التي تنتهجها الانظمة العربية الحاكمة وفيما وصلت اليه اسرائيل وفي النهاية نسال سؤال الى كافة القراء لماذ تفوق شعب الله المختار على شعوب خير امه اخرجت للناس .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وماذا عن الصين
انس احمد علي ( 2011 / 5 / 13 - 11:01 )
الاخ العزيز محمد خضير عباسان عدد نفوس سكان دولة اسرائيل لايشكل اي نسبة نجاه نسبت عدد سكان الدول والشعوب الفقيرة...وان دولة اسرائل يدعمها كل العالم عند حدوث الازمات والحروب وايضا هية لاتشكل اي شيء للصين من حيث المقارنة السكانية والاقتصادية بينهما
ولا تنسا حجم المغريات التي منحتها دولة اسرائيل لليهود في العام لستقطابهم للمنطقة من ناحيت السكن ودعم الدخل والتعليم
اما بنسبة للتفوق عن بقية الشعوب فأن الامارات العربيه المتحدة خير نموذج في الوطن العربي من ناحية التطور العلمي والاعمار والاقتصاد والقضاء النزيه واثقافة وفي شتى المجالات نجدها نموذجا حي يفتخر به العرب


2 - ماذا عن الصين
محمد خضير عباس ( 2011 / 5 / 13 - 13:34 )
الاخ العزيز انس احمد شكرا على تعليقك واحب ان ارد على تسائلاتك ان المقارنة في المقال بين اسرائيل والعرب ولا شان للصين فيها اما من حيث المغريات فلماذا لا ترجع الكفاءات العلمية العربية الى اوطانها رغم المغريات الحكومية المسالة تكمن في الاسلوب الحضاري الذي تتعامل به الحكومة مع ابنائها والحريات الممنوحة لهم اما بخصوص مثالك بشان دولة الامارات العربية فمعا اعتزازنا بها كعرب فان الدولة التي عدد نفوسها مليون نسمة ويخدمهم مليون ونصف اجنبي فهذه ليست دولة تضرب كمثال للمقارنة المسالة ليست في المال لان العرب يملكونه ولكن المسالة اننا شعوب غير متحضرة ولا نريد ان نتحضر مع تحياتي

اخر الافلام

.. غزة ..هل يستجيب نتنياهو لدعوة غانتس تحديد رؤية واضحة للحرب و


.. وزارة الدفاع الروسية: الجيش يواصل تقدمه ويسيطر على بلدة ستار




.. -الناس جعانة-.. وسط الدمار وتحت وابل القصف.. فلسطيني يصنع ال


.. لقاء أميركي إيراني غير مباشر لتجنب التصعيد.. فهل يمكن إقناع




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - نحو 40 شهيدا في قصف إسرائيلي على غ