الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصراع العالمى على الزيت

محمد عادل زكى

2011 / 5 / 13
العولمة وتطورات العالم المعاصر


الصراع العالمى على الزيت
محمد عادل زكى
تعود العلاقة بين الزيت وبين القوة العسكرية إلى السنوات الأولى من القرن العشرين؛ حينما حولت القوى المتحاربة، ألمانيا، وبريطانيا العظمى أسطولهما البحرى من التسيير بالفحم إلى التسيير بالنفط. ولما كانت بريطانيا تفتقر إلى الزيت، فقد وجدت نفسها معتمدة على إحتياطيات النفط فى الشرق الأوسط، ولهذا أصبحت حماية هذه الإحتياطيات حاسمة مع إندلاع الحرب العالمية الأولى. فظهور الدبابة والغواصة والطائرة المقاتلة التى تعمل بمحرك ديزل، عمل على تعميق أهمية الزيت، وعند نهاية الحرب كان الوصول إلى النفط عاملاًً رئيسياًً فى التخطيط الإستراتيجى للقوى المتنافسة.
وأستمر الوضع على ما هو عليه بعد الحرب. وحاولت بريطانيا، التى كانت حينئذ مسيطرة فعلياًً على حقول الزيت فى إيران، أن تمد نفوذها إلى الحقول فى العراق والكويت. وكانت فرنسا أيضاًً تبحث عن موطىء قدم فى هذه المنطقة. وركزت اليابان على منطقة الإنديز الشرقى الهولندى، والتى كانت منطقة منتجة آنذاك للنفط. وبدأت الولايات المتحدة بحثها عن النفط على إمتداد الحافة الجنوبية للخليج، كانت كل هذه القوى، إضافة إلى ألمانيا والإتحاد السوفيتى، تعرف أن الوصول إلى الزيت سيكون حاسماًً فى الحرب القادمة، ولهذا كرس الجميع، عندما إندلعت الحرب العالمية الثانية، قوات أساسية للحصول عليه.
وتقدم اليابان نموذجاًً واضحاًً للإقدام على الحرب من أجل النفط؛ فلم تكن اليابان مؤمنة من تلك الجهة، وكان شبح فقد أو نقصه النفط دائما ما كان يتراقص أمام أعين القادة فى طوكيو، ولذلك كان القرار هو الإستيلاء على الحقول المنتجة فى منطقة الإنديز الشرقى الهولندى. أقدمت اليابان على ذلك العدوان على حقول النفط وهى تعلم يقيناًً أن أمراًً كهذا لا شك يثير غضب الولايات المتحدة، فكان القرار الثانى هو توجيه ضربة عسكرية إستباقية إلى الأسطول الأمريكى فى بيرل هاربر فى هاواى. ومن ثم صارت الولايات المتحدة أحد الأعضاء الرئيسيين فى دائرة القتال العالمى.
ولم يكن التقدم، المؤقت، الذى أحرزه الزحف الألمانى فى الأراضى السوفيتية فى عام 1941، إلا من أجل النفط، بالسيطرة على الأبار فى القوقاز.
أدركت الولايات المتحدة ما بعد الحرب أن الدور الذى يلعبه الزيت هو دور فيصلى ويتعلق بالأمن القومى، ومن هنا عملت دوماًً على ترسيخ وجودها فى الخليج العربى ضماناًً لإنسياب النفط. ولم يقتصر هذا التواجد فقط على الخليج العربى وإنما إمتد إلى العديد من الأجزاء على مستوى العالم؛ وتظهر إعتبارات أمن الزيت ً بالنسبة للولايات المتحدة فى برنامج المساعدة العسكرية لأذربيجان وكازخستان، فوفقاًً لوزارة الخارجية الأمريكية فإن جزءًً مهماًً من مبلغ الخمسين مليون دولار المخصص لأذربيجان فى السنة المالية 2004 سينفق من أجل تعزيز "أمن الحدود البحرية" للبلد؛ وفى كازخستان تستخدم المساعدة الأمريكية لتجديد القاعدة الجوية القديمة من العهد السوفيتى فى "أتيروا" على الساحل الشمالى لبحر قزوين، قرب حقل زيت "تنجيز" الغنى.
ومن أجل الزيت كان الزحف السوفيتى على أفغانستان وصولاًً إلى المناطق الأبعد الغنية بالنفط، ومن أجل الزيت تم قذف العراق، ومن قبله أفغانستان، وإن كان السبب الأكثر أهمية هو ضبط أسواق المخدرات التى كادت تشهد الإنفلات على صعيد الإنتاج والتوزيع العالميين. ومن أجل الزيت يتم الآن قذف ليبيا، وكما سبق وذكرنا فإن الأمر لا يقتصر على العدوان العسكرى من أجل تثبيت الأقدام وضمان الإمداد المستمر، وإنما يصل إلى المشاركة الفعالة فى الإنقلابات العسكرية وتأجيج الحروب الأهلية والصراعات الإثنية خلقاًً لبؤر التوتر على الصعيد العالمى وهو الأمر الذى يضمن عدم تولى حكومة وطنية السلطة فى بلاد الزيت. ومن أجل الزيت، كذلك، تدور حروب مريرة فى نيجريا البلد الرئيسى المنتج للنفط فى أفريقيا بعد أن نهب الجنرالات الثروة، ولم تكن دول حوض بحر قزوين أحسن حالاًً فلقد شهدت تلك المنطقة صراعاًً دومياًً سقط معه عشرات الضحايا وبصفة خاصة فى أوزبكستان فى مارس 2004، ومن أجل الزيت، أيضاًً، حدثت المجازر فى الشيشان؛ فعادة ما يتم تقديم الصراع الدامى فى الشيشان على أساس من كونه صدام بين قوى معادية، إثنية ودينية، أو صراع على السلطة بين الحكومة المركزية فى موسكو وبين سكان يسعون إلى الإستقلال على المحيط، بيد أن ثمة بعد جيوبولتيكى مهم: فقد كانت جروزنى، فى ظل الحكم السوفيتى، مركزاًً رئيسياًً لتكرير الزيت، كما كانت نقطة ترانزيت حرجة لأنابيب النفط التى تحمل طاقة بحر قزوين إلى روسيا، وأوكرانيا، وأوروبا الشرقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأميركيون العرب -غاضبون من بايدن ولا يطيقون ترامب- | الأخبا


.. اسرائيل تغتال مجدداً قيادياً في حزب الله، والحزب يتوعد | الأ




.. روسيا ترفع رؤوسها النووية والناتو يرفع المليارات.. | #ملف_ال


.. تباين مواقف الأطراف المعنية بمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة




.. القصف التركي شمالي العراق يعطل انتعاش السياحة الداخلية الموس