الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول مهرجان موازين وأشياء أخرى

حميد الهاشمي الجزولي

2011 / 5 / 14
الادب والفن


في الشرط العام السائد على مستوى المنطقة، وفي ظل معطيات تؤشر على ضرورة تحول جذري في هذه المنطقة بالضبط، تتململ المجتمعات دون قدرة على إنتاج مشروع (على الأقل على مستوى الخطاب) وذلك بفعل التعدد الطبيعي للمشاريع التي تطرح نفسها بديلا لما هي عليه الأنظمة الحالية.
وهذا التعدد الواقعي للمشاريع يجعل ما يعتمل داخل المجتمعات موضوع مراقبة وترقب من القوى الداخلية والخارجية، وبالتالي فكل المواقف التي تتخذ ضمن هذا التململ ينبغي قراءتها في هذا السياق.
ومن ذلك المواقف من مهرجان "موازين" الذي سينعقد بالرباط من 20 الى 28 مايو 2011 ، في دورته العاشرة السنوية.
ويمكن التمييز بين المواقف كما يلي :
1 موقف الرفض الاسلاموي : وهو الموقف "المبدئي" لكل الحركات التي تستغل الدين في السياسة، وبكل أطيافها ومنها تلك التي تدعي "الديموقراطية"،وموقف القوى الإسلاموية مبدؤه ومنتهاه أن هذه المهرجانات موجهة للحض على الخطيئة وانحطاط الأخلاق.....من منطلق رفض الاختلاط و "العري" و"الانحلال".وبالتالي فالموقف الإسلاموي هو المطالبة بإلغاء المهرجانات الفنية والثقافية ما دامت لا تتلاءم مع رؤيتهم للمجتمع والكون.
2 موقف الرفض الشعبوي : وهو موقف تشترك فيه كل القوى التي تعتبر نفسها "مقهورة" داخل المجتمع، ومنطلقها أن كل ما يقع داخل المجتمع من أنشطة ثقافية وفنية هو موجه لتخدير "الشعب" ودفعه للانشغال عن "واقع القهر" الذي يعيشه.
3 موقف القبول الحداثي : وهو موقف يعتبر أن المهرجانات الفنية جزء لا يتجزأ من حركية المجتمع، وتعبير عن تعدد الأذواق داخل هذا المجتمع بكل ميولاته وأطيافه، وأن المطالبة بإلغاء هذه المهرجانات الثقافية والفنية، هو دفع للمجتمع نحو الظلامية والتطرف والانغلاق.
4 موقف القبول الشعبوي : ويتلخص هذا الموقف في حصر المسألة في جانبها الترفيهي، للتنفيس عن الذات، واقتناص فرصة متاحة للتمتع بالموسيقى والرقص والأفلام وكل ما تتيحه هذه المهرجانات من نشاط.
هذه المواقف تتداخل فيما بينها بطبيعة الحال،ويمكن تلمس تحول الأشخاص والجماعات بين هذه المواقف بين الفترة والأخرى،بل بحث هؤلاء الأشخاص في مبررات المواقف الأخرى لتبرير الموقف الخاص.
وفي مناقشتي لهذا الموضوع أساهم بتركيز حول:
- "تبذير المال العام" وهو تبرير غير صحيح لأنه تبين ألا علاقة لمال المهرجان بالمال العام (خاصة بعد سحب مجلس مدينة الرابط لدعمه)، ولعل الذين يدفعون بهذا التبرير واعون بكذبهم على الناس، أو أنهم لا يميزون بين المال الخاص والمال العام.
- "تشويش المهرجان على مطالب الشعب في الديموقراطية"، وهو تبرير أكثر ديماغوجية من السابق، لأن مطالبة "الشعب" يالديموقراطية ليست ولن تكون رهينة مهرجان موسيقى أو سينما وإلا فعلى نضال "الشعب" ومطالبه السلام، فما الذي يمنع من النضال من أجل المطالب الديموقراطية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتمتع بسهرة لكاظم الساهر أو لجو كوكر.
- "نحن فقراء وعاطلون وحين نشبع نغني...."، وهو تبرير لا يستقيم مع إرادة الناس في الحياة، صحيح هناك فقر مذقع ، وعطالة مركبة، وخصاص كبير في الاستجابة للضرورات الأولية للحياة،وهذه الأوضاع سوف لن تنتفي بإلغاء هذا المهرجان أو ذاك، بل بالعكس ينبغي خلق شروط عقد مهرجانات أخرى لتحريك عجلة اقتصاد الخدمات التي تشكل جزء أساسيا من الدورة الاقتصادية بالمغرب، فهناك في المجتمع فئات وسطى لا يمكن أن نحجر عليها حتى يصبح "الجميع" عير فقير وغير عاطل ومشبع.
- "تحويل أموال كبيرة بالعملة الصعبة أجورا للفنانين الأجانب"، وهذا منطق لا يستوي مع ما أصبح عليه العالم من حرية تنقل الاضخاص والبضائع والأموال ، العالم الذي أصبح قرية صغيرة، وإلا سنكون في وضع العنصريين اتجاه الآخر، فما بالكم إذا رفض الإيطاليون والفرنسيون والالمان والكنديون والامريكيون للفنانين المغاربة أن يعملوا بهذه البلدان حماية لعملتهم الصعبة من التحويل إلى المغرب، ولا بأس من سؤال الفنانين الذين يحيون السهرات بالخارج عن المآل، وسيكون الجواب فعلا صادما لبعض من استوعب العولمة بشكل مقلوب.
لسنا بعد بلدا ديموقراطيا، ونطالب بديموقراطية سياسية، اقتصادية، اجتماعية وثقافية، والمدخل إلى ذلك هو الدستور الديموقراطي الذي يؤسس لملكية برلمانية، هذا ما ناضلنا (بفقدان حريتنا أيام كان النضال "حمقا" )، ونناضل من أجله اليوم كل من موقعه، لكن نحن ضد خلط الأوراق، وتمرير الرفض للفن وللثقافة باسم المرحلة والفقر والبطالة و إهدار المال العام، نحن مع الفرح، مع الموسيقى مع المسرح مع السينما مع الكتابة والقراءة، لكل الأذواق ، ولن نعود إلى موسيقى الدف والتهليل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل