الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


توسعة الخليج .. وحسابات المصالح

بيدر التل

2011 / 5 / 14
السياسة والعلاقات الدولية



يعتبر قرار قبول طلب المملكة الاردنية الهاشمية للانضمام الى عضوية مجلس التعاون لدول الخليج العربي ، ودعوة المملكة المغربية للانضمام من المواضيع الهامة التي لا بد من الوقوف عندها طويلا وتحليلها من قبل الخبراء والمختصين و البحث في أبعادها الخفية وعدم الاقتصار على الترحيب والتهليل من قبل المؤيدين أو الانتقاد والذم من قبل المعارضين وفقا لمنظورات اقتصادية بحتة .. فقد جاء هذا القرار في ظل حالة عدم الاستقرار التي تشهدها عدد كبير من الدول العربية حيث انقلبت أنظمة الحكم في الجمهورية التونسية أولا ، تلاها جمهورية مصر العربية ، تلاها موجة من الثورات والاحتجاجات العنيفة في الجماهيرية الليبية ، والجمهورية اليمنية ، والجمهورية السورية ، وحالة عدم استقرار واحتجاجات في مملكة البحرين أدت الى تدخل قوات درع الخليج والتي كان المحرك للاحتجاجات في البحرين قوى شيعية بدعم من ايران .

لم يأتي قرار دول مجلس التعاون الخليجي بضم الاردن ودعوة المغرب للانضمام وفقا لسياسة مثالية هدفها الوحدة او ماشابه من شعارات براقة وردية بل جاء وفقا لسياسات براغماتية - واقعية قامت على أسس الربح والخسارة ومن منطلق نظريات أمنية وسياسات تحالف وتغيير لحالة ميزان القوى في المنطقة . فمنذ سنوات طويلة لم يكن أحد يتصور توسعة المجلس بسبب رغبة قيادات الخليج على الابقاء على خصوصية المجلس كونها دول خليجية متشابهة مطلة على الخليج العربي وهي دول غنية نفطية وأنظمة حكمها ملكية أو أميرية وكذلك سعت دوما للابقاء على ستار مانع او فاصل جغرافي بينها وبين اسرائيل .. لكن هنالك اعتبارات كثيرة كانت المحرك لمثل هذا القرار ..

فمن منظور جغرافي فان الاولوية هي لجمهورية اليمن وجمهورية العراق ان تحصل على العضوية الكاملة لمجلس التعاون الخليجي لكن تم استبعادهم .. اما الاردن يمكن اعتبارها امتداد جغرافي للخليج العربي ( خاصة مناطقه الجنوبية الشرقية ) أما المغرب التي تقع في شمال افريقيا والمطله على المحيط الاطلسي من المستحيل اعتبارها كذلك .. لكن السياسة هي فن الممكن وتتقلب أحوالها وفقا للمصالح ، وادماج الاردن والمغرب على الرغم من فائدته على اقتصاديات الدولتين جزئيا الا ان الفائدة الاكبر هي لدول الخليج وخاصة ان هذا القرار يدعم أمنها في مواجهة المد الشيعي والتدخل الايراني الواضح في زعزعة استقرار دول الخليج ، ويمكن تأكييد هذا الافتراض عندما ننظر الى الموضوع من ناحية ديمغرافية ، فتعداد سكان ايران وفقا لأخر احصائيات( قرابة 74 مليون نسمة ) غالبيتهم من الشيعة ، أما تعداد دول الخليج الستة ( مجلس التعاون الخليجي ) 38 مليون نسمة وهذا يشكل خطر كبير ، وبالتالي فان ادماج الاردن ( قرابة 6 مليون نسمة ) والمغرب ( قرابة 38 مليون نسمة ) سيخلق حالة من التوازن ديمغرافيا مابين ايران شيعية ومنظومة خليجية سنية تضم دول متشابهة في أنظمتها السياسية ويدعم أمن الخليج باشراك قوات مدربة ذات كفاءة خاصة من الاردن الى درع الخليج تعمل على سحق أي ثورات او احتجاجات شعبية تؤثر على استقرار النظام السياسي كما حصل مؤخرا في مملكة البحرين ، خاصة بعد ان تبين أن الحليف الامريكي لن يدعم حلفاءه واصدقائه ضد ارادة الشعوب كما حصل في الحالة المصرية ، وهذا ما دفع قادة الخليج الى ايجاد حلفاء أو اوراق جديدة تدعم أمنهم واستقرارهم .. لذلك كان السعي الى ادماج ما تبقى من ملكيات في الوطن العربي ، حيث تبين " أن الأنظمة الملكية في الوطن العربي أكثر استقرارا وقدرة على ادارة ازماتها الداخلية من الأنظمة الجمهورية " !

لكن هذا الحال يخلق تخوف من اعادة سياسة الاحلاف وتقسيم الوطن العربي الى معسكرين متناقضين جمهوري و الاخر ملكي .. وهذا سيشكل ضربة الى جامعة الدول العربية وتهميشها كليا في ظل خلق منظومة قوية وفاعلة موازية لها ومقتصرة على الأنظمة الملكية .. واخيرا يمكن أن نلاحظ ان هذا القرار الخليجي بادماج الاردن خاصة أكد ان صانع القرار في مجلس التعاون الخليجي يعتبر ايران أكثر خطرا على أمنها ووجودها من اسرائيل فقد تم احتواء اسرائيل او تجميد توسعها والعمل الان على اقامة درع ضد المد الشيعي الذي يقلق الدول الخليجية ..

ستشهد الأشهر القادمة الكثير من التطورات .. ونأمل ان تصب لصالح ازدهار ورخاء الدول العربية جميعا .. ونأمل أن تكون خطوة لتحقيق تكامل عربي حقيقي !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - جميل جدا
sarah ( 2011 / 5 / 19 - 20:27 )
من النادر ان نجد من يصغون الى صدى الخبر لا الى صوته الرنان ... ان هذا تحليل رائع جدا ونسأل الله ان يعطي الاردن كل خير من هذا الشيء

اخر الافلام

.. #بايدن يدافع عن #إسرائيل.. ما يحدث في #غزة ليس إبادة جماعية


.. بدء مراسم تشييع الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي ومرافقي




.. هل هناك أي نوع من أنواع الامتحان أمام الجمهورية الإيرانية بع


.. البيت الأبيض.. اتفاق ثنائي -شبه نهائي- بين أميركا والسعودية




.. شوارع تبريز تغص بمشيعي الرئيس الإيراني الراحل ومرافقيه