الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وداعا ....أيها الزمن

البتول الهاشمية

2004 / 11 / 1
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


و يبقى أبدا ذلك اليوم في ذاكرتي ...كان أستاذ الجغرافيا قد شرح لنا صباحا كيف أن الأرض تدور ...و كلماته هي الأخرى ظلت تدور في رأسي ساعات و ساعات حتى أفقت من شرودي و أنا اصرخ كما نيوتن ...وجدتها ..وجدتها ..كانت فكرتي تدور و باختصار على انه طالما أن الأرض تدور على ذمة أستاذ الجغرافيا فلماذا مثلا لا نركب منطادا في الظهر و نرتفع قليلا في السماء و ننتظر حتى المساء عندها سنجد أنفسنا نهبط في مكان جديد يبعد آلاف الأميال ..و بذلك أكون أنا قد ابتكرت ارخص طريقة للسياحة ..لا سفر عبر البحر و لا طائرات و لا أبراج تتحطم .....شعور من الفرح غمرني و أنا أتخيل كيف سأدخل التاريخ من أوسع أبوابه ...حيث كاميرات التصوير و المقابلات الصحفية و الشركات التي ستتهافت لشراء الفكرة ..و هكذا بقيت حتى أعلنت الشمس بداية يوم جديد لطالما انتظرته حتى أواجه أستاذ الفيزياء بنظريتي الفريدة ليتوقف على الأقل بوصف دماغي بالسميك ..و عندما دخل علينا بنظارته البيضاء استجمعت شجاعتي و استأذنت منه بالتحدث .. و ما إن منحني الضوء الأخضر حتى أطلقت الكلمات من فمي بسرعة الرشاش و أنا أتحدث عن اكتشافي الخطير ..و بدل أن يفغر فاهه دهشة – أستاذي - كما توقعت استرسل في ضحكة مجلجلة ..و راح يشرح لزملائي سذاجة تفكيري ملخصا فكرته بان الأرض عندما تدور فان الغلاف الجوي التابع لها يدور هو الآخر ..تماما كما أن فراشة يمكنها التنقل من راكب إلى آخر في نفسر السيارة دون أن يسبقها نزلاء العربة على اعتبار إن فراغ السيارة الداخلي يتحرك معها ...و تبخرت أحلامي فجأة و أقسمت إلا أعود إلى الإبداع العلمي ثانية ..فله ناسه و علي أن اقتنع بذلك.
شريط الأحداث كله هذا استرجعته و أنا أطالع شبه مصعوقة صيحة علمية من الطراز ما فوق المخيف ..ملخص الأبحاث التي تجري الآن يتمحور حول انه لو اخترقنا بطائرات الركاب الغلاف الجوي هذا ..فان أول شئ نكون قد صنعناه هو التخلص من تبعية الأرض التي بإمكانها الآن أن تدور على هواها بعيدا عن الطائرة التي هي بدورها إما تبقى معلقة أو تتحرك بقوة دفع خاصة في أي من الاتجاهات الأربعة وفقا لوجهة سفرها حسب الخريطة المرسومة أمامها و حتى نفهم سر هذا الإنجاز العلمي الغير مسبوق اسمحوا لنا قليلا أن ندخل في التفاصيل ..فالطائرة تحتاج لاختراق الغلاف الأرضي و الهروب من الجاذبية اثنا عشر دقيقة ..و نفس هذا الوقت حتى تعود ثانية إلى اليابسة فيصبح المجموع أربع و عشرين دقيقة فإذا أضفنا إليها عشرين دقيقة – كما يقرر المختصون – فإننا نحتاج إلى اقل من ثلاث أرباع الساعة للانتقال من مشرق الأرض إلى مغربها !!
و المفارقة الطريفة تكمن في أننا مثلا في السعودية نحتاج إلى ثلاثين دقيقة للانتقال من الرياض إلى جدة أو خمس و أربعين دقيقة للوصول إلى أمريكا أو كندا أو أية نقطة أخرى ..و هكذا فان الزمن يصبح لا معنى له فيما يخص أمور اختراق المعمورة على اقل تقدير ...كل هذا الآن يبقى حبر على ورق طالما أن التجارب ما تزال في الطور النظري لها ..و لكن كما عودنا عباقرة الغرب ..فان كل شئ يصبح ممكنا طالما امسكوا بطرف الخيط ..و كلها سنوات قليلة و الابتكار سيكون جاهزا عزيزي القارئ لتجربه ..
و لنترك التفكير الخلاق العلمي لهم و نتفرغ نحن لتنظيرنا ...فكروا معي ..أية فائدة سنجنيها من هكذا اختراع بعد عدة سنوات حيث تصبح الولايات المتحدة متغلغلة في المنطقة و بدل أن نحتاج إلى ساعة للوصول إليها عبر الطائرة فإننا يمكن أن نطأ أراضيها بأقل من ذلك سيرا على الأقدام .. و من ناحية ثانية و هي الأهم فان هؤلاء العلماء اللذين منحوا العلم والابتكار كل وقتهم و سلموا أمرهم إلى تجار النفط و السلاح ..فإنهم قد يصرخوا يوما كما صرخ مكتشف الجاذبية الأرضية ...وجدتها ...وجدتها ..و عندها قد لا يجدون العالم من حولهم ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة :كارثة في الأفق ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مطعم في لندن طهاته مربيّات وعاملات نظافة ومهاجرات.. يجذب الم




.. هل تمتلك السعودية سلاحًا نوويًا؟| #التاسعة


.. روسيا تحذر...العالم اقترب من الحرب النووية!| #التاسعة




.. رئيس الاستخبارات الأميركية يلتقي نتنياهو لإنقاذ المفاوضات وم