الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقف السياسي بين التكفير والتحرير

محمد الحاج ابراهيم

2004 / 11 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


يوم الثلاثاء 26/10/2004وعبر برنامج الاتجاه المعاكس ،الذي تبثه قناة الجزيرة ويقدمه الدكتور فيصل القاسم، كان هناك تعاكسا بين المعارض السياسي فاروق سبع الليل، والمحلل السياسي حميدي العبد الله ،الذي مثل وجهة نظر النظام في التعاطي مع مجمل ما طُرح في هذا البرنامج، وكلاهما من سوريا.
حضرني سؤال وأنا أتابع ،وهو كيف تم اختيار المتعاكسين ولم تم هذا الاختيار ؟ فبعض ما جاء به السيد سبع الليل كان يفتقر للمستند، وبعض ما جاء به السيد حميدي كان دفاعا للدفاع دون مستند، محاولا أن يغرقنا بشعارات لم يعد أهل النظام بالذات يقبلوها، وكم تمنيت على الاثنين أن يتعاملا بعلمية السياسي أو المثقف، التي أصبحت ضرورة ملحة في هذا الظرف ،الذي تتكالب علينا فيه أمريكا ،مالكة القوة التي يمكن أن تفرضها على العالم كله إن لم ينصاع لها ،وأمامنا واقعا بحاجة إلى قراءة هادئة ،وطرح رؤى هادئة ومفيدة لنا جميعا أبناء سوريا دون استثناء لأحد .
لغة الوطن لها مفردات خلت الحلقة منها ،وحلّت لغة (التصيُّد ) محلّها،وهو مرض قديم عندنا ،يساهم الجميع بمعالجته، وربما كان المتعاكسين من سلالات هذا المرض ولم يتمكنا من التخلص منه بعد، إذ أن مرض المعارضة الممنوع عليها الوجود القانوني على قاعدة الحق أنها أُعيقت من تطوير نفسها بفعل الضغط الأمني عليها(الشرنقة القسرية)، وعملها تحت الأرض لسنوات عديدة ،والسلطويون أُعيقوا من تطوير أنفسهم، بحكم الانغلاق(الشرنقة الإرادية) الذي يعانون منه نتيجة لما يسمح لهم الدستور ويمنع على غيرهم ،على قاعدة أحادية الحركة والذهنية الأحادية بالمعنى المعرفي ،التي تجعل من المعارضين أعداء لهم ،وهم في الواقع ليسوا كذلك، بل هم وطنيون باعتراف قادة وأقطاب النظام ، ما يخلق حالة من التعارض بين توصيفات أقطاب النظام الإيجابية للمعارضين ،و(تخوينات) الحلقات الأخرى لهم ،الأمر الذي يحدث شرخا ثقافيا معرفيا بين الأقطاب والقاعدة بما يتعلق بتقييم هذه الحالة ، وهذه ذكّرتني بكتاب ((مقدمات للخروج من القرن العشرين )) /أد غار موران/إصدار وزارة الثقافة السورية،أتمنى على كل حزبي مهما كان انتماؤه أن يقرأه0 كم نحن بحاجة في هذا الظرف ،إلى خطاب وطني يريح النفس والعقل من معاناتهما ،لأن مامن مواطن إلاّ ويعيش قلقا نوعيا في هذه الأيام من أي هجوم على بلدنا، سياسيا كان أم عسكريا،تحت أي ذريعة قديمة كانت أم حديثه ، والأهم من هذا كله أننا سنواجه أمريكا وإسرائيل ،إن لم يكن اليوم فغداً ،ويمكننا أن نتساءل- مستبعدين الخيانة - ما العمل في حال حدث ذلك ؟ماهي الاستعدادات للمواجهه؟ هل سنقع في المطب العراقي؟/فوضى المقاومة وتأخرها (مع احترامي وإجلالي لكل من يدافع عن بلده)،غياب التنسيق، لأن النظام العراقي المنهارلم يسمح بكل هذه الاستعدادات بفعل أمني مخابراتي مراقب ودقيق لحركة المواطن، بل بقي يراهن على حل فيه مصلحته كنظام وليس كوطن حتى اللحظة الأخيرة ودخول القوات الأمريكية بغداد قلعة الأسود/ أم نستعد للمواجهة جميعا دون استثناء ؟ وكيف يمكن لنا أن نواجه هذه الترتيبات الإسرائيلية لإخضاع المنطقة؟ لأن سوريا ستكون الحصن الأخير وآخر قلاع بني يعرب، إن حدث ذلك لاسمح الله ، ماهي خطط الدفاع عن بلدنا في المدن والقرى والبلدات ؟حتى نتجنب فكرة المثلثات والبؤرالمقاوِمةالقائمة في العراق، الذي أصبح نكبة جديدة من نكبات الأمة العربية ،وصرنا نتباكى عليه كما تباكينا على فلسطين عام 1948، ونشدنا تحريرها من الغاصبين،من ثم تحولنا إلى إزالة آثار العدوان في عام 1967 ،وبعدها إلى المفاوضات المشروطة إسرائيليا، كالذي حدث في كامب ديفيد ووادي عربه 0 وفي عام 2004 تبين من تفجيرات طاباأن المفاوضات لم ُتعد الأرض، وأن مصر لاتملك السيادة الحقيقية عليها وهذا ما يؤدي إلى حالة من الإحباط واليأس لدى المواطن العربي في الساحة العربية كلها ، دفع بالشباب العربي للهجرة إلى ذهنية العنف، من منطلق أن لاحل إلاّ به مع المعتدين، الذي تبنته حركات أطلقت على نفسها أسماء جهادية عديدة ،إذكما هو معروف من أن الغازي( أمريكي أم إسرائيلي) لايفهم إلاّ بلغة الموت ،حتى يفكر بالرحيل ،لأن رائحة العدوان يشتمها كل مواطن ويطرح الأسئلة المذكورة.
كم كنت أتمنى من الاثنين أن يطرحا طرحا استراتيجيا ،يقدّم خدمة لوطننا ، ولو كانت الحلقة بكاملها حول الاستراتيجية التي تطرحها المعارضة ويطرحها النظام ،ليكون حوارا دون الوقوع بالمهاترات بين الاثنين، بهدف المحافظة على صورة الوطن والمعارضة الجميلة التي تتسم بالوطنية ،باعتراف العالم كله حيث لم تسجل حتى الآن حالة واحدة من التعامل مع أعداء وطننا العزيز . المؤلم في الموضوع أن المتعاكسين ومدير الندوة من وطننا، ورب قائل يقول: أنت لا تدرك آلام من يعيش في الغربة، وممنوع عليه دخول وطنه منذ عقود خلت، وهذا ُيمثّل عشرات الآلاف من المواطنين السوريين، المهجرين والمحرومين من العودة إلى وطنهم، وأقول أن النضال في سبيل ذلك، عبر طرح كل هذه المواضيع بشكل علمي وقانوني وشفّاف ،حتى يتم حل كل هذه الإشكاليات ،التي أصبح حلها ضروريا ،بإصدار قانون عفو عام، يسمح لكل المواطنين بالعودة للعيش في بلادهم ،بدل الغربة والذل والألم، والاستفادة من إمكانياتهم في تقديم الخدمات لشعبهم بكل أمانة،وفسح المجال لهم عبر قانون أحزاب وطني من الانتظام في أحزاب تعبر عن وجهة نظر كل واحد منهم ليتم وعبر الشاشة السورية ،دعوة متعارضين ،ليتحدثا استراتيجيا مافيه درسا يعلّم المواطن كيف تتم الحوارات المجدية، ليخدم ثقافيا وتربويا ونتعلّم احترام الرأي الآخر ،دون تعصب لأحد بل التعصب المرحلي للوطن، إذ أن الوطن هو المقدس الباقي بإنسانه وإمكانياته وكل ما دونه إلى زوال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معركة ساخنة بين بايدن وترامب؟ | المسائية


.. الإصلاحي بيزشكيان والمحافظ جليلي يتأهلان للدور الثاني من الا




.. ميقاتي: لبنان سيتجاوز هذه المرحلة والتهديدات التي نتعرض لها


.. حماس تدعو الأردن للتحرك من أجل مواجهة مشروع ضمّ الضفة الغربي




.. أبرز التحديات التي تواجه الديمقراطيين في حال أرادوا استبدال