الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوراق خريفيه قصة قصيره

محمدعبد الله دالي

2011 / 5 / 14
الادب والفن


أحلام خريفيه
قصة قصيرة ــ محمد عبد دالي
يقف وهو يستند على عصاه , في مدخل المنتزه الصغير , يتجول بنظره في إنحاءه, وبسمة خافتة ترسم على محياه , ثم يركز نظره على مقعده المفضل , الذي اختاره منذ سنين مضت . في زاوية من المتنزه , يستظل هذا المقعد بشجرة ورد الجهنمي ,ذات اللون البنفسجي .. كانت تنشر ظلالها الجميل , ورائحتها المفضلة لديه . اختار هذا اللون لأن من ترافقه معجبة به , لذا أصر على زراعتها بالتعاون مع البستاني الذي يعمل منذ زراعة أول شجرة في هذا المنتزه .يتجه بخطى بطيئة إلى مكانه المفضل ,ينظف أوراق الورد المتناثر من الشجرة على المقعد الخشبي ،بجريدته المعتادة .ثم يجلس وكأنه يرمي ثقلا من على كتفه , متنهدا , آه ..... من ألم المفاصل و.... وآلام الدنيا ,ينظر إلى جواره , ينظف المقعد كأنه يستعد لاستقبال زائره المفضل ,يأتيه صوت البستاني من الجانب الآخر من المنتزه .
ــ مساء الخير أستاذ ؟
ـــ أهلا بك أيها العزيز ,طاب مساؤك .
ـــ ما الجديد ... في جريدتك هذا اليوم ؟
ـــ أووا....وه ! كل شيء!
التفت مرة أخرى إلى جواره , وعينيه تحمل عدة أسئلة ,أخذت الأوراق تتساقط عليه بألوانها الزاهية ,ومع كل نسمة خريفيه ,يرفع نظره إلى الأعلى .... الظل آخذ بالانحسار لأن الأغصان غير قادرة على حجب أشعة الشمس لتجردها من أوراقها .. اعتدل في جلسته , وهو ينظر إلى جريدته, قائلا ::ــ
ــ هذه حال الدنيا , تختضد أوراق وتسقط أخرى , وتحملها الرياح إلى مكان آخر , ويسأل نفسه :ــ
ــ إنه اليوم الثالث ولم تحضر ؟ عسى المانع خيراً
بدأ يقلب صفحات جريدته , وبين الحين والآخر يسترق النظر من حافتها العليا إلى باب المتنزه, وقلبه يعتصر ألماً من القلق على من يحب , أخرج نقاله .. ضغط على أرقامه ويداه ترتعش من التعب , يأتيه الرد بالكلمات المعتادة ( الجهاز مغلق أو خارج منطقة التغطية )عجباً هل سافرت أو حدث لها مكروه, أو .... لا أدري دعني أنتظر .!
وعاود القراءة , لفت نظره الخبر الآتي على صفحة محليات " أصيب بعض المتظاهرين بجروح من خلال الزحام , وسقط البعض من شدة التعب , ونٌقلوا إلى اقرب مستشفى . إيه .. على كل حال .... واستمر بالقراءة , أحداث رهيبة هذه الأيام , الشعوب تتحرك إنها نهضة جديدة تَعمُ المنطقة , إنها رياح التغيير .. تهب لتقتلع الألم الجاثم على قلوب الشعوب المحرومة , إنها ليست رياح عاديه , هي إعصار قادم من الشباب الرافض للذل والحرمان والعقول المتخلفة.. أصابه شيء من التعب من طول الانتظار .
هَمً نفسهُ , عدل من قيافته , اعتدل واقفاً , ناداه البستاني :ــ
ـــ ها ,أستاذ مَنْ تنتظرها لم تأتي هذا اليوم ؟
ـــ هل تعرف السبب ؟ أتدري , إنها جزء من حياتي , جلوسي في المتنزه ليس له أي معنى بدونها ! هاتفها مغلق , رد عليه البستاني .
ـــ يظهر إنك لا تعلم , وأنا حاولت أن لا أزعجك .
ـــ لماذا بالله عليك ؟
ــ إنها في المستشفى ... سقطت من شدة التعب قالوا إنها تحمل علماً.. ولافتة صغيرة كُتِبَ عليها رفقاً بالمتعففين وكبار السن ,والمتقاعدين .
ازداد ارتعاشا وقلقا , طوي جريدته بسرعة , واتجه إلى باب المتنزه , ناداه البستاني :ــ
ـــ أستاذ ,من فضلك ,خذ باقة الورد هذه , وانقل لها تحياتي.
ـــ إن باقة الورد,ينقصها وردة أخرى تعشقها إنها وردة الجهنمي مؤشرا بسبابته ذلك اللون البنفسجي .
قدم شكره للبستاني .. وحمل جسده المتهالك بمساعدة عكازته متوجها إلى المستشفى القريب من المتنزه ... وبعد جهد وسؤال استدل على مكانها ,
وبخطوات وئيدة .. وقف ينظر إليها وهي تتنفس الهواء من قنينة الأوكسجين , إلتمعت عيناه وَهَو يتمتم بكلمات مسموعة مسكينة أنتِ , إنتظرتي عودتي كل هذه السنين على أمل أن نعيش حياة هانئة , خالية من الحرمان والألم , لكن سبقنا الزمن .. وها أنتِ لا زلتِ تناضلين , من أجل حياة سعيد هلك ولأهلك .
أقتربَ .. تأمل وجهها , أخذ الزمن بريق عينيها , وحمرة وجنتيها , وذبلتْ الرضاب الوردية .اقترب أكثر وضع الورد على صدرها بهدوء , وهو يقف صامتاً بمحرابها وهو يتلو صلواته , ومعوذاتهِ. انتبهت لأن رائحة الورد أخذت مفعولها .فتحت عينيها ,رأته ماثلاً أمامها... أزاحت قناع الهواء عن وجهها وهي تلتقط أنفاسها .. أشرقت ابتسامة أزاحت من قلبه سحابة الحزن , رفع مسند السرير , اعتدلت جالسه , بعد أن أراح جسده على حافة السرير , وهما يتبادلان نظرات العتب والإعجاب .
ــ لماذا لم تخبريني إنك ستشاركين الشباب بالمظاهرات ؟
ــ أجابته بصوت لا يزال يحتفظ بتلك الرقة والهدوء .يجب علينا ان نشاركهم طموحاتهم , ألا تمتلك روح الشباب ؟
ـــ في المرة القادمة , سأكون في المقدمة , وسأطالب(.............) ابتسما, ضمها إلى صدره وبينهما باقة الورد تعبق برائحتها .. وهما يحلمان بحياة سعيدة

محمد عبد الله دالي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا