الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظام يريد إسقاط الشعب!

سميح القاسم

2011 / 5 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


أنغش لافتات الثورة العربية الحديثة ، كانت كما أرى ، لافتة الشاب المصري: "إمشِ بقى .. إيدي وجعتني".
أما اكثر اللافتات قبحا ووقاحة وقلة أدب، فهي اللوحة غير المنصوصة وغير المرئية في ايدي انظمة الاستبداد: "النظام يريد إسقاط الشعب"، وهي لافتة المخابرات السرية التي استفزتها لافتة الجماهير: "الشعب يريد إسقاط النظام".

وكما في كل ثورة، فان ظاهرة المتسلقين والمتطفلين ، ومحاولات سرقة الثورة وتجييرها ، تتكرر، بقدر ما تتكرر ايضا مشاريع الثورات المضادة المعروفة تاريخيا.

وبرزت في كل الاقطار العربية الثائرة ظاهرة "البلطجية" (كما سمّوها في مصر)، "والبلاطجة" (حسب التعبير اليمني) "والمرتزِقة" والمماليك (في ليبيا) "والشبّيحة" (في سوريا). وكلها محاولات لإحباط الثورة وإجهاضها ، وتحويل الحالة الثورية الى حالة "الفوضى الخلاّقة" ، وفق المشروع الامريكي المعروف حدّ الفضيحة.

وسعت أنظمة الاستبداد جاهدة لخلط الاوراق وبلبلة الوجهات وتضليل الخطا، باختلاف تناقضات ثانوية وتحويلها الى تناقضات جوهرية، كالسعي الى تأليب القبائل على القبائل ، وفق مفاهيم ما نسمّيه "الجاهلية الجديدة" ، قياسا على مفاهيم "المحافظين الجدد" في الولايات المتحدة الامريكية ومذنّباتها في العالم الكبير.

واتضح ، مثلا ، ان النظام البائد ، بوزير داخليته الساقط، عمل اكثر من مرة على اثارة الفتنة الدينية في مصر ، والتي بلغت أوجها في الاعتداء على كنيسة القديسين في الاسكندرية ، ومحاولة تلبيس "الاسلاميين" هذه الجريمة النكراء.

وفي ليبيا ، كما في اليمن، ثمة محاولات مستميتة من الطغمة الحاكمة لتجييش الغرائز القبلية ، على طريقة "فخّار يكسّر بعضه" ، علما بان الطاغوت المستبد وزّع حصص القمع والتجويع والاذلال والقهر على جميع المواطنين بالتساوي. وفي هذه فقط حققت أنظمة الاستبداد شكلا من أشكال المساواة !

لم تقتصر خطط التلاعب بالمناخ الثوري على الانظمة وحدها، فقد جهدت بعض الجهات والتيارات لتحوير الارادة الشعبية في الحرية والعدالة ومكافحة الفساد، بابتداع دوافع أخرى للثورة.

من ذلك ما شاهدناه على شاشة فضائية تحمل اسما انجليزيا هو "4 SHABAB" أي من أجل الشباب (بالتلاعب اللفظي الجناسي).

ظهر على شاشة هذه الفضائية شخص يشبه ما يمكن ان ينعت بالشيخ. وراح هذا "الشيخ" يحلل ما يجري في القطرالسوري.

وبلهجة العارف الواثق بنفسه جأر هذه "الشيخ" غير الجليل ،طبعا، بأن "سوريا المسلمة" تثور على "النظام النصيري" الكافر.

نحن نعلم ، مثلكم ، ان "حزب البعث العربي الاشتراكي" هو الذي يحكم سوريا. ولا علم لنا بوجود حزب علوي نصيري هناك... وكما يبدو فإن "الشيخ غير الجليل" أسقط انتماء رئيس الحزب ، الدكتور بشار الأسد العلوي على الحزب كله .

كان أسلاف هذا الشيخ القبيح وغير الجليل قد نعتوا حزب البعث بانه حزب "نصراني" يوم كان يقوده الراحل ميشيل عفلق. ومنذ انتقلت القيادة الى الراحل حافظ الاسد ثم الى ابنه بشار الاسد ، فقد تحولت صفة حزب البعث عند "الجاهليين الجدد" من "حزب نصراني" الى "حزب نصيري" . أما في العراق فقد كان على المعارضة "الشيعية" هناك ان تعتبر حزب البعث حزبا "سنيّا" يوم كان رئيسه هو الرفيق صدام حسين.

تعرفون أن العربي المتحضر والمسلم الراقي ، لا يلجأ الى التقسيم الديني والمذهبي في الحسابات السياسية، فالدين لله والوطن للجميع ، كما قيل، وكما ينبغي ان يقال.

وبمثل ما نرفض الحديث عن نظام حسني مبارك "السني" او نظام القذافي "السني" او نظام علي عبدالله صالح "السني" ، فلا بدّ لنا من ان نرفض الحديث عن نظام الاسد "النصيري"، او نظام ميشيل سليمان "المسيحي" او حزب الله "الشيعي" او الحزب التقدمي الاشتراكي "الدرزي" او حزب الكتائب "الماروني" او حزب المستقبل "السني" ، وهلمجرا....

إن اختلاف "الصراعات المذهبية" في مناخ الثورة الشعبية العربية المباركة والمظفّرة بارادة الأمة وبعون الله، لا يخدم أحدا سوى الاستعمار والصهيونية والرجعية العربية، ولا ينخرط ، بالتالي، إلا في مشروع "الثورة المضادة"، ولا تستفيد منه سوى يافطة الانظمة الاستبدادية في مواجهة أبناء الأمة ، كل أبناء الأمة بتعدديتهم الجميلة والنظيفة، اليافطة اللافتة غير المرئية والمكتوب عليها بالدم المرئي جدا وبمنتهى الوضوح: "النظام يريد إسقاط الشعب". فاحذروا!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا للطائفية في سوريا
أبو العبد الشامي ( 2011 / 5 / 14 - 16:17 )
أنا مسلم سني سوري وأعتبر أن السوريين العلويين هم إخوتي ومشاركين معي في الوطن على قدم المساواة وارفض مايقوله هذا الشيخ أو أمثاله ضد الطائفة العلوية , ولكن الحق يجب أن يقال أيضا بأن العلويين في سوريا استأثروا بمعظم المراكز الحساسة في الجيش والمخابرات وسخروا حزب البعث وأجهزة الدولة لحسابهم وأصبحت سوريا في عهد حافظ وبشار الأسد تسمى سوريا الاسد ،


2 - الرفيق سميح القاسم
زهير قوطرش ( 2011 / 5 / 15 - 13:45 )
الرفيق سميح القاسم.
جميل أن يكون الطرح والتحليل بعيداً عن الصراعات الطائفية والمذهبية .
لكن ومع كل أسف الأنظمة الشمولية هي بتكوينها طائفية ,وتتبنى سياسة التفريق الطائفي من أجل الحفاظ على مواقعها في حكم البشر والحجر . .
حزب البعث وأنت خير العارفين , كان حزباً وطنياً ,تحالف مع كل القوى التقدمية ,تحت شعارات وطنية تقدمية أحدثت تغيرات جذرية في بنية المجتمعمات العربية ,وخاصة في الدول التي تواجد فيها وحكمها ,لكن مع الأسف تحول الحزب كما هي مؤسسات الدولة إلى حزب فقد
ثوريته وصار حزباً , تمارس قيادته النفاق مثلاً في سوريا للعائلة الحاكمة ,وبدل أن يكون الحزب الذي يراقب أداء السلطة التنفيذية ,صار شريكاً لها بالفساد ,وصار هم الحزب إرضاء العائلة المالكة التي لديها صلك ملكية الشعب والبلد.
رفيقي الشعب السوري بتكوينه قبل تشكيل حزب البعث كان ومازال شعباً وطنياً ,رفض الطائفية ومازال يرفضها ,رئيس وزراء سوريا سابقاً كان مسيحياً فارس الخوري ,ولم يعترض أحد على ذلك ,لكن ومع كل أسف ما عرفت سوريا الطائفية إلا بعد ما فرقتها سياسة الحزب الواحد والرئيس الواحد ووالعائلة الواحدة ....


3 - حزب البعث
سهيل النديم ( 2011 / 5 / 15 - 18:27 )
ما أعرفه أن الشاعر الكبير سميح القاسم ليس بعثياً وهو لا يعلم كما يبدو أن حزب البعث لم يبعث شيئاً ولم يحدث أنه كان حزباً من أصله. فأحد القيادات القومية قال لي أن مشيل عفلق رباهم على كراهية الشيوعية ولذلك لم يخدم الاستعمار عملاؤه كما خدمه حزب البعث. العلويون يا سميح يمسكون بكل مفاصل السلطة في دمشق كما مسك التكارته السلطة في العراق
أرى أن على الشعراء ألا يكتبوا في السياسة ومثالنا الشاعر سعدي يوسف


4 - كفوا
محمد ماجد ديوب ( 2011 / 5 / 15 - 20:43 )
ارجو وبالحاح كبير من كل الاخوة الذين يحترمون هذا الموقع ويحترمون العقل البشري ان يكفوا عن استخدام المفردات التي توحي بالبعد الطائفي للمسالة السياسية العربية فعلى الرغم من وجود مظاهر طائفية للحراك السياسي في العالم العربي الا انه ليس كذالك لكن بعض المعارضات المفلسة تحاول وبكل اسف الاستفادة من الشعور الديني الضيق عند ذوي العقول البسيطة في محاولة يائسة لاستعطاف الشارع الاكثري في بعض الساحات ومنها الساحة السورية وللاسف الى الان لم اسمع او ارى برنامجا من طرف هذه المعارضة او تلك في مجابهة الوضع القائم والى الان ارى ان جل ما يتوخونه هو المشاركة في السلطةدون ان يقدموا سوى ضبابية لاتغني الساحة السياسية في شيء وخير مثال ما جرى في تونس ومصر الى الان وفي هذا المقام ارجو ممن يهمهم التغيير ان ينتبهوا الى ضرورة تبني فكرة الدولة العلمانية فحسب معرفتي المتواضعة ارى انها تحل كل المسائل ذات الابعاد التاريخية والحاضرة بقوة الان ليكون المستقبل امنا لكل ابناء الوطن


5 - مقايظة
نوري عسل ( 2011 / 5 / 17 - 03:20 )
ان الثورات التي تسموها ثورات فقط تستمد مشروعيتها وتسميتها من وجود انظمة قمعية وليس من عناصر الثورة ذاك ان اغلبها بدات بدايات سلفية وكتكتيك لتتمكن من النجاح لجاءت الى استمالة الغرب بانها ليست سلفية لكن في حقيقة الامر هي ثورات دينية قائمة على اسسس عاطفية حيث لايوجد طبقات ثورية حقيقية في مكون الثورة هي حركات سلفية وطائفية هدفها الوصول للسلطة بالتوافق مع الغرب على استبعاد نموذج ابن لادن مقابل استلام الحكم وتطبيق قوانيين سلفية محافظة مع عدم تهديد مصالح الغرب او معاداته

اخر الافلام

.. مؤتمر صحفي للناطقة باسم البنتاغون | #عاجل


.. السعودية تواجه أمطارا وسيولا.. والإمارات ترفع حالة التأهب! |




.. -أسترازينيكا- تعترف.. لقاح كورونا يسبب آثارا جانبية مميتة |


.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - بلينكن يجدد رفض واشنطن أي عملية في




.. كنتاكي تغلق 108 فروع في ماليزيا وسط اشتداد حملات المقاطعة نص