الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


براءة الطفولة في مواجهة ارهاب السلطة

عارف علي العمري

2011 / 5 / 15
حقوق الاطفال والشبيبة



اندلعت الاحتجاجات السياسية في اليمن في شهر ابريل من العام الحالي كاحتجاج من قبل المعارضة على التعديلات الدستورية التي كان الحزب الحاكم يعتزم القيام بها, وسرعان ماتحولت تلك الاحتجاجات بعد قيام ثورتي تونس ومصر إلى ثورة شعبية عارمة عمت اغلب المحافظات اليمنية, انخرطت فيها قيادات عسكرية عليا وزعماء قبليين بارزين, وأطياف سياسية متنوعة, وشارك فيها كل فئات المجتمع من أطفال وشباب وشيوخ.
كان تواجد الأطفال في هذه الثورة لافتاً, وحين بدئت السلطة تستخدم أسلوب القمع والقتل الممنهج كان للأطفال نصيب من عمليات القمع الوحشية التي تنم عن انعدام الضمير الانساني لدى منفذو تلك العمليات.
كانت صورة الطفل " الدرة " الذي استشهد إلى جوار أبيه على يد الجيش الإسرائيلي قد هزت العالم من أقصاه إلى أقصاه وخرجت مئات المسيرات الغاضبة في أكثر من دولة عربية وأجنبية للتنديد بقتل الطفولة وبشاعة الصورة التي هزت كل ضمير إنساني وأدمت قلوب الكثيرين, وفي اليمن يشاهد المهتمين بالطفولة ماهو اشد واسوا من تلك الصورة المؤلمة التي تحركت لها مشاعر الضمير العالمي .
في تقريرين منفصلين لمنظمتي اليونسيف وسياج في اليمن ذكرت تلك التقارير أن 37 طفلاً قتلوا نتيجة لمشاركتهم في التظاهرات السلمية حتى 27 ابريل من الشهر المنصرم, وقالت منظمة سياج أن عمليات القتل تنوعت بين 19 حالة قتل بالرصاص الحي, وخمس حالات وفاة بسبب التشنجات التي سببتها قنابل الغاز السام , و13 حالة احتراق في مصنع الذخيرة بمديرية خنفر محافظة أبين, ومنذ أوائل شهر مارس وحتى 8 ابريل رصدت منظمة سياج 31 حالة اعتداء بالرصاص الحي و225 حالة اختناق بالغاز السام, و54 اعتداءات جسدية قام بها البلاطجة ورجال الامن.
وعند الزيارة للمستشفيات القريبة من ساحات الاحتجاج التي جرت حولها عمليات قتل وقمع للمعتصمين خصوصاً في صنعاء وعدن وتعز, يرى الزائر عشرات الأطفال ملقون على سرائر المستشفيات في حالات تبكي لها العين ويدمي لها القلب وتهتز لها المشاعر, ولايمتلك من في قلبه ذرة رحمة أو إنسانية إلا أن يصب جام غضبه على ذئاب بشرية لم تراعي حقوق الطفولة, ولم تتورع عن قتل الأبرياء.
يتساءل الكثير ممن لازالت في قلوبهم رحمة ماهو ذنب الطفل سليم الحرازي – 12 عاماً- الذي فقد كلتا عينية ليظل مشوهاً مدى الحياة, ومعاقاً ينتظر من الآخرين المساعدة , ومثله الطفل عبدالسلام منصور الذي أصبح مختل عقلياً بعد أن استقرت رصاصة أطلقها بلاطجة يتبعون الحزب الحاكم في رأسه افقد معها الوعي إلى الأبد, وإبراهيم بابريك الذي يعاني من تشنجات بعد استنشاقه لغاز سام أطلقته قوات الامن المركزي في 18 فبراير الماضي.
ما الجرم الذي ارتكبه الطفل أنور الماعطي الذي قتل في جمعة الكرامة 18 مارس, وبأي ضمير امتدت أسلحة القتلة نحو الطفل عبدالحميد الخزيف الذي لم يتجاوز عمره الثانية عشر ليخترق الرصاص رأسه في ميدان حورة بمحافظة حجة في 22 ابريل.
وبعيداً عن الساحات التي يتجمع فيها المطالبون بالثورة الشعبية فهناك الطفل مهيب اليعري ذو العقد والنصف من العمر اقتاده جنود من قسم علاية بمنطقة السبعين من وسط أسرته, وتناوبوا على ضربة بأعقاب البنادق حتى الموت, ولم يكن مهيب اليعري الطفل الوحيد الذي توفي في ذات القسم حيث كان الطفل جميل محمد بجاش قد توفي قبل عام ونصف تقريباً اثر تعرضه لعمليات تعذيب وحشية من قبل الجنود.
وإيغالاً من الامن المركزي في قتل الطفولة أقدم جندي في نقطة ماوية بمحافظة تعز على توجيه الرصاص نحو الطفل محمد عبد الله الشرعبي لأنه كان يرفع إصبعيه في إشارة إلى النصر أو الشهادة في تاريخ 4ابريل نتج عنها إصابة بليغة لازال يعاني منها الطفل حتى اليوم.
وأوغل الحزب الحاكم في استخدام الأطفال بالقوة في مهرجاناته الحزبية, واختطف الكثير من الأطفال في أمانة العاصمة إلى ميدان التحرير ليباهي بالحشود أمام الرأي العالمي بأن الرئيس صالح لايزال يمتلك رصيد كبير من المحبة في قلوب اليمنيين, وأقدم بلاطجة يتبعون الحزب الحاكم في منتصف ابريل الماضي على اختطاف الطفل هاشم عبد الله بجاش – عشر سنوات – ومعه العشرات من أمام منزله ليهتف مع مجاميع من الحزب الحاكم لبقاء " صالح " .
وامتدت العدوانية والعنف تجاه الأطفال إلى المدارس التعليمية والمحاضن التربوية حيث أصيب إحدى عشر طالباً بجراح بالغة تم إطلاقها على الطلاب برصاص الشرطة ومواليين للحزب الحاكم, وتعرض الطفل ماجد الخولاني للضرب المبرح من مدير مدرسته لأنه كتب في يده عبارة " ارحل ".
ثمة لغز لا نستطيع حله إلا بالقول أن هناك مصاصوا دماء في اليمن يتلذذون بمناظر القتل , وينتقمون من الكبار بقتل براءة الطفولة في مهدها, في محاولة منهم لإثناء الآباء عن مواصلة ثورتهم السلمية التي تطالب برحيل النظام منذ حوالي أربعة أشهر.
مايحدث اليوم في اليمن شيء مؤسف فلم يحصل في العالم أن قامت أي دولة تحترم شعبها بقتل الشباب المسالمين فضلاً عن الأطفال الذين لاحول لهم ولاقوة.
النظام في اليمن مستمر في قتل الأطفال والشيوخ والنساء, ووزارة حقوق الإنسان لم تعد تقوم بواجبها وخصوصاً بعد استقالة وزيرة حقوق الإنسان هدى البان وإقالة الحكومة, والنظام لم يعد يستمع لأحد, ومالم تقم المنظمات المحلية والدولية بواجبها في مخاطبة مجلس حقوق الإنسان وهيئة الأمم المتحدة للتحرك العاجل للضغط على نظام صالح بإيقاف العنف ضد المدنيين عموماً والأطفال خصوصاً فقد نستفيق يوماً من الأيام على كارثة إنسانية لا تحمد عقباها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العالم الليلة | المسمار الأخير في نعش استعادة الأسرى.. أصوات


.. شبكات | طرد جندي إسرائيلي شارك في حرب غزة من اعتصام تضامني ب




.. مع مطالبات الجيش الإسرائيلي سكاناً في رفح بالتوجه إليها. منط


.. لبنان: موجة -عنصرية- ضد اللاجئين السوريين • فرانس 24




.. أزمة المهاجرين في تونس.. بين مخاوف التوطين واحترام حقوق الإن