الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هوجو تشافيز والنفط وأوبك

محمد عادل زكى

2011 / 5 / 16
العولمة وتطورات العالم المعاصر


أمران كانا من الأهداف الرئيسية التى وضعها "تشافيز" عقب إمساكه بزمام السلطة، أولهما: العمل على رفع أثمان النفط، وثانيهما: تفعيل دور "الأوبك" الذى صارت منظمة شائخة وعاجزة. وفى سبيل تحقيق الهدف الأول وهو المتعلق بالعمل على رفع أثمان النفط، قام "تشافيز" بإرسال" على رودريجيز" وزير الطاقة والتعدين إلى كل من :المملكة العربية السعودية، والمكسيك، على الرغم من أن الأخيرة ليست عضواًً بمنظمة الدول المنتجة"أوبك" إلا أنها تحتل موقعاًً هاماًً فى حجم التجارة العالمية. وتركزت مهمة "رودريجيز" فى: محاولة إقناع الدولتين وبصفة خاصة المملكة السعودية، أكبر منتج على الصعيد العالمى، بتخفيض مستوى الإنتاج، على نحو يسمح لفنزويلا بالرجوع إلى سقف الإنتاج الذى حددته لها "أوبك" والبالغ 2,72 مليون برميل يومياًً، وبالفعل أتت مفاوضات "رودريجيز" ثمارها وتم الإتفاق على قيام الدولتين، السعودية والمكسيك، بخفض الإنتاج، وهو الأمر الذى إستتبع قيام باقى الدول الأعضاء بالإلتزام بالحصص المقررة.
لم يمر وقت طويل حتى تمكنت فنزويلا من تحقيق تقدم ملحوظ جداًً فى الإيرادات القومية، ففى مارس 2000، حقق النفط الفنزويلى عائداًً لم يتحقق منذ تسع سنوات، فقد بلغ نحو 35 مليار دولار، جنت البلاد من هذا الإرتفاع فى الأثمان مردوداًً إيجابياًً بلغ نحو 5 مليار دولار، وإرتفعت الصادرات بنسبة 33% لتصل إلى 16 مليار دولار، وقد ساعدت تلك الزيادة فى ثمن النفط على التخفيف من وطأة بعض المشكلات الإقتصادية التى تعانى منها البلاد، فبعد أن تقلص حجم الإقتصاد الفنزويلى بنسبة 7,2% فى عام 1999؛ أخذت مؤشرات النمو فى الإرتفاع مع السنة التالية 2000، فقد حقق الإقتصاد نمواًً بلغ 1,5% بحلول منتصف ذلك العام لترتفع هذه النسبة إلى 3,2% مع نهاية العام، كما تراجع معدل التضخم ليصل إلى 14,2% وهو أدنى مستوى له منذ خمس سنوات.
وبالنسبة للهدف الثانى من أهداف "تشافيز" وهو المعنى ببث الحياة فى منظمة الدول المنتجة"أوبك"، وتفعيل دورها، أخذ "تشافيز" على عاتقه مهمة الدعوة الشخصية لملوك وأمراء ورؤساء الدول المنتجة، وكان الرئيس الراحل"صدام حسين" ضمن قائمة الشخصيات المتعين دعوتها، إذ لا يمكن تجاهل أحد الأعضاء المؤسسين، على الأقل من وجهة نظر "تشافيز"، وقد كانت تلك الدعوة مدعاة لسخط واشنطن بلا شك، فإن زيارة العراق، لدعوة رئيسها المغضوب عليه، إنما تعنى، كما صرح "ريتشارد باوتشر" المتحدث بإسم وزارة الخارجية الأمريكية:" تضفى صبغة الإحترام على صدام حسين الذى من الواضح أنه لا يستحقها، لقد غزا البلاد المجاورة، وإحتلها، وإضطهد شعبه وإنتهك حقوق الإنسان" وكان رد "تشافيز" جاهزاًً على هذا التصريح، إذ قال:" إننى أعلم ما سيقوله المراؤون عندما يروننى مع صدام حسين".
فى الوقت نفسه التى أشعلت الولايات المتحدة الحرب الكلامية على "تشافيز" وزيارته للعراق وتوجيه الدعوة لرئيسها، كان نفس سبب تلك الحرب، هو الذى أضاف إلى رصيده لدى الجماهير فى فنزويلا، بل وخارجها، وبدت الولايات المتحدة نفسها كدولة ديكتاتورية، ودار النقاش حينئذ على الزاوية التى تنظر من خلالها الولايات المتحدة إلى أعدائها، كما تراهم هى كأعداء، وباتت المقارنات على أشدها بداخل فنزويلا وخارجها، فلطالما حافظت الولايات المتحدة على علاقات ودية مع أنظمة ديكتاتورية وعسكرية وشيوعية، متى وجدت أن ذلك يتلاءم مع غاياتها، حتى إنها ساعدت على بناء وتدعيم بعض أكثر الأنظمة وحشية فى أمريكا اللاتينية طوال القرن العشرين، ولقد كانت الولايات المتحدة حليفة "لصدام حسين" فى ثمانينات القرن العشرين عندما زاره "رامسفيلد"، وفى ثمانينات ذلك القرن كذلك، كان أسامة بن لادن أحد الحلفاء القريبين من واشنطن، إلا إنها قلبت التحالف إلى عداء وفقاًً للمصلحة السياسية أيا ما كانت الإعتبارات والتوازنات.
إستخدم "تشافيز" فى رحلته من طهران إلى "المنذرية" على الحدود الإيرانية العراقية، طوافتين لم تتدخلا السماء العراقية، إذ هبطا على الحدود، كى يتجنب خرق الحظر الدولى، وإستقل سيارة دخل بها الأراضى العراقية، وبداخل الأراضى العراقية إنتقل بواسطة طوافة إلى مطار "صدام" الدولى فى بغداد حيث إلتقى صدام حسين، ويحكى "بارت جونز" بعض ردود أفعال تلك الزيارة، بقوله:" . . . فرش العراقيون السجاد الأحمر "لتشافيز" وعملوا على الإستفادة السياسية من هذا الخرق للحظر إلى أقصى حد، وجاء فى عنوان رئيسى تصدر إحدى الصحف العراقية التى تصدرها الدولة"أهلاًً بالرئيس تشافيز" وكرست صحيفة قومية أخرى نصف صفحة لمدح القرار الشجاع الذى إتخذه تشافيز بزيارة العراق. أضافت الصحيفة بأن"الرئيس الفنزويلى يتحدى العقوبات ويقرر زيارة العراق حتى وإن إضطر إلى إمتطاء جمل" حتى إن صدام حسين نفسه إصطحب تشافيز فى جولة فى أنحاء المدينة، وترددت أصداء الصورة الفوتوغرافية لصدام وهو خلف مقود السيارة وبجانبه "تشافيز" فى مختلف الصحف العالمية"
فى المحطة التالية من الرحلة المكوكية من أجل بعث "أوبك" من مرقدها؛ هبطت الطائرة الرئاسية فى جاكرتا، من أجل دعوة الرئيس الاندونيسى "عبد الرحمن وحيد" والذى أعلن هو الأخر، تأثراًً بضيفه، انه يخطط جدياًً لزيارة العراق.
على الرغم من الجدل الذى أثير حول زيارة العراق، رأى العديد من المحللين فى جولة "تشافيز" نجاحاًً سياسياًً هائلاًً؛ فلقد زار عشر دول فى عشرة أيام، إذ قام بزيارة كل من : إيران، والعراق، والسعودية، والإمارات العربية، والكويت، وقطر، وأندونيسيا، وليبيا، والجزائر، ونيجريا، وبالفعل نجح تشافيز فى إقناع الجميع بأهمية عقد القمة، وليس عقدها فقط، وإنما عقدها فى كاراكاس فى الفترة من 27 حتى 29 سبتمبر عام 2000، وهو ما حدث فعلاًً إذ توافد الملوك والأمراء والرؤساء وومثلوا الدول على العاصمة الفنزويلية كى يحضروا أول مؤتمر قمة تعقده "أوبك" منذ 1975، أى منذ خمس وعشرين عاماًً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله يهدد باستهداف مواقع جديدة داخل إسرائيل ردا على مقتل


.. المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي يبحث اليوم رد حماس بشأن الت




.. مصادر فلسطينية: ارتفاع عدد القتلى في غزة إلى 38011 | #رادار


.. الناخبون البريطانيون يواصلون الإدلاء بأصواتهم لاختيار الحكوم




.. فرنسا.. استمرار الحملات الانتخابية للجولة الثانية للانتخابات