الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تسقطوا المالكي غيره أسوء منه

تيلي امين علي
كاتب ومحام

(Tely Ameen Ali)

2011 / 5 / 16
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يبدو ان الضغط سيشتد كثيرا على حكومة السيد المالكي بعد انتهاء فترة المائة يوم التي حددها لتقييم اداء وزرائه حيث تجري نشاطات واستعدادات كثيرة لاشعال تظاهرات في مختلف انحاء العراق ، سيما وان الشعور الطاغي لدى الشارع العراقي هو ان الفترة التي مرت من المائة يوم لم تختلف عن الفترة التي سبقتها ، كما هناك حديث عن تورط العديد من المقربين ومن دائرة رئيس الوزراء الضيقة في عمليات الفساد الاداري والمالي ، بل ان هناك من يتحدث او يتهم علنا مسؤولين من هذه الدائرة بتورطهم في التعامل مع العصابات الارهابية ومع تنظيم القاعدة بالذات .
من ناحية اخرى تمارس الادارة الامريكية والمتعاطفين معها من القوى الداخلية والاقليمية ضغوطات على الحكومة العراقية لتمديد بقاء القوات الامريكية بشكل او باخر ، وهذا الامر الشبه المؤكد سيفقد المالكي دعم التيار الصدري الذي يلوح باستخدام القوة المسلحة ، كما ان زعيم التيار قد منح الحكومة مهلة ستة اشهر لتحسين الخدمات، وهدد بقيادة او تنظيم مسيرات مليونية في نهاية هذه المهلة ، وليس خافيا ان التمديد للقوات الامريكية سيزعج الحكومة الايرانية التي يقول البعض انها تدعم حاليا حكومة المالكي .
السيد المالكي نفسه ، يدرك الحالة التي آلت اليها حكومته او الحالة التي ستؤول اليها في الايام او الاشهر القادمة ، ولذلك يلمح الى حقه في اسقاط الحكومة وحقه في طلب حل البرلمان والدعوة الى انتخابات تشريعية مبكرة ، قبل ان اخوض في بيت القصيد من مقالي اود ان اقول للسيد المالكي ان حقه في طلب حل البرلمان يضاهي حق اي مواطن اخر ، هو مجرد حق اما القرار فيمتلكه مجلس النواب وحده .
اما بيت القصيد فهو ، لنفترض ان حكومة المالكي قد سقطت ، فما هو البديل ؟ ان المالكي هو الانسب من بين كل الاسماء التي كانت تطرح لتشكيل الحكومة ويبدو انه اكثر وطنية منهم واقلهم طائفية اذا استثنينا طبعا السيد اياد علاوي الذي لا نعتقد ان فرصته كبيرة في تشكيل الحكومة في ظل التحالفات الحالية والاصطفافات الحزبية . وهذا لايعني ان علاوي افضل من المالكي اذ انه فقد ميزته الوحية وهي علمانيته بالتحالف مع احزاب طائفية ودينية تعادي العلمانية وتعارض الحريات الفردية وحقوق الانسان وتفضل اقامة دولة دينية . اما الاخرون فمنهم من اختبر الحكم وتبين انه اسير طائفيته لا يجيد غير المساومات ، ومنهم من سرق من دولة استظافته واحتال على المخابرات الامريكية ، فكيف لا يحتال على شعب مسكين ولا يسرق منه قوته ، ومنهم من يطلب من الشعب العراقي دفع تعويضات لايران ثمنا لشرور حكم صدام ، بل ربما تعويضا لاستظافة طهران لتنظيمه لاعوام طويلة.
ولنفترض ايضا ان البرلمان حل نفسه واجريت الانتخابات بصورة مبكرة ، في ظل الواقع السائد لن تكون الحالة افضل ، ستصل الاحزاب الحالية الى البرلمان بنسب لا تختلف كثيرا عن النسب الحالية .
الحل ، وهنا اخاطب شباب العراق وقواه الديمقراطية والعلمانية ، واخاطب المثقفين والادباء والصحفيين والحقوقيين ، هو ان ينتظم شباب العراق وهذه النخبة العلمانية المثقفة في حراك شعبي للدعوة والعمل على تغيير شامل في الساحة السياسية العراقية وبشكل سلمي وحضاري ، وذلك بابعاد هذه الاحزاب الطائفية عن الحكم عن طريق صناديق الاقتراع ، اذ لا يختلف حزب عن اخر ولا فرق بين هذا الزعيم او ذلك ، على الشباب الداعي الى التغيير السلمى سحب الثقة من الاحزاب التي رافقت المحتل وجاءت الى الحكم بمباركته ، هذه الاحزاب وقياداتها تركت العراق منذ زمن وعاشت على موائد دول اقليمية واجنبية واثقلت كاهلها في منح الوعود وفي تقبل فضائل هذه الجهة او تلك حتى لم تعد تشعر بانتمائها الى العراق لانها لم تشارك شعبه مصائبه في العهد الدكتاتوري وانما اختارت الحياة الامنة وان كانت ذليلة في اوربا وغيرها ، وعندما استلمت الحكم عدت ان فرصتها حانت للكسب اللامشروع وتقسيم الغنائم والمغانم ونيل كل منها حصتها الدسمة من ثروة العراق .
ان الحالة لن تتغيير ولن تتحسن ولن يبلغ العراق شاطئ الامان ويكون قادرا للدفاع عن ارضه واجوائه ، ان لم تتسلم السلطة فيه فئة شابة لا تفكر في قبض ثمن حرمانها بزيادة ارصدتها في اوطانها الثانية ، انما تفكر في كيفية التاسيس لدولة مدنية وديمقراطية وعصرية وتسجل لنفسها تاريخا من المجد وحده ، فئة عندما تترك الحكم والسلطة بعد حين تجلس مع عامة الناس في المقاهي الشعبية وتفتخر ببناء دولة على اسس صحيحة ورصينة، في حين يساق غيرها الى المحاكم .
اما اذا لم تجرد شباب العراق من مسؤولياته التاريخية ولم تستطع نخبته المثقفة من اخذ زمام المبادرة وانقاذ العراق من هذا الوضع الماساوي وبناء دولة وطنية ترفض الطائفية والعنصرية وتحترم الحريات وحقوق الانسان وتضع الشخص المناسب ( رجلا او امراة ) في المكان المناسب دون اعتبارات المحاصصة والتوافق وسياسة الارضاء ، فلن تتغير الحالة بسقوط المالكي ومجئ غيره ربما يكون اسوء منه ، بل ربما سيفكر كل مكون عراقي بنفسه ومصالحه ومستقبله وقد يقود ذلك الى تفتيت وحدة العراق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نصب خيام اعتصام دعما لغزة في الجامعات البريطانية لأول مرة


.. -حمام دم ومجاعة-.. تحذيرات من عواقب كارثية إنسانية بعد اجتي




.. مستوطنون يتلفون محتويات شاحنات المساعدات المتوجهة إلى غزة


.. الشرطة الألمانية تفض اعتصاما طلابيا مناصرا لغزة بجامعة برلين




.. غوتيريش يحذر من التدعيات الكارثية لأي هجوم عسكري إسرائيلي عل