الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليسار والعملية السياسية

سمير عادل

2011 / 5 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


من يفكر بأن العملية السياسية في العراق بالامكان اصلاحها، فهو يغرق في الاوهام اكثر مما هو غارق في الاحلام. فالعملية السياسية اسست على دعامات المحاصصة الطائفية والقومية، وكل دعامة اطليت بالفساد الاداري والمالي والسياسي. وان اية محاولة بالاصلاح مهما كان بسيطا يعني دك الدعامات وتعريض العملية السياسية الى خطر الانهيار. وهذا يعتبر خط احمر بالنسبة لكل اطراف العملية السياسية وكذلك بالنسبة للسياسة الامريكية وسياسة الجمهورية الاسلامية.
فرص اصلاح العملية السياسية:
ان كل الصحف المأجورة تروج بأن ما يمر من اوضاع مأساوية بالعراق هي نتاج طبيعي للولادة (العراق الجديد) وهي ثمن الديمقراطية الناشئة في العراق. وهنا تنتشر اوهام جديدة اخرى، بأن عن طريق الديمقراطية من الممكن اصلاح العملية السياسية. والديمقراطية بالنسبة للمتوهمين بها او من يحاول نشر الاوهام حولها لغاية معروفة ومفضوحة في نفس الوقت، لا نفهمها ولا يريدون ان يفهموننا. فهم يُعَرَفونها فقط بأن هناك انتخابات اجريت. وبالرغم من ان الانتخابات هي احدى اليات الديمقراطية ولكن حتى هذه الالية عليها مائة علامة استفهام. ومنها على سبيل المثال لا الحصر انفاق بما يعادل ميزانيات دول كبرى على الانتخابات الاخيرة، والسؤال من اين استحصلت هذه الاموال من قبل الاطراف التي انفقتها؟ فعندما يختل التوازن بين اطراف متنافسة في انتخابات ما من حيث الانفاق على الدعاية تصبح غياب العدالة مشكلة بالنسبة(للديمقراطية) وتعرضها الى تساؤل حقيقي عن جدوى مثل هذا النوع من الديمقراطية. ومع هذا لا الانتخابات بأمكانها اصلاح العملية السياسية والتي شاهدناها واختبرناها على الاقل في انتخابات 7 اذار. فنصف مناطق بغداد اعلنت حالة حظر التجوال فيها لسقوط القذائف والصواريخ عليها ومنع العالم من الوصول الى صناديق الاقتراع وهو نفس الحالة التي حدثت في الموصل وديالى والانبار. وشنت اعتقالات عشوائية في العديد من المدن ومناطقها وبالاخص في بغداد عشية الانتخابات للحيلولة دون ادلاء سكان المناطق المصنفة بالسنية بأصواتها الى قوائمها المعروفة، ومع هذا اعلن بأن الانتخابات نجحت وكانت شبه نزيهة. اذن فلا الانتخابات، ولا حتى الديمقراطية تستطيع ان يكون لها مفعولها السحري. فالانتخابات تسمح فقط بتغيير توازنات بسيطة في العملية السياسية وليس اصلاحها وقلبها. وهذا ما حدث في ثلاثة انتخابات في العراق وعشرات الانتخابات في لبنان التي تشترك مع العراق بنفس نظام المحاصصة.

اما وعود المالكي بالاصلاح او حتى وعود اي شخص يحتل مركز المالكي بالاصلاح، فهو لن يكون اكثر من مادة للاستهلاك الاعلامي. فنظام المحاصصة يفرض من الناحية الموضوعية الفساد الاداري والمالي والسياسي. وان جميع الاطراف تأخذ مكانها في نظام المحاصصة مثل ترتيب احجار الدومينو، فأسقاط حجر واحد يعني اسقاط جميع الاحجار. فمن الحماقة التفكير بالقضاء على الفساد الذي يعني ضرب نظام المحاصصة في الصميم. وهذا ايضا خط احمر لن يسمح به اي طرف في العملية السياسية وحتى ان تبادلوا الاتهامات وتهديد بعضهم امام وسائل الاعلام، الا انه لن يمض احد في الخروج عن قواعد اللعبة السياسية التي رتبها نظام المحاصصة.
الوضع الثوري والعملية السياسية:
ان احدى المعضلات التي امام الحركة الثورية في العراق، هي تحديد ملامح وتعريف الاوضاع الحالية في العراق. ان الاتفاق على تصوير منسجم ومشترك حول الاوضاع المذكورة، سيمهد بالتالي الطريق لكيفية اتخاذ الموقف المناسب ومن ثم التكتيك المناسب اتجاه العملية السياسية.
ان تاثير الانتفاضات الثورية في المنطقة اثرت بشكل مباشر على الاوضاع السياسية والاجتماعية وحتى الفكرية في العراق. وقد شكل 25 شباط نقطة تحول تأريخية بالنسبة لمجمل الاوضاع السياسية والاجتماعية في العراق. ان حاجز الخوف قد انكسر و سلبية الجماهير بعدم تدخلها في تحديد مصيرها قد ازيلت وان مزاج المجتمع انعطف من اليمين بأتجاه اليسار. ويمكن وصف الوضع بشكل اخر وهو: لا الجماهير تقبل الاستمرار بحياتها المعيشية والمادية والسياسية مثلما كان قبل 25 شباط ولا اطراف العملية السياسية بأمكانها ان تستمر بالسلطة بنفس الطريقة قبل 25 شباط. ان دخول الجماهير الى معترك العمل السياسي غير المعادلة السياسية في العراق. واصبح الاستهتار بمصير جماهير العراق ومستقبلها يجد التصدي والوقوف بوجه.
ان المطالب التي رفعتها جماهير العراق، لن تتحقق بأصلاح سياسي او اقتصادي. ولقد حاول المالكي وخلال 100 يوم التي لم يبق منها الى 3 اسابيع وهي المهلة التي الزم حكومته بتحقيق بتلك المطالب، اما ايجاد مخرج له من هذه الازمة السياسية التي عمقها دخول الجماهير، او الحيلولة للالتفاف او قمع هذه الحركة الاحتجاجية التي اشتعلت شراتها في 25 شباط. ولقد فشل لحد الان، فلم يستطع تحقيق اي منهما وهو العارف بأنه لن يتمكن من تقديم اي اصلاح يذكر. وان تصريحاته الاخيرة بحل الحكومة والبرلمان بعد 100 يوم هو الاعتراف بشكل صريح بأن فرص الاصلاح ليس الى دق مسمار بالماء، اكثر مما هو تهديد لجميع الاطراف السياسية التي تحاول التنصل من مسؤوليتها اتجاه تداعيات فشل حكومة المالكي بتلبية مطالب الجماهير بعد المائة يوم.

مستقع العملية السياسية:
ومن هذا المنطلق كنا قد قاطعنا العملية السياسية، ووصفناها بأنها مستنقع لا قرار له. ولقد واجه موقفنا هذا العديد من انتقادات اليسار وحتى من قبل عدد من اعضائنا ومؤيدينا ومن اقرب الناس لنا عندما اعلنا مقاطعتنا لانتخابات 7 اذار وحذرنا من الدخول فيها. واليوم وبعد مرور اكثر من 14 شهر من الانتخابات الاخيرة تبين للجميع وخاصة اولئك الذين توهموا او تخدروا بأبواق الديمقراطية او بأنهم لمجرد الدخول في العملية السياسية من الممكن اصلاحها، نقول تبين بان العملية السياسية عبارة عن مستنقع يغرق فيه مجموعة من مافيا الاحزاب تمارس كل اشكال الفساد والاغتيالات والتصفيات الجسدية وهي التي تقوم بتدوير عجلة العنف والارهاب، وتقوم بنشر الافقار في المجتمع. ان مثل هذا نوع من المستنقع بأشد الحاجة الى ردمه وليس الى اصلاحه.
ومن هنا ليس على اليسار وحسب، بل على كل القوى التي ترى نفسها ثورية وتحررية ان تقاطع العملية السياسية وتعمل على فضحها وكذلك العمل على الاستعداد للتنسيق وتنظيم وقيادة الحركة الاحتجاجية في العراق لايصالها الى محطتها النهائية. ان الاوضاع الثورية في العراق لن تتكرر وان الجماهير على استعداد لاكمال الطريق الى النهاية شرط ان تجد الافق السياسي الواضح والقيادة الجسورة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - توضيح
رشيد أسماعيل ( 2011 / 5 / 16 - 06:24 )
تحية طيبة للحوار لمتمدن ونقول للرفيقنا العزيز أي اصلاحات سياسية تدعي بها ومن اين تبدا بها ابدا من مؤتمر لحرية الذي أصبح مؤتمر أستبدادي وغير سياسي أنما شخصيات غير منتحبة ولقد حرصت على الدحول لانتخابات ولاكن لا يوجد لك انصار


2 - لن تتراجع الجماهير..ولن الحكومة
قاسم هادي ( 2011 / 5 / 17 - 02:38 )
بالرغم من ان الموضوع قد تناول جانبا واحدا الا انه كان نقدا وتحليلا واضحا لموقف اليسار بالذات اللاعمالي منه تجاه التوقعات والإنتظار من الأحداث الجارية على الساحة السياسية في العراق، والعملية السياسية برمتها لن ينفعها الترقيع الإصلاحي.
ملاحظة: الرفيق رشيد إسماعيل انت من القادة العماليين والسياسيين الذي لايستطيع المرء الا ان يعتز برأيك ويقدره، لكن تعليقك على المقال يتضح فيه جدا خلافك بشكل شخصي مع سمير عادل وهذا الموقع ليس لحسم النزاعات الشخصية، لأن موضوع البحث والبحث بمجمله واقعي وعملي، الا ان توضيحك كان كمن يلعب كرة القدم على ساحة كرة منضدة.


3 - كن شجاع
ابو علي رشيد اسماعيل ( 2011 / 5 / 18 - 03:39 )
بخصوص التعليق الذي نشر باسمي - رشيد اسماعيل - نحن في الحزب الشيوعي العمالي نمتلك افاق ديمقراطية واسعة جدا ونتقبل كل الاراء . فمن يمتلك فكرة او نقد لمقال ينشر ذلك الراي باسمه . فلقد تم انتحال اسمي في الرد على مقال الرفيق سمير عادل وان طريقة المنتحل لاسمي غير حضارية وغير لائق واسلوب رخيص

اخر الافلام

.. رسالة تعزية من الجزائر بوفاة والدة ملك المغرب، تثير الجدل!!


.. فيديو كليب بوسي والليثي ضمن قاي?مة ا?سوء فيديو كليبات ????




.. الهند: انتشار -مرعب- لكاميرات المراقبة في كل أرجاء البلاد


.. فرنسا: ما الذي سيحدث في اليوم التالي لجولة التشريعيات الثاني




.. إسرائيل تقتل فلسطينيين بغارة جوية في مخيم نور شمس قرب طولكرم